أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - إكرام يوسف - يافقراء العالم اتحدوا ..أو موتوا















المزيد.....

يافقراء العالم اتحدوا ..أو موتوا


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1399 - 2005 / 12 / 14 - 11:15
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


مع انعقاد المؤتمر الوزاري السادس لمنظمة التجارة العالمية في هونج كونج هذه الأيام، تثور في ذهن المرء تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين أطراف هذا العالم.. وإلى أين تتجه أطماع الكبار للسيطرة على مقدرات الصغار؟ وهل يستمر الجنوب في القيام بدور الضحية والشهيد دون إبداء أي محاولة للإمساك بزمام المبادرة؟ وهل تستطيع دوله ـ فرادى ـ أصلا الاجتراء على محاولة كهذي؟ ألم يحن الأوان لتفعيل المنظمات الإقليمية في الجنوب، والبحث عن إقامة تكتلات اقتصادية حقيقة يكون لها دورها الفاعل في تحسين شروط حياة شعوب الدول النامية وسط طوفان العولمة المتوحشة؟

أي حق؟

.. لقد سادت في الآونة الآخيرة على لسان أصدقائنا ممن يسمون أنفسهم بالليبرالية الجديدة جملة غريبة يرددونها جميعا باعتبارها من البديهيات "أمريكا تسعى لتحقيق مصالحها وهذا حقها"! كما لو أنني مثلا لو اعتبرت أن من مصلحتي أن أوسع مساحة شقتي فمن حقي أن أنتظر غياب جاري (سواء غيابا ماديا أو غيابا عن الوعي).. أو انشغاله وأقوم بهدم الجدار الفاصل بين الشقتين طالما معي القوة التي يفتقدها.. ورغم ما يذكرنا به هذا المنطق بقواعد شريعة الغاب .. إلا أن القوم حريصون ترديد هذه العبارة كما يلوكون "العلكة" ليل نهار.. وقياسا على ذلك فدول الشمال الغنية من حقها أن تسعى لتحقيق مصالحها (أو بالأحرى مصالح الشركات الاحتكارية ومتعدية الجنسيات فيما بينها) على حساب مصالح الشعوب، حتى لو لجأت لنهب ثروات هذه الشعوب وإفقارها.
وانطلاقا من هذا المبدأ، دأبت بلدان الشمال الغنية على استحداث سبل نهب بقية بلدان العالم للحصول على مصالحها في تعظيم ثرواتها (أو بالأحرى ثروات الطبقات الحاكمة فيها)؛ فمن الاستعمار العسكري والاستيطاني القديم الذي زال بعد حقبة الحرب العالمية الثانيةـ إلى تقييد هذه البلدان باتفاقيات ومنح وقروض بأسعار فائدة مجحفة، وصولا إلى استخدام شعار "التجارة الحرة" لاستنزاف دول الجنوب عبر إغراقها بالسلع الاستهلاكية في معظمها ، التي تنتجها الشركات الصناعية العملاقة، والتي تنتفي معها قدرة الشركات المحلية على المنافسة بسبب ما تتمتع به الأولى من "وفورات" الحجم؛ وفي المقابل يحصل الشمال على ثروات الجنوب الطبيعية في شكلها الخام بأبخس الأثمان نتيجة وضع كافة العراقيل في وجه إمكانية تصنيعها. وكان آخر ما تفتق عنه أذهان الغرب منظمة التجارة العالمية التي يرى بعض الخبراء أن نشأتها عام 1995 ـ كتطوير لاتفاقية الجات ـ مثلت نشأة الإطار القانوني والتنظيمي للعولمة الاقتصادية، التي تهدف في النهاية إلى تحرير التجارة الدولية والاستثمارات الأجنبية والتخلص من القطاع العام وأقول الدور الاقتصادي للدولة.

القاصية من الغنم

ورغم أن معظم الدول النامية أبدت تخوفاتها من أن يسفر تنفيذ شروط الانضمام إلى المنظمة وتحرير التعرفة الجمركية عن تفاقم الكساد والانكماش، ونقص إيرادات الدول التي كانت تحصل عليها من الجمارك، ومن ثم تراجع قدرة الدول على الإنفاق على مصالح الجماهير من رعاية صحية وتعليم وتوفير فرص عمل لغير القادرين وما إلى ذلك من الخدمات الاجتماعية التي كان من المفترض أنها ضمن مسئوليات الدولة القومية. ورغم أن كثيرا من المحللين نبهوا إلى أن المتطلبات التي تفرضها المنظمة سوف تؤدي في نهاية المطاف إلى سيطرة هذه المنظمة على إدارة اقتصادات الدول النامية والتدخل في شئوتها الداخلية على نحو يوجه هيكل الاقتصادات المحلية لخدمة التجارة على حساب التصنيع وتحسين معيشة الشعوب؛ إلا أن دول العالم النامي لم تجد أمامها مفرا من التسابق على الانضمام إلى المنظمة بعدما أحكم دول العالم الرأسمالي قبضتها على مجريات الأمور في العالم بعد انتهاء عصر القطبية الثنائية. ولم تجد دول العالم النامي مفرا لسبب بسيط: أنها سمحت للكبار أن يلتهموها فرادى (تصديقا للحديث الشريف"إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية")، بعد تراجع دور المنظمات الإقليمية والتكتلات الاقتصادية لدول الجنوب التي كان من المفترض أن تسعى للدفاع عن مصالح شعوبها وتحسين شروط الانضمام إلى هذه المنظمة، بما يضمن الحد الأدنى من الحماية في وجه غول العولمة المتوحشة.
ولم تحاول دول العالم النامي ـ وفي القلب منها بالطبع وطننا العربي ـ الاستفادة من نزوع الكبار إلى خلق تكتلات اقتصادية إقليمية بينها تحسن شروط المنافسة على جانبي الأطلنطي مثلا، ولم نستفد للأسف من تجربة الاتحاد الأوروبي مثلا، أو "النافتا" أو غيرها من تكتلات الكبار الساعين إلى مواجهة الكبار من أمثالهم.. وإنما سيقت دول الجنوب فرادى إلى القبول بشروط؛ لن يحقق منها فوائد حقيقية إلا نسبة الخمس من سكان العالم المسيطرين على ثرواته، وفقما جاء في التقرير السنوي للأمم المتحدة عن التنمية لعام 2005. الذي يستعرض حالة سكان العالم فيما يتعلق بالفقر والصحة والتعليم. وأوضح التقرير أن الفجوة بين الأغنياء والفقراء قد ازدادت وأن فئة قليلة من سكان العالم نسبتها 20% فقط على ثرواته وتحصل على على 80%من الدخل العالمي، بينما 40% يعيشون على 5% من هذا الدخل. وأن رع عدد سكان العالم لا يزيد دخل الفرد منهم يوميا عن دولار وهو مبلغ لا يكفي مصروفا شخصيا في اليوم لطفل غربي في رياض الأطفال.
ومع أن كبار العالم أعلنوا عبر الأمم المتحدة في عام 2000 عن الأهداف التنموية في الألفية الجديدة، ومنها تحسين شروط الرعاية الصحية والتعليم وتقليص الفقر في العالم إلى النصف بحلول عام 2015؛ إلا أن تقرير التنمية المذكور أشار إلى أن حالة 450 مليونا من البشر تطورت إلى الأسوأ منذ بداية تعقد التسعينيات حتى الآن.
ولم تزد جهود الكبار في تخفيف أزمات دول الجنوب عن مجرد إعطاء مسكنات تسمح ببقاء الرأس مرفوعا فوق الماء فلا تسمح بالغرق، بينما لاترقى إلى الإنقاذ الفعلي. وبات واضحا أن الدول الصناعية الكبرى تحرص على مساعدة دول العالم النامي على الوقوف عن حد الكفاف الذي يسمح لها بأن تكون سوقا لتصريف منتجات الأغنياء، دون أن يكون لها القدرة على دخول حلبة المنافسة، ولو حتى بالمقدرة على تصنيع منتجاتها الخام ومواردها التي حباها بها الله بدلا من تصديرها بثمن بخس إلى مصانع الأغنياء.
ومن أحدث الأمثلة على هذا الرأي ما صدر عقب انعقاد اجتماع الدول الصناعية الثماني في اسكتلندا في أوائل يوليو من العام الحالي، من إعلان هذه الدول اعتزامها إلغاء ديون 18 دولة فقيرة، وبعد شهرين تقريبا نشرت وسائل الإعلام الغربية نبأ تراجع كل من ألمانيا وفرنسا عن هذا الالتزام.. وأوضحت الدولتان أن الاتفاق لم يكن مقصودا منه شطب ديون الدول الفقيرة، ولكن مجرد الإعفاء من فوائد الديون لمدة ثلاث سنوات!!

ضرورة حياة

ولا يوجد تفسير مقبول حتى الآن لاستمرار دول الجنوب في التعامل بصورة فردية مع "غول العولمة" المجسد في منظمة التجارة العالمية ، بينما دول غنية مثل دول الاتحاد الأوروبي تحرص على التساند فيما بينها لفرض شروطها واستمرار دعمها لمنتجاتها الزراعية (أو بالأحرى دعم أصحاب المزارع الكبرى وشركات التصدير في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، يبلغ سنويا أكثر من 400 مليار دولا أمريكي، ولا يحصل المنتجون الريفيون الصغار حتى في بلدان الشمال على الدعم مما يؤكد أن نظام التجارة الحرة يعمل فقط لصالح الكبار ).
وليس هناك أبلغ من حرص ممثل الاتحاد الأوروبي في المؤتمر الوزاري السادس للمنظمة على نفي أي نية للاتحاد للتراجع عن دعم السلع الزراعية، بينما تؤكد دول الشمال على ضرورة التزام دول الجنوب بشروط المنظمة التي ترفض مثلا حماية الصناعات التحويلية الناشئة في الدول النامية، أو حتى حماية المنتجات الزراعية في الجنوب.. وهذا بالتحديد هو السبب الذي يدعو مختلف حركات مناهضة العولمة المتوحشة في العالم إلى الدعوة لاستثناء الإنتاج الزراعي من قواعد منظمة التجارة العالمية، التي يعتبرها كثير من الخبراء مشوهة للتجارة وتشجع على الإغراق وتحقيق مصالح الشركات والاحتكارات الكبرى على حساب صغار المزارعين.
أخيرا.. لقد حان أوان الانتباه إلى الشرك الذي نساق إليه فرادى بعدما أضحى السعي لإنجاز تكتلات مثل السوق العربية المشتركة وتفعيل منظمات مثل "الكوميسا"، والتفكير في المزيد من محاولات التقارب والتساند بين دول الجنوب ضرورة حياة.. والبديل لهذا لن يكون سوى طوفان لا يبقي ولا يذر من فرص الحياة للفقراء.



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العولمة المتوحشة ومأزق الدولة القومية
- من بوليفيا .. إلى أبوظبي.. درس من العيار الثقيل
- أيتها الحرية.. كم من الجرائم ترتكب باسمك!!
- نبوءة -شافيز- وصدمة النفط الجديدة
- غول التمييز العنصري في زمن العولمة 2-2
- غول التمييز العنصري في زمن العولمة 1-2
- في ذكرى يوم الهول الأمريكي3-3
- في ذكرى يوم الهول الأمريكي 2-3
- في ذكرى يوم الهول الأمريكي.. الفاعل والمستفيد 1-3
- إحياء روح مصر القديمة
- المرأة التي حيرتهم وحيروها معهم
- قبل فوات الأوان..علم الإدارة هو الحل
- الاستثمار في البشر..حل يحمي جميع الأطراف
- ديمقراطية مدفوعة الثمن مقدما
- الفيشاوي والحناوي.. أزمة مجتمع يفقأ عينيه بأصابعه
- نعم..هي مؤامرة
- لا للتمديد.. لا للتوريث .. و-لا- غائبة...
- -مصر واجعاني- ..حكومة سلطها الله على نفسها
- انتهى الدرس ياغبي
- فجر طفولته في وجوهنا أشلاء!!


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - إكرام يوسف - يافقراء العالم اتحدوا ..أو موتوا