|
محمد علي كلاي ، من رياضي القرن إلى تلميذ في المدرسة الأشعرية .
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5207 - 2016 / 6 / 28 - 09:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
محمد علي كلاي ، من رياضي القرن إلى تلميذ في المدرسة الأشعرية .
مروان صباح / برغم من انزلاقاته العديدة في بادئ حياته ، إلا أن ، حالته استقرت مع بدء ولادته الجديدة ، عندما اختار اسم محمد علي ، هو مركب يجمع فيه ، ما فرقه اتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن غريباً ، على رجل يتحرك في حلبة الملاكمة ، بهذه الخفة ، كالفراشة كما وصف نفسه ويلسع كالنحلة ، ففي كل مرة تطأ قدماه الحلبة ، يعتبر أنها المرة الأولى ، فيبدأ يتحرك من داخلها من أجل الخروج من شرنقته ، وتحديداً ، من ثقب صغير ، ضيق ، التى تخرج منه الفراشة لأول مرة ، والذي يُسهل لها دفع الدم من جسمها إلى الأجنحة التى لاحقاً تطير بهما ، وهذا هو حال محمد علي كلاي ، تماماً ، يتحول في منتصف المباراة ، من فراشة إلى نحلة ، تلسع ، ولا تقتل ، يُذكر الخصم ، بأن مهمته في الحياة إسعاد الناس ، وليس شيء آخر ، فليس غريباً أبداً ، على رجل مثل كلاي أن يتحول من ملاكم ، أرادت مؤسسة الأنجلو سكسونية ، أن تُمتع غرائزها من خلال مشاهدتها لشراسة القتال ، وأيضاً ، جمع المال المراهن عليه ، إلى شخصية تدافع عن المقهورين في العالم وأخيراً إلى داعية ، أخذ على عاتقه ، نشر القيم الأخلاقية التى جاء بها رسول الإنسانية .
كان محمد علي في بدايات نجاحاته ، قد طرح تساؤلات اشكالية ، متنوعة ، حول علاقة الاجتماع الأمريكي الواحد ، مع بعضه البعض ، فخرج الرجل بنتيجة ، هي أقرب إلى أن تكون ، سليقية ، ليس أبداً ، نتاج بحثي ، بأن التربة الاجتماعية الأمريكية مضروبة في جذورها ، وبالرغم من التحولات التى شهدتها الولايات المتحدة على مدار قرون ، إلا أن ، تبقى الثقافة الفوقية والنظرة المتعالية والمعتقد ، بتفوق العرقي ، شيء أساسي في المجتمع ، فالقانون في أمريكا ، فعّال ويسري فقط في المحاكم ، أما في حقيقة واقعه ، لا يشكل تأثير داخل التربويات العائلية ولا أوسع من ذلك بقليل ، بل ، في أي احتكاك سطحي يتضح فوراً حجم العنصرية التى تترتب على أي علاقة ، لكن محمد ، الأمريكي الأسود ، وصل إلى هداية مبكرة ، هي تليق وتخص برجال قرروا ، أن يواجهوا ممارسات الظالم ، لأخيه الإنسان ، فنقل أسلوبه المتميز من حلبة الملاكمة إلى المجتمع الأمريكي والعالم ، وهنا يلاحظ المرء ، أن محمد علي ، لم يكن مجرد مقاتل داخل الحلبة ، كالآخرين ، بل بالإضافة ، كونه مميز في الطيران والتسديدات ، وهو أيضاً ، مناور ومحاور ، واستطاع تكريس مفاهيم اثناء وجوده في الحلبة ، وهنا أيضاً ، نستشهد في مواجهته مع جورج فورمان ، ناوره 15 جولة ، شاكسه بالكلمات وليس باللكمات فقط ، تحمل تسديدات فورمان ، وهو يقول له ، تبدو تعب يا جورج ، هذا كل ما لديك ، هذا المكان الخاطئ للشعور بالتعب ، أنك تلاكم كالبنت بلهاء ، في واقعة أخرى ، لكن هذه المرة خارج الحلبة ، انظر ماذا قال ، هي فلسفة واحدة ، يُطلق محمد كلاي تصريحاً في واحدة من أهم المناسبات ، لا يعيب المرء ، السقوط أرضاً ، بل العيب أن تبقى على الأرض ، في الواقعة الأولى ، من داخل الحلبة ، يبعث الأمل لكل مهاجر أو لكل من يعاني التمييز والعنصرية داخل المجتمع الأمريكي ، بأن مهمَّ تعرضت إلى لكمات مجتمعية ، فالمستقبل للأكفاء ، وهذا بالفعل ، قد تحقق مع الرئيس اوباما ، أما في الواقعة الثانية ، يشير حول أهمية التجارب ، حتى لو كانت فاشلة ، فهي في نتيجتها النهائية ، حاصل نجاح .
بسبب سرقة دراجته النارية والتى دفعته الحادثة إلى الاجتهاد في عالم الملاكمة ، كي لا يتكرر في المستقبل ذات المشهد ، حيث ، قرر أن لا يكون ضعيف أبداً ، في حياة لا تعترف سوى بالأقوياء ، تحوّل الفتى إلى حديث الناس في هذا الكوكب ، وبسبب رفضه مقاتلة الفيتناميين ، حُكم بسجن 5 سنوات ، كمتهرب من أداء الواجب الوطني ، لكن ، كان محمد علي كلاي ، يقوم بواجبه الإنساني ، عندما رفض قتل الأخر ، فعوقب على انحيازه للإنسانية ، وهذا يفسر للبشرية ، على الأقل ، لماذا حظي كلاي بهذا الاهتمام والشهرة ، عند سكان الأرض ، بل ، أن الشعوب في ارجاء المعمورة ، تحّمل له حب وعاطفة ، كبيرين ، رغم تفاوت الأعمار والاهتمامات ، بينهم ، فكثير من الناس ، الملاكمة ، ليست من مفضلاتهم ، لكنهم ، يعتبرون محمد علي ، أسطورة العصر ، وهذا الاعتراف ، لم يسبق لأي شخص أنه امتاز به ، لا بمجال الملاكمة أو في أي لعبة أخرى ، في الحقيقة ، وبعد اختياره للإسلام ، ديناً ، كان للرجل نقلات واضحة ، فهو ، ولد في مجتمع وسطي أقرب للفقر وينتمي إلى عائلة ، شهدت سلالتها تاريخ من الاضطهاد والعنصرية ، لكن ، برغم من الثروة التى استطاع أن يكونها في غضون سنوات قليلة ، اكتشف ، أنه ليس سوى دمية يتسلى بها الرجل الأبيض ، تثير غريزته ومغامراته الرهنية ، وأخيراً ، يجني المال .
كما كان دائماً مميزاً ، داخل حلبة الملاكمة ، تماماً ، كان أكثر تأثيراً خارجها ، ففي عمر 22 ، طرح سوني ليستون أرضاً ، بعد الضربة القاضية ، صدم العالم في وقتها ، وأسقط عرش الملاكمة عنه ، انتصر كلاي خلال مسيرته في 56 مباراة منها 37 قاضية ، إلا أن ، لم يكتفي بانتصار العضلات ، نلاحظ أن محمد علي ، انتقل من مربع إلى الأخر حتى استقر به الحال في المدرسة الأشعرية ، فتحول إلى تلميذ مجتهد ، التى أعطته مزيد من علم الكلام والتأمل ومهارة الحوار ، فتأثر بكتب الفارمذي والغزالي ، وهذا الخط الذي رأي به ، أنه أقرب ، إلى طريق الله ، لأنهم ، كما أبدى كلاي في بعض الأحاديث ، انه الطريق الأصوب ، وأصحابه ، أعلى أخلاقاً وإنسانيةً .
السؤال الذي شغل كلاي ، وهذا يتحسسه المرء من حواراته ، هل كانت محطة الوصول ، مطابقة إلى نقطة الولادة الأولى ، أو أنها ، كانت مطروقة بما يكفي ، أن تشكل تساؤلات ، مقلقة ، حيث ، حولته من فتى لم يستطيع الدفاع عن دراجته النارية إلى رجل ، لقب نفسه بالأعظم ، لكنه ، سرعان ما تبرأ من ذلك ، إلى أن ، بيعت قفازاته التى أطاحت بليستون ب 836 الف دولار ، وأخرى ، يحتفظ متحف الوطني للتاريخ الأمريكي سمثسونيان بها ، إلى أن ، بات رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ، يضع صورة محمد علي كلاي في مكتبه ، كانت قد أاتخذت أثناء مباراته مع ليستون وهو مطروح أرضاً ، وكُتبَ أسفل الصورة ( زئير الأسد ) إلى جانب الصورة يحتفظ أوباما بقفازين قديمين لمحمد علي ، وقد نعاه باراك أوباما من مكتبه في البيت الأبيض ، قائلاً ، استرح في سلام أيها البطل ، لقد احدثت هزة في العالم ، ولعل لكاتب هذه السطور ، أن يعترف في لحظة حزن على الفراق ، نادراً ما يعترف بها المرء ، أنه يكتب بالألم عن محمد علي وبلغة الألم ، ويدعو أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، أن تخصص زاوية في المتحف الإسلامي ، تليق بصاحب أسرع وأقوى لكمة في العالم ، تعادل قوتها حوالي الف باوند ، ليس كونه أعطى صورة زاهية وجميلة عن الإسلام فقط ، بل لأنه ، لم تصبه لوثة التمذهب ، رحمك الله يا حاج محمد ، كما أطلق عليك صدام حسين في لقائكما ، فنم بسلام وعلى روحك السلام ، يا من أسعد البشرية وهو يطير كالفراشة ويلسع كالنحلة . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حرب حزيران 1967 م كانت فاصلة وتعتبر بمثابة معركة اجنادين ..
-
الملك عبدالله الثاني يطرق باب البيروقراطية الأردنية ..
-
القاسم المشترك بين المسلمين الموريكسيين واليهود السيفارديم ،
...
-
غزو فكري مكمل للغزو العسكري والانتصار للتكنولوجيا ، مقابل ،
...
-
لم يعد النفط صالح للتهديد ، لكن هناك أسلحة آخرى بديلة
-
احذروا من اتحاد مصالح العرب ...
-
مرحلة تمكين إسرائيل إقليمياً ،، وفلسطين انتقلت من المقدس الي
...
-
هجرتان سببهم الفقر والقتل ،، تشابه في العقلية واختلاف في الأ
...
-
الأمير محمد بن سلمان ، كيف يمكن ، قطع الشك باليقين ، أن يكون
...
-
اجتثاث وإحلال ، فراغ لا يوجد قوى وطنية قادرة على ملئه
-
علاقة الصهيونية بالإمبراطوريات وعلاقة الإمبراطورية الأميركية
...
-
في ذكر رحيل ابو محمود الصباح ، تاريخ محتشد بالمواقف الأخلاقي
...
-
رحمك الله يا من مثل أحمد العربي في القطر التونسي ، شاعر الثو
...
-
من خصوصيات المرحلة القادمة ، أنها لا تقبل التعمية ولا الجهل
...
-
أمة عاجزة عن الدفع عن تاريخها ، من محاربة الإرهاب إلى محاربة
...
-
القاسم المشترك بين الأوروبيين والعرب ، هو ، التفكيك والانحلا
...
-
دونالد ترمب ، مرحلة الاستبداد الاقتصادي وانهيار قواعد القانو
...
-
الفارق بين إنجازات الديكتاتور وانجازات القطروز
-
ضرورة التدخل في العراق وسوريا ، لكن ، ليس قبل إغلاق ملفات اخ
...
-
المطلوب لا تقعيراً ولا تحديباً
المزيد.....
-
تطايرت القمامة على وجهه.. شاهد ما حدث لعامل خدمة نظافة بعد ت
...
-
شاهد كيف سلّمت كتائب القسام رهائن اسرائليين للصليب الأحمر في
...
-
ابتعد عن شراء ما يسوّقه لك المؤثرون، ربما ستدرك حينها أن ما
...
-
لا إعفاءات حتى الآن..البيت الأبيض يعلن تطبيق رسوم ترامب الجم
...
-
الجيش الإسرائيلي يؤكد وصول رهينتين إلى إسرائيل أفرجت عنهما ح
...
-
رسائل -حماس- الصريحة لتل أبيب والعالم لكسر جانب من هيبة الجي
...
-
-القسام- تسلّم الأسير الإسرائيلي الأمريكي الثالث للصليب الأح
...
-
كيف تُسقط دولة دون إطلاق رصاصة؟
-
أحدهما روائي.. أسيران مقدسيان في رابع دفعة من -طوفان الأحرار
...
-
13224 مهاجرا عربيا غير نظامي بأميركا يخشون الترحيل
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|