|
قصة رجل يعرف موته
محمد الذهبي
الحوار المتمدن-العدد: 5205 - 2016 / 6 / 26 - 04:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قصة رجل يعرف موته محمد الذهبي لم يكن ذاهبا للحرب، كان ذاهبا إلى المسجد في ظهر الكوفة، كانت تعرفه ساحات الحروب، ويخشاه الجميع عندما يرتدي ثياب الحرب، لم يخش الموت، لا على نفسه ولا على أولاده، كان يصطحب أصغرهم معه ، يكنس بيت المال ويصلي فيه، ما هذا انه بيت المال!، لم يكن شيوعيا لكنه افرغ بيت المال، وزعه على جميع الفقراء، لم يبت احد جائعا تلك الليلة، خرج بثيابه البالية، لا تشبه حتى ثياب أفقر الفقراء، ولذا انتظره القاتل في المسجد في السجدة الأولى، لم يكد يميزه في الطريق، بمفرده يسير ، يذرع الأزقة، بمفرده دار أزقة الكوفة، لا يمشي في مواكب مهيبة ليفاجىء المصلين، هو واحد منهم، يدخل بثيابه البالية، وبحذائه الذي يستحي من راقعه، سلّم على الجميع ، وجلس معهم، بين فترة وأخرى يردد : حيازيمك للموت، فان الموت لاقيكا، ولا تجزع من الموت إذا حلّ بواديكا، كما أضحكك الدهر، كذاك الدهر يبكيكا، التفت اليه احدهم، سيدي : هل ترثي نفسك، نعم لقد سئمت من الخداع والخديعة والكذب والزور، لقد اعد لهذا اليوم إعدادا قديما، اجلوا موتي كثيرا، وقد رأيت حبيبي الذي استعجلني باللقاء، ولذا انا متشوق للرحيل، انه يدعوني اليه، وسأذهب، احتار الرجل ماذا يقول، لكنه أعجب بشجاعته التي يعرفها الجميع، انه ينتظر موته، انه على موعد معه. في السجدة الأولى صاح بصوت عالٍ : انا دائما أفوز، حملوه إلى الدار، وجلبوا له طبيبا عارفا، فقال لهم: اسقوه لبنا، فصاح المنادي في الأزقة: سارعوا بجلب اللبن لتقضوا على السم الذي تسلل الى جسد الرجل الكبير، هرع جميع الفقراء والأيتام يحملون أقداح اللبن ويصطفون على باب الدار، ارتفعت الجلبة والأصوات، خرج ولده ليرى ما الأمر، فرأى الفقراء والأيتام يحملون اللبن، وهم يتساءلون : هل ينجو ان شرب اللبن، نخشى أن نفقده، ولذا جلبنا ماعندنا، لم يكن في الباب سوى الفقراء، الوجهاء ذهبوا وناموا براحة تامة، لقد اقض مضاجعهم، قضى على ملذاتهم واستغلالهم للناس، الفقراء هم من يدور حوله ويواسيه، جلبوا المجرم مقيدا، فأمرهم بفك القيود، ونصحهم أن يعاملوا القاتل معاملة خاصة، ويطعموه من طعامهم، كان جريحا، والبلاغة تفيض بين شفتيه وهو يوصي ابنه، إنها معجزة أن يكون بوعيه التام، ضربة لم يكن متهيئا لها، وقعت على أم رأسه، ما ابلغ هذا الرجل، انه يمتلك أسرار الكلم: يتهامسون ( كافر ما ابلغه)، أولاده على عدد الأصابع، يؤمن كثيرا بالمرأة، لم يجعلها امة أو جارية،كانت زوجة واحدة فقط، اعتزلهم عندما امتهنوا النساء وراحوا يوزعونهن كالهدايا، حتى إن احدهم تنازل عن مئة فتاة جلبوهن من أفريقيا، وعندما رأى إنهن زنجيات تبرع بهن لأصدقائه، وأمرهم أن يوجهوا الفتح باتجاه آخر حيث النساء الجميلات، كان يتحرق من هذه الأحوال، لا أريد السلطة، لكنني احتاجها لإيقاف هذه المهازل. نعم سأقبل حين تأتي إليّ أملا في محاربة هذا الفساد، إنهم يوزعون الأموال والولايات والنساء بين أقاربهم، لم يكن الأمر بهذا الشكل ولم نقاتل لأجل أن يتنعم هؤلاء، قاتلنا لإزالة الحيف عن الناس وإنصاف العبيد، لا أن نستعبد غيرهم تحت مسميات أخرى، سأصادر الأموال التي سرقوها، وأحرر العبيد الذين استعبدوهم باسم الرسالة، انا أكثرهم معرفة بالله، لم تكن هذه إرادة الله، إنها إرادتهم التي تغيرت فسرقوا الناس وامتهنوهم، وصاروا يبيعونهم في الأسواق، لقد اعتزلت لعشرات السنين، لم أرد ان أقحم نفسي في هذه الترهات التي يسمونها خلافة الإنسان لله على الأرض، لكنهم لن يدعوني بعزلتي، إنهم يخططون لقتلي ولو بعد حين، لا يمكن لي أن التقي مع ما يريدون، لهم أنصارهم ولي أنصاري، لكن أنصاري قليلون ولذا اصمت وأنا انتظر لأغير ما استطيع تغييره، سأنقض عليهم وأصادر ما سرقوه، حتى النساء اللواتي بحوزتهم سأعمل على تحريرهن، سأحاسبهم عن كل درهم نهبوه، وإلا فما الفائدة من التصدي لهذا الأمر، هكذا كان يحدث نفسه وينظر للإنسان الذي هو نظير الإنسان بعيدا عن الدين أو القهر والقتل والسلب. لم يدع فرصة إلا استغلها بتوجيه الناس لانتزاع حقوقهم، ولتحقيق إنسانيتهم، لم يذعن للمتطرفين الذين البسوا الله عمامة وانزلوه على الأرض وراحوا يحكمون باسمه، الحكم لله ليس لك يا علي، قال عبد الرحمن المرادي وهو يعلم ان الانسان هو من يحكم ويدعي انها شرائع الله، والرجل الكبير أول إنسان يعلم ان الحكم لله، لكن ليس على لسان هذا وسواه، انه يعرف الله الذي يختلف عن الله الذي نادى به عبد الرحمن، وكذلك هو يعرف اللصوص الذين يسرقون باسم الله، ولذا حاول بقوة ان يستعيد اسم الله الحقيقي، الله الذي يعرفه هو، ولا يعرفه هؤلاء، إنهم لصوص، وقد وضعوا عددا من اللصوص، سرقوا جميع المدن التي دخلوا إليها، سأذهب إلى العراق، ومن هناك سابدأ رحلة العودة الى الحقيقة، وسيتبعونني هناك، وسأرحل في ليلة انا اعرفها.
#محمد_الذهبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ايران والسعودية في بيتنا
-
مجاهرة بالافطار
-
مرآتك انتَ
-
الحكيم الذي لم يعد حكيماً
-
الموسيقار
-
المعطف والربيع
-
ليتك اكلته ميّتاً وتركته حيّاً
-
خريف المدينة
-
امي انا في الطب العدلي
-
مصحح
-
سماعة الاذن والمعدلات الانفجارية
-
العذارى ومراقد الاولياء
-
مدن الموت
-
الموت في الوطن المنفى
-
تالي العمر محطات
-
انا وليلى ولتفتحوا جراحكم
-
لم يشترك في تحرير الفلوجة
-
ماجدوى الدخول الى الخضراء
-
من جيبك نوفي الديّانه
-
شهادة الاوراق الصفراء في سوق اعريبهْ
المزيد.....
-
ماذا قالت أمريكا عن مقتل الجنرال الروسي المسؤول عن-الحماية ا
...
-
أول رد فعل لوزارة الدفاع الروسية على مقتل قائد قوات الحماية
...
-
مصدران يكشفان لـCNN عن زيارة لمدير CIA إلى قطر بشأن المفاوضا
...
-
مباشر: مجلس الأمن يدعو إلى عملية سياسية شاملة في سوريا بعد ف
...
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|