|
متى نشهد عالم متعدد الاقطاب بلا امم متحدة ؟؟
عبد الرحمن تيشوري
الحوار المتمدن-العدد: 1398 - 2005 / 12 / 13 - 09:24
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
باحث في موقع الحوار المتمدن دارس في المعهد الوطني للإدارة العامة شهدت بدايات العقد الاخيرمن القرن العشرين تحولات جذرية وهامة على صعيد العلاقات الدولية تمثلت بانهيار الاتحاد السوفيتي وانهيار النظام الدولي الثنائي القطبية حيث انفردت امريكا بالعالم وظهر نظام القطب الواحد واخذت تسعى لاعادة صياغة العالم وفق المقاييس الامريكية وتروج لما يسمى العصر الامريكي وترافق ذلك مع شيوع مفهوم العولمة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وكل ذلك من اجل فرض الذوق والثقافة الامريكية على العالم ثم جاءت احداث 11 ايلول 2001 لتمثل نقطت تحول باتجاه تعزيز الهيمنة الامريكية على منظومة العلاقات الدولية حيث اعتبرت امريكة نفسها في حالة حرب ضد الارهاب وان هذا الارهاب ليس له مكان معين وان هذه الحرب ساحتها العالم كله ومن ثم اعطت لنفسها حق التدخل المباشر دون الحاجة آلي الرجوع آلي الامم المتحدة آو مشاورة الاخرين وبالتالي يمكن القول آن النظام الدولي قد عرف عنصرا فاعلا جديدا يتمثل في عولمة الارهاب ولعل هذا الارهاب قد خرج من صلب العولمة الامريكية ليمثل نوعا من العولمة المضادة وهذا غير النظام الدولي حيث ظهرت مظاهر الهيمنة الامريكية كقطب واحد مهيمن فلا بد من تكتل العالم ضد امريكة لتخليص البشرية من هذا النظام المتوحش ظهور امريكة كقطب مهيمن يتفق المراقبون آن القرن العشرين كان امريكيا بامتياز لان امريكة احتلت المواقع المتقدمة الاولى في الميدان التكنولوجي والاقتصادي والعسكري والثقافي والدبلوماسي حيث تحتفظ امريكا بتفوق عسكري كاسح على كل القوى الأخرى حلفاء واصدقاء وخصوم وهي تهيمن نقديا وماليا على العالم عن طريق الدولار وتسيطر على معظم منابع النفط العالمي وممراته واحتياطاته كما انها تملك 164 شركة من الشركات المتعددة الجنسيات الاكبر في العالم من اصل 500 شركة وتنتج امريكة وحدها محاصيل زراعية تكفي لاطعام نصف سكان العالم ومع ذلك الناس تموت جوعا وامريكا تتلف الاقماح في المحيطات وبشكل عام تجمع امريكة اربعت ابعاد هي: -قوة عسكرية وتكنولوجية تستطيع آن تصل آلي أي مكان في العالم -تاثير اقتصادي عالمي -جاذبية ثقافية واديولوجية -عضلات سياسية عالمية وبهذه الابعاد الاربعة وصلت امريكة آلي الهيمنة على النظام الدولي ويروج الكتاب الامريكين في العالم بان امريكة هي الامة الضرورية التي لا يمكن الاستغناء عنها ويقول بريجينسكي اذا انتهت الهيمنة الامريكية فلا احد يستطيع آن يخلفها وقد ادت هذه الهيمنة الامريكية على العالم آلي نتائج سيئة هي · ازدراء امريكة لقواعد القانون الدولي · تعتبر امريكة آن القانون الدولي جزء من القانون الامريكي وان الشرعية الدولية رهينة لمصالح امريكة · رفضت امريكة التوقيع عام 1997 على الاتفاق الدولي حول الالغام المضادة للاشخاص · نقض الرئيس جورج دبليو بوش عام 2001 معاهدة الدفاع المضاد للاسلحة البالستية · نقضت امريكة التجارة المحرمة في مجال الاسلحة الخفيفة · ضربت امريكة باتفاقية كيوتو للمناخ عرض الحائط عام 1997 التي وقعت عليها حوالي 150 دولة · وقفت امريكة صراحة ضد المحكمة الجنائية الدولية وتمنع مثول الامريكين امام هذه المحكمة · تحدي وتهميش الامم المتحدة حيث غزت العراق مع تحالف محدود من بريطانيا دون موافقة الامم المتحدة ورغم المعارضة العالمية الدولية والشعبية حيث حولت الامم المتحدة آلي العوبة والى احد مكاتب البيبت الابيض والى عربة اسعاف ذات دور انساني فقط في حال تجاهلها من قبل امريكة حيث تشبه الامم المتحدة اليوم حالة عصبة الامم في الثلاثينات لذا الحاجة ماسة اليوم وضرورية جدا لاصلاح الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي ليتخلص من الهيمنة الامريكية · تعتمد امريكة سياسة المعايير المزدوجة وما يحدث في الاراضي العربية المحتلة خير مثال حيث استخدمت امريكة الفيتو 80 مرة لصالح اسرائيل وضد العرب وبالمقابل اصدرت الجمعية العامة 160 قرار لصالح فلسطين لم ينفذ منها قرار واحد وها هي اليوم تحاول منع ايران من الاستفادة من التكنولوجية النووية بينما تمتلك اسرائيل اكبر ترسانة نووية وبيولوجية وكيميائية في الشرق الاوسط ولم تحرك امريكة ساكنا · عسكرة العلاقات الدولية تعمل امريكة في الواقع على تقييد الحريات وتجاوز حقوق الانسان ومع ذلك تنادي وتدعي الديمقراطية وحقوق الانسان فهل ما يحدث في العراق من قتل وتدمير ونهب ديمقراطية وحقوق انسان كما تقول امريكة ووسائل اعلامها لكن هذه المقولات والحلم الامريكي لم يعد له معجبون الا بين افراد الشعب الامريكي حيث اظهرت احصاءات اخيرة تشير آلي تنامي المشاعر العدائية في العالم تجاه الحلم الامريكي حيث 77 % من الالمان و64% من البريطانيين و82% من الاتراك يرون آن اعادة انتخاب بوش هي تهديد للسلام العالمي هل نشهد قريبا عالم متعدد الاقطاب ؟؟؟ آن مستقبل السيطرة الامريكية في العالم مفتوحاوهناك عدد من المراقبين يعتقدون ان القرن الحادي والعشرين لن يكون امريكيا وان كانت بدايته امريكية ومن وجهة نظري فان منتصفه سيشهد تعددية قطبية انطلاقا من كون النظام الدولي يحمل صفة التغيير وعدم الثبات في ظل الحركة المتسارعة لمعطيات الثورة العلمية التكنولوجية وتشابك العلاقات الدولية وازدياد التاثير المتبادل بين المحلي والاقليمي والدولي عالم الكتل والاقطاب الاقتصادية · تكتل النافتا بقيادة الدولار الامريكي · تكتل الشرق اسيا الباسيفيكي بقيادة الين الياباني · التكتل الاقتصادي الاوربي بقيادة اليورو آن هذا الشكل الحالي لتوزع القوى هو اقتصادي ثلاثي الاقطاب لكن المستوى الاعلى العسكري هو مستوى احادي القطبية حيث لا توجد أي قوة عسكرية اخرى تضارع امريكة · الصين : وهي احدى القوى المهمة المرشحة لدخول حلبة القوة العالمية فالصين ليست اضخم قوة بشرية في العالم فحسب وانما تقترب من وضع القوى الصناعية العظمى في العالم والاقتصاد الصيني هو الاسرع نموا على المستوى العالمي وعندما تقاس القوى العسكرية الصينية كميا من حيث الرؤوس النووية وعدد الجيش وتجارة السلاح العالمية تاتي الصين بالمتبة الثالثة من حيث حجم القوة العسكرية لكن الصين اليوم تسير في الفلك الامريكي ولديها فائض في تجارتها مع امريكة يصل آلي 70 مليار دولار ولا يمكن تصور آن تضحي الصين بهذا الفائض التجاري الاكبر من اجل اية قضية دولية علما آن الصين حاولت قيام شراكة مع روسيا لكن هذه الشركات لم تغير في هيكل النظام الدولي حيث يتحول آلي تعددية قطبية · روسيا الاتحادية آن روسيا لا تزال تعاني مشكلات اقتصادية وسياسية ورثتها من عملية تفكك الاتحاد السوفيتي السابق وقد تنجح في استعادة مركزها كقوة عظمى وهي غير مرشحة في الفترة القريبة لانهاء نظام القطب الواحد رغم عدم سعادتها بالتبعية لامريكة وفي الخلاصة نقول آن هناك العديد من المعطيات التي تؤكد آن الهيمنة الامريكية مستمرة خلال اوحتى العقد الثالث للقرن الحادي والعشرين وان امريكة ستبقى زعيمة وقائدة لعالم ليس بالحذاء العسكري فقط بل بسبب زعامتها العلمية والمعلوماتية والتكنولوجية وبالتالي آن المرحلة الراهنة مرحلة الهيمنة الامريكية مرحلة القطبية الاحادية مستمرة وان كل الدول والقوى المرشحة للبروز كاقطاب جديدة منافسة لامريكة تمتلك جميعها من العناصر الجاذبة ما يؤهلها لاعتلاء سدة النظام الدولي المقبل لكن تنوء جميعها تحت مجموعة من العناصر الطاردة التي تجعلها خارج الفوزفي سباق القوة الحالي فمن الواضح آن روسيا يلزمها سنوات طويلة قبل آن تعيد ترتيب اوراقها وتعود آلي بوتقة الدول العظمى وفقا للحد المقبول من معايير القوة وادواتها وعلى الرغم من قوة اليابان الاقتصادية الا انها لم تطرح رؤيا آو تصورا محددا لقيادة العالم فضلا عن تخوف بعض القوى في شرق اسيا من صعود اليابان اما الصين والاتحاد الاوربي فهما بصدد بناء قوتهما المستقبلية الطامحة لعلب دور فعال على الساحة الدولية وحتى يتم هذا البناء فقد تحمل الاوضاع الدولية تطورات غير محسوبة اما على صعيد الممارسة في ظل هذا النظام وحيد القطب تدعي امريكة حقها في فرض الامركة على العالم كما اعطت نفسها حق التدخل في شؤون العالم وتلعب دور الشرطي بالنسبة للعالم مستغلة تفردها بالقوة العسكرية التي لا تجارى وهي تنشرالارهاب اليوم في العراق بدعوة الحرب على الارهاب ولم تعد السيادة الوطنية للدول ذات اهمية بالنسبة لامريكة فهي تتدخل في الشؤون الداخلية لدول العالم كافة فهي في مكان تنحاز مع الحاكم ضد شعبه وفي مكان اخر تنحاز آلي من حاربوا حكامهم فها هي تطلب اليوم بكل وقاحة من سورية بالافراج عن سجناء مارسوا اعمال غير قانونية ضد سورية والشعب السوري آن من يقارن بين ما تدعيه امريكة من حقوق وامتيازات وما ادعته المانيا النازية لا يجد فرقا كبيرا بين الادعاءين فلقد ادعى الالمان التفوق على الشعوب وان الشعب الالماني مبدع الحضارة وحاولوا فرض ذلك بالقوة والهيمنة مما اوصل العالم آلي النتائج الكارثية للحرب الكونية الثانية التي شنها هتلر على الدول الأخرى ومن اجل تكريس الواقع الاحادي القطبية جاءت واشنطن آلي العراق من اجل منابع النفط لان من يرغب في إدارة العالم يجب آن يتحكم في ثروات الشعوب ويجب آن يسيطر على البترول العالمي وباسم محاربة الارهاب وضعت يدها على افغانستان من اجل بترول اسيا الوسطى وبدعوة الديمقراطية ومكافحة اسلحة الدمار في العراق حولت الخليج العربي آلي ترسانة عسكرية امريكية وتحت عنوان كشف الحقيقة في اغتيال الحريري تريد اضعاف الموقف السوري والقضاء عليه وعدم تدخله ودعمه للمقاومة في فلسطين ولبنان علما انها هي من قتل الحريري لانه رفض آن يكون جزء من اعادة ترتيب المنطقة والشرق الاوسط الجديد ولضمان استمرار التفوق الامريكي كان لا بد من وضع العراقيل في طريق بزوغ قوى منافسة اليوم وغدا وهكذا شرعت واشنطن بمحاصرة الصين وتهميش الاتحاد الاوربي حتى كاد يكون ظاهرة صوتية فقط وهي تطوق روسيا من كافة الجوانب وقد اصبغت على القانون الدولي صبغة امريكية فاصبحت الامم المتحدة اداة بيد واشنطن لذا حتى يتحول النظام الدولي من نظام وحيد القطب آلي نظام متعدد الاقطاب لا بد من تعاون الاقطاب الدولية المحتملة والدول الصغيرة المتضررة من سياسة امريكة اليوم آن تدفع امريكة للتورط في مشكلات دولية عديدة في مختلف بقاع الارض حتى يتم انتشار القوة الامريكية تمهيدا لتبديدها واضعافها وعلى كل ابناء الدول الصغيرة آن يكفوا عن شراء واقتناء البضائع الامريكية وهذا سلاح كبير وفعال وعلى القوى القطبية المحتملة آن تحشد كل عناصر قوتها بما يخدم ويعزز المكانة التي تصبو اليها في النظام الدولي وامل قريبا آن نرى عالم متعدد الاقطاب عالم بلا امم متحدة كالمنظمة الحالية بل عالم تسوده العدالة الدولية والتكافؤ الدولي والتنظيم الد ولي الذي يعمل حقيقة من اجل امن وسلام العالم وليس من اجل امن وسلام وتفوق وغطرسة امريكة وازلالها لشعوب العالم 0 عبد الرحمن تيشوري دارس في المعهد الوطني للإدارة العامة
#عبد_الرحمن_تيشوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجرائم التي تمس الاسرة في قانون العقوبات السوري
-
الازمات الدولية المعاصرة -اغتيال الحريري
-
لانه متمدن سيعيش طويلا
-
تأثير القوة النووية في العلاقات الدولية
-
حق المراة في الميراث الشرعي
-
متى يصل الاصلاح والتطوير الى قانون الانتخابات ؟
-
خصائص القائد الاداري الكفء
-
النشاط الصهيوني الداخلي في امريكا
-
البيئة والادارة تلازم واتصال
-
نحو ايجاد قيادات ادارية عامة ومحلية
-
هل تنتصر ارادة الاصلاح على ممانعي الاصلاح؟
-
الادارة اهداف ونتائج وليس بطولات شخصية
-
الادارة العامة وادارة الاعمال التشابه والاختلاف
-
ماهية القيادة الادارية المعاصرة والمعهد الوطني للادارة العام
...
-
القواعد الدولية لتفسير المصطلحات التجارية
-
اصبحت الحاجة ملحة لترتيب الوظائف العامة
-
الاقتصاد المعرفي نمط اقتصادي جديد هل نصل اليه؟
-
التجارة الالكترونية واثارها المتوقعة
-
التعليم المفتوح مبرراته ودوره الاجتماعي والاقتصادي والوطني
-
الفساد والسلطة واثر ذلك على التنمية
المزيد.....
-
المافيا الإيطالية تثير رعبا برسالة رأس حصان مقطوع وبقرة حامل
...
-
مفاوضات -كوب 29- للمناخ في باكو تتواصل وسط احتجاجات لزيادة ت
...
-
إيران ـ -عيادة تجميل اجتماعية- لترهيب الرافضات لقواعد اللباس
...
-
-فص ملح وذاب-.. ازدياد ضحايا الاختفاء المفاجئ في العلاقات
-
موسكو تستنكر تجاهل -اليونيسكو- مقتل الصحفيين الروس والتضييق
...
-
وسائل إعلام أوكرانية: انفجارات في كييف ومقاطعة سومي
-
مباشر: قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في
...
-
كوب 29: اتفاق على تقديم 300 مليار دولار سنويا لتمويل العمل ا
...
-
مئات آلاف الإسرائيليين بالملاجئ والاحتلال ينذر بلدات لبنانية
...
-
انفجارات في كييف وفرنسا تتخذ قرارا يستفز روسيا
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|