مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 5201 - 2016 / 6 / 22 - 09:20
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
دير مار متّى : الحقبة الأولى ( حقبة التأسيس ) - 2
‘حملوا تاريخكم على ظهوركم .
موقع دير مار متي على خريطة العراق؟
دير مار متي , أو دير ( الشيخ متى ).
عندما نتكلم عن هذا الدير يتبادر لذهننا فوراً إسم العلاّمة والفيلسوف , والعالم اللاهوتي إبن العبري الذي عاش فيه هو والكثير من الفلاسفة والمعلمين الرهبان . فالدير , والمناطق والبلدات التي تحيط به كانت حصن للقداسة ونشرالعلم وازدهار الثقافة . عاش فيه قامات جليلة وباسقة في الإيمان واللاهوت والمعرفة والتطورمحفورة بالصخور والجبال والمثابرة , آثارهم باقية إلى الأبد رغم جحافل الغزاة والطغيان التي ابتليت بها بلادنا وشعوبنا .
التأسيس : القرن الرابع الميلادي . تابع للأبرشية مار متي للسريان الأرثوذكس
مار متى، مار بهنام، ابن العبري تنسكوا عاشوا ودفنوا فيه
الموقع : جبل الفاف ، محافظة نينوى ، العراق
دير مار متى (بالسريانية: ܣܘܪܝܝܐ) وهو دير أثري يقع على جبل الافاف شمال مدينة الموصل و يعد من المعالم السياحية المعروفة في العراق
أسسه مار متي الناسك السرياني في القرن الرابع الميلادي. وإنضوى إليه بضعة آلاف من الرهبان والمتوحّدين من نواحي نينوى.
يقع دير مار متي الناسك شمالي شرق الموصل بمسافة 30 كلم. أسسه القديس مار متي في أواخر القرن الرابع الميلادي بمساعدة سنحاريب الملك , ملك آثور ، وضـم كنيسة ، وصهاريج ، وصوامع لسكن الرهبان، وأحيط بسور كبير، ثم عبّـد الطريـق المؤدي إلى الدير ويعرف (بالطَّبكي) وهو كلمة سريانية معناها المرتقي .,, في عام ٤٨٠ أثار النساطرة والفرس اضطهاداً على الأرثوذكـسيين في كنيـسة المشرق ، ومن جراء ذلك وصل الإضطهاد إلى الدير حيث أضرم فيه النا ر فالتهمت كل ما فيه من آنية كنسية وأثاث ولا سيما مكتبته ، وتشرد رهبانه هنا وهناك ، وبعد عـام ٥٤٤ م عاد الرهبان ثانية إلى الدير واستأنفوا أعمالهم النسكية ورمّموا الدير . واشتهر الدير في أواخر القرن السادس والقرن السابع إذ أصبح مركزاً هامـاً في كنيسة المشرق، كما اشتهر بمعهده الديني ومكتبته الذائعة الصيت ، وامتـدت حقبـة الشهرة هذه حتى نهاية القرن الثالث عشر حيث تعرض لهجمـات الفـرس والمغـول وتيمورلنك حيث دمر تدميراً كاملاً وهُجر مدة طويلة من الزمن .
**
بحثٌ من التاريخ القديم والتراث الأصيل , فعليّ واجب أن أكون أمينة للمعلومات الوفيرة في هذا الكتاب من وثائق .
لا بد من إلقاء نظرة سريعة على الوضع السياسي في تلك المرحلة والخريطة السياسية للإمبراطوريات المسيطرة آنذاك على العراق وسوريا وأسيا الصغرى والشرق القديم عامة , لنكون في الصورة عند انتشار الرهبنة وبناء الأديرة والصوامع والقلاّيات , وروح الإيمان التي انتشرت في تلك الحقبة من تاريخنا القديم في بداية انتشار المسيحية .
***
قامت الدولة الفارسية الثانية المعروفة بالساسانية عام 226 ميلادي عندما قضى أردشير بن بابك المعروف بساسان على آخر ملوك الفرثيين ( الفرس ) . وظلت تحكم بلاد المشرق حتى انتهى أمرها عام 636 م في الحرب التي قام بها الخليفة العربي الثاني عمر بن الخطاب , وقتل فيها يزدجرد بن خسرو آخر ملوكها .
وقد أذاق الفرس المسيحية في المشرق عذابات مُرّة , وأثاروا على أبنائها إضطهادات عنيفة , استفحلت بعد تنصّر قسطنطين الملك قيصر رومية عام 312 .
ومن أسوأ تلك الإضطهادات وأطولها مدة وأكثرها شهداء , وأقساها تعذيباً " الإضطهاد الأربعيني " الذي أثاره شابور من عام 339 - 379 وشمل معظم البلاد التي يقطنها السريان ومن ضمنها كورة ( نينوى ) , حيث قتل البعض وضيق على آخرين بجبايات ثقيلة , وهدمت كنائس , وأحرقت أديرة .
كان لتلك الإضطهادات , وخاصة الإضطهاد الأربعيني سببان ديني وسياسي .
فالديني , لأن الدين المسيحي كان مضاداً للمجوسية دين المملكة يوم ذاك ,
أما السياسي , فلأن الكنيسة في هذه المملكة كانت خاضعة دينياً لسلطة الكرسي الإنطاكي الذي كان في المملكة الرومانية , إضافة إلى ذلك اعتناق قيصر المملكة الرومانية إلى الدين المسيحي وجعله إياه دين الإمبراطورية الرسمي .
ثم توالت الأيام ومرت الكنيسة في مرحلة سلام وصلح واستقراربين سنة 383 - 420 في فترات الصلح بين الإمبراطوريتان ( الرومانية والفارسية ) بمساعي ( مار ماروثا ) أسقف ميافرقين - وهي الفترة الوحيدة التي ظل فيها الشرق في سلام وتمتع المسيحيون بحرية الدين وسمح لهم بتشييد الكنائس والأديرة وترميم ما تهدم منها . وتنظمت شؤون الكنيسة وتفجّرت طاقات ونشاطات روحية وكنسية .
الفترة الثانية التي عاشت الكنيسة فيها بسلام عام 627 -
لما استلم عرش القياصرة ( هرقل ) الحكم وحارب فيها الفرس وطاردهم وكانت المعركة المشهورة بينهما ( معركة نينوى ) عام 627 م , وفيها سحق الجيش الفارسي
....
لا بد لنا أن نتعرف على نشأة القديس مار متى الناسك السرياني الشهير
نشاته وتربيته :
ولد مار متى في قرية ( أبجرشاط ) شمالي مدينة آمد " ديار بكر " في الربع الأول من القرن الرابع الميلادي , منحدرًا من أسرة نقية مع أختين فاضلتين وأخوه زكريا .
بعد موت أبيه انضوت أمه إلى دير للراهبات حيث قضت ما تبقى من أيامها في أعمال النسك - عائلة كلها راهبات - . أمه وبنات أخيه وهو , بعد وفاة والده دخل القديس ( دير مار سرجيس وباخوس ) المجاور لقريته وهو دير صغير يقطنه خمسة رهبان برئاسة راهب والجميع أتقياء . قرأ المزامير , وبعض الأسفار القدسية , واللغة السريانية , مستمداً العلم الروحي من ناسك قديم أقام في هذا الدير خمسين سنة دون أن يفارقه .
وبعد أن صرف مار متى في هذا الدير سبع سنوات التحق بدير( زوقنين) بظاهر ديار بكر والمعروف يومذاك بنظامه البديع , ومكتبته الشهيرة وأساتذته الأعلام . حيث أحرز قسطاً من العلوم الدينية والكنسية والروحية والعلوم المختلفة .
تنسكه
انتهى به المطاف إلى عين ماء يسكن جوارها في أكواخ بسيطة أربعة رهبان فأقام معهم 10 أيام بعدما أصلحوا له كوخا وعاشوا معا بتعبد وصلاة .
**
( حقبة التأسيس ) -
لمحة تاريخية
لا بد من إلقاء نظرة سريعة على الوضع السياسي في تلك المرحلة والخريطة السياسية للإمبراطوريات المسيطرة آنذاك على العراق وسوريا وأسيا الصغرى والشرق القديم عامة لنكون في الصورة عند انتشار الرهبنة وبناء الأديرة والصوامع والقلايات وروح الإيمان التي انتشرت في تلك الحقبة من تاريخنا القديم في بداية انتشار المسيحية في منطقتنا والعالم .
قامت الدولة الفارسية الثانية المعروفة بالساسانية عام 226 ميلادي عندما قضى أردشير بن بابك المعروف بساسان على آخر ملوك الفرثيين ( الفرس ) . وظلت تحكم بلاد المشرق حتى انتهى أمرها عام 636 م في الحرب التي قام بها الخليفة العربي الثاني عمر بن الخطاب , وقتل فيها يزدجرد بن خسرو آخر ملوكها .
وقد أذاق الفرس المسيحية في المشرق عذابات مُرّة , وأثاروا على أبنائها إضطهادات عنيفة , استفحلت بعد تنصّر قسطنطين الملك قيصر رومية عا312 .
ومن أسوأ تلك الإضطهادات وأطولها مدة وأكثرها شهداء , وأقساها تعذيباً , " الإضطهاد الأربعيني " الذي أثاره شابور من عام 339 - 379 وشمل معظم البلاد التي يقطنها السريان ومن ضمنها كورة ( نينوى ) , حيث قتل البعض وضيق على آخرين بجبايات ثقيلة , وهدمت كنائس , وأحرقت أديرة .
كان لتلك الإضطهادرت , وخاصة الإضطهاد الأربعيني سببان ديني وسياسي .
فالديني , لأن الدين المسيحي كان مضاداً للمجوسية دين الممملكة يوم ذاك ,
أما السياسي , فلأن الكنيسة في هذه المملكة كانت خاضعة دينياً لسلطة الكرسي الإنطاكي في المملكة الرومانية , إضافة إلى ذلك اعتناق قيصر المملكة الرومانية إلى الدين المسيحي وجعله إياه دين الإمبراطورية الرسمي .
ثم توالت الأيام ومرت الكنيسة في مرحلة سلام وصلح واستقراربين سنة 383 - 420 في فترات الصلح بين الإمبراطوريتان ( الرومانية والفارسية ) بمساعي مار ماروثا أسقف ميافرقين - وهي الفترة الوحيدة التي ظل فيها الشرق في سلام وتمتع المسيحيون بحرية الدين وسمح لهم بتشييد الكنائس والأديرة وترميم ما تهدم منها . وتنظمت شؤن الكنيسة وتفجر طاقات نشاطات روحية وكنسية .
الفترة الثانية التي عاشت الكنيسة عام 627 فيها بسلام , لما استلم عرش القياصرة هرقل الحكم وحارب فيها الفرس حرباً وطاردهم وكانت المعركة المشهورة بينهما معركة ( نينوى ) عام 627 وفيها سحق الجيش الفارسي .
.****
مار متى الناسك السرياني
نشأته وتربيته :
ولد القديس في قرية ( أبجر شاط ) شمالي مدينة آمد " ديار بكر " في الربع الأول من القرن الرابع , منحدراً من أسرة فاضلة تقية عاش بين أخ وأختين . حيث مات الوالد مبكرأً فانضوت أمه إلى دير للراهبات حيث قضت ما تبقى من ايامها في أعمال النسك , كذلك حفيدتيها التحقتا أيضاً بها كراهبات .
دراسته -
بعد وفاة والده دخل القديس مار متى دير مار سرجيس وباخوس المجاور لقريته وهو ما زال يافعاً في ميعة الصبا . يقطن هذا الدير الصغير 5 رهبان ورئيس أتقياء, قرأ فيه المزامير والأسفار القدسية واللغة السريانية مستمداً العلم الروحي من ناسك قديم أقام فيه 50 عاماً دون أن يغادره . بعد أن مكث القديس في هذا الدير سبع سنوات التحق بدير ( زوقنين ) بظاهر ديار بكر المعروف يومذاك بنظامه ومكتبته الشهيرة وأساتذته الأعلام . أحرز فيه العلوم الدينية والكنسية والروحية والعلوم الأخرى .
تنسكّه -
أحب القديس متى حياة العزلة والإنفراد فغادر الدير يطوف القفار باحثاً عن نسّاك يقيم معهم فانتهى به المطاف إلى عين ماء يسكن جوارها في أكواخ بسيطة أربعة رهبان فأقام عندهم 10 أيام ورغب البقاء معهم , فأصلحوا له كوخاً مثلهم وعاشوا بتعبد وصلاة وقراءة مستمرة .
الإضطهاد .. مرة أخرى
كانت الإمبراطورية الرومانية والفارسية يومئذ تتنازعان السيادة على البلاد الشرقية - كما اليوم - ( روسيا وايران وأميركا ) - الكاتبة -
وكانت المسيحية تعيش في هاتين الإمبراطوريتين مُضطهَدة من أجل كلمة المسيح والإنجيل منذ فجرها وحتى تنصّر ( قسطنطين ) الملك في الربع الأول من القرن الرابع الميلادي , حيث وضع الملك المنتصر حداً لتلك الإضطهادات المتواصلة .
في عام 361 م تبوأ عرش المملكة لوليانس وهو من سلالة قسطنطين فاهتدى إلى المسيحية ثم جحد الإيمان وانحاز إلى الوثنية لذلك لقب بالجاحد . وانقلب من ثم على المسيحية يُصْليها نارا ً حامية يمتهنها ويذلها . وقد نال اضطهاد يوليانس القديس ما ر متى وجمهرة من الرهبان , فنزل وبعض رفاقه على ضفة الخابور حيث ابتنوا لهم ديراً صغيراً .
قدومه إلى العراق
العراق وجهته .. غادر مار متى ورفاقه ديرهم الصغير إلى المشرق . كانوا 25راهباً أشهرهم مار متى , ومار زكاي 1 , ومار ابراهام *, ومار دانيال **. ,
يلتجئ مار متى إلى هذه الديار هرباً من إضطهاد يوليانس بين عامي 361 - 363 م - كما مر لا شك في ان مار متى والمسيحيين جميعا في الإمبراطورية الرومانية كانوا يعلمون أن المسيحية مضطهدة في بلاد فارس وإمبراطوريتها منذ 20 سنة , فالذي يبغي النجاة من إضطهاد عليه أن يهرب إلى مكان تتوفر فيه الطمأنينة ويسوده السلام -
سكن القديس مار متى صومعة صخرية في جبل مقلوب لا تزال ماثلة إلى يومنا هذا وكان يداوي ويشفي كثيرا من الناس المتوافدين إليه لزيارته والتبرك منه .
تأسيس الدير ,
مار متى يتلمذ الأمير بهنام وأخته الأميرة سارة أبناء الملك سنحاريب ملك أشور أو أثور. وكانت آثوروقاعدتها النمرود إحدى الولايات التي كانت تابعة لفارس -
-إيضاح :
لا شك في أن هذه الاحداث التي جرت تمت بعد إنتهاء فترة الإضطهاد الأربعيني والتي توطدت فيها دعائم الصلح ما بين الإمبراطويتين الفرس والروم ومما يعزز القول ما يلي :
1 - التاريخ الذي وجد منقوشاً على جدار كنيسة مار بهنام بجزيرة إبن عمر الذي يذكر أن القديس مار بهنام استشهد سنة 382 م . ولا يخفي أن استشهاد القديس مار بهنام كان على أثر تنصرّه على يد القديس مار متى فوراً .
ب - ابتلاء سنحاريب بمرض وبيل , وشفاؤه على يد القديس مار متى وتنصره مع جمع غفير من الجنود , وبناؤه ديرًا عظيماً وكنيسة فخمة .
مخطط الديرالأصلي
لا وثائق تاريخية تحدثنا عن التصميم الأول ومخططه القديم . ومن الثابت أن ذلك لم يكن عند تأسيس الدير على الشكل الذي نراه اليوم . فقد اتخذ على توالي الحقب والمراحل التاريخية أوضاعاً وأشكالاً متنوعة . وبسبب ما مر على الدير من إضطراب واختلال انعدمت فيه الآثار الفنية , واندرست النقوش والزخارف .
والباقي إلى يومنا هذا من أجزاء مخطط الدير الأصلي :
-1 المذبح وبيت القديسين. 2 - قلاية القديس مار متى حيث فيها مذبح خاص منقور من الصخر3 - الطريق المؤدي إلى الدير ( الطبكي ) - 4 - بعض الكهوف والصوامع 5 - الصهاريج - الجنينة .
جرت أحداث عديدة للدير منذ تأسيسه وحتى نهاية حكم الساسانيين .
انقضت فترة التأسيس , وانتهت فترة السلام والطمأنينة 383 - 420 - وجاء عهد بهرام الخامس 420 - 438 م قاسياً جداً على الكنيسة رغم ذلك ذهب الدير صعداً في التوسع والإنتعاش الرهباني والروحي , وانتشرت المعابد والصوامع في جبله , وزها العالم في ربوعه .
. في عام 480 م أصاب الدير حريق هائل أفنى كل آثاره , دمر مكتبته الثمينة وقضى على حضارته . فالظاهر أن نجم هذا الدير أفل في هذه ‘لى إضطهاد الساسانيين للكنيسة من جهة , ومناوءة النساطرة للأرثوذوكسيين , و مع ذلك بقي الرهبان متمسكون بأهداب ماضيهم .. .. و نظموا شؤونهم وسنوا لهم 22 قانوناً ذاع أمرها في المشرق وعلى أعقاب ذلك توجه إلى الديرما السرياني جاثليق الأرمن نحو 544 واختار من بين الرهبان شخصاً عفيفاً يدعى ( كرماي ) رسمه مطراناً للدير خلفاً للقديس برسهدي . وبذلك استؤنفت رتبة الأسقفية في الدير . كما كان لجاثليق المشرق . ففي مراقي النجاح والتقدم أخذ الدير يسير صعداً عقد صلحاً مع أكاسرة الفرس فانهالت على الكنيسة الأيام الأخيرة من حكمهم برداً زسلاماً .
..لما تسنّم عرش القياصرة هرقل عام 627 م .
---------------------------------------------------------------------
* سكن مار زكاي أولا ً, قلاية صغيرة منقورة في الصخر , تشرف على وادي الناقوط , ثم أنشأ له قبةً أو صومعة في لحف جبل القاف لا تزال عامرة ولكنها في غفلة من الزمن صارت في حوزة اليزيدية الذين جعلوها مزارًا لهم . وبعد وفاة القديس مار متى خلفه مار زكاي في رئاسة ديره وبعد أن أدى مهمته الروحية هذه توفي ودفن في ضريح خاص إلى جانب ضريح القديس مار متى .
** عاون مار زكّاي في إدارة الديراً , ثم تعاون مع الملكة أم الشهيد مار بهنام في إنشاء قبة الجبّ . وأنشأ في مكان يدعى كوخيوتو يومذاك وفي وادي جميل في الجهة الشمالية من جبل القاف هيكلاً فاخراً وديراً جميلاً عرف بإسمه حتى اليوم . ثم خلّف مار زكاي في رئاسة دير مار متى فشغلها حتى وفاته . ودفن في جوار مار زكاي في قبر خاص , أما ديره فانضوى إليه بعض الرهبان , ولا تزال أطلاله ماثلة .
*** انفرد مار دانيال في جبل عين الصفراء المجاور لبرطلي , وأنشأ ديره في بقعة جميلة من سطح هذا الجبل , وانضوى إليه جمهور من الرهبان , وظل موئلاً للنسك والعبادة أكثر من عشرة قرون , وعرف في التاريخ الكنسي بإسم الدير العالي لوجود دير آخر في لحف الجبل يسمى دير مار دانيال السفلي وكان خاصاً بالراهبات . وفي تضاعيف القرون الوسطى عرف بدير الخنافس أيضاً . وكما يقول ياقوت الحموي سمي كذلك لظهور الخنافس فيه كل سنة ثلاثة أيام إذ تسود حيطانه وسقوفه من الخنافس الصغيرة اللواتي كالنمل . فإذا انقضت تلك الأيام لا يوجد في تلك الأرض من تلك الخنافس واحدة البتة . فإذا علم الرهبان بمجيئ تلك الأيام الثلاثة أخرجوا جميع ما لهم فيه من فرش وطعام وأثاث وغير ذلك هرباً من الخنافس . فإذا انقضت الأيام عادوا . وله عيد يقصده أهل القرى في كل سنة مرة , ولا يزال عيده يحتفل به في برطلي في 20 تشرين أول , ولا تزال أطلاله ماثلة . أما الخنافس فما زالت تظهر في كل سنة على رسومه وأطلاله يوم عيده الواقع في 20 ت1 عند الإبتداء بصلاة التشمشت في نهاية القداس . أما أخباره فطمست منذ القرن الرابع عشر .
وقد صرف المرحوم الخوري الياس اشعيا همة فتمكن من استحصال قرار من محكمة التمييز العراقية في بغداد مؤرخ في 22 كانون الأول 1948 يقضي بأن هذا الدير وأراضيه وقف لملة السريان الأرثوذوكس .
-----------------------------------------------
- المصدر : تاريخ دير مارمتى : الأب إسحق سابا
-----------
- مشاهدة حية في زيارة لهذا الدير وشمال العراق كله برفقة العائلة مكثنا فيه عدة أيام مع أخذ الصور لكل هذه المعالم الأثرية .
لا تنسوا أصدقائي أحبتي أن تحملوا تاريخكم على ظهوركم أينما تشرّدتم وانتقلتم مع التحية
مريم نجمه
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟