أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (92) * ألآلهة بلا ألوهة !















المزيد.....

أديب في الجنة (92) * ألآلهة بلا ألوهة !


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 5200 - 2016 / 6 / 21 - 08:42
المحور: الادب والفن
    


أديب في الجنة (92)
* ألآلهة بلا ألوهة !
في سفح يخلو من الأشجار المثمرة ، وتكسوه نباتات مختلفة وشجيرات برية ، بدا الإله القاهر يتقدم زوجته الربة عناية ومئات من رجال منهكين كانوا يوما آلهة مساعدين له على بعض الكواكب والمجرات .. كانوا يرتدون أسمالا بالية على أجساد هزلت حتى أصبحت مجرد لحم على عظام ، وينتشرون باحثين بين الأعشاب عما يمكنهم أن يأكلوه، فيما كانت السماء تمطر رذاذا، وتنذر غيومها المزدحمة في الفضاء بعاصفة مطرية قادمة .. اقتطع القاهر خصلة عشب من نبتة برية وشرع في أكلها ، استطيب طعمها فأومأ بيده إلى الربة وهتف طالبا إليها أن تأتي لتشاركه الأكل من النبتة، مؤكدا لها أنها طعام خاص بالآلهة ! جاءت الربة واقتطعت خصلة من فروع النبتة وما أن لاكتها في فمها مستطعمة مرارتها حتى بصقتها وهتفت :
" طعام آلهة أيها الأحمق ؟ حتى المعز لا تأكلها "
ابتلع القاهر ما كان في فمه وهتف بصوت متلعثم :
" انت لم تتذوقي ريحان الآلهة من قبل لتعرفيه "
" ليست ريحانا أيها البائس، هيا قم لنبحث عن جرف أو كهف نلتجئ إليه فالسماء تنذر بعاصفة هوجاء "
ونظر نحو السماء ليرى غيوما سوداء قاتمة تحجب الفضاء:
" عاصفة ؟ الإله القاهر سيأمرها أن تتوقف يا امرأة "
" أيها الأحمق لم يبق من الإله القاهر إلا حماقتك وهزالك "
أرعدت السماء منذرة بمطر أكثر غزارة .زاد المطر من انهماره .. وقف القاهر ومد يده نحو السماء وصرخ بها :
" توقفي أيتها العاقة، من أمرك حتى تنهمري دون إرادتي ؟! وأنت ايها الرعد ليخرس صوتك إلى الأبد ، هل تتحدى الإله القاهر أيها الوغد؟ "
ازداد المطر انهمارا ليزداد القاهر غضبا وصراخا مشرعا يده اليمنى في وجه السماء تارة ويده اليسرى تارة أخرى صارخا بكل قواه :
" قلت لك توقفي أيتها العاهرة أنا الإله القاهر أخاطبك "
انصب المطر صبا . أخذت عناية بطرف ردائه وراحت تقوده عنوة نحو جرف صخري ،فيما كان ( الآلهة ) الآخرون يلتجئون إلى جروف وكهوف .. ظل القاهر يحاول الإفلات من يد الربة التي تجره من طرف ردائه وهو يتوعد السماء بالويل :
" سأجردك من كل سحابة تغطي عريك وأشقك إلى نصفين وأضرب بك الأرض، أيتها العاقة كتلك الملعونة التي تمردت علي وهامت حبا بعشيقها لتعلن معه الحرب علي "
تمكنت عناية من شحطه إلى الجرف والوقوف في مكان يقيهما المطر ، وقد ابتلت ثيابهما وراح الماء يقطر منها . وفي هذه اللحظات ظهرت في الفضاء مقصورة الأمير سحب السماوات والربة عشتار . وبدأت العاصفة تهدأ شيئا فشيئا . هتف القاهرمخاطبا عناية بينما كانت المقصورة تنزل نحوهما :
" أرأيت ؟ ها هي مقصورة عرشي تهبط إلينا والسماء تبدأ في إطاعة أوامري "
" هذه ليست مقصورة عرشك أيها الأحمق "
وفي هذه اللحظة كانت الربة عشتار تنزل من المقصورة يرافقها الأمير سحب ليحطا أمامهما .
توقفا في مواجهتمها . هتفت الربة " أبي " تأملها القاهر للحظات ليهتف:
" أنت أيتها العاقة ؟ سأجعل طيور السماء تنهش لحمك قطعة قطعة "
وبدت عناية وهي في غاية الدهشة لتهتف بكلمة واحدة " عشتار" ؟
دنت عشتار منها وعانقتها وهي تردد " أمي " ثم اقتربت من أبيها وضمت رأسه إليها وراحت تربت على ظهره وتردد:
" حسنا يا أبي دعك الآن من طيور السماء ، وهيا معي لتخرج من هذا الوضع المزري "
شرع القاهر في بكاء مرير وكأنه أدرك واقعه وعاد إليه بعض وعيه ، فاستسلم لها باكيا حزينا ذليلا !
أصعدته عشتار هو وأمها إلى المقصورة .
تساءل الأمير وهو ينظر إلى عشرات الآلهة الذين كانوا يتقوقعون أمام الجروف والكهوف وقد فقدوا ألوهيتهم :
- ماذا سنفعل بهؤلاء البائسين ؟
- أظن أن هذا حكم الله فيهم حين لم يقدروا مقدارالألوهة التي وضعها الله في أجسادهم .
قادت إجابة الربة الأمير إلى أن يذهب بخياله إلى فلسفة أبيه التي غدت فلسفته، تساءل :
- إذا كانت هذه هي حال الآلهة حين يفقدون ألوهيتهم ، فما الذي ستكون عليه حال الإنسان إذا ما افتقد الألوهة السارية فيه ؟!
- سيكون هراء ونفاية يا حبيبي !!
- وربما يكون وحشا ، كما هي حال بعض البشر اليوم ! مع احترامي للوحوش !
وأردف:
- ألن نفعل لهؤلاء شيئا ؟
- لنمنحهم بعض الطعام إذن ، وآمل أن يرضى الله عن عملنا !
وأشارت الربة بيدها في الفضاء وإذا بموائد من الطعام تنزل عليهم . وأشارت إلى أمها وأبيها وإذا بهما يرفلان بملابس جديدة ومائدة طعام تنبعث أمامهما . هتفت :
- والآن يا حبيبي ؟
- إلى حيث أبي وأمي وزوجتي يا حبيبتي !
******
كانت ليلة حافلة التقى فيها الأحبة واحتفلوا بعودة الأمير سحب السماوات . فصدحت الموسيقى ورقصت الحوريات وترنمت المغنيات بأجمل الإغنيات .
أفرد الأمير جناحا خاصا في القصر إلى الإله القاهر والربة عناية ، غير أن الإله حين عاد إليه بعض وعيه لم يستطع تحمل الحال التي وجد نفسه فيها مجردا من ألوهيته ومن كل شيء حتى جنيته ، مجرد إنسان بسيط للغاية يحتاج إلى من يساعده في كل شيء ،فآثر الإنتحار بأن غرس خنجرا في قلبه .
أقيم له جنازة متواضعة لم يشارك فيها إلى الربة عشتاروالربة عناية والملك لقمان والملكة نور السماء والأمير سحب السماوات ، وبعض أبناء الجن والإنس.
الأمير سحب السماوات وجد نفسه في حيرة بين محبته لزوجته الأميرة فتنة النهار ومحبته للربة عشتار . فجمعهما في خلوة وطلب إليهما أن تنظرا معه في الأمروتجدا حلا له لعلهما تخرجانه من حيرته . ابتدرت الأميرة فتنة النهار الكلام . قالت :
" فرحك هو فرحي يا حبيبي وحبك هو حبي، فلا أستطيع إلا أن أحب من أحببت ،وأهيم بمن همت به ، لتكن الربة عشتار زوجتك إلى جانبي ولتكن أول أمير وإله يتزوج من ربة وأميرة "
وقالت الربة عشتار :
" أشكرك أيتها الأميرة لنبل مشاعرك ، لقد اختطفت منك الأمير على يدي أبي في المرة الأولى وجعلتك تعيشين في حزن لأيام طوال ، فلن أختطفه منك مرة ثانية حتى لا تعودي إلى أيام حزنك . فاهنأي يا عزيزتي بحبك للأمير ، وكوني له زوجة وفية مخلصة، ويكفيني أن أكون صديقة لكما، أفرح لفرحكما ،وأحزن لحزنكما ،وأبعد الأخطار عنكما مهما وجدت إلى ذلك سبيلا "
لم يصدق الأمير أن المسالة ستحل بهذه السهولة . فعانق الربة والأميرة وشرع في تقبيلهما معا . وأفرد جناحا من أجمل أجنحة القصر للربة .
هذا ما كان من أمر الأمير سحب السماوات والربة عشتار وزوجته الأميرة فتنة النهار . أما ما كان من أمر الملك لقمان فكان مسألة أخرى لا يمكن للعقل أن يتصورها . فقد غدا الصراع في دخيلة الملك على أشده ، بين الملك الذي يريد محمود شاهين أن يكونه في شخص الملك لقمان ، وبين الملك الذي لا يريد الملك لقمان له أن يكون محمود شاهين . ولم يكن هناك من قوة قادرة على حل هذا الإشكال الفظيع ، فاختار الملك طريقا ثالثا تنقذه من الوضع بأن لا يكون أحد الإثنين !!
***
يتبع الفصل (93) والأخير من الملحمة .



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أديب في الجنة (91) * حرب الآلهة الكونية !
- * ترقبوا - حرب الآلهة الكونية -!
- أديب في الجنة (90) * المحبة المطلقة في إله مطلق المحبة !
- أديب في الجنة (89) * حرب الآلهة على الأبواب !
- أديب في الجنة (88) * صرخة الربة عشتار في ذروة الوصال !!
- أديب في الجنة (87) * ثمة أمل في نجاة سحب السماوات من براثن ا ...
- أديب في الجنة (86) * خطف سحب السموات !!
- أديب في الجنة (85) * حديث الروح في بوح الملك إلى الأمير!
- محنة العقل العربي ونفايات القمامة !!
- أديب في الجنة (84) تحليل أميري للتمظهر الوهمي !
- أديب في الجنة (83) * غرام ممتع وجنون فلسفي !!
- أديب في الجنة (82) * الملك لقمان طريح الفراش !
- صلاة الأطفال والمستقبل المرعب! شاهينيات ( 1256)
- أديب في الجنة (81) * هذيانات وكوابيس لقمانية !
- أديب في الجنة (80) حرب طاحنة وسحب سماوية !
- الدين والعقل البشري! خواطر . تأملات . مقولات ومقالات. (5)
- في الجميل والأجمل ! شاهينيات ( 1241)
- تعريف المصطلحات في مذهب - وحدة الوجود الحديث- شاهينيات ( 124 ...
- واحسرتاه على الطفولة القتيلة !
- *في الألوهة وتعريفها وفعلها ! شاهينيات ( 1229 )


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (92) * ألآلهة بلا ألوهة !