عاطف الدرابسة
الحوار المتمدن-العدد: 5200 - 2016 / 6 / 21 - 08:40
المحور:
الادب والفن
قلتُ لي :
لا تُفَتِّش عن الحريَّةِ بينَ رُكامِ القيودِ ؛ فإنِّي أخشى عليكَ أن تقعَ أسيراً بينَ أنيابِ الحريَّةِ ، فالحريَّةُ تبدو لي في أبشعِ معانيها قيداً كبيراً .
إنِّي أتخيَّلكَ تعيشُ صراعاً بينَ إرادتينِ : إرادةِ العقلِ وإرادةِ الإيمانِ ، بل إنّي أراكَ تائهاً بين حريَّتينِ : الأولى صاغَها البَشرُ والأخرى صاغَها الإلهُ .
كم قلتُ لكَ يا صاحبي : مهما فعلتَ لا يُمكنكَ أن تخرجَ من قانونِ الحَتميَّةِ ، فثمةَ أشياءٌ لا يُمكنكَ التوفيقَ بينها ، فإذا خرجتَ من دائرةِ الحتميَّةِ وقعتَ في دائرةِ الاعتزالِ .
عفواً اسبينوزا ما زلتُ إلى الآن أبحثُ عن جوابٍ لسؤالكَ : لماذا يناضلُ الشعبُ من أجلِ عبوديَّتِهِ كما لو كانت هي الحرية .
لِحيَةٌ بلونينِ :
أسودَ وأبيضَ ..
وغطاءُ رأسٍ كأنَّه الشال ..
وثوبٌ قصير ..
وأحاديثُ مُسنَدَةٌ وغيرُ مُسنَدَة ..
بعضُها حَسَنٌ وأغلبُها ضعيف
وآياتٌ مُتَشَابهات
ومجتمعٌ جاهلٌ وفقير
ومِنبرٌ وكتاب ..
وغطاءٌ سياسيٌّ وتمويل ..
وعقولٌ مُهيَّاةٌ للتدمير ..
يخرجُ القطيع...
يحملُ سيوفَ الظلامِ ويهتفُ :
ها نحنُ ندخلُ عصرَ التنوير ..
كم قلتُ لكَ أنَّنا ما زِلنا نعيشُ حالةَ الانقطاعِ المعرفيِّ ، وما زلنا في صراعٍ أبديٍّ مع دِينٍ لا يشبهُ الدِينَ ، ومع أُصولٍ ما كانت يوماً أُصولاً ، ومع جذورٍ ترضعُ من تربةٍ خبيثةٍ والخبيثُ لا يطرحُ إلا الخبيثَ .
ما زلتَ تستظلُّ تحتَ العاصفة
تقتاتُ على بقايا العصورِ المُعتِمَة
بينك وبين السماء ألفُ سقفٍ
وهذه الأرضُ مقبرة
أمَا تعبتَ ؟
أمَا يئستَ ؟
ارفع قلمكَ ..
لا توجد يا صاحبي في هذهِ الحياةِ حقيقةٌ مُطلَقة ..
د.عاطف الدرابسة
#عاطف_الدرابسة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟