حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 5198 - 2016 / 6 / 19 - 20:22
المحور:
الادب والفن
وداعا أم الدنيا وإلى زيارة أخرى .
جمعت حقائبي ولملمت حوائجي وحاجياتي وودعت أهلي وأحبائي، وإستقلت الطائرة عائدا إلى وطني وموطني المغرب الحبيب ، تاركا مصر أم الدنيا لأهلها الأفاضل ، أفاض الله عليهم من أمنه وأمانه وخيره وخيراته ، ومودعا قاهرتهم بحاراتها الغاصة بزحام زائري أسواقها الزاخرة بالنعم والخيرات التي يفيء عليها به نيلها العظيم من وافر الخيران النعم، ما جعل منها حاضرة الدنيا وبستان العالم ، كما قال ابن خلدون ، ومحشر الأمم ، ومدرج الذر من البشر، وإيوان الإسلام وكرسي الملك، تلوح القصور والأواوين في جوها ، وتزهر الخوانق* والمدارس بآفاقها، وتضئ البدور والكواكب من علمائها ، و كما روى عنها قاضي الجماعة بفاس، وكبير العلماء بالمغرب عندما سأله ابن خلدون : كيف هذه القاهرة؟ فقال: من لم يرها لم يعرف عز الإسلام ، وكما حكي الشيخ أبا العباس بن إدريس كبير العلماء ببجاية ، إجابة عن نفس السؤال : كأنما انطلق أهلها من الحساب، يشير إلى كثرة أممها، وأمنهم العواقب. وكما قال فيها الفقيه القاضي أبو القاسم البرجي عندما سُئل عنها وهو في حضرة الســـلطان أبي عنان: أقول فى العبــارة عنها على سبيل الاختصار : إن الذى يتخيله الإنسان فإنما يراه دون الصورة التى تخيلها، لا تساع الخيال عن كل محسوس، إلا القاهرة ، فإنها أوسع من كل ما يتخيل فيها؛
فوداعا يا من كانت جوهرة الدنيا في العصور الوسطى، جسب شهادة من زارها ومنذ أكثر من ستمائة عام، كابن خلدون و قاضي الجماعة أبا عبد الله المقرمي والشيخ أبا العباس بن إدريس والقاضي أبو القاسم البرجي ، وستظل بحول الله ، قلب الأمة العربية، ودرة تاجها ، رغم كيد الكائدين ، وتآمر المغرضين. وإلى اللقاء مرة أخرى إن بقي في العمر مدد !!
الحواشي: *: الخوانق هي مساكن الصوفية المنقطغين للعبادة وأعمال الخير ومفردها خانقاه
حميد طولست Hamidost@hotmail.com
#حميد_طولست (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟