هيثم بن محمد شطورو
الحوار المتمدن-العدد: 5198 - 2016 / 6 / 19 - 16:55
المحور:
الادب والفن
" ايتها الآلهة. كيف ستمزقـني روحي بين يديك؟ لماذا أتيت اليك؟ و ما هو السر الذي جعلني أمتـثل بين يديك؟..
كنت طوال حياتي لا أعـتـقـد فيك فليس لي ان أعـتـقـد في شيء أعـظم من عظمتي. كنت اراك عبثية مجنونة يؤمن بها اناس مجانين مجبولين على حب الطاعة و الخضوع. كنت رفـقة فكرتك أطعمهم مذلة و خضوعا ليطمئـنوا من مخاوفهم..
ما هذا؟ يدي مفكـكـتين و لكني لا أقـدر على تحريكهما. هل ترددان صدى آلاف الاسرى و السجناء و الضعفاء اللذين كانت سلاسلي تكبل ايديهم و ارجلهم؟
روحي خانعة مستسلمة دون ان أرى جنودك أو ألمح سيوف زبانيتك او أسـمع صهيل خيولك..ما الفرق بيني و بينك؟ اوه..كلنا نعـشق القوة و السيادة.. كل منا استوى على عرشه.."
يضحك ثم يقهقه حتى تدمع عينيه ثم فجأة يسكت و يرجع الى جادته الهازلة. يقول و هو ينظر الى شيء معين بالذات لا يمكن رؤيته. يقول :
ـ الفارق كبير جدا.. بل انا هرقل الروم. عظيم مصر و مجد بابل. انا ملك العالم و انت إلاه. دوما الآلهة اصغر شانا منا. ما هي إلا تكتيك سياسي استراتيجي مخل بالأخلاق الانسانية لأجل السيادة و الاستعباد. نحن نريد ان نملك..فقط و لكن دون حدود.. كنا نخترع الاها حسب هذه الاستراتيجيا..
حينها احس بكل شيء يهتـز. ارتعب و تملكه الذعـر. ثم صاح صارخا:
ـ حتى الآلهة تـزعجها الحقائق ام هي روحي تـتعـذب؟
انـتهى الاهتـزاز. رجع كل شيء الى سرمديته المطمئـنة الهادئة.
ظهرت امرأة فائـقـة الجمال. تملكته نـشوة تعـظيم ذاك الجمال و سجد امامها و هو يسبح بأمر ربها. اذاك هاجمته النساء المختطفات من بيوتهن و القـتيلات بعد اغتصابهن من جنوده، و انه رأى التهام الاجساد الملطخة بالدماء..
رأى نـفـسه يهتـز فوقهن فاحتـقـر نـفـسه. رأى نـفـسه عاريا فاحتـقـر نفسه... تملكه الذعر و الاهتـزاز.. تساءل فارتسمت كلمات في ذهنه: انه الحساب..
غاب الطيف. سادت الظلمة المكان...
قط أبيض وديع يزور البيت بانـتـظام. يجد الاكل دوما. فتاة شقراء من سكان المنزل تحبه و تحرص دوما على تجهيز الطعام للقط الابيض الوديع.. كانت تطمئن اليه دوما.. فجأة هجم القط بمخالبه على ساقيها. هرب القط لصراخ الفتاة المذعورة. يـقـفز في الشارع مذعورا مندفعا بجنون في خط متراقص حتى تمكنت عجلات سيارة من سحقه على جانب الطريق..
كانت الفتاة تهرول وراء القط في الشارع بقميص نومها القصير مثيرة الدهشة. كم كانت فاجعتها كبيرة حين رأت راس القط الابيض الوديع منطبعا تماما على اسفلت الطريق.. كانت تبكي و تـقول:
ـ اوه يا هرقلي الجبار كم كانت ترتعد لسماع اسمك القلوب..
كانت نحيفة جدا و متوحدة بين كتب التاريخ و قصص الآلهة.. طيبة جدا كانت.. إلا انها تعشق هرقل..
#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟