أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد هديب - رسالة الى ولدي















المزيد.....

رسالة الى ولدي


ماجد هديب

الحوار المتمدن-العدد: 5197 - 2016 / 6 / 18 - 22:42
المحور: الادب والفن
    


رسالة الى ولدي
ماجد هديب
لا إخَالُكَ تجهلُ يا ولدي بِأَنَّ اللَّهَ رَفَعَ الناسَ بعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ, حيثُ قَدَّرَ من بَلَغَ فِي العِلْمِ قَدَراً وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ, كما أحسبُكَ تعلمُ يا ولدي أن في الأرضِ حياةَ, فَإِمَّـا سعادةُ فيها وإما تعاسةٌ ولله الأمرُ هُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَأوَاتِ, هو الحافظُ لحياةِ الناس وَالولِيُّ لكل مَنْ خرجَ الى حياةِ النور بعد أن كانَ في تيهٍ وظلماتْ ,وهو الذي يُذِلُّ كل من هجر الدين والأوطان بحثاً عن لذةِ الحياةِ والشهواتْ.
وأُعلمُ يا ولدي وأنتَ الأَكْثَرُ إِدْرَاكَاً بأنه لا يمكن أن يسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونْ, كَمَا أَنِّي لا أجهلُ ايضا بأنكَ في مقدمةِ من يعلمْ تسعى لأن تكونَ ,ولكن ما وَدِدْتُ تذكيركَ به يَا بُنَيَّ بأننا ضحايا ما لم نكن دون علمٍ ولا أدبٍ أو هداية, اَللّهُمَّ إبعدنا وإياك عن هؤلاء الذين لا يهتدونْ, وهذا ما جعلني انظرُ اليك وأنت تسهُر الليالي تقرأ فيها بجدٍ من أجل التفوق والتميز بنظرةٍ مـِلـؤهـا الإشْـفـاقُ, بلْ بالشكِ ايضاً وبالظنونْ, لأننا في بلدٍ يجعلُ من كل ناجحٍ مثابرٍ مثاراً للشفقة ,فلا مكانَ للنجاح والتميزِ بيننا لأننا يا ولدي الى المجهولِ نحن ماضونْ, ليس هرباً من احتلالٍ فقط ,بل ِمن انقسامٍ اسودَ حاقدٍ ومجنونْ.
آه بُنَـيَّ لو تعلم ايضا كم كنتُ في تيهٍ بسببكَ وخِزْيٌ منك والأسبابُ في ذلك يا ولدي قد تعدَّدتْ ,وأكثرها خزياً عندما كنتُ أدخلُ خلسة لأطمئن عليك وأنت تتأهب لامتحانات الثانوية العامة فأجدُ ان الآلامُ في مكان اصابتك قد تَجَدَّدَتْ, والأكثر تيهاً يا ولدي ان إجراءات سفر علاجك بسبب المعابرِ قد تَعَثَّرَتْ, فقد كنت عاجزاً أن أجعلك دونَ ألمٍ فواللهِ يا بُنَـيَّ لو شعرتْ الارضُ بخًفقًــآنِ قلبي حنواً عليك وأنت تسهرَ الليالي تقرأ فيها متألماً لتَصَدَّعَتْ, ولو سمعت السماءُ دقات قلبي وهو يرتجفُ خوفاً عليك لتَشَقَّقتْ,ولو علمت البحارُ بما في القلب من تفكيرٍ فيه مدٍ وجزرٌ لتَفَجَّرَتْ ,فأي سعادةٍ تلك هي التي سأشعر بها فيما لو تَفَوَّقَتَ بدراستك وانت تتألم وتميزت ايضا على كل المُتَمَيِّزينْ ,فنحن يا ولدي مُجْتَمَعٌ فَاسِدٌ غَيْرُ صَالِحٍ يُسيطرُ عليه مُضْطَرِبٌون وبنا يُقامرون ,والفاسدُ يا ولدي متقدمٌ بعلمه ,لكنه هو كالجاهلُ الذي لا يكتب ولا يقرأ ,والمقامر يا ولدي يظن بأن الله قد أرسل اليه ملاكاً ليسمع منه ما يحفظ من سورةِ إقرأ..
آهٍ يا ولدي لو تعلم كم دعونا اللهَ أنْ تَخْشَعَ قُلوبُهُمْ ولكنهم لا يهتدونْ ,ألا أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ, قُلُوبِهِمْ مسودةٌ وهي غُلْفٌ ,وعن معاناتنا وما نحن فيه من ذلٍ يتعامون ,فكم من حربٍ جلبوها لنا ؟,كم من دمارٍ ايضاً؟, ولكنهم بنا لا يأبهونْ ,فما زالوا يعتقدون انهم بأمرٍ من السماء يحكمونْ ,ففتقوا أذاننا بشعاراتِ المقاومة ِ والاستشهاد ألا إنهم لا بمقاومةٍ ولا بسلامٍ يؤمنونْ, فلا عملَ منهم فيه مقاومةٌ ولا نراهم نحو المفاوضات او السلام يسيرونْ,ولكن إعلم يا ولدي بأن اللهَ يزيدهم غياً وظلماً ليزدادَ بينهم القتلةُ والمفسدةُ وليزداد معهم الجاهلونْ ,فاللهُ خالقهم والعالمُ بهم وهو ُمخرجٌ لكل ما في صدورهم وما يكتمونْ ,فما عادوا يا ولدي كما كانوا منا وفينا ,وما عادوا بخلقِ الله يتفكرونْ ,فهم صمٌ عن كلام الله ,بكمٌ عن قول الحق وهم عميٌ لا يرونْ.
هل علمتَ يا ولدي لماذا كنت أشفقُ عليك الآن؟,لماذا كنت في حسرةٍ على ما تبذله من جهدٍ لتكون في مقدمةِ من يتميزونْ؟,فنحن يا ولدي لا نعلم الى اين نحن مع هؤلاء ماضونْ, وهل ستكون معنا؟ هل ستعيش بيننا ؟, وهل ستبقى تحت راية من اصبحوا عن كتاب الله معرضينْ, وهل ستتعلم في جامعاتنا ونحن ما عدنا نفرق بين ظالم قاتلٍ ودم مقتول مغبونْ ؟,والقاتلُ يا ولدي هو الحاكمُ وهو من جعلَ القاتلَ والمقتول يتساوونْ ,ومن تَمَرَّسَ الطبابةَ يا ولدي أو يُدرِّسها ما عادوا بين الانسانية والمهنية او الجشع يُميزونْ , والقاتلُ والمقتول أمام من يُطبق القانون ويحفظُ الأمن متساوونْ , ومن يفتي يا ولدي وجعلناه قدوةً لنا قد اصبح صوته يصدح على المنابر فرحاً وتهليلاً على هم من منا وفينا في الساحاتِ يُقتلونْ ,فهل هؤلاء يا ولدي رجال دولة أو دينْ ,وهل هؤلاء ُسينصرونْ؟ .
صحيحٌ يا ولدي بأن اللهَ ليس غافلاً عنهم ويعلمُ من يعمل بآياتهِ ومن يُعرض عنها ومن هم فيها مؤمنونْ ,ويعلمُ كل من أوفى بعهده ومن يحنث بهما ايضا ومن هم بآياتِ الله يستخفونْ ,ولكن إياك يا ولدي أن تبقى بين هؤلاء ,فلا تعش بينهم ومعهم فهم فتنة في الأرضِ ,وهم للتاريخ والجغرافية ايضا يسيئون ,وبين المرءِ وزجته ِ يُفرقون وبالعلاقة ما بين الأب بإبنه يفتنون ,فهل يمكن لهؤلاء أن يُنصرونْ؟, ألا إنَ خزي الدنيا لهم وذلَ الآخرةِ ايضا وحتما مع أشدِ الناس كُفراً سُيحشرونْ ,لأن الله يزيدهم غياً وهم لا يشعرونْ وسَيلعنهم الله كما يلعنَهم كل اللاعنينْ ,فهم اشدُ الناس ظلماً وخصاماً وأشدهم عناداً مع المتقينْ, أوليس هم من تسببوا بهجرة الناس وانتحارهم؟, اوليس هم ايضا ما عادوا بين يدي الله قانتينْ؟, وما عاد القتالُ في سبيل الله ولا من أجل الأوطان بل رِئاءً للنَّاسِ وما عدنا بالتحرير والإستقلال آبِهينْ.
أيّ بُنَـيَّ.. اُهرب, ولا تعش بيننا ,حتى لا تلتحقَ مثلنا بركب المُسْتَعْبَدينْ, فيكفينا ما نحنُ فيه ,فلا نريد اعداداً تتصاعد من اليائسين والبائسين ,اُهرب يا ولدي واهجرنا كما هاجرَ أحبةَ لنا هرباً من كل ظلمٍ وجهل, من كل قسوةِ الحياة, ومن أفعال الحاقدينْ, فلم نعد نفرقُ بين حقٍ وباطلْ ,وما بين جهلٍ وعلم ,وما بين دينٍ ودينْ, وخُـذْ عَنّـِي بعضاً منِّـي فلا يغرنك اني تائهٌ بسببك وحائرٌ من أجلك فوالله ما زلت صلباً لا يلينْ.
أقبل يا ولدي على عِلْمٍ نَافِعٍ وقراءةِ كل ما يفيدْ, وتجنَّبَ ما لا ينفع وأسلك كلَ دربٍ فيه علمٌ جديدْ, وأجعل من عِلْمَكَ وأخلاقكَ تماماً كالنهر الذي يفيضْ, وحافظ على وعُودِكَ للغير وعنها إياكَ ثم إياكَ أن تحيدْ, وتزوج بمن تحب فَلَا زواجَ دون حبية يكون سعيدْ, فالساعاتُ يا ولدي هي نفسُها لا تنقصُ ولا حتى تزيدْ ,وكن ليناً في علاقاتك ولا تكن صلباً كالحديدْ, وإياكَ أن تتهورَ برأيٍ ولا يكن صوتكَ شديدْ, ولا تقف مع صديق دون آخر, ولا تستخدم تهديدٍاً أو وعيدا, ولا تغضب, وان فعلتَ فليكن غضبك كالجليدْ, ولا تخلط جدٍ بهزل وكن حراً ولا تكن مُطأطِئَ الرأسِ كما هم العبيدْ, وأقللْ من مخالطةِ الناس تزددْ حباً ووقاراً ورأيك عندهم يُصبح سديدَ, وأنفق يا ولدي بلا تبذيرٍ حتى لا تحتاج لأحدٍ ولا تألوا بذلك جهداً جهيدْ, وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا يا ولدي الاَّ علمٌ ومالُ وصحةٌ ففيهم العيش الرغيد, وأما تاريخُك يا ولدي فلا تغمضْ عينَك عنه أو تحيدْ, ودينك يبقى دينَ الحقِ دينَ العدلِ فانظر الى الماضي التليدْ.



#ماجد_هديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جَرْذٌ يَطَلُّ بِذَيْلِهِ
- أيها الشباب...تبا لكم
- الإعلام الأمني الفلسطيني(2)
- الإعلام الأمني الفلسطيني
- حماس.. إعلام بلا قانون
- الأمن والإعلام الفلسطيني غياب المهنية وانعدام الإحترافية
- الإنتحار في غزة حالة ظاهرة ام عابرة؟
- برقيتي الى الرئيس محمود عباس -غزة تناديك- بقلم:ماجد هديب
- بيكفي يا دنيا
- الفلسطينيون الى أين؟
- بيان إلى الرأي العام الفلسطيني الرئيس في خطر فهل من شبكة أما ...
- ردا على تصريحات محمود الزهار لا لعسكرة الانتفاضة
- اللَّهُ أَكبَرْ
- لا صوت يعلو على سيل الدم
- لِنعْتَرِفْ بِخِيَانَتِنَا لِيَاسِرعَرَفَات بقلم:ماجد هديب
- الأمن الإعلامي الفلسطيني بين النظرية والتطبيق (3)
- الأمن الاعلامي الفلسطيني بين النظرية والتطبيق (2)
- الأمن الاعلامي الفلسطيني بين النظرية والتطبيق (1)
- مجلس تشريعي ام ترويعي والى متى؟
- فِي الذِّكْرَى الْخَامسَة وَالْعِشْرُون لإغْتِيالِه الى شَقِ ...


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد هديب - رسالة الى ولدي