|
هل أسكرت خديجة أباها لتتزوج من محمد؟
احمد القاضي
الحوار المتمدن-العدد: 5197 - 2016 / 6 / 18 - 20:35
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل أسكرت خديجة أباها لتتزوج من محمد؟
يقال أن طابخ السم ذائقه...ففي شهر مارس الماضي، تناقلت الصحف والسوشال ميديا [سائط الإعلام الإجتماعية] خبرآ تناكرته الآذان والأعين للمكانة الدينية، التي يحظى بها المعنيّ بالخبر في مصر، وربما في بلدان إسلامية أخرى...يقول متن الخبر، الذي إنتشر كإنتشار النار في الهشيم، أن واحدآ من أولئك المحامين المتسكعين المتبطلين، رفع دعوى قضائية ضد الشيخ محمد حسان شيخ شيوخ السلفيين في مصر، بتهمة إزدراء الأديان...يا للهول! وجناية الشيخ محمد حسان، أنه قال الحقيقة كاملة، دون أن يقصد بالطبع...فقد روى تفاصيل الخدعة، التي دبرتها سيدة الأعمال الثرية خديجة بنت خويلد لتتزوج من قثم (محمد) بن عبد الله، الذي كان واحدآ من المستأجرين لديها، ويعاني من الفقر المدقغ؛ حيث ذكر إبن سعد في طبقاته الكبرى، أن أبا طالب قال لإبن أخيه محمد::[أنا رجل لا مال لي، وقد إشتد الزمان علينا] [ يا بن أخي قد بلغني أن خديجة استأجرت فلانا ببكرين ولسنا نرضى لك بمثل ما أعطته فهل لك أن تكلمها قال ما أحببت فخرج إليها فقال هل لك يا خديجة أن تستأجري محمدا فقد بلغنا أنك استأجرت فلانا ببكرين ولسنا نرضى لمحمد دون أربع بكار قال فقالت خديجة لو سألت ذاك لبعيد بغيض فعلنا فكيف وقد سألت لحبيب قريب]
تخطب أجيرها لنفسها
ومن الواضح من سياق القصة إنها كانت ذات جرءة وإستقلالية، إذ عرضت نفسها على أجيرها محمد للزواج، بالرغم من فارق السن، حيث تكبره بخمس عشرة سنة...وتعلم أنه بحاجة شديدة للمال، وإلى من يحنو عليه ويضمه بين جناحيه...وقبل أن نمضي إلى رواية مكرها بأبيها، دعونا نقف عند رواية إبن سعد في طبقاته، كيف خطبت خديجة محمدآ لنفسها، وجست نبضه في ما إذا كان يوافق على الإرتباط بها، إذ أرسلت إليه سرآ إمرأة تدعى نفيسة بنت منية، او حسب تعبير البلاذري في كتابه "جمل من أنساب الأشراف" [فدست الى رسول صلى الله عليه وسلم من عرض عليه أن يتزوجها، فرغب في ذلك] انظر دقة التعبير في {فدست}.... ودار بينهما الحوار التالي حسب "الطبقات الكبرى:: قالت له:"ما يمنعك أن تتزوج" فقال لها " ما بيدي شئ" أيّ معدم خالي الوفاض، فقالت له "فإن كفيت ذلك، ودعيت للجمال والمال والشرف والكفاءة ألا تجيب" فقال:"من هي؟" قالت:"خديجة" فقال:"كيف لي بذلك؟" فقالت:"عليّ" فقال:"أنا أفعل" فإنطلقت لتخبر خديجة...والملاحظ في هذا الحوار إنها لم تقل لمحمد أن خديجة أرسلتها لتخطبه لها، بل طرحت الأمر كما لو كان إقتراحآ منها...ولا شك أن ذلك كان مقاصة رابحة، فيتيم بني هاشم، الذي وافق بلهفة ، مع علمه بإنها في الأربعين من عمرها وترمّلت مرتين، ربح الأمان المالي بعد شقاء طويل...أما هي فقد كسبت من تلك المقاصة، زوجآ فتيآ في الخامسة والعشرين من عمره...فبالمال يستطيع المرء أن يشتري ما يريد. فهذه المقاصة لا تعد مقاصة في نظر الشيخ حسان ..كما أن مكرها بأبيها لتتزوج بمحمد لا يعد مكرآ في نظره...فكل ما في الأمر، حسب كلمات الشيخ حسان في التسجيل الصوتي إنها:{تريد أن تصنع كل شئ، وأيّ شئ، لتنال هذا الشرف من الزواج بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم}....ولا ندري أيّ شرف سينالها من الزواج بشاب فقير معدم رقيق الحال أجير لديها، كان نكرة حينها، ولم يشتهر إلا بعد إدعاء النبوة...ولكنه ترديد الكليشهات بدون فهم بطريقة ببغائية...وعلى العكس، فإن زواجها به، أدى إلى إفلاس تجارتها بعد أن إدعى النبوة ، بعد خمس عشرة سنة من الزوج، وقاطعت قريش تجارتها.
تزوير إرادة الأب
وقصة خديعة خديجة لأبيها لتتزوج بمحمد، والتي قادت الشيخ حسان الى المحكمة بتهمة إزدراء الأديان، وردت في العديد من كتب الإخباريين...وهناك مرويات مضادة تكذّب القصة، وتزعم أنه لا أساس لها من الصحة، بدعوى أن والد خديجة كان قد توفى قبل حرب الفجار،التي إندلعت بين قبيلتي كنانة وقيس عيلان، ومحمد حينها في الرابعة عشر او الخامسة عشر من عمره.....وان من زوّجها بيتيم بني هاشم هو عمها عمرو بن أسد...غير أن الشيخ حسان قال في تسجيله الصوتي، إن روايته من [مسند أحمد] وتتمتع بأقوى الأسانيد على خلاف المرويات الأخرى، التي يعتريها الضعف في الإسناد على حد قوله. والقصة كما وردت في "مسند أحمد" [[حدثنا أبو كامل حدثنا حماد بن سلمة عن عمار بن أبى عمار عن ابن عباس فيما يحسب حماد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر خديجة وكان أبوها يرغب عن أن يزوّجه فصنعت طعاما وشرابا فدعت أباها وزمرا من قريش فطعموا وشربوا حتى ثملوا فقالت خديجة لأبيها إن محمد بن عبد الله يخطبني فزوجني إياه فزوجها إياه فخلعته وألبسته حلة وكذلك كانوا يفعلون بالآباء فلما سري عنه سكره نظر فإذا هو مخلق وعليه حلة فقال ما شأني ما هذا قالت زوجتني محمد بن عبد الله قال أنا أزوج يتيم أبي طالب لا لعمري فقالت خديجة أما تستحي تريد أن تسفه نفسك عند قريش تخبر الناس أنك كنت سكران فلم تزل به حتى رضي]]...فخديجة هنا مكرت بأبيها وخدعته ووضعته أمام الأمر الواقع...فعندما رغب عن [أيّ أعرض] ان يزوجها بمحمد اسكرته، وطلبت منه ثانية ان يزوجها بمحمد وهو تحت وطأة السكر فوافق وزوّجها به....وحين أفاق من سكرته ووجد نفسه متطيبآ ويلبس حلة، صاح ما الأمر؟ فاخبرته بإنه زوّجها بمحمد، فإستنكر ان يكون قد زوّجها بيتيم بني هاشم...وهنا أخذت تمارس الضغط عليه، بتخويفه بالعار، الذي سيلحق به، إذا قيل لقريش أنه وافق وهو سكران، وتراجع عندما أفاق، فرضخ وقبل بالأمر الواقع....ويذكر إبن سعد في رواية أخرى بـــ{الطبقات الكبرى} أن والد خديجة عندما أفاق من سكرته وادرك ما حدث حمل السلاح غاضبآ، وحمل بنو هاشم السلاح بدورهم قائلين ما كانت لنا فيكم رغبة، ثم إصطلحوا {{ فغضب وأخذ السلاح وأخذ بنو هاشم السلاح وقالوا ما كانت لنا فيكم رغبة ثم انهم أصطلحوا بعد ذلك}} أ. هــ....إنها قصة تكشف جانبآ من أغوار تلك الشخصية ، التي ترسمها المرويات الدينية الإسلامية بخطوط مثالية ملائكية، وبأنها الموعودة في الجنة من موزّع صكوك الجنة محمد بــ(بيت من قصب لا نصب فيه ولا صخب) ولا ندري ما هي قيمة بيت القصب، أم هو لزوم السجع
الرواية في مرمى النبال . وقد هاجم عدد من الشيوخ، خاصة أولئك، الذين ينتمون لحركة الأخوان المسلمين، كالشيخ الأزهري المعمم سلامة عبد القوي، الذي يعمل في إحدى القنوات الإخوانية، التي تبث من تركيا، وفيها حاول دحض الرواية، التي أتى بها الشيخ حسان عن مكر خديجة بأبيها قائلآ: أن إسنادها ضعيف، ومنحازآ للأراء التي تذهب إلى تغليط الرواية، كرأي الواقدي الذي يرى أن والد خديجة توفى قبل حرب الفجار... وأكثر من ذلك، طالب الشيخ محمد حسان، بأن يخرج بفيديو او تصريح يؤكد فيه، أنه وقت إذاعة تلك الخطبة عن قصة تزويج السيدة خديجة كان يجهل، أن الرواية إسنادها ضعيف، قائلآ والكلام مأخوذ من الفيديو [عشان خاطر السيدة خديجة وعشان خاطر البيت النبوي لحبيبنا صلي الله عليه وسلم] ومضيفآ{ وحتى لا يأخذ أحد من المشككين والطاعنين في سيرة وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الروايات من لسانك ويصدرها بأن المجلس، الذي انعقد فيه نكاح النبي بالسيدة خديجة، كان مجلس خمر، وان الناس دي كان طبيعتهم الغش والتدليس..}أ.هــ....تأمل..وكأن الطاعنين والمشككين ينتظرون الشيخ حسان وأمثاله ، أن يكشفوا القبح الذي يعتور الإسلام وتاريخه الدموي. نافح الشيخ محمد حسان عن الرواية، التي أتى بها في فيديو صادر بتاريخ 18 أبريل 2016 م...فعلى صعيد الاسناد قال:[وإنما اسندت الرواية، وإلى من؟..إلى الامام أحمد، إلى إمام أهل السنة والجماعة...إلى الامام أحمد ومن أحمد؟ فقيه المحدثين ومتحدث المتفقهين والفقهاء الربانيين أحمد حنبل، إمام من أئمة الجرح والتعديل الورعين المنصفين، الذين جاوزوا القنطرة، فهو ثقة، وثبت، صاحب سنة وخير، ولا يختلف في هذا الذي أقوله أثنان، من علماء أهل السنة والجماعة. الإمام أحمد إمام محقق، مدقق، عالم بالعلل، لا يخفى عليه الحديث المنكر.]...ثم أتى الشيخ محمد حسان، بما قاله عدد من جهابذة الجرح والتعديل عن مسند أحمد بن حنبل، كعبد الرحمن بن يحيى المعلم اليماني وحافظ بن رجب الحنبلي وإبن تيمية والحافظ بن كثير، الذين يتفقون في أن الإمام أحمد بن حنبل ثقة مدقق ومحقق، حتى قال قائلهم أن الضعيف في (مسند أحمد) يعدل الصحيح عند الترمزي....أما على صعيد متن الرواية التي أتى بها، فقد قال الشيخ حسان:{انا ورب الكعبة وارجو من الله ان اكون صائبآ، لا أرى فيه البتة ما يقلل من شأن الطاهرة الصادقة الوفية الصابرة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وأرضاها..تدبر معي، فقد سلكت السيدة خديجة رضي الله عنها طريقة معروفة ومعتادة من عادات قومها بنص الرواية لتنال شرف الزواج من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم} ومضى الشيخ حسان ليقول[ لو كانت الوسيلة التي سلكتها السيدة خديجة رضي الله عنها معيبة ومشينة لإستغلها المشركون أسوأ إستغلال، ولنالوا من مكانة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن مكانتها] ويضيف [ولو كان الأمر حيلة لجعلت هذا الامر سرآ بينها وبين ابيها فقط،و لما دعت نفرآ او زمرآ من قريش وقدمت لهم الطعام والشراب، كما هو المعتاد في قريش في هذا هذا الوقت.] وينتهي إلى القول:{كذلك لم يكن الخمر محرمة على الإطلاق، ومن إمتنع إمتنع عنها في الجاهلية}....يستحيل أن تجعل من [الفسيخ] {شربات} كما يقول المثل العامي...والشيخ حسان يضطلع بهذه المهمة الصعبة، سالكآ طريق ميكافيلي"الغاية تبرر الوسيلة"...فمَادَامَ غاية خديجة أن تتشرف بالزواج من محمد، فإن مكرها بأبيها وخديعتها له بتزييف إرادته يدل على حكمتها وحسن تدبيرها، في نظر الشيخ حسان...فالخديعة هي الخديعة، إذ أخذت من أبيها ما تريد وهو ذاهب العقل، على غير إرادته الحقيقية.... فهي جريمة تزوير بلا أدنى شك...وفي ما يتعلق بزعم الشيخ حسان، بانها كانت تريد أن تصنع كل شئ، وأيّ شئ لتنال هذا الشرف من الزواج من محمد، فإنه كلام لا يدخل العقل...فأيّ شرف ستناله من الزواج من أجير لديها يعاني من الفقر المدقع وكان يرعى الأغنام قبل أن تستأجره...فالأمر لم يكن سوى رغبة امرأة اربعينية ترمّلت مرتين في الحصول على زوج بمالها الوفير. ولعل من المفارقة، أن الشيخ سلامة عبد القوي، الذي يرفض قصة مكر خديجة بأبيها، بحجة ضعف الإسناد، ويتمسك برواية أن أباها كان قد مات قبل حرب الفجار، يستند أيضآ في موقفه هذا، إلى حجة أخرى وهي الزعم بأن مكانة بني هاشم ونسب محمد يكذّب تلك الرواية، حيث يقول في الفيديو الآنف ذكره::[ثم هي مخالفة للواقع والظروف والبيئة، فبنو هاشم في الذروة من قريش نسبآ وشرفآ، وقد صدع بها ابو طالب في مجمع حافل بالسادات فما نازعه فيها منازع. ثم النبي في شبابه، وعمومآ في كل مراحل سنه كان أشرف الناس وأجمل الناس، وكان كل الناس تتمنى الزواج منه لشخصه وأيضآ] أ.هــ......كلام ملقى على عواهنه، فالسؤال هنا: إذا كان بنو هاشم في الذروة من قريش، فلماذا عمل محمد اجيرآ لدى خدييجة؟...وإذا كان هو في شبابه اشرف واجمل الناس، وكل البيوتات تتمنى الزواج منه، فلماذا رضي الزواج ممن تكبره بخمس عشرة سنة وترمّلت مرتين؟....تقول حقائق الحياة، ان المكانة الإجتماعية إن لم تكن مدعومة بالنفوذ المالي تفقد سطوتها وبريقها...وقد كان الفرع الذي يجمع الأشقاء عبد الله (والد محمد) وابا طالب والزبير لإمهم فاطمة بنت عمرو بن عانذ، هو أضعف فرع من فروع ابناء عبد المطلب من زوجاته الستة، إذ عانوا من الفقر المدقع، حتى أن ابا طالب الذي ورث مهمة سقاية الحجيج من ابيه عبد المطلب، ظل يستدين من اخيه غير الشقيق العباس المرة تلو الأخرى، ليصرف على مستلزمات السقاية، وحين فشل في سد ما إستدانه الزمه العباس، بإن يتنازل له عن مهمة السقاية مقابل الأموال التي إستدانها، وقد كان...فانظروا ما حدث للمكانة الاجتماعية امام المال....ومن جهة أخرى، فإن رفض خويلد والد خديجة محمدآ زوجآ لبنته، رغم كبر سنها وزواجها مرتين، أمر منطقي ومفهوم، لانه يعتقد في هذه الحالة، أن ما دخل روّعه هو أن يتيم بني هاشم الفقير الاجير لدى بنته، هدفه الاستيلاء على أموال خديجة....وفي عصرنا الراهن اذا تقدم شاب فقير الى فتاة من أسرة ثرية موسرة فان مصيره غالبآ يكون الرفض، لإن اهل الفتاة وحتي أهل الحي يظنون انه {خاشي على طمع} كما يقولون...ولو قال الشيخ سلامة أن خديجة أعجبت به واحبته، رغم فقره ورقة حاله لكان الأمر منطقيآ، بدلآ من إعمال الخيال....و لقد تحقق لمحمد كل ما كان يصبو اليه من زواجه من الثرية خديجة، فعبر عن ذلك في سورة "الضحى" حيث ناجى نفسه، في لحظة تدفق الخواطر [أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ (8)].... وبالفعل لقد استغنى ووجد المأوى تحت سقف بيت خديجة، حوالي ربع قرن، ثم إنطلق بعد وفاتها الى إحتراف قطع الطريق والسلب والنهب وسبي النساء في الغزوات الوحشية، التي كان ينظمها ضدالقبائل العربية، تحت مزاعم أن إلهه قد أوحى اليه ليرتكب تلك الفظائع، بل ولخص مهنته الجديدة في خمس كلمات هي::{جعل الله رزقي تحت ظل رمحي} ....ومهنته الجديدة التي امتهنها، كانت بعد وفاة خديجة كمدآ، اثر إفلاس تجارتها وإفتقارها إلى حد الجوع، بسبب المقاطعة الاقتصادية المحكمة، التي ضربتها قريش على تجارتها، كرد على إدعاء محمد للنبوه، وإهانته لآلهتهم المسالمة، التي كانت ارحم واطيب من إله محمد المتعطش للدماء، إذ لم تكن تحرض على الكراهية والقتل والسلب والنهب وسبي النساء تحت مسمى الجهاد.
إخفاء الأوساخ تحت السجادة
دعونا الآن من كل ما ذكرنا، لنقف عند المسألة الأخطر، التي قال بها الشيخ سلامة عبد القوي، في معرض محاولته دحض قصة خداع خديجة لأبيها وتزويرها لإرادته من أجل أن تتزوج بيتيم بني هاشم محمد ....يقول في الفيديو الآنف الذكر، والكلام مأخوذ منه حرفيآ::[[وفي الحقيقة داير اوقف مع الكلام اللي اتقال دا، لكن الكلام دا في حد ذاته كلام خطير، وأن يقال هكذا للعامة، هنا هو مكمن الخطورة فيه. لانو يا اخواني الكرام هناك كلام ينبغي أن يقال للعامة، وفي كلام لا يقال إلا لطلبة العلم، ومش كمان كل طلبة العلم. في كلام يتقال لهم وهم لسة بادئين، وفي كلام يتأخر شوية لما يبدأ عقلهم العلمي ينضج، عشان يعرفوا يستوعبوا المسائل الأ خرى ويعرفوا يسقطوها في أحكامها، فليس كل ما يعرف يقال..]] أ.هــ...ويمضي الشيخ سلامة ليقول::{{فأخطر ما قاله او إستمعنا اليه ، هو أن هذا الكلام يقال للعامة...دا أخطر ما في المسألةحقيقية، وأخطر ما في هذا الموضوع، أن الرواية التي ذكرها الشيخ حسان رواية فيها كلام عند أهل العلم، وبالتالي حتى لو كانت الرواية صحيحة كما أكد هو، وبالمناسبة هي غير صحيحة وحأقولكم دلوقت، ولكن حتى وإن كانت الرواية صحيحة كما أكد لا يصح أن تقال على العامة}}أ.هــ....ويخلص الشيخ سلامة إلي ما يبغيه من إخفاء الحقائق التاريخية المشينة عن العامة بقوله::[[لا يصح انو نحن نصدر هذه الصورة عن هذه القمم العظيمة، عايزين هذه القمم تفضل كدا في ذاكرة الناس قمم عظيمة، لم يصدر منها تصرف يسئ اليها. وانا بقول دا لو كانت الرواية صحيحة، نحن لازم نحافظ على القمم دي تظل هكذا قمم]]...ويضيف{{عايزين نحافظ في ذاكرة الأجيال الصورة الذهنية عند أجيالنا الجاية لهذه القمم بهذه الصورة. فلا يصح ابدآ أن ننقل هذه الرواية هكذا مجردة، حتى وإن كانت صحيحة}} أ. هــ.....إذن لشيوخ الإسلام وكبرائه، الذين يسمونهم بالعلماء ما يخفونه عن عامة المسلمين، الذين لا يجوز لهم معرفة القبائح، التي تمتلئ بها كتب السيرة النبوية والمغازي وصحيح البخاري وصحيح مسلم وتاريخ الطبري وما إلى ذلك، من الكتب التي تعكس حياة النبي وزوجاته واقاربه وصحابته بدون رتوش.... فما يهمهم ليست الحقيقة التاريخية في حد ذاتها، بل رسم صورة وردية لهم، وإن كان ذلك بالكذب والتدليس وإجتراح الكبائر...وهذا سلوك قديم متأصل في الإسلام، ويمد جذوره بعيدآ في التاريخ الاسلامي...ويتعين أن لا ننسى أن محمدآ نهى أصحابه من سؤاله أسئلة كانت تحرجه، إذ كان لا يجد لها أجوبة، وقد كانت أسئلة من أجل المعرفة او من أجل إمتحانه في نبوته، وذلك بحجة أن أسئلتهم ستؤدي بهم الى الكفر، مثلما أدت أسئلة مماثلة، إلى كفر أقوام سلفت على حد زعمه...حيث يقول في سورة "المائدة" [يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين ]......ثم ما لبث أن جاء حجة الإسلام الغزالي، بكتابه ((إلجام العوام عن علم الكلام)) الذي يحذر فيه من إقتراب العوام من هذا العلم...وإن بلغ أحدآ منهم شئ منه، فيتوجب عليه سبعة أمور هي:[ التقديس، ثم التصديق، ثم الاعتراف بالعجز، ثم السكوت، ثم الإمساك، ثم الكف، ثم التسليم لأهل المعرفة]...ويشرح الغزالي هذه الامور السبعة، التي يستوجب على العامي الإلتزام بها، ويقول:{وأما الاعتراف بالعجز فهو أن يقر بأن مراده ليست على قدر طاقته وأن ذلك ليس من شأنه وحرفته.وأما السكوت فإنه لا يسأل عن معناه ولا يخوض فيه ويعلم أن سؤاله عنه بدعة، وأنه في خوضه فيه مخاطر بدينه وأنه يوشك أن يكفر لو خاض فيه من حيث لا يشعر}...وكل هذا يؤكد أن الإسلام ديانة كهنوتية بإمتياز، فمحمد كان يطلب من أصحابه ان يتبعوه كالقطيع دون أن يسألوه أيّ سؤال...وحجة الإسلام الغزالي، وهو اكبر منظّر إسلامي عبر العصور، ينهي العوام عن الخوض في علم الكلام، لانه فوق طاقتهم الذهنية، وسيؤدي بهم ذلك إلى الكفر، ولذا عليهم التسليم لأهل العلم والمعرفة وإتباعهم...وهذا يفسر لنا لماذا تسيطر طائفة ممن يطلق عليهم (العلماء او الشيوخ) في البلدان الاسلامية على العامة سيطرة كاملة، ولا يستطيع أيّ واحد منهم أن يعمل عقله ويتصرف في أبسط الاشياء دون استفتاء الشيوخ، وها هي الفضائيات اليوم تقدم الشهادة على ذلك...إنها سياسة تجهيل القطيع للسيطرة عليها...ومن المثير للسخرية انهم يقولون بعد كل هذا، أن (الأمة الإسلامية) هي (أمة إقرأ)
إبتسم كي تخرج الصورة حلوة
ومن وجوه التجهيل تزوير التاريخ، وإنكار كل قبيحة في التاريخ الإسلامي، كقصة مكر خديجة بأبيها للحصول على قبوله تحت تأثير الخمر بزواجها من محمد، بالإدعاء بأن الحديث منقطع او ضعيف او أن راويه اشتهر بالكذب او أنه شيعي الهوى وما إلى ذلك من الترهات، التي هي من قبيل "إبتسم كي تخرج الصورة حلوة"....ومن تلك الوقائع التاريخية، التي يحاولون نكرانها الآن وكأنها لم تحدث ، قصة التحكيم بين علي ومعاوية، وخديعة عمرو بن العاص ممثل معاوية بن أبي سفيان لأبي موسى الأشعري ممثل علي بن ابي طالب وخيانته له...فشيوخ الفضائيات ينكرون هذه الواقعة وكأنها لم تكن...وفي مصر عندما تم إنجاز مسلسل [عمرو بن العاص رجل الأقدار] الذي يصور هذا المجرم رسولآ للتسامح والمحبة ومنقذآ للمصريين، أمرت المؤسسة الكهنوتية الأزهرية، بحذف مشهد التحكيم بين علي ومعاوية من المسلسل، بالرغم من أنها واقعة مثبتة في أمهات كتب التاريخ الإسلامي، كتاريخ الطبري على سبيل المثال، إلا أن المزوّرون يقولون أن واحدآ من سلسة الرواة، الذين تواترت عن طريقهم الواقعة المعنية شيعي الهوى...فهل كان الطبري مغفلآ لهذه الدرجة وهو المدقق؟...فإبن اسحق وابن هشام وابن سعد والطبري والواقدي والبلازري والبخاري ومسلم يستحقون الشكر، لانهم إلتزموا بأمانة تسجيل كل ما تواتر اليهم من قصص وأحاديث، الأمر الذي مكّن من معرفة دقائق حياة محمد وعصبته. وهنا يعّن لنا سؤال، وهو: لماذا طاردت المؤسسة الكهنوتية الأزهرية، بتسخير محاميها المستأجرين، الإعلامي المصري البحيري وادخلته السجن، تحت طائلة إزدراء الأديان، بالرغم من أنه ليس من التنوريين في شئ، بل من الذين يحاولون تجميل قبيح الاسلام، بالدعوة إلى إلغاء صحيح البخاري او تنقيحه...وقد إصطدم بالأزهر في محاولته إثبات زعمه بأن عائشة كان عمرها ثماني عشرة سنة، حين دخل بها محمد وليس تسع سنوات...أما كان يستحق جائزة من المؤسسة الازهرية الكهنوتية، عوضآ عن سجنه، بالرغم من أن هناك من سبقه في هذا الزعم؟....والسر في ذلك أن كهنة الأزهر، وعمومآ شيوخ الاسلام لا يرون غضاضة في الدخول ببنت التاسعة، ولا يرون أيّ قبح في ذلك، بل ويشجعون على ذلك بدعوى التبكير بستر البنت...الذين يرون القبح في ما فعله محمد ، بدخوله بطفلة في التاسعة من عمرها، هم الذين تأثروا بالمدنية الحديثة بمعاييرها الغربية. ولعل أول من إنتبه، إلى محاولات تجميل الإسلام، هو المستشرق البريطاني مارجليوث في النصف الاول من القرن العشرين...فقد لاحظ ، وكنت قد أشرت إلى ذلك في مقالة سابقة، أن المدارس الإسلامية الحديثة في الهند (لم تكن باكستان قد قامت بعد) تقدم الإسلام ، بما يتفق ويتوافق والمعايير المدنية الحديثة، وذلك في محاولة للرد على المستشرقين وتصحيح صورة محمد، الذي هو في ذهنية الغربيين شهواني بزوجاته الإحدى عشر، وقاطع طريق إشتغل بالسلب والنهب...وطفقت تلك المدارس الإسلامية الحديثة في الهند في تقديم دراسات تركز على الجوانب الإيجابية في شخصية محمد، وتخفى او تبرر الجوانب التي تبدو مقززة في أعين الغربيين، كزواجه من الطفلة عائشة، الأمر الذي يعد جريمة في المعايير الأوربية.....ومنذ ذلك الحين، اصبح هذا المنهج الإنتقائي التبريري متكأ للمسلمين، الذين يشعرون بالخجل من التاريخ الاسلامي وتاريخ نبيهم، الملئ حقآ بالكثير المخجل. روابـــــــــط الفيـــــــديــــوهات:: فيديو...الشيخ حسان يتحدث كيف أسكرت خديجة أباها https://www.youtube.com/watch?v=3mxgT2lxKzU فيديو...الشيخ سلامة عبد القوي يهاجم الشيخ حسان لما رواه https://www.youtube.com/watch?v=FTW-rS2lRv4 فيديو...الشيخ حسان يدافع عن نفسه ويؤكد صحة روايته https://www.youtube.com/watch?v=gH2isUWHSuo
#احمد_القاضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر...هي لمن غلب
-
في دحض مزاعم علمية القرآن...الحلقة الخامسة
-
في دحض مزاعم علمية القرآن...الحلقة الرابعة
-
في دحض علمية القرآن....الحلقة الثالثة
-
فيلم -سذاجة المسلمين-....الهزل في مكان الجد
-
في دحض مزاعم علمية القرآن...الحلقة الثانية
-
في دحض مزاعم علمية القرآن...الحلقة الاولى
-
زنار مريم........نقد النقد المأزوم
-
اليسار .... الخروج من الأطلال؟
-
مصر العليلة في مستنقع الدين
-
تونس....الدين والتنوير والحداثة
-
نادر قريط وغسيل السيرة المحمدية
-
تديين كارل ماركس!
-
توطين الماركسية بالخرافات الاسلامية !
-
زوبعة دكتور حجي....يا قلبي لا تحزن !
-
الآية التي سطا عليها محمد !
-
متنكر في ثياب التنويريين....او اركلجة الخرافة
-
المثقف المكي الذي هزم محمد
-
محمد يحرق النخيل وعلي يجز الرؤوس !!
-
ابن تيمية ام الضحوك القتّال !
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|