أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين مهنا - غُصْن الفَيْجن














المزيد.....

غُصْن الفَيْجن


حسين مهنا

الحوار المتمدن-العدد: 5196 - 2016 / 6 / 17 - 00:44
المحور: الادب والفن
    


حسين مهنّا


غُصْنُ الفَيجَنِ ..
قِصَّةٌ قَصيرَةٌ

قَصَفَ غُصْنَ الفَيجَنِ وهْوَ يَعْلَمُ أنَّ قَصْفَ الغُصْنِ ، أَوِ الزَّهْرَةِ ، هو الموتُ المُحَتَّمُ لَهُما .. وقَدْ يَجيءُ القَصْفُ سَريعَاً رَحيمَاً إِنْ تَمَّ بِمِقَصٍّ أَو بِسِكّينٍ حادَّةٍ ؛ لكِنَّ عَلِيَّاً أَخَذَهُ بِجُمْعِ كَفِّهِ ونَتَرَهُ نَتْرَاً .. والقَصُّ أَو القَصْفُ أَو النَّتْرُ لِلْغُصْنِ تَمامَاً كَالبَتْرِ لِعُضْوٍ من أَعْضاءِ الجِسْمِ ،لِإِنْسانٍ كانَ هذا الجِسْمُ أَمْ لِحَيَوانٍ .. في الغُصْنِ تَسيلُ الماوِيَّةُ فلا نَلْتَفِتُ ولا نَتَأَثَرُ حَتّى لو سالَ مِدْرارَاً مَعَ أَنَّهُ دَمُ الغُصْنِ المُراقِ .. فَالدَّمُ في أَعْرافِنا أَحْمَرُ ، الأَحْمَرُ فَقَطْ هوَ الّذي يُثيرُ الثَّورَ الكامِنَ فينا ! وهذا دَمٌ بِلا لَونٍ ! فَلا يُحَرِّكُ فينا فَريصَةً ، مَعَ أَنَّهُ يَحْمِلُ ما يَحْمِلُهُ الدَّمُ الأَحْمَرُ مِنْ أَعْباءِ مَدِّ الأَعْضاءِ بِالحَياةِ .
وقَصْفُ الغُصْنِ يَحْمِلُ تَفْسيرَينِ : ظاهِرِيَّاً وباطِنِيَّاً .. أَمَّا الظّاهِرِيُّ فَهْوَ ما تَراهُ العَينُ ، وأَمّا الباطِنِيُّ فَهْوَ ما يَراهُ العَقْلُ .. وإِذا اكْتَفَتِ العَينُ بِما رَأَتْهُ ، فالعَقْلُ لا يَقِفُ عِنْدَ ذلِكَ .. بَلْ لا يَقِفُ عِنْدَ حَدٍّ ، ويَرى في القَصْفِ خُروجَاً عَن كَونِهِ عَمَلاً عادِيَّاً بَسيطَاً لِيُصْبِحَ نَهْجَ حَياةٍ وسُلوكَاً عِنْدَ بَني البَشَرِ فَيَبْتُرونَ العُضْوَ مِنَ الإِنْسانِ ومِنَ الحَيَوانِ مِثْلَما يَقْصِفونَ الغُصْنَ .. وقَدْ يَتَعَدَّى الأَمْرُ الى قَصْفِ قَرْيَةٍ أَو مَدينَةٍ .. ولا عَجَبَ إِنْ سَمِعْنا أَو قَرَأْنا أَو شاهَدْنا على الشّاشَةِ الصَّغيرَةِ جِنَرالاً يَتَرَحَّمُ على طائِرٍ نَفَقَ بِفِعْلِ رَصاصَةٍ طائِشَةٍ ، وفي ذاتِ اللَّحْظَةِ يَأْمُرُ مِدْفَعِيَّتَهُ بِقَصْفِ قَرْيَةٍ أَو مَدينَةٍ عامِرَةٍ ، يَفْعَلُ هذا وبَسْمَتُهُ تَمْتَدُّ مِنْ شَحْمَةِ الأُذُنِ الى شَحْمَةِ الأُذُنِ ..
هَلْ لِقَصْفِ غُصْنٍ ما مَدْلولٌ إِيجابِيٌّ ؟! لا شَكَّ ! فَقَصْفُ غُصْنِ غارٍ يُذَكِّرُنا بِآلِهَةِ الأُولِمْبِ وهُمْ يُكَرِّمُونَ أَبْطالَهُم الفائِزينَ بِأَكاليلَ مِنْ غارٍ ..وقَصْفُ غُصْنِ الزَّيْتونِ يَحْمِلُنا الى سَيِّدِنا نوح لاعِنينَ الغُرابَ لِإِخْفاقِهِ في مُهِمَّتِهِ ، وشاكِرينَ الحَمامَةَ لِنَجاحِها في جَلْبِ الطُّمَأْنينَةِ والسَّلامِ الى قُلوبِ البائِسينَ على ظَهْرِ سَفينَةٍ مُحاصَرَةٍ بِسَطْوَةِ البَحْرِ .. ولَولاها لانْقَرَضَ الجِنْسُ البَشَرِيُّ ، ولَما كانَ لَنا وُجودٌ الآنَ .. وقَصْفُ غُصْنِ اللَّيمونِ يُعيدُ ابْنَ يافا المُشَرَّدَ الى حِضْنِها ..أَجَلْ ! الى حِضْنِها لَو لِلَحْظَةٍ واحِدَةٍ ! فالعَودَةُ خارِجَ الحُلُمِ أَصْبَحَتْ حِبْرَاً على وَرَقٍ في دُرْجٍ لا يَفْتَحُهُ أَحَدٌ ..
وغُصْنَ الفَيجَنِ الَّذي قَصَفَهُ عَلِيّ أَعادَهُ الى بَيتِهِ ، الى طُفولَتِهِ لِيَرى والِدَتَهُ تُعِدُّ زَيتونَها الأَسْوَدَ المُمَلَّحَ الّذي لا تَكْتَمِلُ نَكْهَتُهُ بِدونِ غَصْنِ الفَيجَنِ ..كانَ البَيتُ يَعْبَقُ بِرائِحَةِ الفَيجَنِ المُمَيَّزَةِ ..وكانَ والِدُهُ يَعُبُّ الهَواءَ ويَقولُ :
- بَيتُ الفِلَسْطينِيِّ بلا الفَيجَنِ كَخابِيَةٍ بِلا زَيتِ زَيتونٍ !
ورائِحَةُ الفَيجَنِ لا تُشْبِهُ أَيَّةَ رائِحَةٍ لِزَهْرَةٍ مِنَ الزُّهورِ ، على كُثْرَتِها وتَنَوُّعِها ، في رُبى الجَليلِ .. وهي لَيسَتْ طِيبَاً تَتَطَيَّبُ بِهِ المَليحاتُ .. إِنَّها أَذْكى رائِحَةً وأَحَدُّ نَفاذَاً مِنْ أَيِّ عِطْرٍ قَذَفَتْهُ التِّكْنُولوجيا بَعْدَ أَلْفِ تَجْرِبَةٍ ..
وها هو عَلِيٌّ يَجْلِسُ على حَجَرٍ فَوقَ رُكامٍ كانَ بَيتَاً شَهِدَ لَحْظَةَ وِلادَتِهِ ، وأَيّامَ طُفولَتِهِ وسِني صِباهُ الأولى .. لَقَدْ دَفَنَ جِنْسِيَّتَهُ الفِلَسْطينِيَّةَ في قَلْبِهِ ودَخَلَ البِلادَ بِجِنْسِيَّتِهِ الفِنْلَنْدِيَّةِ لِيَزورَ نِثارَ قَرْيَةٍ ويَجْلِسَ على رُكامِ بَيتٍ كانَ مَأْهولاً ، فَتَذَكَّرَ وتَذَكَّرَ وبَكى وبَكى ولَعَنَ وغَضِبَ وثارَ ..... ووَضَعَ غُصْنَ الفيجَنِ الّذي قَصَفَهُ – مَعْذورَاً - بَينَ صَفَحاتِ كِتابٍ كانَ في يَدِهِ وغابَ ... !

البُقيعة / الجَليل 13/ 6/ 2016



#حسين_مهنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شذرات وشظايا
- صلاةُ في مِحْرابٍ فلسطينيّ
- تعاطُف
- حلبة رقصٍ شعبيّ (دَبكة)
- حلْبَةُ رَقْصٌ عَصْرِيّة ...
- إنّها نوستالجيا ... لا أكثر
- روحٌ مُتْعَبَة (قصّة قصيرة)
- يوريكا
- فطائرُ بَقْلٍ وفَرَح..
- قصّة قصيرة - حسين مهنّا
- قصّة قصيرة - ليلة باردة .. حارّة
- فاطمة ناعوت في حوار مفتوح مع القارئات والقرّاء حول لماذا يقت ...
- يقولون أنت حزين
- الزّيارة الأخيرة لسميح القاسم
- لعنة الوأد
- لا تنسوا الصّراع الطّبقي
- حوار (ملف الأول من أيار)
- قصيدة وردة على جرح حواء
- قصيدة تبسّم
- قصيدة كلهم هولاكو


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين مهنا - غُصْن الفَيْجن