|
الدولة الإسلامية داعش: العودة إلى زمن العبودية أم إلى القرآن والإسلام الأوّل؟
مالك بارودي
الحوار المتمدن-العدد: 5193 - 2016 / 6 / 14 - 04:58
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الدولة الإسلامية داعش: العودة إلى زمن العبودية أم إلى القرآن والإسلام الأوّل؟ . في مقال له بعنوان "«داعش» والعودة إلى زمن العبودية"، منشور على موقع صحيفة "الشرق الأوسط"، بتاريخ 21 أغسطس 2015، يقول الكاتب "نوح فيلدمان"، الذي يعرّفونه على أنّه "أستاذ القانون بجامعة هارفارد وكاتب بموقع «بلومبيرغ»": . "مرت 150 عامًا منذ أن حظر القانون الأميركي على السادة اغتصاب المستعبدات. وقد حظرت جميع الدول المسلمة المعاصرة تقريبًا العبودية على امتداد القرن الأخير. إذن، لماذا يسعى «داعش» لقلب عقارب الساعة نحو الاتجاه المعاكس، حيث يقر ويروج بحماس لاسترقاق الإيزيديات. "ينبغي أن نخرج من الفزع الذي يتملكنا حيال هذه العودة المتعمدة إلى العصور الوسطى، بدرس بخصوص تطور معتقداتنا وما يعنيه أن يكون المرء عصريًا. وينبغي أن نبدأ بالاعتراف بهدوء بأننا لا نبعد عن «داعش» سنوات ضوئية - وإنما مجرد قرن ونصف القرن. "إن العبودية داخل الولايات المتحدة ليست بالماضي البعيد، وإنما لا نزال نتعامل اليوم مع تداعياتها، في صورة استمرار غياب المساواة بين أبناء المجتمعات العنصرية المختلفة والرموز القائمة منذ أمد بعيد من بقايا فترة الولايات الكونفدرالية الأميركية. "وحري بنا ألا ننسى أن العبودية الأميركية، خاصة خلال نصف القرن الأخير قبل إلغاء العبودية، كانت واحدة من أكثر منظومات العبودية وحشية على امتداد التاريخ البشري المسجل. في المقابل نجد أنها كانت في المجتمعات المسلمة تتسم بالرفق نسبيًا. "إن العبيد من أصول أفريقية تعرضوا للتعذيب كي يزيدوا من إنتاج محاصيل القطن، علاوة على خضوع النساء على نحو ممنهج وقانوني للاغتصاب. وقد شرحت زميلتي بكلية القانون في هارفارد، أنيت غوردن ريد، في دراسة لها حول سالي هيمينغز وتوماس جيفرسون، أنهما كانا مثالين لعلاقات معقدة ومتبادلة جزئيًا بين الإماء والأسياد. إلا أنها أوضحت أن هذا النمط من العلاقات شكل الاستثناء وليس القاعدة - وأصبحت هذه العلاقات نادرة بصورة متزايدة في أقصى الجنوب عندما بلغت العبودية ذروتها الوحشية، قبل أن يجري فرض إلغاء العبودية بقوة السلاح. "والآن، ننظر إلى ما أجزناه حتى وقت قريب داخل الولايات المتحدة، باعتباره أمرًا بغيضًا. وبطبيعة الحال، فإننا صائبون أخلاقيًا في رفضنا للعبودية والاغتصاب بشكل مطلق. في الواقع تلك الممارسات - والمنظومات - البشرية خاطئة أشد ما يكون الخطأ، ويجب اقتلاع جذورها هي وتداعياتها بكل وسيلة ممكنة، بما في ذلك القوة إذا اقتضى الأمر. "إن العملية التي نحقق من خلالها رفضنا لهذه التقاليد الكريهة أخلاقيًا هي ما يجعلنا عصريين. إننا نطور أفكارا جديدة لم تكن لترد على أذهان أجدادنا - بجانب تولد قناعة داخلنا بأن أفكارنا القديمة لم تكن خاطئة فحسب، وإنما خاطئة على نحو مفزع. "إن المشروع العصري يدور حول محاولة تطهير أنفسنا من آثام الماضي، مع الاحتفاظ بما هو جيد من موروث الماضي - وهذه المحاولة نحو التطهير والتحسين ما يجعلنا أشخاصًا عصريين. "في الوقت ذاته، لا نرفض كل شيء يتعلق بماضينا، فرغم أن الدستور الأميركي اعترف بالعبودية التي أجازتها قوانين الولايات وأقرها، فإن الأميركيين العصريين لا يرفضون الدستور، وإنما يعترفون بأن جزءًا من قيمة الدستور تكمن في قدرته على التطور فيما وراء صورته الأصلية. "وليس من قبيل المصادفة أن قاضي المحكمة العليا أوليفر وينديل هولمز، أحد أبرز مؤيدي فكرة الدستور الحي، كان من المقاتلين الذين خاضوا «الحرب الأهلية» وأصيب خلالها وفقد أعز أصدقائه بها. لقد عايش هولمز رفض الأمة لأجزاء من ماضيها الدستوري، وعاين ثمن هذا الرفض، وخرج من كل هذا ملتزمًا بالحفاظ على الدستور حيًا - عبر تنقيته من جميع الخطايا التي تضمنها يومًا ما. "كشعب عصري، نراهن دومًا على أننا سنجعل الأوضاع أفضل عندما نغيرها. وأحيانا يجانبنا الصواب في ذلك. ومن السذاجة اعتقاد أن التاريخ، بما في ذلك التاريخ الحديث، ليس سوى سلسلة من إجراءات التطوير والتحسين، فبدءًا من تجاوزات الثورتين الفرنسية والروسية وصولاً إلى فظائع الفاشية والاستبداد، قدم لنا العصر الحديث الكثير من الأمثلة على انحراف الحداثة عن مسارها المرجو لها. إن مسألة وجود شيء جديد يبدو جيدًا ليست ضمانة كافية لكونه أخلاقيًا. "إن جزءًا من الحداثة يكمن في الاعتراف بأن هناك إجماعا ناشئًا على خطأ ممارسات ماضية، مثل العبودية. ومن جانبه، يستعبد «داعش» النساء لينقل للعالم رسالة مفادها أنه يرفض فكرة التطور، رغم قبول الغالبية العظمى من المسلمين لها. أما الاستجابة العصرية الوحيدة الممكنة لهذا الرفض فهي الشعور بالفزع - والالتزام باتخاذ إجراء عملي حيال هذا الرفض." . لا أدري إن كان الكاتب مؤهّلا حقّا للحديث عن مواضيع كهذه، لكن الواضح أنّه أخطأ في عدّة نقاط، لكن ما يهمّني في هذا المقال هو خطأ تنزيل ما يفعله أتباع الدولة الإسلاميّة من إستعباد للنّاس في مقارنة مع تاريخ العبوديّة في أمريكا والعالم الغربي بصفة عامّة، فهذا تنزيل خاطئ لا يستقيم لعدّة أسباب. فالعبوديّة في الغرب كانت لأسباب إقتصاديّة والكاتب نفسه يقول "إن العبيد من أصول أفريقية تعرضوا للتعذيب كي يزيدوا من إنتاج محاصيل القطن"... العبودية في بلاد المسلمين وعلى إمتداد 1400 سنة كانت لها أسبابها الإقتصاديّة هي أيضا، ولو توقّف الأمر عند هذا الحدّ لجاز للكاتب إقامة المقارنة ولما وجدنا فيها أيّة إشكاليّة. لكن، ما لا يعرفه الكاتب (أو ربّما يعرفه ولا يريد التّصريح به لتفادي المشاكل مع أمّة "ما أنا بقارئ" أو لأسباب أخرى) هو أنّ العبوديّة في الإسلام أمرٌ إلهي أحلّه الله الإسلامي للمسلمين بنصوص صريحة لم يختلف عليها المفسّرون الأوائل (دعك من مفسّري هذه الأيّام الذين يسوّقون لمفاهيم جديدة للآيات بليّ أعناقها والدّوس على ما إتّفق عليه المسلمون، تحت راية الإجماع، منذ أربعة عشر قرنا، كأسباب النّزول والنّاسخ والمنسوخ، أو على الأقلّ يتعاملون بإنتقائيّة مفضوحة مع كلّ ذلك فيختارون ما يريدون من كومة الكتب الصّفراء وخاصّة ما يتماشى مع العصر الحاضر ونفسيّة وأخلاق زمننا هذا ويتركون الباقي أو يحرّفون معانيه). . والقارئ المتمعّن في القرآن سيقف على أربع حقائق مثبتة بنصوص صريحة، أوّلها أنّ القرآن لم يحرّم العبوديّة والمتاجرة بالعبيد على الإطلاق، وهذه إشارة ضمنية من القرآن بأنه يجوز للمسلم ان يمتلك العبيد وأن يتاجر بهم. ثانيها، أنّ القرآن ذكر بصريح العبارة أنه يجوز للمسلم أن يمتلك العبيد وأن يتاجر بهم. ثالثها، أنّ القرآن ذكر بصريح العبارة أنه يجوز للرّجل المسلم أن يمارس الجنس مع عدد غير محدّد من الإماء، ولو كان عددهنّ ألف أمَةٍ فممارسة الجنس معهن حلالٌ قرآنيّا. ورابعها، أنّ القرآن ذكر بصريح العبارة أنه يجوز للمرأة هي أيضا إمتلاك العبيد. . ففي سورة "الأحزاب"، آية 50، يقول كاتب القرآن: "يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيم". وفي تفسيرها يقول الطبري: "وَقَوْله: {وَمَا مَلَكَتْ يَمِينك مِمَّا أَفَاءَ اللَّه عَلَيْك} يَقُول: وَأَحْلَلْنَا لَك إِمَاءَك اللَّوَاتِي سَبَيْتهنَّ، فَمَلَكْتهنَّ بِالسِّبَاءِ، وَصِرْنَ لَك بِفَتْحِ اللَّه عَلَيْك مِنْ الْفَيْء وَقَوْله: {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ} يَقُول تَعَالَى ذِكْره: قَدْ عِلْمنَا مَا فَرَضْنَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي أَزْوَاجهمْ، لِأَنَّهُ لَا يَحِلّ لَهُمْ مِنْهُنَّ أَكْثَر مِنْ أَرْبَع، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ، فَإِنَّ جَمِيعَهُنَّ إِذَا كُنَّ مُؤْمِنَات أَوْ كِتَابِيَّات، لَهُمْ حَلَال بِالسِّبَاءِ وَالتَّسَرِّي وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أَسْبَاب الْمِلْك." . وفي سورة "النساء"، آية 3، يقول: "فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا". ويفسّر الطبري هذه الآية كما يلي: "{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ} قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ: 6757 -حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ، قَالَ: ثنا يَزِيد، قَالَ: ثنا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ} يَقُول: فَإِنْ خِفْت أَلَّا تَعْدِل فِي وَاحِدَة، فَمَا مَلَكَتْ يَمِينك. 6758 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن، قَالَ: ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل، قَالَ: ثنا أَسْبَاط، عَنْ السُّدِّيّ: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ} السَّرَارِي. 6759 -حُدِّثْت عَنْ عَمَّار، قَالَ: ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ الرَّبِيع: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ} فَإِنْ خِفْت أَلَّا تَعْدِل فِي وَاحِدَة فَمَا مَلَكَتْ يَمِينك."
وفي سورة "المؤمنون"، آية 6، نقرأ: "إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين". وفي تفسير الطبري: "يَقُول: إِلَّا مِنْ أَزْوَاجهمْ اللَّاتِي أَحَلَّهُنَّ اللَّه لِلرِّجَالِ بِالنِّكَاحِ. أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ: يَعْنِي بِذَلِكَ: إِمَاءَهُمْ. وَ"مَا" الَّتِي فِي قَوْله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ} فِي مَحَلّ خَفْض عَطْفًا عَلَى الْأَزْوَاج. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِك: 19244 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْن عَبَّاس، قَوْله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجهمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ فَإِنَّهُمْ غَيْر مَلُومِينَ} يَقُول: رَضِيَ اللَّه لَهُمْ إِتْيَانهمْ أَزْوَاجهمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ."
نكتفي بهذا القدر من التفاسير وسندرج بعض الآيات الأخرى التي تُحِلُّ للمسلمين إمتلاك الإماء والعبيد، ومن كان لديه شكّ في شيء ممّا نعرضه هنا، فليذهب بنفسه لكتب التّفاسير الأولى ليقرأ بنفسه. . في سورة "النساء"، تقول الآية 24: "والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما". وتقول الآية الموالية: "ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم". وفي سورة "النور"، آية 31: "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون." وفي سورة "الأحزاب"، آية 55: "لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن واتقين الله إن الله كان على كل شيء شهيدا." . أظنّ أنّ ما تقدّم من الآيات وتفاسيرها يغنينا عن التّوسّع والتّطرّق للأحاديث وما ورد في كتب السّيرة وكتب الفقه الإسلامي أو ما في بطون كتب التّاريخ، فالقرآن هو المصدر والنّصّ الرّئيسي للإسلام، والكلام واضحٌ في تلك الآيات ولا تزيده التّفاسير إلّا تأكيدا. فإذا كان النّصّ الرّئيسي يُحِلُّ نكاح الإماء ويأمر به دون تحديد عدد، فهذا بالضّبط ما يفعله مقاتلو الدّولة الإسلاميّة: أقصد أنّهم لا يفعلون سوى تطبيق ما جاء في القرآن. وإذا كان بقيّة المسلمين كلّهم يستنكرُون ما يفعله إرهابيّو داعش من سبي وإغتصاب، فهذا ليس دليلا على خطأ هؤلاء أو سوء أخلاقهم بل هو أوّلا وقبل كلّ شيء دليلٌ على عدم معرفة المسلمين بقرآنهم أو نفاقهم. فإن قيل أنّ ما يفعله هؤلاء غير أخلاقي وإجرام في حقّ الإنسانيّة، فالأولى أن تكون هذه العبارات أوصافًا للقرآن بما أنّه المصدر الذي ينهل منه كلّ المسلمين بما فيهم داعش والقاعدة وبوكو حرام وكلّ التنظيمات الإرهابيّة الإسلاميّة. . زيادة على ذلك، في الفتوى رقم 7150 من ، نقرأ: "معنى العبودية: الخضوع والتذلل والانقياد لله تعالى بطاعة أوامره وترك نواهيه، والوقوف عند حدوده؛ تقربا إليه سبحانه، ورغبة في ثوابه، وحذرا من غضبه وعقابه، فهذه هي العبودية الحقة ولا تكون إلا لله. وأما عبودية الرق فهي عبودية طارئة لأسباب كثيرة، أصلها تلبُّس الشخص بالكفر فيُسبى من الكفار بالجهاد الشرعي." أعضاء اللجنة مصدر الفتوى: عبد الله بن قعود، عبد الله بن غديان، نائب رئيس اللجنة: عبد الرزاق عفيفي، رئيس اللجنة: عبد العزيز بن عبد الله بن باز. (فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى، اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء - الإدارة العامة للطبع - الرّياض، 1996، الطبعة الأولى، ج1، ص ص87-88). لاحظوا جيّدا العبارة "أما عبودية الرّق فهي عبودية طارئة لأسباب كثيرة، أصلها تلبُّس الشخص بالكفر فيُسبى من الكفار بالجهاد الشرعي". بمعنى أنّ كون هذا الشّخص كافرًا، فهذا سببٌ كافٍ جدّا يجعلُ المسلمين يُهاجمونه تحت راية الجهاد ويسبُونهُ أي يستعبدونه. فإذا كان تنظيم داعش "يُقر ويروّج بحماسٍ لإسترقاق الإيزيديات"، كما يقول كاتب المقال، وبما أنّ الإيزيديّين كفّارٌ إسلاميّا وقرآنيّا (مثلُ كلّ من ليس مسلمًا)، فهل هناك فرقٌ بين أبي بكر البغدادي ومفتي المملكة العربيّة السّعوديّة السّابق عبد العزيز بن عبد الله بن باز؟ هل هناك فرقٌ بين دولة داعش والمملكة العربيّة السّعوديّة؟ بل، هل هناك فرقٌ بين داعش وكلّ الدّول العربيّة الإسلاميّة على بكرة أبيها؟ وهل الآيات التي تتحدّث عن أنّ الله الإسلامي أحلّ للمسلمين إستعباد النّساء وإتّخاذهنّ ملك يمين وممارسة الجنس معهنّ غصبًا وفي مواضع كثيرة من القرآن أقلّ حماسًا من بيانات داعش؟ هذا سؤالٌ أتركه للقرّاء. . إذن، خلاصة القول: داعش لا تريدُ العودة قرنا ونصف القرن إلى الوراء، بل أربعة عشر قرنا كاملة. داعش تريد الرّجوع لزمن محمّد وهذا حلمُ كلّ المسلمين وليس حلم مقاتلي داعش فقط. وداعش تريد تطبيق القرآن كما طبّقه محمّد بن آمنة وكما فهمه المسلمون الأوائل، وتطبيق ما جاء في القرآن هو أيضا حلم كلّ المسلمين، العارف منهم والجاهل على حدّ سواء. فيكفينا حديثا عن داعش، فهذا الحديث لن يجدي نفعا. لماذا؟ لأن داعش هي مجرّد أعراض لمرضٍ أكبر وأعمق إسمه "الإسلام". ومعالجة الأعراض لا تنفع بشيء ما دامت أيدي الجرّاح لم تمتدّ لأصلها لتقضي عليه جذريّا. ومادام المرض موجودا، لم يتطرّق أحدٌ لإجتثاثه، ولوْ هُزمت الدّولة الإسلاميّة وإندثر تنظيم القاعدة وأُعدِم أعضاء بوكو حرام ستظهرُ بعدها أعراضٌ أخرى كثيرة لأنّ المرض السّاكن في هذه الأمّة المؤمنة بالقرآن لن يكفّ عن التّمظهر بأشكالٍ وألوانٍ وأسماء جديدة وبنفس الهمجيّة والإرهاب الذين نراهما في القرآن وكلّ المصادر الإسلاميّة الرّئيسيّة.
------------------------------ الهوامش: 1.. مقال "«داعش» والعودة إلى زمن العبودية" لـ "نوح فيلدمان"، على موقع صحيفة "الشّرق الأوسط": http://goo.gl/V0Zh26 2.. للإطلاع على بقية مقالات الكاتب على مدوّناته: http://utopia-666.over-blog.com http://ahewar1.blogspot.com http://ahewar2.blogspot.com http://ahewar5.blogspot.com 3.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية": https://archive.org/details/Islamic_myths 4.. صفحة "مالك بارودي" على الفيسبوك: https://www.facebook.com/malekbaroudix
#مالك_بارودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحليل لفوائد العثيمين في شرحه لأحد أحاديث سيّد الكذّابين -ج2
-
تحليل لفوائد العثيمين في شرحه لأحد أحاديث سيّد الكذّابين -ج1
-
رمضان .....، يا أيّها المسلمون!
-
خواطر لمن يعقلون – ج88
-
خواطر لمن يعقلون – ج87
-
على هامش الزوبعة الإعلاميّة حول المصاحف المحرّفة في تونس
-
خرافة وأكذوبة الطّريق لتحرير فلسطين
-
خواطر لمن يعقلون – ج86
-
الردّ على ثرثرة وأكاذيب عبد الله أغونان بخصوص مقالي: إثبات ت
...
-
إثبات تحريف القرآن في موطأ مالك بن أنس
-
إلى عدنان غازي الرّفاعي: مريم أختٌ لهارون وهتلر أخٌ لمحمّد ب
...
-
خواطر لمن يعقلون – ج85
-
الإسلامُ هو الإرهاب - حُكم تارك الصّلاة على المذهب المالكي
-
خواطر لمن يعقلون – ج84
-
أسئلة أولى في مأزق الفهم السّلفيّ ونفاق المسلمين أو جهلهم
-
الإسلام والمسلمون والقضيّة الزّائفة المسمّاة إسلاموفوبيا
-
خواطر لمن يعقلون – ج83
-
عيدا سعيدا، حبيبتي
-
الحياة، الآن وهنا
-
تدبّروا القرآن - مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا (الب
...
المزيد.....
-
الولائي يهنئ بانتصار لبنان والمقاومة الاسلامية على العدو الا
...
-
شيخ الأزهر يوجه رسالة حول الدراما الغربية و-الغزو الفكري-
-
هل انتهى دور المؤسسات الدينية الرسمية؟
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ال
...
-
الكشف عن خفايا واقعة مقتل الحاخام اليهودي في الإمارات
-
الجهاد الاسلامي:الاتفاق أحبط مسعى ايجاد شرق اوسط حسب اوهام ا
...
-
الجهاد الاسلامي:نؤكد على وحدة الدماء وصلابة الارادة التي تجم
...
-
الجهاد الاسلامي:نثمن البطولات التي قدمتها المقاومة بلبنان اس
...
-
الجهاد الاسلامي:اتفاق وقف اطلاق النار انجاز مهم يكسر مسار عن
...
-
حماس تشيد بالدور المحوري للمقاومة الإسلامية في لبنان
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|