عبد الغاني عارف
الحوار المتمدن-العدد: 1396 - 2005 / 12 / 11 - 09:46
المحور:
الادب والفن
من بعيد .... من عمق ذلك البعيد، يأتي هذا الصوت.. ذاك الصوت... حاملا لكل الفصول، مثقلا بكل الألوان والحالات: نشوة، حزن، طفولة، تعب، فرح، دم، زغاريد، مخاض، نزيف... تتمازج تلك اللحظات ، تحبل بالنداء الذي يدعونا.. لا نعرف عنه سوى أنه يأتي من بعيد... من الأقاصي يأتي... إننا نعانقه حين يهرب، ونلهث وراءه حين يجئ ‼... غريبة هي العلاقة بيننا وبين هذا / ذاك الصوت-النداء... ولكننا ندرك هذه الغرابة، وندرك أيضا أنه من تلك الغرابة بالضبط نحيا. ولذلك نتبناه باعتباره هما من ألذ الهموم، يقتلنا كي نتعلم كيف نعيش، يعرينا، يدمرنا، ولكن على دربه نخطو الخطوة الأولى نحو الاكتشاف الحقيقي للذات بكل أمانيها المجهضة، وأيضا بكل أحلامها اليانعة. وبين الإجهاض الذي يلغي الولادة والولادة التي تتجاوز الإجهاض ، نكون نحن ويكون فينا هذا / ذاك الصوت الآتي من بعيد... يكتسح دواخلنا. لا يستأذن القدوم ، إنه يستعير كل اللحظات، كل الفصول ليورق فيها / فينا.. ترحب به عذاباتنا وجراحنا القديمة منها والجديدة، فتتشكل لوحات دامية الخطوط : وطن تسبيه خيول التتار، فلا نملك إلا أن نرهقه بمزيد من الحب وكثرة الأحلام... امرأة تجدد فينا الطفولة ، نصلي من أجل حضورها، غير أن الغياب يحاصر الصلاة ليعلن أن كل الطرق إلى المرأة/ الحلم " معبدة بالغيوم والضباب" .... وبين الوطن والمرأة تتعالى رموز أخرى لتشكل في نهاية كل رحلة حقيقة ذلك الصوت/ النداء الذي يأتي من بعيد . إنه وجهنا الآخر، بل هو نحن بصيغة لغوية تحمل كل مظاهر المعاناة ، وأـيضا كل إمكانات الحلم ... يأتينا ، وفي غمرة الطقوس / الأعراس الدامية ، نحمل طفولتنا الجريحة، نرسم بنزيفها الممتد خطوات على الدرب الطويل ... نستوقف كل اللحظات العابرة على جنبات الطريق لتعلن معنا الميلاد : ها عشيقتنا – الكتابة – سيدة الأحلام وأميرة للأفراح الآتية .. نتوجها " نبيا" جديدا يكون شاهدا على سمفونية روعة تحتلنا من الداخل . وبكل جنون الفرح نغازل – نحن الصامدين وراء متاريس الفقراء ونبوءات الشهداء – الكتابة / الأنثى : ألما نعشقه ، وبين ثناياه نبحث عن زمن يعشقنا ....
#عبد_الغاني_عارف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟