أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ليديا يؤانس - الأُختين














المزيد.....

الأُختين


ليديا يؤانس

الحوار المتمدن-العدد: 5187 - 2016 / 6 / 8 - 23:49
المحور: الادب والفن
    


في مشهد مؤثر عاطفي، اختلطت الدموع مع ابتسامات الرجاء، ألم الفُراق مع أمل اللقاء، الأُختان مُتعانقتان، امتزجت دموعهما، تشابكت أياديهُما، اختلطت خصلات شعورهما، عيونهما يقولان ما لا يستطيعان قوله!

الأب والأم تشابكت أياديهُما أيضًا، لتحتضنا الأُختين، بمشاعر مُلتهبة وحب فياض ولوعة على الفراق!

إنهم في مطار مونتريال الدولي بكندا، ليودعوا ناتاشا، حيث قررت الذهاب إلى زامبيا.

أعلنت الإذاعة الداخلية للمطار، عن عدم إقلاع الطائرة المُتجهة إلى زامبيا، حيث وجود عُطل فني بمحرك الطائرة، وقد يكون التأخير لمدة ساعتين لإصلاح العطل أو إيجاد طائرة بديلة.

بدأ الشد العاطفي يهدأ، ارتخت العضلات المشدودة، وانفكت الأيادي المُتشابكة.

أخذت الأختان ركنًا، وكذلك الأب والأم ركنًا آخر بعيدًا عنهما، كل أثنين يتناجيان في خلوة الذكريات، لإستعادة الماضي واللهفة على التنبؤ بالمستقبل المجهول.

الأختان جلستا على مقعدان مُتشابكان من الخلف، ربما لكي تشعر كل واحدة، بأن في ظهرها أخت تُحبها وتخاف عليها، وربما أيضًا، لكي تُطلق كل منهما العنان لأفكارها وقراراتها بدون المساس بالمحبة والروابط الأسرية.

الأب والأم جلسا على مقعدان مُتقابلان، ربما لاستعادة ذكرياتهما سويًا، وربما لتكون عيونهما على الأختين.

ناتاشا الأخت الكبرى، ومعنى اسمها "أنا شاكرة"، هذا الاسم من زامبيا "Natasha means I am thankful".


والأخت الصغرى اسمها جويس ومعناه "فرح".

ناتاشا فارعة الطول، سوداء سوداء، شعرها مضفر كله كنوع من الموضة، ولكي لا تستهلك وقتها ومجهودها في تصفيفه، مقاييس جمالها الجسدي يفوق ملكات الجمال، يكفي أن تنظر في وجهها لتقول الله الله، على إبداع الخالق في أن يكون هذا اللون الأسود الذي يلمع مثل الأبانوس، مع دقة التناسق في تقاطيع الوجة الجذابة.

جويس ذات الوجه الملائكي الضاحك تصغر أختها بثلاث سنوات، لونها خمري تحمل الجينات المصرية من أبويها، جميلة رقيقة وتتمتع بخفة الدم المصري.

الأم نظرت للبنتين ونظرت للأب تذكرت أنه لمدة 5 سنوات من زواجهما، وكل شهر حزن ويأس على أنها لم تحمل، وأخيرًا قررت هي وزوجها أن يتبنيا طفلة من إحدى الدول الفقيرة، هؤلاء الأطفال يحتاجون لمن يعُطيهم قسطًا من الحياة، بدلًا من الموت الذي يُلاحقهم في صورة فقر ومرض وجهل.

تبنى الزوجان ناتاشا من زامبيا من أفريقيا، هدأت الأم وفرح الزوجان، وبعد عدة شهور حملت الأم، وجاءت جويس لتصبح الفرحة فرحتين، لم ينسيا الأبوان أن ناتاشا كانت سبب فرحتهم، أنهما لا يشعران إطلاقًا بالفرق في بنوة الطفلتين.

حينما كانت الأم حامل في جويس، جاءت ناتاشا بحُب الاستطلاع، ووضعت يدها الصغيرة على بطن الأم، أخذتها الأم في حضنها وقالت لها، هُنا فيه نونو، حتبقي أختك تحبيها وتحبك، لم تستوعب الصغيرة حتى مجئ جويس، جاءت مرة أخرى بالإحساس الداخلي بأن هناك مخلوق آخر سوف يجعلها تفقد الحب والاهتمام الخاص بها، سألت أمها، جويس جاءت من بطنك وأنا جئت من أين؟


الأم أخذت الطفلة في حضنها، وقالت لها، جويس ولدتها من بطني وإنتي ولدتك من قلبي.

الزوجان مملوءان حكمة ونعمة ومحبة إنسانية، أحبا الطفلتان بنفس الدرجة من الحب والاهتمام، فانعكس ذلك أيضًا على علاقة الأختين ومحبتهما وارتباطهما ببعضهما.

ظهر رامي الشاب الوسيم ذو العضلات المفتولة وخفة الروح، إبن إحدي العائلات المصرية الصديقة، إزدادت الزيارات بين الأسرتين، وزاد اهتمام الأختين بهذا الشاب المصري، رامي يعتز بالأختين، ولكنه بدأ ينجذب بالأكثر لجويس، ربما لأنها تحمل الجينات المصرية.

الأختان ظهراهما لبعض، ولكن هُناك حبل فكري واصل بينهما، ناتاشا أحبت رامي بجنون، ولكن أختها الصغيرة أحبته أيضًا!

رامي لطيف جدًا مع ناتاشا، ولكنها شاهدته وهو يقبل أختها جويس في الحديقة!

جويس بدأت تزف لأُختها الأخبار السعيدة بأن رامي يحبها، ربما أيضًا جويس لاحظت حب أختها لرامي، ويمكن هذا الذي دفعها لإعلانها بحبها لرامي.

الموقف متأزم بين الأختين بسبب رجل!


الأم والأب وقفا مكتوفي الأيدي، إنهما يُراقبان الموقف عن قُرب ولا يُريدان أي ألم أو حزن لأي من الأختين، صليا كثيرًا أن يحفظ الله الأختين وألا يشُق سيف الحب المحبة الأخوية والروابط الأسرية.

في يوم على العشاء فجرت ناتاشا مفاجأة، قررت أن أسافر لإحدى الدول التي ينتشر بها مرض الإيدز، لخدمة مرضى الإيدز، حيث تخصصي الطبي الذي تفوقت فيه بجدارة وامتياز.

عرفت أن بلدي زامبيا، تعتبر في الترتيب رقم 8 بين البلدان التي يُعاني أهلها من هذا المرض اللعين، وأنه يوجد أكثر من مليون شخص مصابين بهذا المرض.

أريد أن أرد لكما محبتكما الإنسانية التي فعلتموها معي، في أن أقدم للآخرين وخصوصًا أهل بلدي جزء من خبرتي وتعليمي الذي يرجع لكما الفضل فيها، سوف أخدم هناك لفترة وأرجع لبلدي كندا وأسرتي وأختي الحبيبة جويس.

الكل يعلم جيدا لماذا قررت ناتاشا الذهاب إلى زامبيا بالإضافة إلى رغبتها في القيام بعمل إنساني!

أعلنت الإذاعة الداخلية للمطار عن تحرك الطائرة إلى زامبيا بعد نصف ساعة، وقفت الأختان يحتضنان بعضهما، والأب والأم يحيطانهما بذراعيهما، رافعين صلوات بالحماية والبركة على الأختين، وأن ترجع ناتاشا بعد مُهمتها الإنسانية لتكتمل سعادة ومحبة الأسرة على الدوام.



#ليديا_يؤانس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وضحكت بهم الأقدار !
- وزيرة الهجرة تذبح طفلة !!!
- صراع الصمت
- حكاية كاترين المصرية وديرها
- حياتي تحت قدميه
- مَنْ يُقاضي القاضي؟
- هرمزد المُدهش
- الدون جوان
- أعجوبة الفاتيكان
- ليس له مثيل
- ساغرادا فاميليا
- إنت مصري .. طُظ !!!
- الورود السوداء
- إيفان كريسماس
- الحُصان الأحمر
- وإِنتَّ بِتَحبْو !!!
- نجمة الميدان الأحمر
- إفرزوا الجُثث
- دقت ساعة الصِفر
- مين المجنون؟


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ليديا يؤانس - الأُختين