أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد نوح - لا شيئ يأتي من الذاكرة، فلا ذاكرة هناك..قراءة في لمح البصر لسيد الوكيل















المزيد.....

لا شيئ يأتي من الذاكرة، فلا ذاكرة هناك..قراءة في لمح البصر لسيد الوكيل


سعيد نوح

الحوار المتمدن-العدد: 5187 - 2016 / 6 / 8 - 23:49
المحور: الادب والفن
    



لا شيئ يأتي من الذاكرة، فلا ذاكرة هناك.

سعيد نوح
كل شئ هنا حاضر،كما رواه، كل شئ له رائحته الخاصة، وملمسه وفتوته أيضا، بداية من البيوت المسكونة وشارع شبرا وسينما المسرة،و سجائر البحار،وزجاجات الخمر المعتق وأوراق الكتب الصفراء . هنا أيضا ترام الليل الأخير وذلك العُري النبيل المنحوت من رخام وردي.موقف السيارات وبائعو فاكهة وبيوت. كل هذا موجود وأكثر،حتى الابتسامة ذاتها رغم مرور السنوات الطويلة تعود بدعوة (كن) من فم الراوي، فتكون، هكذا أراد لنا سيد الوكيل أن نرى تفاصيل المشهد في كتابه( لمح البصر) الذي صدر مؤخرا عن دار روافد بالقاهرة.
يرى شاكر عبدالحميد فى كتاب"الأدب والجنون": أن موضوع التداعى الحر والترابطات المفككة والمنطلقة كظاهرة وكأسلوب للدراسة والعلاج هو موضوع مشترك، فبدراسات الأحلام ودراسات المرض العقلى, وفى عديد من الاتجاهات الفنية المعاصرة, وبصفة خاصة السريالية ارتبط العقل عبر التاريخ بالمنطق والنور والوضوح والفهم والنهار والطمأنينة, بينما ارتبط الجنون وكذلك الأحلام بالفوضى والظلام والغموض والليل وعدم القابلية للفهم والخوف" من هذه الخلفية التي قدمت عن العلاقة بين الأدب والجنون نرى أن نجيب محفوظ فاجأنا قبيل وفاته بنوع أدبي جديد، ولما لا وهو صاحب مشاريع مغايرة ومتمايزة في الكتابة؟!
ذلك النوع الأدبي الفريد مشى على خطوه، بعد أن فك رموزه وامتلك لغته الكاتب سيد الوكيل. يعتبر الإهداء الذي صدر به الوكيل كتابه دالا على ذلك:"إلى نجيب محفوظ،سارد الأحلام العظيم،الذي جاءني في المنام،وأعطيته حجرا،فقبله".هنا الحقيقة كما ينبغي،فسيد الكتابة، نجيب محفوظ هو الولي والوكيل هو المريد المحب الواصل.هكذا أحسست وأنا أنتهي من الحلم الأخير، فالكشف عما وراء الرحلة هدف سعى إليه محفوظ، ومن ثم سيد الوكيل، وكما اعتمد نجيب في أحلامه على قواعد علم النفس والفلسفة عند فرويد اعتمد أيضا الوكيل وإن استفاد الوكيل أكثرمن المدارس المتعددة التي صار التعرف عليها أكثر سهولة بسبب العولمة. لنتأمل قول محفوظ في " أحلام فترة النقاهة": في سفينة عابرة للمحيط. الناس من كل لون ولغات شتى. وكنا نتوقع هبوب ريح وهبت الريح واختفى الأفق خلف الأمواج الغاضبة، إني ذعرت ولكن أحداً لم يكن يعني بأحد. وقال لي خاطر إنني وحيد في أعماق المحيط. وأنه لا نجاة من الهول المحيط إلا بأن يكون الأمر كابوساً وينقشع بيقظة دافئة بالسرور. والريح تشتد والسفينة كرة تتقاذفها الأمواج. وظهر أمامي فجأة حمزة أفندي مدرس الحساب بخيزرانته وحدجني بنظرة متسائلة عن الواجب. كان الإهمال الواحد بعشر خيزرانات تكوي الأصابع كياً. وازددت كرها من ذكريات تلك الأيام .وهممت بدق عنقه، ولكني خفت أن يكون أي خطأ سببا في هلاكي، فسكت على الذل وتجرعته رغم جفاف ريقي. ورأيت حبيبتي، فهرعت نحوها أشق طريقاً بين عشرات المذهولين. ولكنها لم تعرفني وتولت عني وهي تعلن ساخطة وجرت نحو حافة السفينة ورمت بنفسها في العاصفة واعتقدت أنها تبين لي طريق الخلاص، فجريت متعثراً نحو حافة السفينة، ولكن مدرس الحساب القديم اعترض سبيلي ملوحا بعصاه".صار محفوظ فى غنى عن التفاصيل والحواشى والزوائد، فهو يعمد إلى اللب والجوهر مباشرة ويقود المتلقى إلى الحقيقة من أقصر الدروب.ومن خلف ذلك الحلم يمكن لنا أن نتبع العلامات لنكتشف أن الحياة هي شبه مأساة مليئة بالأهوال.الكل فيها يشعر بالوحدة والضياع علي تلك السفينة ،والبحث عن المنقذ شيئ أصيل وحقيقي في رحلة البحث تلك.هناك من يمسك بالعصا ليعدل لنا طريق المضي.وحتى لو فتحت لنا طرق أخرى للمرور نراهم وقد اغلقوا أمامنا كل كوة ولو ظهرت على حائط أحلامنا.ومن تتبعنا هذا نكتشف كيف امتلك رؤية فرويد على محصلة الحلم. في حين كتب الوكيل:"كنت في قاع سفينة،وحشد من عبيد ترسف في أغلالها،وكنت مسؤلآ عنهم،فيما كانت النار تحيط بالعنبر المكتظ بالصراخ والفزع،بيني وبينهم باب من أسياخ الحديد،موصودة بجنزير وقفل مفتاحه ليس معي،يصرخون وأصرخ مثلهم.كنت بلا حيلة حتي وجدتني علي سطح السفينة ،بين العبيد الذين نجوا،وحولنا عشرات من جثث لعبيد ملفوفة في أكفان بيضاء.فيما كان الربان يأمرنا أن نلقي بها في البحر،جثة ..جثة. ها أنا بين الذين نجوا،أحمل جثة على كتفي،وأدور بها بين جنبات سفينة تشتعل في أسفلها كانت جثة أبي،ولا أعرف ماذا أفعل بها.غير أن أدور،علي سطح سفينة تحترق،وغالبا ستغرق".
إن سيد الوكيل بعد أن درس أحلام نجيب وسبر أغوارها جيدا قرر ذات يوم أن ينتقل إلى المستوى الأكثر تطورا وهو تحويل الأفكار إلى مشاهد وأحداث يقوم بها أشخاص تدب فيهم الحياة, وهذا التحويل هو نفس ما يحدث فى الحلم حيث تتحول المشاعر والدوافع والذكريات إلى أفكار,ثم تتحول الأفكار إلى مشاهد وأحداث تجري على يد أشخاص.هنا يطرح الوكيل حلمه المشابه لحلم نجيب من حيث الرؤية لكنه يختلف معه في التناول، فعلم النفسي التحليلي ليونج جذب الأساطير،والخرافات لمساعدة الإنسان الحديث في البحث عن السعادة .ومن هنا أتى سيد الوكيل بالأب الذي يحمل بجوار الشدة والعنف يحمل الحب والأساطير أيضا، ليحمله فوق ظهره عكس محفوظ الذي أتى بالاستاذ الذي ظل مع الأيام يحمل عصا يغلق بها أي ممرات أو طرق جديدة.كما طرح فكرة جديدة حول كذب الماء،فهو أبدا لا يستقر علي حال،فهو في الأهوال قاسي القلب،قاتل عنيد .أما إن كان رائقا، فهو بحيرة مليئة بالأعاجيب.كما أن أبطاله دائما يعرفون عملهم جيدا،ولا يحتاجون إلى العنف في التعامل معهم،وذلك لأن سيد الوكيل قد منحهم القوة التي تكفيهم ولا تزيد.لكي يقوم كل شخص داخل أحلامه بعمله علي نحو دقيق،فحين وقف بطله ولم يكن لديه قدرة علي الرجوع للوراء.حاول أحد المساعد بأن يدفعه إلى نهاية الممر، فلم يستجب له. فقط لأنه يعلم أنه في نهاية الممر سيكون في استقبال بطله أناس مدججون بالهراوات.وهو يعلم أيضا أن تلك الزخات من الألم ستُشوش عليه الرؤية.وهو فقط يريد أن يكتشف بطله فتنة الثديين،دون تلك الزخات.ولهذا لا يتركه أبدا يضعف بيديه يحميه ويتلاقى عنه الخبطات،لأنه هو الوحيد الذي لامس فتنة الثديين.لقد أكد الوكيل في لمح البصر ما طرحه سيد الكتابة حين كتب الأحلام، ليظهر في سماء أدبنا جنس جديد على الكتاب الحقيقيين أن ينتبهوا إليه.



#سعيد_نوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسئلة كثيرة وما من إجابات في رواية -حكايات صغيرة للشيطان- د. ...
- حكايات صغيرة للشيطان
- خيوط الزمن التي صاغت عالم بيتر بروك الجمالي
- قراءة في -الكاتب والمهرج والملاك الذي هناك -.. الروائي المصر ...
- فصل من رواية الكاتب والمهرج والملاك الذي هناك ..سعيد نوح
- شهادة روائية لسعيد نوح ..روائي مصري
- إشكالية الدين والسياسة في تونس
- غياب العقل النقدي والتمسك بالنقل والمتن على حساب النص من أهم ...
- خدني المظاهرة يا حبيبي معاك / شهادة أدبية
- سعيد نوح رئيس لمصر .. كتب عليك يا ابن نوح أنك مخلوع مخلوع
- علاقة اللغة والمجاز ورؤية الإنسان للكون في كتاب المجاز واللغ ...
- الفصل الأول من رواية ملاك الفرصة الأخيرة
- الفصل الثاني من رواية ثلاثية الشماس
- قصة قصيرة:الشيخ قاسم
- قصة :عريف أول
- قصة :في انتظار اللقاء الثاني
- قصة: ثلاثية الشماس
- قصة : كما يجب عليك قبل أن تحتل المقعد الأخير
- مقال
- قصة حذاء عمي اللميع


المزيد.....




- من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم ...
- الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
- ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي ...
- حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد نوح - لا شيئ يأتي من الذاكرة، فلا ذاكرة هناك..قراءة في لمح البصر لسيد الوكيل