|
أديب في الجنة (81) * هذيانات وكوابيس لقمانية !
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 5186 - 2016 / 6 / 7 - 09:13
المحور:
الادب والفن
أديب في الجنة (81) * هذيانات وكوابيس لقمانية ! صدمة كبيرة أوقعها سحب السماوات في نفس الملك لقمان بتدميره للكوكب الجني وإبادة سكانه . فإذا كان هذا العمل ليس إلا البداية فما الذي ستشهده الأيام والأعوام القادمة ، هل سيقوم سحب بتدمير كوكب الأرض أحب الكواكب إلى قلبه كونه ينتمي إليه ؟ حين التقاه بعد بضعة أيام من تدمير كوكب الجن ، أخبره أن ما يظن أنه أقامه على الأرض من محبة وسلام مجرد وهم لا غير ، وأن القتل والسحل والإغتصاب والإحتلال واضطهاد وقتل الشعوب وتجويعها ،أمور ما تزال تجري بكل الوسائل الممكنة، وأعلن أنه سيعلق آلاف الزعماء على كوكب الأرض من أرجلهم ويجعلهم يحلقون في سماء المدن والعواصم، وأنه سيقلب بعض المدن والعواصم رأسا على عقب ويجعل عاليها أسفلها ، وأن على أبيه أن يخرج من عالم الخيال والأوهام ويعود إلى الواقع . وحين عارضه الملك محتجا على سوء ما تضمره نفسه من عدوانية فظيعة، هتف في وجهه بانفعال " أنت وهم يا أبي ووجودك وهم ومحض خيال ، وتحيا في واقع متوهم ينبغي عليك الخروج منه. العدالة الإنسانية لا يمكن أن تتحقق بسلام "! وقع الملك بعد هذا اللقاء في حالة من الإضطراب النفسي والإكتئاب وراح يهذي في نومه بمفردات الواقع والخيال والوهم ، حتى أن حالات الشك في وجوده عادت تدهمه بين فترة وأخرى . استيقظت الملكة على هذيانات واضطرابات مختلفة كانت تنتابه ذات ليلة في نومه، وشرعت في تجفيف عرقه المتصبب. استيقظ هلعا . راح يستعيد بعض وعيه وهو يتأمل وجه الملكة . سألها بريبة : - أين أنا ؟ أدركت الملكة أنه لم يستعد كامل وعيه بعد : مسحت بيدها على جبينه ووجنتيه وهي تردد: - - اسم الله عليك يا حبيبي ، أنت بين أحضاني ! - ومن أنت ؟ - أنا حبيبتك الملكة نور السماء! - ومن أنا ؟ - أنت الملك لقمان يا حبيبي ! - وهل أنا موجود ؟ - أكيد يا حبيبي أنت موجود !! - وهل وجودي مجرد وهم أم أنه حقيقة ؟ ضمته الملكة إليها وهي تميل بجسدها حانية عليه : - حقيقة يا حبيبي حقيقة . - وهل أنا نتاج خيال أم أنني واقع ؟ أدركت الملكة عمق السؤال ، مما يشير إلى أن الملك بدأ يستعيد كامل وعيه ! - أنت واقع يا حبيبي ! - واقع متخيل وليس واقعا واقعيا أليس كذلك ؟ - حبيبي أنت موجود إن كنت واقعا واقعيا أو واقعا متخيلا . - اليس الواقع المتخيل وهما ؟ - لا ياحبيبي ، إذا كان الواقع المتخيل وهما ، فإن وجودنا وهمي كوننا نتاج خيال إلهي من ضمن التخيل الإلهي للوجود ! ولذلك لسنا وهما ! - وهم رباني ؟! - حبيبي ! دعك من الأسئلة الصعبة ! - طيب قول لي بصدق ، هل أنا الملك لقمان أم محمود شاهين !! - حبيبي أين سرح عقلك ؟ أنت الملك لقمان ولن تكون إلا الملك لقمان ! - إذن أنا الشخصية الإنفصامية لمحمود شاهين ! - لا يا حبيبي ! - إذن نتاج خياله ! - لا ! لأنك لست مجرد خيال أو وهم . أنت مكون من لحم ودم ! شرع الملك في الضحك على اللحم والدم وهو يحاول قدر الإمكان الخروج من حالة القلق والأسئلة الصعبة . فطلب من الملكة أن تأتيه بكأس خمر . نهضت الملكة وأتت بكأسين . استند الملك في السرير لتستند الملكة إلى جانبه . هتف بعد أن شرب نخب الملكة وأطرق للحظات : - هل تظنين أن ابننا عدواني ؟ - لا أظن يا حبيبي ! - بماذا تفسرين تدمير كوكب الجن وإبادة سكانه ؟ - رغبة في الإنتقام ممن عادونا ! - أليست الرغبة في الإنتقام عدوانية ؟ - السؤال الأهم هو من كان السبب في إيجاد الرغبة ؟ - أشعر أن ما جرى هو عدوانية أنتجت عدوانية أفظع منها لمواجهتها ،وليس مجرد رغبة في إحقاق حق أو انتقام ممكن ،كهزيمة الجيش مثلا .. - إنس الأمر يا حبيبي لترتاح ! - كيف أنسى يا حبيبتي وابني أوقعني في كوابيس وهو يرى أنني مجرد وهم يحيا في عالم وهمي ؟ - طرح الأسئلة غير المعقولة يقودنا إلى اللا معقول ! - طيب ! سأطرح سؤالا معقولا ! من أين جاءت هذه النزعة في الإنتقام الفظيع إلى نفسية ابننا وهو لم يعش في مجتمع يورثه أو يكسبه نزعات غير إنسانية ؟ صمتت الملكة مطرقة للحظات وما لبثت أن هتفت بما صعق الملك ! - اكتسبها منك يا حبيبي ! عدل الملك جلسته وهو ينظر إلى وجه الملكة ليهتف بانفعال : - مني أنا ؟ - أجل يا حبيبي . انسيت أن ابنك اكتسب كل مورثاتك بما في ذلك رغباتك المكبوتة في الإنتقام ممن أساؤوا إليك أو إلى غيرك ؟! - يا إلهي يا إلهي ! - آسفة يا حبيبي إذا أزعجتك ! - أبدا يا حبيبتي ! إنك تقولين الحقيقة !! ***** لم تمر سوى بضعة أيام حين رأى الملك لقمان كابوسا فظيعا لم يشهده امرؤ على الإطلاق . رأى سحب السماوات يقيم القيامة على كوكب الأرض . يقلب مدينة تل أبيب وبعض مدن العالم رأسا على عقب ! ويدمر مئات القصور بأن يجعل عاليها أسفلها أيضا ،ويعلق آلاف الزعماء والقادة من أرجلهم ويجعلهم يجوبون فضاء المدن والعواصم، ويدمر ملايين السفن الحربية والغواصات وحاملات الطائرات والمطارات والقواعد العسكرية بكل أشكالها ، وينزع كافة أنواع السلاح من الكوكب ويدمرها، موظفا ملايين جنود الجن لتنفيذ أوامره ،فيما ملايين البشر يرقبون بدهشة بالغة كل ما يجري على الكوكب ، وصوت سحب السماوات يتردد من كافة أرجاء الكوكب ومن كافة فضاءاته معلنا بصرامة توحيد دول الكوكب والقضاء على الفقر والجوع وتحقيق فرص عمل للجميع وتحقيق قيم الحق والعدل والمحبة والجمال وبناء الحضارة الإنسانية ، وعدم التفريق بين الأمم والشعوب معلنا أن أمم كوكب الأرض أمة واحدة ،لا فرق بين أوروبي وآسيوي ،وبين أمريكي شمالي وأمريكي جنوبيا . انتفض الملك لقمان في سريره وهو يرى إلى مجموعة من الزعماء الشرق أوسطيين محمولين من أرجلهم بمخالب نسور عملاقة تجوب بهم فضاء المدن والعواصم ، وقد تدلت أيديهم أسفل أجسادهم دون أن يأتوا إلا القليل من الحركات العشوئية العابثة في الفضاء في محاولة منهم للإحساس بالرمق الأخير من الحياة وليس النجاة بالتأكيد .هب الملك جالسا في السرير لتستيقظ الملكة على انتفاضة جسده التي كانت مروعة بحيث كاد أن يقذف نفسه خارج السرير . احتضنته الملكة وراحت تهدئ من روعه . أحضرت له كاس ماء ، ولأول مرة بدأ ينتابها إحساس بالندم على الإلحاح الذي مارسته على الملك لقمان لتنجب طفلا ، فكان سحب اللسماوات ، ألذي وكما يبدو أنه أحال حياة أبيه إلى جحيم . هتف والملكة تمسح وجهة مبسملة : - سيقتلني سحب السماوات يا حبيبتي . يريد أن يحقق بالحرب والدمار ما يظن أنني لم أستطع تحقيقه بالسلم ! ضمته الملكة إلى حضنها وشرعت لأول مرة في البكاء للحال الذي آل إليه الملك . **** يتبع
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أديب في الجنة (80) حرب طاحنة وسحب سماوية !
-
الدين والعقل البشري! خواطر . تأملات . مقولات ومقالات. (5)
-
في الجميل والأجمل ! شاهينيات ( 1241)
-
تعريف المصطلحات في مذهب - وحدة الوجود الحديث- شاهينيات ( 124
...
-
واحسرتاه على الطفولة القتيلة !
-
*في الألوهة وتعريفها وفعلها ! شاهينيات ( 1229 )
-
* وعي الألوهة بين المادة والطاقة ! شاهينيات 1228
-
أديب في الجنة (79) * عجائب الزمان في عرس الأميرة والأمير .
-
أديب في الجنة (78) * حب عابر للكواكب!!
-
* في الخالق والخلق والغباء الثقافي والدكتاتورية!
-
أديب في الجنة (77) * - حوار الحضارات - وأميرة تقع في حب سحب
...
-
أديب في الجنة 76 * اسطورة الأساطير في جمال سحب السماوات !
-
أديب في الجنة (75) * الملك والظبية واللبؤة وخرق قوانين الطبي
...
-
شاهينيات صادمة تقدس الأنثى ! !
-
كعب الحذاء غير النبيل !! * الأبوة بين الرضا والغضب !
-
شاهينيات صادمة جدا جدا !!
-
أديب في الجنة (74) * لا حضارة دون عقل حر!
-
أديب في الجنة (73) * الخالق بين التنزيه والتشبيه وقوانين الخ
...
-
* في الخلق الخالق . وفي المادة والطاقة ! شاهينيات 1185
-
أديب في الجنة (72) * هول التكهنات وسحر المعجزات في شخصية سحب
...
المزيد.....
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|