|
لهؤلاء نكتب.
نضال الربضي
الحوار المتمدن-العدد: 5185 - 2016 / 6 / 6 - 22:18
المحور:
المجتمع المدني
لهؤلاء نكتب.
منذ أن بدأت الكتابة َ على موقع الحوار المتمدّن حرصت ُ على أن أبقي خانة التعليقات مفتوحة للقراء الكرام يسجلون فيها ما يرون في مقالاتي، كما و تركت ُ خانة َ التقيم العددي كذلك لكي تساعدني على فهم المزاج العام لمن يختارون تقيم مقالاتي.
بشكل ٍ عام تحظى مقالاتي بإعجاب 4 من كل 10 أشخاص، و في مرات كثيرة يتدنى التقيم ليبلغ 2 من 10، و خصوصاً في المقالات الإنسانية التي تطرح رؤية جديدة تصالحية إنسانية، لموضوع جدلي مثير للخصومات.
تميزت كثير من التعليقات في الماضية بحدَّتها و اصطدم معي بعض المعلقين كائلين لي الاتهامات المتناقضة التي ليس لها سند و لا عليها دليل، و منها أنني:
- مسيحي مستتر يطعن في الإسلام. - مسلم مستتر يطعن في المسيحية. - مصاب بعقدة استوكهولم أي مسيحي عاشق للذل الإسلامي. - مُنتفع مادِّيا ً أو باحث عن انتفاع مادي من الموقع. - طالب شهرة. - مُتسلق متزلف للأجهزة الأمنية. - رجل مخابرات أردني يتصيد المعلقين.
و اتهامات كثيرة أخرى تدور في المحاور السابقة كان آخرها دخول شخص يعلق باسم "متابع بصمت" على خط الحوار بيني و بين الأستاذ الجليل قاسم حسن محاجنة في معرض مقاله الأخير الذي يفتقد فيه حضور الدكتور أفنان القاسم، و على الرغم أنني أعلم اسم هذا الشخص و من هو إلا أنني أرفض أن أنحدر إلى مستوى الفجور في الخصومة لأفضحه أمام الكتاب و المعلقين، فالصفح عن الكرام من شيم الكرام، و كفى بهذا و أحسبه قادرا ً على الفهم.
يا ترى لماذا يكيلون لي هذه الاتهامات؟
هناك عدة أسباب جميعها تتعلق بالثقافة الكارثية للمجتمعات العربية:
- أولها أن العربي يجنح ُ على الأغلب إلى أن يرى انتقاصا ً من قدره في رأي جديد ٍ مخالف ٍ لثوابته. إن هذا الاختلاف بمثابة ِ ضربة ٍ شخصية ٍ له على الرغم أن صاحبه (أي الاختلاف) لم يُبد ِ سوى نظرة ٍ أخرى هي من حقِّه، لا تستلزم ُ بالضرورة وجود َ حقد ٍ سابق أو نيِّة ِ أذى ً لاحقة. إنه اختلاف ليس إلا.
- أما ثانيها فهي أن العربي مُحمَّل ٌ بتركة ٍ ثقيلة تُخوِّن ُ الآخر و ترى فيه عدوَّا ً، و بالتالي تنظر ُ لشخصه ِ و تتخذ الموقف َ منه بناء ً على هذا الموقف المُسبق لا بناء ً على مُحتوى الفعل أو الكلمة التي يتَّخذها أو يبديها الآخر. و من هنا تبدو كل ُّ كلمة ٍ صادقة إما تزلُّفا ً أو نفاقا ً أو أداة ً للولوج إلى عمق الآخر لتدميره. كل ُّ فعل خيِّر ٍ يبدو حصان طروادة، و أما أي ُّ فعل ٍ خبيث فيصبح ُ تأكيدا ً على صلاحية قاعدة التخوين. إننا هنا أمام رفض ٍ للآخر كونه فقط: الآخر.
- أما ثالثهما فهو الانشغال السفسطائي الكارثي بالسجالات و الحوارات من أجل ذاتها، لا من أجل منفعة ٍ أو فائدة أو التقاء ٍ مع الآخر، و هذه لوحدها تُعمي بصيرة العقل، و تشحن النفس َ بالغضب، و تطلب ُ الانتقام َ، و تُشعل معارك وهمية دونكيشوتية لا طائل َ من ورائها.
إن الخطر الأعظم الذي يتهدَّد ُ مجتمعاتنا العربية هو الخوفُ من قبول التشخيص الصادق للواقع، لما يستتبِعُهُ من خيارات صعبة تُحتِّم إعادة تعريف ٍ للهوية الفردية للشخص، و الهوية ِ الجمعية للأمَّة، و للعلاقات ما بين أفرادها، و بالتالي استحداث شبكة علاقات جديدة بالضرورة مع الآخر على ضوء الهويِّة ِ الجديدة. و عندما نتحدَّث ُ عن هويَّة ٍ جديدة فإن َّ أشد َّ ما يمكن أن يُثقل النفس َ عند العربي هو فكرة التخلي عن الثقة بالنفس و القبول بالتبعية للآخر، و هذا لا أبعد منه عن الحقيقة عندي، و يُحمل ُ على انعدام الرؤية عند حامل هذا الهاجس، و سوء فهمه للآليات و المقاصد.
إن الهوية الجديدة التي أريدها لأمَّتنا هي الهوية الشرقية الأصيلة المتجذِّرة في ثقتنا كعرب بأنفسنا و عقولنا و مقدرتنا على فهم الواقع و التفاعل معه ثم استحداث الحلول المناسبة. إنها هُويَّة ٌ جديدة ٌ كريمة لا تتخذ جذورا ً لها سيفا ً و لا حصانا ً و لا فخرا ً بالكلام، لكن تُعانق العلم، و تسعى وراء البحث، و تُنقِّب ُ عن الأصول ِ الصحيحة ِ للفكر الإنساني المنطقي.
مقالتي هذه سأفتحها شأن سابقاتها للتعليق، و للتقيم، و إنِّي على ثقة ً أنها لن تكون أفضل تقيما ً و لا أغنى تعليقا ً، فالمقالات لا تغير الشعوب، إنَّما نكتب ُ لتقرأ الناس، و ليأتي أحدهم، و لو فقط واحد في يده ِ أن يغيِّر، فيرى، و يسعى و يبني زخما ً إنسانيا ً جميلاً ننطلق ُ منه، أو تقرأ شابَّة ٌ في مُقتبل العمر فتفكِّر و تُفكِّر و تُفكِّر، و تفك َّ نفسها و معها أخريات من عبودية ٍ ثقيلة، أو يتَّخذ شاب ٌ في بداية ِ مشواره من أسلوبي في التفكير و الاستدلال منهجا ً يبدأ ُ منه و لا أقول ُ يستنسِخُه لكي يصل إلى منطقه الإنساني، علَّنا نتغير.
من له عقل ٌ للفهم فليفهم.
#نضال_الربضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن محمد علي كلاي – نعي ٌ و قراءة إنسانية.
-
قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 9 – ما قبل المسيحية – 4.
-
طرطوس و جبلة - ملاحظة تختصر ُ تاريخا ً و حاضرا ً و منهجاً.
-
قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 8 – ما قبل المسيحية – 3.
-
مدخل لقراءة في الثورات العربية - ملخص كتاب - سيكولوجية الجما
...
-
بوح في جدليات - 18 – ابصق ابصق يا شحلمون.
-
قراءة في اللادينية – 8 - ضوء على الإيمان، مُستتبَعاً من: علم
...
-
قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 7 – ما قبل المسيحية –ج2.
-
قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 6 – ما قبل المسيحية – ج1.
-
بوح في جدليات – 17 – من حُلو ِ الزِّمان ِ و رِديَّه.
-
قراءة في اللادينية – 7 - الأخلاق مُستتبَعة ً من: علم النفس –
...
-
قراءة من سفر التطور – 8 – ال 4 التي تأتي بال 1.
-
وزيرٌ تحت سنِّ ال 25
-
قراءة من سفر التطور – 7 – عذرا ً توقيعك غير معروف لدينا!
-
قراءة في الوجود – 6 - الوعي الجديد كمفتاح لفهم ماهيته.
-
بوح في جدليات – 16 – حيٌّ هو باخوس.
-
قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 5 – الماهيَّة و الجذر – ج4.
-
عن: أشرقت قطنان.
-
الدكتور أفنان القاسم و خلافته الباريسية.
-
بوح في جدليات – 15 – حينَ أغمضت َ عينيكَ باكراً
المزيد.....
-
RT ترصد حركة النازحين بين لبنان وسوريا
-
المفوض الاممي لحقوق الانسان: التهجير القسري الذي ينفذه الجيش
...
-
المفوض الاممي لحقوق الانسان: نتائج التقرير الاخير للتصنيف ال
...
-
المفوض الاممي لحقوق الانسان: لا يمكن للعالم ان يسمح بحدوث مج
...
-
المفوض الاممي لحقوق الانسان: -اسرائيل- ملزمة بتسهيل تدفق الم
...
-
الأمم المتحدة تحذر من -مجاعة كارثية- هذا الشتاء في غزة
-
الاتحاد الأوروبي يدعو لتبني قوانين وإجراءات عاجلة لترحيل الل
...
-
الأمم المتحدة تندد باستخدام إسرائيل أساليب -فتاكة- في الضفة
...
-
صدام حسين ويحيى السنوار .. بعثة إيران لدى الأمم المتحدة تقار
...
-
صدام حسين ويحيى السنوار .. بعثة إيران لدى الأمم المتحدة تقار
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|