أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رمسيس حنا - المنير















المزيد.....

المنير


رمسيس حنا

الحوار المتمدن-العدد: 5184 - 2016 / 6 / 5 - 23:37
المحور: الادب والفن
    


لم يكن فلاحاً بالمعنى المهنى للكلمة – هذا ما يتبادر الى ذهنك عندما تراه لأول وهلة – و لكنه كان فلاحاً بإنتمائه الى هذه الطبقة الكادحة و بإرتباطه بهم بالجوهر و الروح و العقل و الجسد ليبدو ذلك فى تعامله مع أفرادها كونهم السواد الأعظم فى قرية "نهريس" الوادعة الواقعة فى البر الغربى لنهر النيل فى قلب صعيد مصر، و التى تتجسد كل هموم أهلها فى السعى الدؤوب للحصول على لقمة العيش و توفير حاجات أطفالهم الضرورية و تربيتهم على أمل أن تكون ظروفهم المعيشية أرحب فلا يضطرون أن يرثوا والديهم فى أعمال الفلاحة التى تورث معها مرض البلهارسيا و توابعها من سرطانات الكبد و الكلية و البروستاتا و البنكرياس و أمراض الجهاز الهضمى و الجهاز البولى.

كانت ملكية الأسرة الواحدة فى معظم الحالات لا تتعدى ستة قراريط (ربع فدان) أو على الأكثر ثنتا عشر قيراطاً (نصف فدان) بينما الذين يملكون خمسة أفدنة فما أكثر لم يكونوا من طبقة الفلاحين بل يطلق عليهم طبقة المزارعين، و القلائل من العوائل تملك الواحدة منهم ثمانية أفدنة. أما الأسر التى تملك الواحدة منهم أكثر من عشرة أفدنة لا يتعدون أصابع اليد. و البقية الباقية أُجراء ... و لكن لا أحد يبات جوعاناً ... فأى شخص من القرية أو حتى غريب عنها يمكنه أن يطلب طعام وجبته من أى بيت يقف أمامه حتى لو كانوا أهله من الأُجراء أو المعدمين.

و بغض النظر عن كل هذا فأنت واحد منهم... و أنت المنير بهم و لهم ... و أنت الحاضر بهم... و أنت الغائب لهم ... فأنت الإنتماء إذا فتحت مقبرتك و وجدت بعضاً منك مسجى فى تابوت ذاكرتى التى تتشح بأكفان التناسى و تلهث وراء السلوى و العزاء بدون جدوى و بدون طائل ... أنت العطاء بدون مقابل عندما لا يجد الحب مكاناً فى أطلال القلوب و خرائب الأنفس و رمائم الأرواح ... و أنت البسمة المرسومة على شفاة الضعفاء عندما تكفهر فى وجوههم قسوة المعيشة و يشيح الحظ بوجهه عنهم... و كأن عجلة الحظ قد توقفت من ثقل و كثرة الذين يقبعون فى قاعها... و القابعون فى القاع هم جهنوم القاطنين المتربعين على قمتها... لم تلق بالاً لِما يقوله أدعياء الشرف و النزاهة و هم يبنون أمجادهم على مزاريق الظلم و على رُفات العدل و يثبتون أقدامهم على صخور التحجر و يتراقصون على أنات الجوعى ... و عندما كنت تقدم خدماتك لأهل قريتك... كنت تبدو لهم و كأنك خازن الفرعون الذى لا يفرغ وعاء شهامته و لا ينضب له معين الرجولة... أنت الخادم للجميع... و عفة نفسك هى العرش الذى يحملك فكأنك الفرعون نفسه الذى يفتح كنوزه و يهب من عطاياه للذين يحبونه و للذين يبغضونه. و هل كان يبغضك أحد ايها الغائب الحاضر؟؟ فربما تكون أنت من القلائل الذين أجمعت علي حبه غالبية القاطنين فى القرية من طبقة المهمشين و المعدمين، فأنت واحد منهم و هم جزء منك.

و كأن الإنتماء و الحب قد تجسدا فى أنسان يسير على الأرض. لا يهمك ما يقوله وكلاء الإله عنك، و لكن يهمك كم ذلك الحب الذى تشعر به نحو الناس و الذى كان يتجلى واضحاً فيما تقدمه لهم من خدمات... لم يسألك أحد شيئاً و ضننت به عليه... لم يطلب منك أحد – كبير أو صغير، رجل أو إمرأة – طلباَ و رددته خائباً حتى و لو كانت الخدمة تفوق طاقتك ... لم تكن ذى سلطة أو وظيفة مرموقة ليتسنى لك تلبية كل ما يُطلب منك ... فأنت أمين مخزن لالات رش المبيدات الحشرية التابع للجمعية الزراعية بالقرية ... و لكنك فى واقع الأمر أنت مستشارهم الزراعى ... يأتونك بشكاواهم من الأَفات فتحدد نوع الأفة و تقرر العلاج ... كنت تعلم ما يعانيه صغار صغار الفلاحين عندما تنظم الحكومة الدورات الزراعية التى كان معظمها يهدف لزراعة القطن... و كنت ترى فيها أنها فرص عمل للذين لا يحوذون على قبول أصحاب مساحات الأرض الكبيرة للعمل فيها.

هل تتذكر ماذا قلت لى عندما سألتك لماذا لا تتدع الحكومة الفلاحين يزرعون بحريتهم ما يريدون زراعته؟ يومها ما كنت أعلم أن إجابتك كانت المدخل الذى منه فهمت مادة التربية الوطنية و التى قادتنى لأن أقرأ و أفهم معنى كلمة "إنتماء" و معنى كلمة "سياسة". قلت لى: أن القطن المصرى هو عماد صناعة النسيج فى مصر و فى نفس الوقت هو تطلع كثير من الدول الصناعية للحصول عليه ... ثم واصلت كلامك لى: "أحلم باليوم الذى لا تصدر فيه مصر قطنها و تصدره مصُنعا نسيجاً و ملابس جاهزة." و فى مناسبة أخرى قلت لنا كمجموعة تلاميذ فى طريقهم الى المدرسة: "مصر يجب أن يكون لها مكانة على الأقل تحت الشمس إن لم يكن وراءها فى عالم تتسابق فيه الدول المتقدمة لكى يزرعوا البحار بل لكى يستعمروا القمر و الكواكب الأخرى. و لا يكفى أن يحمل المُنْتَج علامة (100% Egyptian Cotton) "100% قطن مصرى" لكى يشق طريقه الى القمة فى منافسته للألياف الصناعية، و لكن الأهم هى أن تحمل العلامة "صُنع فى مصر" (Made in Egypt).

عجيب أمرك الذى يبدو متناقضاً ... مرة أراك أقصى اليمين و مرة أراك أقصى اليسار ... و مرات كثيرة لا أستطيع أن أحدد مكانك... كان يربك تفكيرى أن أراك سعيداً و متحمساً لكبار مُلاك الأرض و أراك أيضاً تتعاطف مع صغار الملاك و مع الفلاحين المعدمين الأُجراء... أراك متحمسا و مشجعاً لى أن أتعلم و أن أرتقى المناصب العلمية ... و أراك تشجعنى و تفخر بى و أنا أقوم بتفليح الأرض... لم تتحدث معى عن سلبيات أى نظام سواءاً كان النظام دينياً أو سياسياً أو إقتصادياُ... بل كان التعليم هو كل ما يشغلك... قلت لى لا تهم الوظيفة أو المنصب... و لكن الأهم هو العلم و التعليم. الإنسان المتعلم و المضطلع على كل جديد فى العلم يصنع الوظيفة أو المهنة لنفسه... أما الشخصية التى تصنعها الوظيفة أو يصنعها المنصب شخصية مؤقتة تموت جذورها بجفاف تربتها... شخصية لا كيان لها من ذاتها... تتأثر و لا تؤثر... لا تُغير محيطها أو بيئتها... و لا مقدرة لها على التأقلم.

لم يذهب منير تامر هواش الى مدرسة و لكنه تعلم القراءة و الكتابة و الحساب باللغة العربية، كما تعلم اللغة القبطية قراءةً و كتابةً فى كُتَّاب القرية التابع للكنيسة.

عندما كان يجلس منير و أصحابه المقربون يتسامرون أمام المنزل كنت أترك مذاكرة دروسى و أتلصص عليهم فى أحاديثهم و هم يتناقشون: البيضة أم الكتكوت أولاً ...؟؟ العفاريت موجودة أم هى من خلق عقل الإنسان...؟؟ هل للقتيل شبح يظهر لمن يريده المرحوم أن يأخذ بثأره...؟؟ و هل العفاريت تسكن البيوت المهجورة...؟؟ و هل جنة عدن موجودة باليمن...؟؟ و هل الموتى يشعرون بالأحياء...؟؟ و أين تذهب الأرواح بعد أن تغادر أجسادها...؟؟ و هل الموتى يشعرون بمن يزور قبورهم...؟؟ و هل يمكن أن تضل الأرواح طريقها الى مكان الإنتظار...؟؟ و حتى فى أحاديث السياسة و الإقتصاد... و الحرب و السلام... كانت اَراءهم متباينة... و كل منهم له حجته التى يساند بها رأيه بدون تعصب أو تحامل.

و كان منير مبدعاً للنكتة العملية و مطبقاً للفرضيات التى كانوا يتوصلون اليها فى نقاشاتهم خاصة و أنه كان يقطن فى بيت جده القديم فى حارة طويلة ضيقة و كان الظلام يلف الحارة كلها بعد غروب الشمس مباشرة... فكان هو الروح الهائمة... و هو يُخْرِج الكتكوت من البيضة لمن يعتقد أن البيضة خُلِقت قبل الكتكوت... و كان هو الذى يُخْرِج البيضة من الكتكوت لمن يعتقد أن الكتكوت وُجِد قبل البيضة... و كان يلعب دور العفريت ... و دور الشبح ... لمن كانوا يؤمنون بهما... و كانت المواقف التى تنجم من هذه الأدوار هى مادة الترفيه و الضحك لسهراتهم التالية ... كانوا يفرحون معاً... و كانوا يحزنون معاً... و كانوا يمزحون معاً... و كانوا يجدون معاً... كانوا يحبون و لا يكرهون... كانت تملئهم الحياة و لا يهابون الموت... كان يهمهم العطاء و لا يأبهون بالأخذ... هذا ما كان يجذبنى لأتلصص عليهم ... و هذا ما أثار فىّ حب علم النفس كمفتاح لمعرفة الشخصية... و فتح عينى على لعبة السياسة...

ما زلت أسمع صوتك يا منير يأتينى من الأعماق و أنت تشدو بالألحان أو ببعض المردات الكنسية خاصة ما قبل نهاية القداس فيرتعش الجسد و لا يدرى العقل ما السبب... هل من شدة البرودة أو من شدة الحرارة ...؟؟ و ترتعد الفرائص... و لا يدرى العقل هل السبب هو الخوف و الرعب أم هو التطلع و الشوق ... و يتوقف وجيب القلب... و لا يدرى العقل هل السبب هو الحيدة أم الخروج من الأنا ... و يستسلم العقل و لا يعلم أهو العجز و عدم المقدرة على التخيل أم هو التوقف التام عن التفكير ... و تتشهى الروح الإنطلاق الى اللامكان و اللازمان و لا يعلم العقل أهى النشوى... أم عدم المبالاة... أم اليأس الذى ينشب مخالبه فى العقل من عدم أدراك كنه أو جوهر المثالية التى يجب أن تتوافر فيمن يتقدم الى الأسرار المقدسة ... و كأن صوتك هو بوق أحد رؤساء الملائكة يعلن عن حالة إنذار مبكر أو مقدمات نهاية العالم (apocalypse) "الأبوكليبس" التى ستجتاح كوكب الأرض ... من يجد نفسه مستحقاً فليتقدم... و من لا يجد نفسه مستحقاً فلا يُقْبل لئلا يكون له أكثر شراً ... منذ ذلك الحين لم أتقدم ... فلا إستحقاق لى... و الخوف من جمرة النار يكبلنى ...

كان منير غير راض عن وظيفته كأمين مخزن لألات رش المبيدات الحشرية، كل عمله أن يسلم و يتسلم اَلات الرش الى و من الفلاحين الذين يريدون أو يضطرون لرش المحاصيل بالمبيدات حتى ينقذوها من الاَفات. كانت ذروة عمله و إنشغاله هو موسم رش محصول القطن بالمبيدات. و عندما كان يصيب العطب بعض الاَت الرش كان عليه أن يستدعى الميكانيكى المختص من الإدارة الزراعية الكائنة بمدينة المركز. و كم كان الأمر مرهقاً و غير مجدى بالنسبة له و للفلاحين الذين يعملون كعمالة موسمية مؤقتة... فعدم حضور الميكانيكى يعنى ضياع الوقت فى إنتظاره و ضياع أجر يوم عمل فى أشد الحاجة اليه فلاح الأرض الذى قطع نفسه لها فى حياته و بعد موته... و لا يوجد من يقوم باصلاح أعطاب الات الرش غير ذلك الميكانيكى. عز على منير حال الفلاحين خاصة عندما لا يأتى الميكانيكى لسبب أو لاَخر. فقرر أن يتعلم ميكانيكية ألات رش المبيدات حتى لا يكون الفلاحون تحت رحمة الميكانيكى المختص ... رأيته يسهر مع بعض المقربين من أصدقاءه فى المخزن و هو يفكك أجزاء اَلة الرش و يتعرف على وظيفة كل جزء و كيف يعمل مع الأجزاء الأخرى ... كنت أحمل لهم صينية الشاى من البيت الى المخزن ...

و فى خلال أسبوع أصبح منير خبيراً فى فك و تركيب و ميكانيكا الاَت رش المبيدات. لم يُعْطَ مرتب الميكانيكى و لم يطالب هو بأى أجر إضافى نظير عمله كميكانيكى أيضاً.

سألته ذات مرة:
- يا عم منير، أليس هناك ميكانيكى مختص معين من قِبل الحكومة يقوم بهذا العمل؟

فأجاب منير على عجل كأنه لا يرغب فى نقاش مثل هكذا موضوع، أو ربما لأنه كان يشك فى مقدرتى على فهم حقيقة بواعثه:
- بلا. و لكنه ربما لا يستطيع الحضور لإنشغاله بأماكن أخرى.

و لكن منير شعر بأن إجابته لم تضف جديداً لِما أعرفه و أنها لم تُشبع غريزة حب الأستطلاع الذى ربما بدأ من ردة فعل حركية قد لا يستطيع خبير لغة الجسد أن يترجمها. فصمت قليلاً و حدق بعينيه الواسعتين فى وجهى ثم قال:
- المعرفة هى الحب و الإنتماء. و عدم المعرفة أو الجهل هو الإغتراب و الغربة و الخوف و صغر النفس.

لقد أصبت الهدف يا منير... و لكن أنَّى لهذا الشاب الغر الذى يركز على المادى و المحسوس أن يجد الرابطة بين المجردات...؟؟ فوقفت أمامه صغيراً ضئيلاً... فاغر الفم... زائغ البصر... درس مبكر فى الفلسفة... بدون تمهيد أو مقدمات... و سبر دقيق لأغوار النفس البشرية... دون معرفة بعلم النفس. و جالت فى عقلى أفكاراً ربما لو بُحت بها لأخرجونى من الملة و قالوا على كافر أو على أقل تقدير مهرطق. "المعرفة" يا عم منير هى الخطيئة الأولى التى عُوقِب عليها اَدم و حواء و أنا لا أريد أن أتجادل معك الاَن لئلا تطردونى من حضرتكم البهية... أريد أن اسمع فقط فأنا متعطش لسماع أحاديثكم... تلفت يميناً و يساراً كمن يقف فى مفترق الطرق و لكن بعينين مطرقتين الى أسفل لأتجنب نظراته الفاحصة حتى لا أفضح جهلى أمامه.

أحس منير بإغتراب الصبى الضائع التائه الذى يقف أمامه... عز عليه وَحَل الإغتراب و الغربة و الخوف و صغر النفس التى أوحل الصبى نفسه – أو أوحله هو – فيها. فقال:
- دعنى أكون أكثر وضوحاً: معرفة كل شيئ يختص بعملك تحولك من عبودية العمل أو عبادته أو مجرد ترس فى اَلة العمل الى سيد مسيطر على هذا العمل و من ثم تسترد حريتك التى قد يشعرك بإنتقاصها الإلتزام ببنود عقد العمل.

آه ... رابطة جديدة بين المعرفة و الحرية... بدأ لى كما لو أننى أستمع لأفلاطون أو أرسطو أو سقراط... و كأننى أرى شخصية مختلفة عن أمس و أول أمس... شفافية البساطة... و بساطة الشفافية... الرضا التام عما يقوم به... و البحث عن المعرفة التى تحببه فى عمله... معلم كبير له فلسفة ربما أنجح فى تحديدها: فـ"المعرفة" عند منير هى حصن الأمن و الأماًن و الحب و العطاء الذى يمكن للإنسان أن يحتمى و يتقوى به. المعرفة علاج ناجع للغربة و الإغتراب و الضياع... و لكن منير كان يريد أن يربط المعرفة بالعمل... فهو ليس مغترباً الاَن... أنه وسط أهله و ناسه... يستقوى بحبهم على ملمات الحياة ... أكذوبة كبرى ... فهناك للزمن و للأيام صروف و نوائب لو إجتمعت الإنس و الجان على ردها ما كبحوها. و أستطرد منير حديثه لى:
- المعرفة التامة تحبب اليك عملك، أما الجهل بأى من جوانبه يجعلك فى حالة مستدامة من الإرتباك و القلق و الخوف... و النفس المرتبكة و القلقة و الخائفة لا يمكنها أن تحب مصدر إرتباكها أو قلقها أو خوفها و هو العمل... هل فهمت ما أقول...؟؟

و كألوف و ملايين المصريين الذين خطف أبصارهم بريق البترودولار سافر منير مع اثنين من أصدقائه الى دولة الكويت علهم يقتنصوا من الدنيا بعضاً من متاعها و ما يعينهم على مواجهة الحياة و الوفاء بمتطلباتها. كنت فى وداعهم فى مطار القاهرة... إنتحى بى منير جانباً و عيناه تلمعان بالدموع... و صوته يتحشرج بالغصة... و تقاطيع وجهه ترتعش بالكلمات التى كان ينطقها متقطعة... و ينتفض جسده كأنه من هول الصاعقة، و همس فى أذنى:
- أحملها فوق ظهرى من أسوان الى الأسكندرية... هى فى حقائب سفرى... و أخشى أن...

ظننته يقصد زوجته أو إبنته الوحيدة أو أهل بيته بصفة عامة فقلت له:
- سافر و أنت مطمئن ... و تشدد و تقوى بالله يا رجل... ففى السفر سبع فوائد أولهما "المعرفة".

فرد على الفور:
- و هذا ما أخشاه ... فالسفر يكشف حقيقة و جوهر الناس... و معرفة الحقيقة قد تكون صادمة.

لم يستمر منير فى الكويت أكثر من سنة و عاد الى قريته و استلم عمله. و لكن ... ربما يكون منير قد وجد من المعرفة ما كان يخشاه و لم يبح به لأحد !!!

سافر منير الى القاهرة كما كانت عادته فى مأموريات العمل أو فى زياراته لأخته المتزوجة و المقيمة هناك مع زوجها و أطفالهما ... و لكن هذه المرة لم يكن الغرض من سفره أى منهما. فقد التحق أحد شباب القرية بالخدمة العسكرية و طالت مدة بقاءه فى معسكرات التدريب بدون أجازة ... قلق والدى الشاب و هما لم يسبق لهما السفر للقاهرة و لا يعرفان كيف يشقان طريقهما هناك... طلب الوالدين من منير أن يسافر لإبنهما للسؤال عنه و لزيارته... و سافر منير الى القاهرة ... و بات ليلته فى بيت أخته... و فى الصباح التالى استقل سيارة أجرة ... ليذهب الى المعسكر ... و لكن ... حادث سيارة أطفأ جذوة المنير قبل أت يصل الى المعسكر.
رمسيس حنا



#رمسيس_حنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم العذراوية المريمية
- مفهوم العقل فى معجزات شفاء المرضى
- فاطمة ناعوت: رسالة
- نرجسية الإنسان فى النصوص الدينية
- نرجسية الأنسان فى النصوص الدينية
- النرجسية الموسوية
- مقدمة فى النرجسية الدينية
- تأصيل النرجسية (Narcissism) فى تطور السلوك الإنسانى
- النرجسية (Narcissism) أو أضطرابات الشخصية النرجسية (NPD)
- إسطورة صَّدَى و نارسيسس (Echo and Narcissus)
- السامى اللبيب يكشف عن عقدة كراهية المرأة (Misogyny)
- من الذى يدفع الثمن؟ فورة الغضب
- السامى اللبيب و التأصيل العلمى و النفسى لثقافة الأديان السال ...
- من الذى يدفع الثمن؟ 2 -الإكذوبة الكبرى-
- من الذى يدفع الثمن؟ 1
- من هو الله الذى يدحض وجوده السامى اللبيب؟
- أنياب الذاكرة -شعر-
- تأملات فى السقوط 3
- تأملات فى السقوط 2
- تأملات فى السقوط 1


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رمسيس حنا - المنير