|
مدارس للتربية
مجيد الكفائي
محام وكاتب
الحوار المتمدن-العدد: 5184 - 2016 / 6 / 5 - 22:56
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
مدارس للتربية مجيد الكفائي
لازال قطاع التربية والتعليم في العراق يراوح في مكانه ولحد الان لم تصل اليه روح التغير ولم تمتد اليه بعد يد التطوير والتحديث فكل شيء فيه باق على حاله ابتداءً من بنايات المدارس وتصاميمها والتي حافظ اغلبها على الشكل القديم والطراز المعماري الثلاثيني الذي يشبه الى حد كبير طراز بناء السجون والمعتقلات مرورا بالمناهج الدراسية والوسائل التعليمية والايضاحية والتي ظلت على حالها ولم تتأثر بالتطور العلمي والتكنلوجي الذي يعيشه العالم ولم تتأثربه, وانتهاء بالكوادر التدريسية و التعليمية والادارية التي تمارس بيروقرطية مزعجة في ادارة وتسيير العملية التعليمية. وزارة التربية العراقية، التي سميت خطأ بهذا الاسم، تمارس دورا تربويا محضا غير مكترثة بتردي التعليم في مدارسها ولا بانخفاض معدلات النجاح ولم يشغلها على ما يبدو تسرب المئات من التلاميذ والطلبة من مقاعد الدراسة هربا من جور وتعسف ادارات مدارسها وكوادرها التدريسية والتعليمية والتي بدات تبدع وتتميز وتتلذذ في استخدام العنف والايذاء البدني والنفسي مع طلابها وتلاميذها لتتحول بعض مدارسها الى اجهزة قمعية تُسلَب فيها الحريات وتُصادَر داخلها الاراء ويُعذَب فيها الابرياء. وزارة التربية العراقية يبدو انها ادركت اهمية وتأثير القسوة والتسلط والعنف والقيود على تعكيرنفسية ومزاج طلبتها وتلاميذها وقدرة تلك الوسائل "العجيبة" على " تنفيرهم" من العلم والتعليم والمدارس لذلك بدأت تتفنن في ايجاد واستحداث الاساليب الطاردة والقوانيين "المنفرة" للطلبة والتلاميذ وعلى مختلف مستوياتهم العمرية واخذت تفرض يوما بعد آخر المزيد من القيود "التربوية" الصارمة على حرياتهم الشخصية وافكارهم ورغباتهم الطبيعية ابتداء من التدخل في شكل ولون الملابس وقصات الشعر واشكال الاحذية وانتهاءً بأستخدام اساليب العقاب والايذاء البدني والنفسي وبشكل مفرط او بفرض افكار و"تربية" تعتقد بعض الكوادر التعليمية وادارات المدارس اجتهادا منها انها صحيحة ومثالية مثل اجبار الطالبات على ارتداء الحجاب غير الملون ومنع اطالة الاظافر او وضع المكياج وصبغ الاظافر والاكسسوارات من قلائد وقراصات شعر وغيرها بحجة مخالفتها للدين وخروجها على عادات وقيم المجتمع العراقي. وزارة التربية التي يجب تغير اسمها الى وزارة التعليم حتى لاتزج نفسها في مثل هذه الامور وتتعدى باسم التربية على حرية الطلبة والتلاميذ، ذكورا واناثا، وتربي لهم عقدا واحقادا وضعفا في الشخصية، تنسى ان واجبها الاساسي هو التعليم والارتقاء به وتخريج جيل متعلم وسليم ومعافى وكوادر علمية مقتدرة ترتكز على اسس علمية ونفسية صحيحة. كما تنسى ان العالم يتطور وان برامج التعليم وطرق واساليب التدريس يجب ان تتطور تبعا لذلك وان على الوزارة ان تنتقي احدث البرامج وافضل الطرق والأساليب التدريسية الحديثة كي تمكِّن الطالب والتلميذ العراقي من الحصول على الثقافة والفنون والعلوم بسهولة ويسر وتحقيق النجاح والتفوق وهذا غاية المؤسسة التعليمية وسبب انشاء المدارس. ان التربية الخالصة هي من مهام الاسرة حصرا وان تقمُّص وزارة التربية لهذا الدور "التربوي" ونسيانها لدورها التعليمي يسبب ارباكا للعملية التعليمية ويولد حالة من الفوضى لدى الطلبة والتلاميذ خصوصا حينما يجدون تناقضا بين ما تدعوه اليه اسرته وبين ماتدعوه اليه مدرسته سيما وان بعض الادارات والكوادر التعليمية تأخذ على عاتقها مسؤولية وضع قوانين تربوية ارتجالية وغير صحيحة وتقوم بفرض قواعد سلوكية خاطئة على طلبتها وتلاميذها دون الرجوع الى الوزارة او حتى مديريات التربية في المحافظات وكأن ادارة المدرسة ومزاج مديرها وافكاره هي اشياء مقدسة واجبة التطبيق وان اختلفت مع قواعد التربية الصحيحة والسلوك المتحضر او تباينت مع عادات وقيم الاسرة الخاصة. الاسرة العراقية وحدها من لها الحرية المطلقة في تربية ابنائها وفق ما تراه مناسبا ومتفقا مع قيمها الخاصة وفهمها لأحكام الدين او مبادىء التعليم وعلى وزارة التربية ان تفهم ذلك وان تهتم اولا واخيرا بالتعليم وهو ما وُجِدت من اجله وان تطوِّره وتوفر لطلبتها وتلاميذها المدارس النموذجية بناءً وتجهيزا وكوادر وان تبدأ بتغير جذري للمناهج الدراسية والطرق التدريسية البدائية القائمة على اساس العنف والقهر والاذلال والايذاء وزرع العقد النفسية وان تتوخى الدقة والحذر وتعتمد المعايير الصحيحة في اختيارالكوادر التعليمية والادارية للمدارس وان تتجه بشكل جدي لتشكيل منظومة تعليمية متطورة ابتداء من اقتراح قوانين عصرية تنهض بالعملية التعليمية وترتقي بها، وانتهاءً بتطبيق نظام تعليمي متطور يعتمد التكنلوجيا الحديثة واحدث ما توصل إليه العلم من وسائل لايصال المعلومة إلى الطالب بدقة وسهولة ودون ارهاق او تضييع للوقت والجهد وان تحجِّم من دورها التربوي.
#مجيد_الكفائي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملتقى الرميثة الثقافي خطوة في الطريق الصحيح
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|