سعد محمد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 5184 - 2016 / 6 / 5 - 16:14
المحور:
الادب والفن
حديث عابر في قطار
كنت احيانا ارغب بقضاء بضعة ساعات في رحلات القطار لاسيما في الاوقات غير المزدحمة مستمتعاً فقط بالقراءة والتطلع الى مشاهد الطبيعة من وراء النافذة دون اي محطة تنتظرني او رصيف .
كانت ايحاءات القطار ومحطاته تاخذني دائما الى عوالم الرومانسية والشعر.. واتذكر ايضا ان هنالك الكثير من الشعراء والرسامين استلهموا بعض ابداعاتهم من القطار والمحطات والرحلات.
ومازال هنالك ايضا مجموعة شعراء في روسيا يطلق عليهم شعراء القطار مهنتهم كتابة الشعر في القطارات ورحلاتها المستمرة في انحاء الاراضي الروسية الشاسعة.
كنت افضل دائما مقصورة القطار الفارغة من الركاب والجلوس بها قرب النافذة.
وفي احدى المرات التي كنت منهمكا بقراءة رواية ..جلس مسافر هندي في المقعد المحاذي لي مباشرة رغم ان المقصورة كانت مقاعدها شاغره. وكان يتطلع اليّ بابتسامة بلهاء ويحاول جاهدا ان يفتح حواراً.. لكني تجاهلته وانشغلت بالقراءة.. وبعدها بادر بالسؤال وبلكنته الهندية.. التي كانت ترافقها اهتزاز الرقبة اثناء الحديث على الطريقة الهندية التي سرعان ماذكرتني باغنية (آجا جا) للممثل شامي كابور.
-مرحبا صديق ما اسمك!!
استغربت من سؤاله واخبرته باسمي .. ثم سألني: ومن اين بلد انت قادم ؟؟!!
اجبته على سؤاله... وفي اي عام هاجرت الى استراليا .. هل انت سعيد في هذا البلد ؟؟ ثم استمر بطرح اسئلته الفضولية فامتعضت من اسئلته واخبرته بان اسئلته تشبه التحقيق .. شعر بنوع من الاحراج واردف قائلاً المعذرة فقط اردت ان اتعرف فانا احب الحديث مع الاخرين ..
-لاباس من ذلك اجبته وانا اكمل القراءة بعد المقاطعة .. ثم اخذ يسأل ثم يجيب على اسئلته .. وقبل ان ينزل في المحطة القادمة سألني هل لك ان تخمن من اي بلد انا ؟؟!!
-اكيد من الهند : اجبته باقتضاب
ثم قال مستغربا: كلا انا بريطاني وولادتي كانت في لندن .. لكن كيف عرفت اني من الهند ؟؟!!
فاجبته مازحاً: تبقى ملامحك هندية ولا اعتقد مثلا ان لك عيون زرقاء او شعر اشقر او ملامح انكَلو ساكسونية .. اضافة ياصديقي ان ملابسك تفوح منها رائحة البهارات الهندية فضحك بصوت عالي ورقبته كانت تهتز اكثر فشاركته الضحك ايضا.. ثم صافحني وهو يتهيأ للنزول الى المحطة ولوح بيده قائلا:الى اللقاء يا علي بابا فضحكت.. واجبته: الى اللقاء يا شامي كابور.
#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟