أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - قَبَانْجِيْنَآتٌ مُتَهَآفتة ... لَاْ حَمْدَ فِيْهَاْ (C):















المزيد.....



قَبَانْجِيْنَآتٌ مُتَهَآفتة ... لَاْ حَمْدَ فِيْهَاْ (C):


بشاراه أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5183 - 2016 / 6 / 4 - 03:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قلنا في موضوعنا السابق إن الرحمان سبحانه قد خلق الإنسان في كون كامل, عامر منضبط بالقرآن, زاخر بالعلم وبديع الصنع, والله قد "أعطى كل شيء خلقه ..." فكان كلٌ مسخَّرٌ لما خلق له "... ثم هدى" بالقرآن ذلك الخلق فكان تماماً كما أراد,, صادحاً (ربي الله خالق كل شيء!!!).

ولكن,,, ماذا يفعل الإنسان بهذا البيان الذي علمه له الرحمن بعد أن خلقه مباشرة؟ ...... ومن أين يبدأ التعلم والدراسة والأبحاث،، في هذا الكون الواسع الشاسع المتنوع المعقد بسمائه وأرضه وجباله وبحاره ووحشه وطيره وأسماكه....؟؟؟

قلنا,, لم يتركه الله محتاراً ليتخبط هنا وهناك دون مؤشرات هداية ليبدأ تفعيل البيان الذي هداه الله له, ولكن أعطاه بدايات, كأنما قال له في هذه السورة العظيمة, عليك أولاً أن تبدأ بآيتين كبيرتين ظاهرتين, تراهما وتراقبهما ليل نهار وتعاملت معهما كثيراً وإرتبطت مقومات حياتك الأساسية بهما,,, ولا شك أن لديك تساؤلات كثيرة حولها وعن كنهها,,, ولكنك لا تعرف الكثير عن سرهما,,, سأعطيك طرف الخيط وعليك أن تكتشف الأسرار بنفسك لتعرف عظمة خالقها, فهي لديها القرآن قبلك لذا فهي منضبطة به وملتزمة بفلكها,,, وستعلمك إذا فعَّلْتَ مَلَكَة البيان بعقلانية وتفكر وتدبر.

كأنما قال له إبدأ بالشمس والقمر ففيهما علم كثير وغزير تتبَّعهما جيداً وفَعِّل ملكة البيان التي علمتك إياها, فاعلم أنَّ: (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ 5), فأدرسهما جيداً لتعرف عدد السنين والحساب, فالشمس تعرف منها الليل والنهار, وأيام الأسبوع والزمن,, والفصول,, والقمر تعرف منه الشهور والسنة, وهناك علوم كثير ستكتشفها كلما أمعنت في علم البيان والتجربة والبحث والدراسة في هذا الكون المتنوع الآيات المعجزات.

هنا لدينا ملاحظات ظاهرة وأخرى تدرك بالتدبر,,, نذكر بعضها فيما يلي فنقول:
إن هذه السورة الكريمة (الزاخرة بالإعجازات العلمية الدقيقة) قد ردت على كل متشكك في أن هذا القرآن من عند الله بديع السماوات والأرض وكل مكذب به أو منكر ومتنكر له, لأنها ببيانها وتبيانها ودقة تفصيل آياتها بعد إحكام معجز,,, قد أقامت عليه الحجة, فإن كان له عقل وأراد الله به خيراً أدرك الحقيقة الساطعة أما إن كان من المعاندين المردة زادته خبالاً على خباله, وذلك للآتي:

1. إفتتح الله تعالى السورة بإسمه الثاني في ترتيب أسمائه الحسنى وصفاته العلا, قال: (الرَّحْمَٰ-;---;--نُ 1), هذا الإسم الذي لم يجرؤ أحد من الأولين والآخرين أن يسمي طاغوته به, فقط تجرأوا بتسمية أصنامهم وأوثانهم "آلهة", وقد تجرأ اليهود وسموا "عزير/عزرا" إبن الله, وتجرأ المشركون وسموا الملائكة بنات الله, وتجرأ النصارى وسموا نبيهم ورسولهم "إبن الله" ثم إزداد غيهم فقالوا عنه "ثالث ثلاثة", ثم فاقوا إبليس نفسه في الضلال والإضلال, فإدعوا بأن عبد الله - نبيهم ورسولهم – "هو الله الخالق الديان", (كبرت كلمة تخرج من أفواهمم , إن يقولون إلَّا كذباً). ولكن, لم يجرؤ أحد منهم أن يسمي طاغوته "الرحمان".

2. جعل الله هذا الإسم الكريم آية قائمة بذاتها, وفاتحة للسورة المعجزة بكل المقاييس, التي تعتبر من السور المحورية في (الإعجاز العلمي في القرآن).

3. لم, ولن يجرؤ أحد أن يقول بمثل ما قاله الله تعالى في الآية الثانية, بأن الرحمن قد (عَلَّمَ الْقُرْآنَ 2), قبل أن يخلق الإنسان, علماً بأن العلم والتعليم مقصود به الإنسان عينه - لا يمكن أن يختلف في ذلك إثنان. خاصة وأن النبي الكريم محمد الخاتم لم يُعْرف عنه قط – قبل البعثة ولا بعدها – أنه ينطق عن الهوى أو يقول قولاً فيه سفه أو كلام فيه ركاكة أو شطحات ومبالغات, فهو متزن وموزون في كل شيء. وهو خير من نطق بالضاد, والعربية القرشية كانت الأبلغ والأبين لدى كل العرب.

فأولي الألباب الذين فتَّحَ الله مداركهم وطهَّر قلوبهم لا شك في أنهم سيقفون عند هذه الآية المعجزة طويلاً ويتأملون ويبحثون عن ذلك أو أولئك الذين علمهم الله القرآن قبل خلق الإنسان نفسه, ذلك المخلوق المعني أساساً بالعلم, فكانت هذه الآية الكريمة خلخلة وزلزلة حقيقية للعقول والمدارك, وإبتلاءً نوعياً تقييماً وتصنيفياً للقيم الحقيقية الكامنة في العقل السليم والوجدان القويم.

خاصة وأن الآية الثالثة التي قال الرحمن فيها إنه بعد تعليم القرآن: (خَلَقَ الْإِنسَانَ 3), ولم يشمله ضمن الذين علمهم القرآن,,, وبهذه الآية تزداد الخلخلة والهزة الفكرية والوجدانية وتشحذ العقول والأفكار شدة وعنفاً, فلا بد للعقلاء من أن يتسآءلوا عن ذلك القرآن الذي أوحاه الله تعالى إلى آخر أنبيائه ورسله يبلغ الناس بهذا العلم الغريب عليهم ويلفت أنظارهم إلى أن كل المخلوقات سبقته معرفة وعلماً بالقرآن قبل أن يخلقه.

فهل يمكن أن يتجرأ أحد أو مجموعة من الخلق أو البشر مواجهة الناس – كل الناس – حتى قيام الساعة بقول مثل هذه الآيات الثلاث التي تدل وتشهد بأن من قالها هو الذي يملك حجة الإقناع بها ويملك الدليل والبرهان الذي يثبت صحتها وعدلها وواقعيتها؟؟؟.

وبالتالي فمن البديهي أن لا ينسب مثل هذا القول لبشر إطلاقاً, فإن لم يكن الأمر كذلك لإنتهى القرآن ومعه الإسلام منذ نزول مثل هذه السورة (العلمية البحتة) الجريئة,, ولما بقي إلى الآن شامخاً فتياً عذباً مستعلياً مستعصياً متحدياً مالكاً للحجة والدليل والبرهان دون غيره من أقوال الخلق بجنِّه وإنْسِهِ ومردته ومرضاه. نعم إنه هو (الرحمان).

4. أما قوله عن الإنسان, بعد أن خلقه: (عَلَّمَهُ الْبَيَانَ 4), تعيد الإنسان مرة ثانية إلى الإستيعاب ورسوخ الفكر, وتذهب عنه الدهشة والهزة العنيفة, وتحل محلها الرزانة والتطلع والإستعداد لمعرفة غاية الله تعالى من تعليم القرآن لغيره قبل خلقه "جاهلاً" لا يعرف شيئاً إلَّا بالتعلم والتلقين والفعم والإفهام,,, ثم إختصه بملكة "البيان" التي لم يختص بها غيره, وهذا يعني أن حكمة الله ومراده أقتضيا أو يكون علم هذا الإنسان لا يكون إلَّا متحصلاً ومكتسباً "بالبيان".

فعلى سبيل المثال,, المحاضر عادة يكون معداً ومسلحاً بالعلم والمعرفة المناسبة مسبقاً قبل أن يقف أمام الطلاب في مدرجات الجامعة ليعلمهم ويشرح لهم, بينما على الطلبة أن يجتهدوا ويتنافسوا ليغترفوا من علمه وعلم المحاضرين الآخرين غيره من ذوي التخصصات المختلفة حتى يبلغ تحصيل ذلك الطالب الحد الكافي لإجازته ونيله شهادة تكون له برهاناً وإثباتاً على أنه يحمل علماً بقدر معلوم.

5. وقلنا في موضوعنا السابق إن الرحمان سبحانه أعطى الإنسان آيتان كونيتان تعملان بالقرآن الذي علمهما إياه ربهما, فكأنما قال له فعل ملكة البيان لتدرس علوماً كثيرة غزيرة منها لأنها آيات محكمة وميسرة لتعرف الكثير عن تفصيل إحكامها بالبيان الذي علمك إياه الرحمان, قال: (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ 5). وسنعود لاحقاً إلى هذه الآية المحكمة التي تشهد للقرآن الكريم (بالإعجاز العلمي) الذي لن يدانيه فيه علم ولا فكر ولا إجتهاد وإبتكار.

ثانياً قال المتهافت الضحل: (... يقول القرآن: «وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ»، هذا من الضعف البلاغي فلماذا هذا التخصيص والحال أن كل الكون يسجد لله تعالى؟ ...).

لم يستطع – هذا الجاهل المتجاهل - أن يفرق ما بين سجود وسجود... نعم! الكون كله يسجد لله تعالى لا شك في ذلك,, ولكن هذا سجود عبودية أو عبادة يشترك فيه حتى الكافر والملحد والمتمرد وحتى إبليس نفسه "قهراً" لسلطان الخلاق العليم,, فأنظر إلى قوله تعالى في سورة الرعد: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ «« طَوْعًا وَكَرْهًا »» وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ 15),
ولكن - في الآية الكريمة - المقصود بسجود النجم والشجر في قوله تعالى («وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ»), إنما هو سجود وضع وحال وطبيعة فُطِرَا عليها. وهو إلتزامهما الأرض وعدم الطيران والسباحة في الجو.

بين الله تعالى للإنسان ان هناك ظاهرة أخرى جديرة بالدراسة ويلزمها تفعيل لعلم البيان, ألا وهي النباتات الناجمة عن الأرض وليس لها ساق, والشجر ذو السوق, فكأنما قال له: إبحث عن السر وراء بقائهما ساجدين لا يسبحان في الفضاء كالطير والعوالق والعصف؟؟ , قال له: (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ 6), فكما ترى فإن الأعشاب الناجمة على سطح الأرض والشجر القائم عليها كلاهما يسجدان على الأرض في إستقرار وثبات ظاهرين, فلا بد من أن هناك عنصر خفي يمنعها من الإفلات والسبح في جو الفضاء,, إذاً هذا التخصيص في هذه الآية لبيان وضعهما ودورهما الذي يحتاج إلى ملكة "البيان" ليقف الإنسان "الفطن" على الكثير من إسرارهما,
لذا لفت الأنظار إلى سر ظاهر ليتدرج الإنسان في العلم والمعرفة أكثر فأكثر ليعرف بديعهما.

فما سر ذلك وماذا وراءه؟؟؟, عليك بتفعيل البيان لتعرف السبب الذي وراء ملازمتها الأرض ولم تطيرا في الفضاء,, لا بد أن هناك شيء ما غير ظاهر هو الذي جعلهما كذلك, إذاً عليك بالبيان لتصل إلى مزيد من الحقائق القرآنية التي أراد الله تعالى أن تعرفها بالملاحظة والبحث والدراسة وليس تلقيناً أو فطرة كما فطر الله عليه المخلوقات الأخرى غير الداخلة في دائرة الإبتلاء والتي أبت أن تحمل الأمانة التي تورط فيها هذا الظلوم الجهول.

ثالثاً: يقول المتهافت الضحل: (... القرآن يقول: «وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ»، والحال أن السماء والكواكب والأجرام والنجوم لم ترفع، بل هي موجودة في مكانها بينما نحن موجودون بكوكب الأرض الصغير وسط المجرات، فهذا إشكال بلاغي يتوجه إلى القرآن ...!).

نقول لهذا الجاهل المتمرد ما يلي:
1. لم يأتِ بهذه الآية أي ذكر لا للكواكب ولا للنجوم ولا للأجرام بل ذكرت – تحديداً – أمرين اثنين لا ثالث لهما, هما: "السماء" رفعاً و "الميزان" وضعاً فمن أيت جئت بهذه الكيانات فالسماء شيء والكواكب والنجوم والأجرام السماوية أشياء أخرى, فأنت تدلس وتكذب علناً.

2. وما أدراك بأن السماء والكواكب والأجرام والنجوم لم ترفع؟؟؟ ..... هل أخبرك الله تعالى وإختصك بذلك؟ أم هي الشقوة وإيحاءات إبليس لأوليائه المكذبين الضالين؟؟؟ ..... فإذا كان الذي رفعها وأقام الدليل قال لك إنه رفعها وها هي ذي مرفوعة, أتكذبه وتصدق وليك إبليس وهو لا يملك دليلا ولا برهانا ولم يقدم لك حجة؟؟؟ هل رأيت غباءاً كهذا قط؟؟؟

3. تقول - كذباً وإفتراءاً على الله - بأن السماء والنجوم والكواكب والأجرام موجودة في مكانها,,, فمن الذي أوجدها هناك؟؟؟ ..... ومن أين جئت بالتأكيد على أنها موجودة وليست مرفوعة؟ هل أنت الذي أوجدتها هناك أم هو السفه والخبل وعبادة إبليس الذي صدق فيك ظنه؟؟؟ ..... نعم الذي خلق السماء قال إنه رفعها و "رفع سمكها فسواها, وأغطش ليلها وأخرج ضحاها, والأرض بعد ذلك دحاها, أخرج منها ماءها ومرعاها, والجبال أرساها", وهو ليس له في كل ذلك أي مصلحة أو فائدة ترجى, وإنما هو "متاع لكم ولأنعامكم". وأنت تتبع الظن ووسوسة وإيحاء الشيطان الذي وآليته وآويته,,, فتوسد قلبك فصار مجخياً.

4. والغريب قولك (... بينما نحن موجودون بكوكب الأرض الصغير وسط المجرات، فهذا إشكال بلاغي يتوجه إلى القرآن ...!), ماذا تقصد بهذه العبارة الجوفاء التي تدل على الخطرفة والخبل والهيافة,,, ما علاقة الأرض ووجودك فيها والمجرات بهذه الآية التي تتحدث عن السماء المرفوعة والميزان الموضوع؟؟؟

5. ألا ترى أنك قد أهملت الحديث عن "الميزان الموضوع" نهائياً, بل وإستبدلته بالكواكب والمجرات والنجوم والأجرام, وفقاً لهواك ونبعاً من عميق جهلك؟؟؟ ..... أبك جِنَّةُ يا رجل أم يعتريك خبل عضال, أم لعل الله تعالى أراد أن يسخر منك ويضحك عليك سفهاء الناس وإبليس نفسه؟؟؟ ..... واضح أنك تريد فقط أن تتعمق في ضلال نفسك وإضلال غيرك, وتكثر من الفسوق والكفر والسخرية من كتاب الله بعد أن بلغ بك اليأس من رحمته مبلغاً, و لعلك علمت أنك ستكون حيث توعدك الله تعالى فعشقت الرَّان.

أو لربما يكون هذا جزء من السيناريو الذي أعده إبليس لغوايتك فقمت بالمهمة نيابة عنه على أكمل وجه, أو لعل الله – كما قال في أمثالك – قد إستدرجك وأملى لك لتزداد إثماً, وفي نفس الوقت يجعلك تكشف خبايا نفسك ويكلفك ذلك لتكون شاهداً عليها. واللهِ, لقد حاولت جاهداً أن أجد تبريراً لسلوكك هذا ومسعاك الحثيث إلى التهلكة والخسران المبين بهذه الدرجة فلم أجد أنسب ممَّا قلته, والأمر كله – أولاً وأخيراً - لله تعالى,, هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن إهتدى.

إعلم أن الله تعالى لعله قال للإنسان إنتبه!!! إن هناك آيتان أخريان يمكنك توسيع معرفتك أكثر فأكثر, إحداها السماء والأخرى الميزان. فالسماء فوقك ظاهرة, وقد رفعها الرحمان سبحانه عالية شامخة بعيدة, والميزان وضعه لك أمامك على الأرض ولفت نظرك إليه وذكَّرك به لتتعامل مع الآخرين بالقسط. فقال لك بكل وضوح: (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ 7). فلا داع لكل هذه الخطرفة والهزيان لترضي وليك والمخبولين المارقين من رهطك المحبطين.

رابعاً: ثم قال المتهافت الضحل: (... يقول القرآن: «ألّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ • وأقيموا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ» فلماذا هذا التكرار المخل بالبلاغة ...؟).

نقول في ذلك وبالله التوفيق:
1. ألم يخطر ببالك أن تسأل نفسك سؤالاً منطقياً بديهياً فتقول مثلاً (لماذا وضع الله الميزان, وماذا بعد وضعه؟), وما المطلوب من الإنسان أن يفعله بالبيان مع الميزان؟؟؟
2. هذه الآيات الكريمات تجاوب على هذا السؤال البديهي المنطقي الذي يقول (لماذا وضع الله الميزان, وما المطلوب فعله به؟, كما يلي:

-;---;-- أمرهم بأن لا يطغوا في الميزان بالتطفيف, لذا قال لهم: (أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ 8), فإذا إكْتَلْتُمْ على الناس أو وزَنتُموهُم "لا تَسْتوفوا", فتأخذون أكثر من حقكم,

-;---;-- ثم أمرهم بأن يقيموا الوزن بالقسط (لا زيادة ولا نقصان), فإذا إكتلتم أو كلتم للناس أو وزنتم لهم لا تخسرون الميزان وتعطوهم أقل من إستحقاقهم, قال: (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ 9).

أين يوجد هذا التكرار الذي تدعيه وتأفك به أيها الثرثار؟؟؟ ... واضح أن لديك عقدة من البلاغة المستعصية عليك فهماً وتعاملاً وإستيعابًا, فأنت أجهل الناس بها – على ما يبدوا - لذلك نراك حرب على كل ما هو بَيِّنٌ مبين ومعجز رصين في البلاغة والبيان.

سنريك حقيقة وصدق ما قلناه عنك "عملياً" الآن, وكيف يكون الإعجاز البياني القرآني الذي يستحيل عليك إدراكه, لعلك تستحي من نفسك وتتحسر على جهلك وخيبتك.
قال تعالى في إيجازه وإعجازه لأهم عناصر الضبط الإجتماعي والتعامل الإنساني بدرجة القسط:
1. (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ 7),,
2. (أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ 8),,
3. (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ 9).

الآن,,, فإن هذه الآيات الثلاثة تنص على الآتي:
أحاط الله تعالى البشر علماً بأنه قد رفع السماء ووضع الميزان. وغايته من ذلك تحذيرهم من مغبة وتداعيات مخالفته عليهم في الدنيا والآخرة,, في الآتي:
1. ألَّا يطغوا في الميزان في التعامل بينهم وبين الآخرين بالزيادة في الكيل والوزن,
2. أن يقيموا الوزن بينهم بالقسط (لا زيادة ولا نقصان), بميزان راجح "لا تطفيف" فيه و "لا إخسار").

وقد صاغ الله تعالى كل هذه المقاصد "بأربعة عشر كلمة فقط لا غير, هي لبنات بناء الآيات الثلاث المُبِيْنات,, بغاية الإعجاز البياني مع الجُرس الموسيقي الرائع النغم. فالمطلوب منك أيها المتهافت أن تصور للقراء الكرام كل هذه المقاصد التي تحقق العدل بمستوى القسط الذي فرضه الرحمان على الناس لتستقيم حياتهم وتحفظ حقوقهم وكراماتهم وإنسانيتهم, بمعيار القسط الذي لا تعرفه الأمم الأخرى ولم تناد به قط (هذا تحدي). وسكوتك عن الإستجابة لهذا التحدي أو تجاهلك له يعتبر لدينا عجز منك ويعني إعترافك الضمني بالإعجاز البياني القرآني "رغماً عن أنفك".

ملحوظة: مسموح لك في هذا التحدي إستخدام نفس المفردات التي صور الله بها هذه الآيات المعجزات, إن أردت أن تعيد إنشاءها لتشبع هوسك البلاغي المتهافت حتى تتخلص من عقدتك.

ثم أنظر إلى عظمة وروعة وفعالية هذا الإستنكار المخجل المخزي للمطفف أو المخسر للميزان, وكيف صوره الله تعالى بقوله: (وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ 10), تنبيهاً زاجراً لمن كان له وجدان وشعور إنساني, كأنما قال له – في حالة الإخسار أو الإستيفاء على حساب الغير,, (ألا تستحي من نفسك, أيها الدنيء؟؟؟), وأنت تطمع في هذا القليل من حق أخيك وقد أغناك الله تعالى عنه بالكثير والكثير؟؟؟ ..... أنظر إلى خيرات الأرض التي وضعها الله لك ولغيرك من الأنام بشر وبهم ودواب وهوام,,, ألم تُشبِع كل هذه الخيرات نهمك وجشعك حتى بلغت بك الدناءة التعدي على حقوق الغير كيلاً أو وزناً, لتطفف لنفسك وتخسر لغيرك؟؟؟

فالله تعالى عبر عن ذلك بقولك له: (وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ 10), فعدد له ما فيها من النعم والخيرات المتاحة له التي تغنيه عمَّا في يد الآخرين, وبدأ بأحبها إلى نفسه, قال: (فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ 11), ثم ضروريات الحياة, قال: (وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ 12), كل هذه النعم والخيرات لم تغنك عمَّا في يد أخيك فتظلمه حين تكتال عليه وتزن وحين تكيل له وتزن؟؟؟ ..... فغمطك أخيك غير مبرر وغير مقبول منك؟؟؟.
فما أجحدكما من ظالمين لأنفسكما أيها المتعاملين بغير معايير القسط التي أمرتم بإلتزامها!!!: (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 13)؟؟؟

ليت المتشدقين بحقوق الإنسان يفقهوا هذه الآيات الكريمات ليعلموا أنهم بتشريعاتهم الوضعية الوضيعة قد أضاعوا أغلب وأهم حقوق لهذا الإنسان التي وضعها الله بالعشرات, فأبدلوها بحقوقهم ومصالحهم التي أوهموه أو أجبروه وقهروه بأنها حقوقه وأنهم يحافظون له عليها.

خامساً: ثم قال المتهافت الضحل: (... هنالك ضعف بلاغي في قوله: «فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ • خلقَ الإِنسَانَ مِن صَلصَالٍ كالفَخَّارِ • وخلق الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ»؛ لأن المخاطب هنا هو الإنس والجان، ولكن المتلقي كيف يفهم من المراد بقوله « فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ»؟ هو هنا يحتاج إلى أن يواصل القراءة حتى يعرف بعد ذلك لمن يعود الضمير؟ فهذا تهافت بلاغي، والصحيح هو أن يأتي توضيح من هو المخاطب أولا ثم الإتيان بالخطاب الموجّه إليه....).

نقول لهذا الدعي الغبي: لو انك فهمت وتفهم السياق, وروح وجو لغة الضاد, لما صدرت عنك هذه العبارة المخزية لك والكاشفة لجهلك. ولو أنك تدبرت هذه الآية أو حتى فهمت شيئاً من القرآن الكريم لما وقفت منه هذا الموقف العدائي الرافض لكلام الله تعالى,, حتى نظنه حجبه عنك وأغلق دونه مداركك بهذه الدرجة والصورة المحيرة,,, ولكن,, ألم يقل الله تعالى عنه في أمثالك: (وهو عليهم عمى)؟؟؟ ..... هذا هو العمه والختم لذا لم تفهم لمن يعود الضمير.

السؤال التالي نوجهه للمتهافت لغوياً وفكرياً: كيف يعود الضمير على الجن في حين أن الله تعالى لم يذكره بعد,,, والحديث كله عن الإنس؟؟؟ ..... فتبريرك لرفضك الآية بقولك: (... لأن المخاطب هنا هو الإنس والجان ...), إنما دليل واضح على أنك لا تقرأ جيداً, وإن قرأت فإنك لا تفهم ما قرأته, كأنما العمه قد إختصك الله به. ألم تلحظ أو تقهم قول الله تعالى للناس: (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 13) التي سبقت الآية التي تتحدث عن الجن والإنس معاً؟؟؟,

فلو أنك كنت تفقه ما تقرأ ومداركك متفتحة وعقلك يعمل,, لأدركت أن هناك طرفان من الإنس يتم التعامل بينهما في حالتي الكيل والوزن. وليؤكد الله تعالى أن إخسار الميزان ليست حالات محدودة محصورة في بعض الناس دون الآخرين, وإنما كانت داءات إجتماعية يشترك الناس كلهم فيها, لأن طبيعة تعاملاتهم بنيت إستقامتها على الطغيان في الميزان والإخسار فيه, كما هو الحال في آل مدين قوم شعيب عليه السلام.

لذا قال الله للطرفين المتعاملين من البشر (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 13), وهذه الآية – رغم أنها لا تختلف في تركيبها الإنشائي والصياغي, إلَّا أنها تختلف في مدلولها لإختلاف المخاطبين بها عند ظهورها مرات ومرات بهذه السورة الكريمة,, ومن ثم,, فهي ليست عينها (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 16), التي جاءت بعد الحديث عن مادتي خلق الإنسان والجان, كما سنرى ذلك الإختلاف واضحاً في حينه ومقامه؟؟؟ ..... إذاً,, لا علاقة للجان بهذه الآية وبالتالي لا يوجد بها ضمير يشير إليها.

سادساً: أيضاً قال هذا المتهافك الضحل: (... يقول القرآن: «خَلَقَ الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ»، فهذا ضعف بلاغي لأن الصلصال هو الفخار وكلاهما بمعنى الطين الجاف المحمّى على النار! ...).

الآن نراه يثبت عقدته في جهله للبلاغة التي يدعيها,, فهو يعاني من تهافت فيها وفي اللغة والإنشاء ومعاني المفردات العربية,, لذا لم يفهم منها حتى "التشبيه" الذي إكتملت أركانه "المشبه" و "المشبه به", و "أداة التشبيه", ولكنه الجهل حينما يصقل بالعمه صقلاً. فنقول له في ذلك:
1. إبتداءاً,, ليس كل صلصال يعتبر فخار, فالجرس يصلصل, ولكنه ليس طيناً يابساً ولا صلصالاً محروقاً بالنار,

2. لم يقل الله تعالى إنه بعد أن خلق آدم من الطين قد أدخله النار حتى صار فخاراً, ولم يقل بأنه خلق آدم عليه السلام من الفخار. وهذا يعني أنك كذاب أشر ومدلس,, وتكذب على الله دون تحرج في إطار السخرية والإستهذاء بكتابه ورسوله وأنت أقل, بل وأضل مما يدفعه الجعلان بأنفه.

3. واضح لكل ذي بصر وبصيرة أن الطين اليابس القديم يصلصل كالفخار, ولكن لم يوجد عاقل أو أحمق إدعى بأن هذا الطين – لأنه يصلصل مثل الفخار – قد أصبح بذلك فخاراً حقيقياً,, سوى لدى هذا المتهافت بيانياً وفكرياً ومفاهيمياً.

إذاً قول الله تعالى: («خَلَقَ الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ»)، يقصد أن الطين الجاف - جفافاً إنعدمت منه الرطوبة – صارت له صلصلة تشبه صلصلة الفخار الحقيقي المصنوع من الطين ثم حمي في النار حتى أصبح غير قابل للذوبان في الماء مرة أخرى. فشتان ما بين المشبه و المشبه به يا جاهل غير أن وجه الشبه هو (اليبوسة والصلصلة). فقولك بأن (... الصلصال هو الفخار وكلاهما بمعنى الطين الجاف المحمّى على النار ...), إنما هو شهادة موثقة منك بأنك من الكذابين المدلسين الخادعين.

ويكفي شهادة أنك تجهل البلاغة بصفة عامة والتشبيه بصفة خاصة هو وجود جميع أركان التشبيه فهذه الآية (المشبه, وهو الطين اليابس), و (المشبه به, وهو الصلصال), و (أداة التشبيه, وهي الكاف), وأخيراً (وجه الشبه, وهو الصلصلة في المشبه والمشبه به). أليس ما أنت عليه "تهافت بلاغي مريب"؟؟؟

سابعاً: قال المتهافت أيضاً: (... يقول القرآن: «رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ» وهذا ضعف بلاغي لأنه في موضعٍ ثانٍ يقول: «قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» وموضع ثالث يقول: «رَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ»، فالآن هم كم مشرق؟ هل هما مشرقين أم هو مشرق واحد؟

نقول في ذلك وبالله التوفيق:
هم (مشرق واحد, ومشرقان, ومشارق), فهذه الآية الكريمة فيها تفصيل علمي دقيق لما أحكمه الله تعالى في قوله تعالى: (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ 5). وقد فعَّل الإنسان ملكة البيان التي علمه إياها الرحمان, فوصل إلى حقائق ودقائق لا بأس بها من هذا الإعجاز العلمي غير المسبوق,, فسجل ملاحظاته عنها, ثم رتبها وتدبرها جيداً, فخلص إلى ما سيأتي تفصيله.

نعم هذه حقيقة علمية لا يختلف حولها إثنان, وقد أوجزها الله تعالى في ثلاث آيات من ثلاث سورة كما يلي:
1. ففي سورة الشعراء قال عن نفسه إنه رب "المشرق" و "المغرب" بالإفراد, وهذا يعني أنه رب مشرق واحد ومغرب واحد, لقوله: (قَالَ «« رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا »» إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ 29), أرجوا التدقيق أكثر في قوله تعالى (... وَمَا بَيْنَهُمَا ...)!!! وهذا هو الحق,

2. وفي سورة الرحمان, قال عن نفسه إنه رب المشرقين ورب المغربين, بالتثنية,, وهذا يعني أن هناك مشرقين ومغربين, وهذا عين الحق والصدق,

3. ثم في سورة المعارج قال تعالى عن نفسه إنه رب "المشارق" و "المغارب" بصيغة الجمع,, وهذا يعني أن هناك أكثر من مشرقين وأكثر من مغربين, لقوله تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ 40), وهذا ذروة سنام الحق والحقيقة,,, ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

هذا القول بالإفراد, والتثنية, والجمع,,, هو ما أجملته وأحكمته الآية التي تقول: (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ 5), وهو الحق من ربكم, فقط يحتاج الأمر منكم تفعيل ملكة البيان وذلك بإعادة النظر إلى الشمس والقمر على أنها "بحسبان", كما يلي:

ولكن,, قبل أن ندخل في التفصيل, فلننظر ما لدى البشر من معلومات "علمية" توصل إليها بالملاحظة والدراسة والتجارب,,, مئات السنين, ثم وضع هذه الحقائق جنباً إلى جنب, وضبطها بظواهر الشمس والقمر وحركتهما (شروقاً متنوعاً) و (غروباً متنوعاً يقابله), ثم حركات وتحركات وتغيرات ما بين شروق وغروبه تفسر الزمن والمواقيت والليل والنهار وما بينهما,,, وما يحدثه هذا التنوع والإختلاف في الظهور والحركة والإختفاء ثم معاودة الكرة بتكرارات منضبطة تدل على أن (كل في فلك يسبحون).

فعند شروق الشمس, على الإنسان أن يسأل نفسه: هل أشرقت من مشرق واحد وغربت في مغرب واحد أيضاً أم لها مشرقان ومغربان كل منهما يقابل الآخر؟؟,, أم لعلها تخرج في كل مرة من مشرق ثم تغرب إلى مغرب يقابل هذا المشرق الذي خرجت منه؟؟؟ هذا هو الإعجاز العلمي البديع في الآيات المحكمات الثلاثة سالفة الذكر التي تحدثت عن آيات المشارق والمغارب؟؟؟

تصور الإنسان حقيقة الشمس "بملكة البيان", وما تفعله من فصول في حركتها ما بين القطبين الشمالي والجنوبي, فقسم هذا المسار إلى خمسة خطوط أو دوائر عرض "وهمية" ميزها عن بعضها البعض حتى يسهل عليه تتبع ودراسة حركة الشمس عبرها فكات دوائر العرض كما يلي:
1. الدائرة القطبية الشمالية, وهي خط العرض أو دائرة العرض التي تحد القطب الشمالي للكرة الأرضية, عند 66.5 درجة شمالاً,

2. مدار السرطان, وهو خط أو دائرة العرض "الوهمية" التي تلي دائرة القطب الشمالي وتقع جنوب خط الإستواء, عند 23.5 درجة شمالاً,

3. دائرة / خط الإستواء وهي الدائرة التي تتوسط خطوط/دوائر العرض عند عند 0 درجة, والتي تقسم الكرة الأرضية إلى نصفين متساويين تماماً, شمالي وجنوبي.

4. مدار الجدي, وهو الخط/الدائرة التي تلي خط الإستواء وتقع جنوبه عند 23.5 درجة جنوباً, وتتوسط خط الإستواء والدائرة القطبية الجنوبية,

5. وأخيراً الدائرة القطبية الجنوبية وهي خط/ دائرة العرض التي تحد القطب الجنوبي للكرة الأرضية عند 66.5 درجة جنوباً.

فماذا يعني هذا,, وما علاقته بالمشارق والمغارب إفراداً وتثنية وجمعاً؟؟؟
1. معلوم أنه عندما تشرق الشمس متعامدة مع خط الإستواء, يكون هذا الشروق لنصفي ألكرة الأرضية الشمالي والجنوبي معاً,, ويكون تأثير أشعتها متساوياً في النصفين, وبالتالي يكون للأرض مشرقاً واحداً ومغرباً واحداً مقابلاً له على نفس دائرة العرض (خط الإستواء), عندها ينسجم وضعها القائم مع منطوق ومدلول الآية الكريمة لقوله تعالى: (قَالَ «« رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا »» إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ 29), ومعلوم أن ما بين المشرق والمغرب هو خطوط الطول التي تحكي تدرج الزمن وحركة الشمس من شروق, فضحى, فمغيب... الخ.

وفرعون وآله – في مرحلة الدعوة - لا يلزمه أكثر من معرفة مشرق الشمس ظاهرياً ومغربها دون الحاجة إلى الدخول في تفاصيل, لأنه معاند ومكابر, لذا يكون كثيراً منه لو أنه صدق وآمن بأن رب موسى هو رب المشرق والمغرب وما بينهما.

فأنظر إلى هذا الحوار الذي دار بين موسى عليه السلام وبين فرعون, قال تعالى فيه: (قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ 23)؟,
(قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ 24), وهذا يغطي البعد الرأسي بكامله.
ثم رد فرعون: (قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ 25)!!!, مستهذيءً ساخراً من موسى.
رد عليه موسى: (قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ 26), مغطياً بذلك كل البشر الذين وُجدوا على الأرض قبل فرعون وآله.

رد فرعون لملئه: (قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ 28),
لم يعبأ به موسى, فواصل حديثه إليهم: (قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ 29), فغطى بذلك البعد الأفقي على الأرض ما بين المشرق والمغرب.
فرد فرعون على موسى: (قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ 30).

2. وعندما تشرق الشمس متعامدة مع مدار السرطان, شمال خط الإستواء, فإن التأثير الأساسي لهذا الشروق يكون من نصيب النصف الشمالي من الكرة الأرضية حيث تنتشر أشعة الشمس عليه وحوله مغطية المنطقة الواقعة ما بين خط الإستواء والدائرة القطبية الشمالية, ثم تغرب على نفس دائرة العرض (مدار السرطان), وهذا يمثل أحد المشرقين والمغربين الذين أشارت لهما الآية الكريمة بسورة الرحمان.

أما عندما تشرق متعامدة مع مدار الجدي – جنوب خط الإستواء – فإن التأثير الأساسي لهذا الشروق يكون من نصيب الصف الجنوبي من الكرة الأرضية, حيث تنتشر أشعة الشمس حول مدار الجدي مغطية المنطقة الواقعة ما بين خط الإستواء والدائرة القطبية الجنوبية,, ثم بالطبع تغرب على نفس دائرة العرض (مدار الجدي), وهذا يمثل المشرق والمغرب الآخر من المشرقين المغربين الذي أشارت إليهما الآية الكريمة من سورة الرحمان في قوله تعالى: (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ 17),

3. ومعلوم أن الشمس – في شروقها وغروبها – لا تقفذ من مدار السرطان مباشرة إلى خط الإستواء, إلى مدار الجدي قفذاً,, وإنما تتدرج في حركتها كل يوم في دائرة عرض مختلفة فتشرق فيها وتغيب عليها, وهذا يعني أن مشارقها ومغاربها ليست فقط مشرقين ومغربين – بالنظر إلى حركتها المستمرة رأسياً, فهذا يعني أن كل يوم لها مشرق ومغرب مختلفان عن اليوم السابق له, إذاً لها مشارق ومغارب بعدد أيام السنة, وهذا ينسجم مع قوله تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ 40).

الآن تابع دقة تعبير هذه الآيات في سورة المعارج, قال تعالى لرسوله الكريم: (فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ 36), («« عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ »» 37), (أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ 38), (كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ 39), (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ 40), (عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ 41), (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ 42).

فالرحمان هو رب المشرق والمغرب, ورب المشرقين والمغربين, ورب المشارق والمغارب, لا تعارض بين هذا ولا ذاك ولا تلك,, فإن كانت الإشارة إلى أي منها فالتعبير يتسق ويتفق مع مراد الله تعالى فهو خالق كل شيء وهو على كل شيء قدير,,, (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 18)؟؟؟؟؟.

لا يزال للموضوع من بقية باقية

تحية طيبة للقراء الكرام

بشاراه أحمد



#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قَبَانْجِيْنَآتٌ مُتَهَآفتة ... لَاْ حَمْدَ فِيْهَاْ (B):
- قاهر الطواغيت وماحق البدع:
- مختوم من البقرة مزنوم 1:
- قَبَانْجِيْنَآتٌ مُتَهَآفتة ... تصحيح مفاهيم (أ):
- قَبَانْجِيْنَآتٌ مُتَهَآفتة ... لَاْ حَمْدَ فِيْهَاْ (A):
- ... أَفِي اللَّهِ شَكٌّ!!! ...؟؟؟ (تصحيح مفاهيم B):
- ... أَفِي اللَّهِ شَكٌّ!!! ...؟؟؟ (تصحيح مفاهيم A):
- ... أَفِي اللَّهِ شَكٌّ!!! فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ...
- ... أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ!!! السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ...
- قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (ج):
- قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (ب):
- قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (أ):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (تصحيح مفاهيم - « ه »):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (تصحيح مفاهيم - « ج »):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (تصحيح مفاهيم - « ب »):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (تصحيح مفاهيم - « أ »):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (C):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (B):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (A):
- ميتافيزيقا بيداويدية:


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - قَبَانْجِيْنَآتٌ مُتَهَآفتة ... لَاْ حَمْدَ فِيْهَاْ (C):