أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدالله تركماني - خمس سنوات على الثورة السورية: وقفة تقويمية (2 - 3)















المزيد.....

خمس سنوات على الثورة السورية: وقفة تقويمية (2 - 3)


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 5183 - 2016 / 6 / 4 - 04:26
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


خمس سنوات على الثورة السورية: وقفة تقويمية (*) (2 – 3)
(4)
موقع العسكرة والأسلمة
حدث التحوُّل لأسباب وعوامل متعددة منها ما هو تحوُّل اضطراري، كتسلُّح الثورة رداً على الخيار الأمني للنظام. لكنَّ العسكرة جرت بشكل عشوائي، كما تم إفشال جميع محاولات إنشاء قيادة موحدة تتمتع بقرارات مركزية مطاعة من الجميع. وابتعد حاملو السلاح تدريجياً عن الارتباط بالحراك المدني، وعملوا لوضع المؤسسات المدنية التي أقامتها الثورة تحت سيطرتهم بدل أن يحدث العكس، بأن تتبع القوى العسكرية لقيادة سياسية. مما ترك المجال لتعملق عسكريي الثورة وإطلاق غرائزهم لإخضاع الحراك المدني لكتائبهم المسلحة.
كما أنّ أسلمة العمل المسلح لم يأتِ فقط من غزو الجهاديين الخارجي، بل أيضاً من تأسلم الكتائب للحصول على الدعم المادي والتسليحي من قطر والسعودية وتركيا. وتفكُّك الثوار المناصرين للديمقراطية وانتقال الكثير منهم لمنظمات إسلامية تمتلك مصادر مالية وتسليحية كبيرة. كما أنّ النظام رفد الكتائب الإسلامية بأعداد كبيرة من الجهاديين الذين كانوا في سجونه والذين أصبحوا قادتها وعمودها الفقري. كما استندت الأسلمة لعامل محلي هو درجة عالية من التديُّن تميزت بها قطاعات واسعة من الشعب السوري، خاصة في الأرياف، كرد على ظلم النظام الذي دام لعقود. كما ساهم وجود منظّرين إسلاميين مدعومين من قوى إقليمية، يعملون بشكل منظَّم عبر وسائلهم الإعلامية، بتسطيح الفكر الشعبي لدى المؤيدين للثورة، وبالمقابل انحسار - إن لم يكن غياب - العمل المنظَّم للقوى الديمقراطية، الذي يدعم الثورة فكرياً وتثقيفياً. لكنّ التديُّن الشعبي شيء والتطرف في تديين أهداف الثورة شيء آخر، لا يتفق مع الغالبية المؤمنة في سورية التي كان واضحاً منذ البداية أنّ ثورتها ليست لهدف إقامة دولة دينية بل دولة مدنية.
لقد باتت سورية، بعد خمس سنوات على الثورة، منقسمة إلى 5 مكوّنات مسلحة: أولها القوات الحكومية وحلفاؤها، وثانيها تنظيم " داعش "، وثالثها تنظيم " جبهة النصرة "، ورابعها فصائل الجيش السوري الحر المتشرذمة، وخامسها القوات الكردية. وتتقاسم هذه المكونات السيطرة على كيانات الجغرافيا السورية المتشظية.
وهكذا لم تعد أهداف الصراع واضحة، ولا أطراف الأزمة معروفة. ولأنّ معظم أمراء الحرب، من جهة أخرى، يأتمرون بأوامر خارجية، فإنّ الخارج أصبح هو المسؤول عن الحل والقادر عليه، وما على السوريين إلا التفرج على ما يجري، وانتظار ما يقرره الآخرون لإنهاء مأساتهم.
وفي هذا السياق شكل الصراع بين فصائل إسلامية مختلفة في الغوطة الذريعة المثلى، وفي أحرج الأوقات والظروف، للعديد من الأطراف المعادية لتطلعات الشعب السوري من أجل الانسحاب من الالتزامات التي ترتبها عليها، وعلى النظام، القرارات الدولية، وإنكار حق السوريين في راهنية انتقال ديمقراطي، يؤسس لنظام جديد قائم على سيادة الشعب واحترام حقوق الأفراد وحرياتهم، وتخضع فيه السلطة، كبقية الأطراف الاجتماعية والمؤسسات، لحكم القانون والنقد والمساءلة والحساب.
(5)
الدور الإقليمي والدولي
الصراع في سورية هو صراع إقليمي ودولي عبر السوريين، ولن ينتهي إلا إذا جرى توافق إقليمي - دولي على الخروج منه. وقد أضحى للقوى الخارجية كلها ميليشيات تحارب عبرها في هذا الطرف أو ذاك، ومؤسسات إغاثية تهيمن عليها، وتجمعات سياسية تؤثر في مواقفها.
لقد تحوّل البعد الجيو - سياسي إلى عامل أساسي في الصراع بين الثورة والنظام، ما أدى إلى تشبيك مصالح عديدة في الإقليم وخارجه، وتحالف أطرافها ضد الثورة، ولعل ما رفع من سقف إغراء انخراط هذه الأطراف في الأزمة السورية تصوراتها بقدرتها على تحقيق مخارج لأزماتها الدولية التي تصادف ولادة الثورة مع وصول تلك الأزمات إلى ذروتها، فضلاً عن هوامش الحركة الواسعة أمامها التي أتاحها نظام الأسد، والتي وصلت إلى درجة إدارة تلك القوى مسارح المعارك، وإعطائها ساحات للمناورة والضغط على دول الإقليم، وقد ساهم ذلك بزيادة حدة الخلل الحاصل، أصلاً، لصالح نظام تبين أنه رتب كل جهوده، طوال سنوات عديدة لهذا النمط من المواجهات مع الشعب، وأسس لذلك البنية اللازمة.
لقد تزامنت هذه الوقائع مع عودة ملمح طابع الصراع الجيو - ستراتيجي للعلاقات الدولية، بعد اختفائها في مرحلة ما بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، إذ تكشف أنّ قوى إقليمية ودولية، إيران وروسيا والصين، ما زالت في حاجة إلى استخدام هذا النمط الصراعي لاستكمال مجالات القوة لديها، أو، أقله، لتغيير معادلة القوى الراهنة، وتثبيت نفسها قوة تقريرية في النظام الدولي المعاصر. ومنها إلى الدور الأعلى في الصراع الذي يؤسس لنظام عالمي، ستبدأ إرهاصاته من الشاطئ السوري، قد يشهد معه حرباً باردة قد تؤسس لنظام تعاوني مستقبلي.
كما يبدو أنّ نظاماً إقليمياً جديداً يولد بصعوبة على حطام سورية وبعض العراق وبعض تركيا. وسيطول الانتظار، لأنّ التحكم بالولادة لم يعد تقليدياً يقتصر على كبار الإقليم والعالم، إذ نحن أمام ظاهرة جيوش غير تقليدية تنشأ على هامش الدول، بحيث يصعب التحكم فيها حتى من دول تعهدت ولادة بعضها أو ساعدت في تمدده. جيوش متعددة الأحجام لكنها تلتقي في فضاء لا يعترف بالدولة الحديثة ولا يصغي لأوامر المجتمع الدولي أو نصائحه.
إنّ تركيا تريد إسقاط النظام، لذلك هي تقوم بدعم المعارضة والجماعات المسلحة التي تعمل على الأرض، وتستقبلهم على أراضيها وتوفر لهم الدعم الكافي، وهذا ليس حباً في المعارضة، وإنما لأنّ عمقها الاستراتيجي للشرق الاوسط هو من خلال سورية، خاصة كونها تعد حليفاً استراتيجياً لإيران، التي تعد الموازن الاستراتيجي الأبرز لتركيا في السيطرة على المنطقة. كما تتمثل مصالح تركيا الجوهرية في قيام دولة سورية قادرة ومستعدة للمساعدة على احتواء المجموعات المسلحة، وحماية حدودها، وعودة ما يزيد عن مليوني لاجئ سوري تستضيفهم تركيا، وفتح المناطق ذات الأغلبية الكردية في الشمال أمام المشاركة التعددية من قبل جميع القوى الاجتماعية والسياسية بشكل يضمن وجودها جزءاً لا يتجزأ من سورية، بما لا يؤثر سلباًعلى أكراد تركيا.
وتشعر دول الخليج أنّ بقاءها خارج الأزمة السورية سوف يتيج لدول أخرى، مثل تركيا وروسيا وإيران، فرصة ملء الفراغ. لذلك تعمل المملكة العربية السعودية على دفع عجلة الحراك خطوات للأمام عن طريق الدعم المباشر لأطياف من المعارضة السورية. وتعي دول الخليج أنّ سقوط النظام السوري سيكون بمثابة ضربة لإيران واضعاف لنفوذها في المنطقة، مما يدفعها للمبادرة والتعاون مع المجتمع الدولي في زيادة الضغوطات على النظام. ولكنّ المعضلة بالنسبة لدول مجلس التعاون تكمن في خطر وصول جهات إسلامية إلى السلطة وامتداد موجة تسونامي لربيع الثورات العربية لتصل للخليج. وعلى الرغم من أنّ دول الخليج تفتقر إلى موطئ قدم إقليمي في سورية، لكنها رسخت نفوذها من خلال دعم الجهود التركية والأردنية لتسليح الجماعات المعارضة المسلحة.
وربما كانت السعودية وتركيا أكثر الأطراف المستهدفة من الانتشار العسكري الروسي والإيراني، إذ تعتقد السعودية أنّ دمشق لا بد أن تُنتزع من براثن النفوذ الإيراني وتعود عربية كما كانت، لذلك سيكون عليها تأكيد خطها الأحمر حول غوطة دمشق الشرقية وحوران. بينما ستجد تركيا نفسها أمام تحدٍ كبير فيما يتعلق بإدلب، وأكبر فيما يتعلق بحلب.
أما مشروع المحافظة على النظام فتمثله إيران، لكن ليس حباً فيه، ولكن لأنه يمثل حليفاً استراتيجياً وامتداداً لمشروعها في الهيمنة على المنطقة. لذلك نرى أنها تبذل ما بوسعها من أجل إجهاض التغيير في سورية، فهي تدعم النظام بالمقاتلين، فضلاً عن الدعم اللوجستي. ولا شك أنّ ما دفع إيران للقفز إلى هذا المستوى من الوضوح والشفافية في تظهير أدواتها وأهدافها استشعارها تغيّرات قادمة في المشهد الإقليمي، من خلال احتمال تشكّل تكتل من القوى الإقليمية المركزية يقف ضد طموحاتها، لذا فهي تندفع إلى تكريس أوضاع ثابتة في سورية حتى لو اضطرت إلى عدم مراعاة اعتبارات كثيرة لدى الأسد.
أما المراهنات الإسرائيلية فهي على مزيد من التفاعلات السلبية - أمنياً وسياسياً - وعدم التوصل إلى أي حل في القريب العاجل. فمن مصلحة إسرائيل بقاء هذا الكابوس الجاثم فوق المشرق العربي والمهدد لوحدة الأوطان والشعوب، والمنذر بحروب أهلية في عموم المنطقة. وفي هذا السياق يبقى للجنوب السوري وضع خاص، نظراً لمتاخمته للحدود الإسرائيلية، التي تمثل بيضة القبان في الأمر برمته. فمن ناحية تستحيل إعادة سيطرة النظام على كامل درعا والقنيطرة، ومن ثم عودة النظام لممارسة وظيفته الرئيسية بحراسة حدود إسرائيل. ومن ناحية أخرى لن تسمح بسيطرة طرف لا تستطيع التأكد من نواياه تجاه إسرائيل على تلك المنطقة الحيوية.
إنّ الولايات المتحدة الأمريكية اليوم تتعاطى مع منطقة المشرق العربي، بوصفها بمثابة " رجل مريض "، ومن باب أنها تصلح كمنطقة لإدارة الصراع، وضمنه استنزاف وإضعاف روسيا وإيران وتركيا، وعدم إتاحة وضع من الاستقرار في سورية والعراق قد يشكل تهديداً لإسرائيل على المدى المنظور.
وليس مستبعداً رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في استكمال إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، وفق أسس تفكيكية، لذلك نراها تدفع باتجاه إغراق المنطقة بحروب طائفية وعرقية بين مجتمعات الشرق الاوسط بهدف تفكيكها واعادة تشكيلها من جديد، وأحد سياسات هذا المشروع هو آلية " الفوضى الخلاقة " التي اعتمدتها في المنطقة وتحديداً في العراق منذ سنة 2003، وحاولت نقلها إلى دول المنطقة، خاصة بعد التغييرات التي مرت بها المنطقة العربية فيما عرف بـ " ربيع الثورات العربية ".
كما أنها لم تعد تخفي أنّ الصراع على سورية لم يعد يشكل بالنسبة لها أولوية في هذه المرحلة، وأنّ المطلوب أن يتفرغ الجميع للحرب المشتركة ضد التطرف والإرهاب، الذي سيبقى محور الصراع في المنطقة لسنوات، وربما عقوداً طويلة. ويرتبط بهذا التفكير الاعتقاد، أيضاً، أنّ الخوف من التنظيم الإرهابي " داعش " سيكون كافياً لتشجيع المعارضة والنظام على التقارب والتفاهم وتقاسم الكعكة والسلطة والنفوذ، بانتظار ظروف أفضل.
ويبدو الموقف الأوروبي أكثر تشدداً من الموقف الأمريكي تجاه المسألة السورية، وأكثر استعجالاً في حل الأزمة وتسهيل الانتقال السياسي من نظام الأسد إلى نظام تشاركي بين ممثلي المعارضة والنظام، ممن لم تتلطخ أياديهم بدماء الشعب السوري، وذلك لعدة أسباب من أهمها: العوامل الجغرافية والتاريخية، إذ ستكون أوروبا أكثر تأثراً بحرب أهلية سورية أو بحالة الفوضى. وقد جاءت موجة اللاجئين السوريين لتبرز هذه العوامل. وهناك رغبة أوروبية بانهاء الأزمة لكنها تتخوف من التحرك منفردة دون التنسيق مع الإدراة الأمريكية.
وفيما يخص روسيا الاتحادية، تريد الإبقاء على نظام بشار الأسد، لأنه ضامن للمنفذ الوحيد لها وعمقها الاستراتيجي الرئيسي للتدخل في الشرق الأوسط وللوصول للمياه الدافئة (العقدة التاريخية)، فضلاً عن وجود القاعدة الروسية الوحيدة في المنطقة بطرطوس. كما أنّ روسيا، التي وصلت إلى طريق مسدود في أوكرانيا، تعتقد أنّ بإمكانها الاستفادة من معطيات الحرب الدولية ضد الإرهاب من أجل تعويم نفسها دبلوماسياً، وفتح تجارة جديدة رابحة مع واشنطن، والمراهنة على انقسام المعارضة، لتهميشها وتقليص مطالبها وتدجينها. وليس هناك ما يمنع من تجريب طرائق أخرى، مع تراجع قدرة الطرائق العسكرية على الحسم، وتفاقم كلفتها المادية والسياسية والاقتصادية والأخلاقية.
فضلاً عن ذلك، تبدو المقاربة الروسية - الأمريكية للمسألة السورية، اليوم، أقرب منها في أي وقت مضى. فالطرفان يركزان على جزئية " الإرهاب " في الصراع السوري، وهناك اتجاه لفصل التعاون في المسألة السورية عن الخلاف المحتدم في أوكرانيا. ويرغب الغرب، في هذه المرحلة بالذات، في أن تلعب روسيا دوراً أكثر إيجابية في حل المسألة السورية، خصوصاً مع تنامي القلق من دور الجماعات الجهادية التي ما فتئت تستقطب مناصرين لها في المجتمعات الغربية.
ومن الواضح جداً أنّ الروس حصّلوا من الملف السوري ما يمكن تحصيله حتى الآن وفي شكل أساسي أن يتم التعامل معهم بندية، بنفس المستوى كما الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تثبيت مصالحهم في الشرق الأوسط وشرق البحر الأبيض المتوسط. بمعنى أنّ في الديبلوماسية الدولية الآن أصبح هناك ندية واضحة ما بين الولايات المتحدة وروسيا. فعندما نتكلم عن المجموعة الدولية لدعم سورية تكون الرئاسة مشتركة، والبيانات الرئاسية التي تصدر فإنها تصدر في شكل مشترك، ومجموعتا العمل (الإنسانية والهدنة) أيضاً تكون الرئاسة فيهما مشتركة. هذا بالنسبة إلى الروس والأمريكيين وهو موضوع في غاية الأهمية وله أبعاد خارج سورية. ويأمل الروس من خلال هذا الملف أن يستطيعوا الوصول إلى حل شامل مع الأمريكيين والغرب في ما يتعلق بالملفات الأخرى، لذلك فإنّ الثمن الذي يطلبونه الآن هو ثمن مرتفع لا يستطيع الأمريكيون دفعه، فهناك داخل الولايات المتحدة بعض الممانعة لهذه التسهيلات أو التنازلات التي تعطى للروس.
وهكذا، شكلت الأزمة الطويلة وحاجة النظام السوري إلى الدعم الخارجي مناسبة مهمة لكل من روسيا وإيران لزيادة نفوذهما في سورية. لكن، ما بدا وكأنه توافق روسي - إيراني على دعم النظام السوري، كان يخفي وراءه تنافساً حاداً. فمع تنامي الاتجاه إلى تعاون أمريكي - إيراني في الحرب على " داعش " يمتد من العراق إلى سورية، أخذ القلق يستبد بموسكو من أنّ ذلك قد يعني خروجها بالكامل من دائرة التنافس في سورية وضياع خمس سنوات من الاستثمار السياسي والمالي والعسكري الكبير فيها. هذا يدخلنا في السبب الرئيس الآخر للتحرك الروسي، وهو الاحتمال المتزايد في أن يشكل الاتفاق النووي مدخلاً نحو علاقات أكثر وداً بين طهران وواشنطن. ويتخوف الروس أنهم لن يكونوا حاضرين على أية تفاهمات إقليمية يمكن التوصل إليها، بعد تجاوز عقبة النووي الإيراني.
إنّ الأمر الأكثر تعقيداً الآن في سورية هو اختلاف الأولويات بين الروسي والإيراني، فروسيا التي دخلت إلى الميدان السوري بتنسيق تام مع الولايات المتحدة الأمريكية، ترى أنّ مرحلة ما بعد أوباما تشكل خطراً على مصالحها وتدخلها خوفاً من تغيير السياسة الأمريكية مع الرئيس الجديد، لأنّ النزاع في سورية ومنذ بدايته أخذ أشكالاً مختلفة بسبب التدخل الإيراني الكبير في الأزمة السورية ومعه حزب الله والميليشيات العراقية إلى جانب النظام.
وتسعى إيران إلى تعطيل التفاهم الروسي - الأمريكي مرحلياً وتأخير البحث في حل الأزمة السورية إلى ما بعد أوباما وانتخاب الرئيس الأمريكي الجديد الذي يحتاج على الأقل إلى سنة بعد انتخابه لتكوين إدارته وتحديد سياسته الخارجية. وبذلك تكون إيران قد استفادت من هذه الفترة لكي يكون الاتفاق حول سورية معها ولمصلحتها.
وهكذا، يصعب رسم صورة واضحة للمشهد الاستراتيجي في الإقليم قبل أن تبلغ هذه التحولات نهاياتها، وقبل أن يستقر الصراع بين كبار المنطقة على هدنة أو صيغة صفقة تراعي مصالح الجميع وأمنهم. وهذه عقبة بين عقبات رئيسية تعترض طريق الحد الأدنى من التفاهم بين القوى الكبرى المعنية بتسوية أزمات المنطقة، أو على الأقل بإدارة هذه الأزمات للحد من أخطارها وتداعياتها، خصوصاً الأزمة السورية. وبين هذه العقبات في تفاهم أمريكا وروسيا أنّ الأولى لا تملك قوة على الأرض توفر لها أداة فاعلة لممارسة ضغط فعلي على الأرض، في وجه النظام وحليفيه الروسي والإيراني. وتولي الاهتمام الأول لمحاربة " داعش " و " النصرة " في سورية والعراق. بينما تستعجل موسكو التسوية مع الإدارة الحالية. لكن ثمة تبايناً بين الطرفين في كثير من عناصر هذه التسوية، خصوصاً حيال مصير الرئيس الأسد ومستقبله، فضلاً عن مفهوم المرحلة الانتقالية.
تونس في 25/5/2016 الدكتور عبدالله تركماني
باحث استشاري في الشؤون الاستراتيجية
(*) – قُدمت في ورشة عمل بدعوة كريمة من " الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية " تحت عنوان " ورشة مسارات الثورة وخلاصاتها " – اسطنبول 28 و29/5/2016.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خمس سنوات على الثورة السورية: وقفة تقويمية (1 - 3)
- محددات العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في تونس
- الأساس الثقافي للمحنة السورية الراهنة
- مرتكزات المبادئ فوق الدستورية
- الطائفية السياسية وسيرورة الدولة السورية
- جدل التنمية والديمقراطية ومؤشرات التعثّر المغاربي (2 - 2)
- جدل التنمية والديمقراطية ومؤشرات التعثّر المغاربي (1 - 2)
- فرص وتحديات اندماج اللاجئين المغاربيين في أوروبا
- فرص وتحديات اندماج اللاجئين المغاربيين في أوروبا (2 - 3)
- فرص وتحديات اندماج اللاجئين المغاربيين في أوروبا (1 - 3)
- كي لا تكون الفيدرالية مقدمة لتقسيم سورية
- مخاطر صك الانتداب الروسي على سورية
- مقاربة للثورة السورية في ذكراها الخامسة
- الحضور المميز للنساء في الثورة السورية
- مآلات الدولة والمجتمع في سورية
- التداخلات الإقليمية والدولية وآفاق حل المسألة السورية
- محاولة استشراف مستقبل النظام الدولي
- بيان إلى الرأي العام السوري حول جينيف 3
- عقدة الأسد في خطة طريق فيينا
- بيان إلى الرأي العام السوري حول تطورات الوضع الداخلي لحزب ال ...


المزيد.....




- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدالله تركماني - خمس سنوات على الثورة السورية: وقفة تقويمية (2 - 3)