أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الذهبي - تالي العمر محطات














المزيد.....


تالي العمر محطات


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 5176 - 2016 / 5 / 28 - 12:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تالي العمر محطات
محمد الذهبي
الفلوجة كانت محطته الاخيرة، بشيبته الكريمة، ظن العم غانم انه سيرتاح في نهاية العمر، لكنه نسي انه يحيا في بلد منذ فجر التاريخ وهو يقاتل، مدن تغزو احداها الاخرى، وملوك يسيطر بعضهم على بعض، ولم يكن محسوبا لدى العم الذي تجاوز السبعين ان هذه الاطلاقة ستنهي حياته، كان يظن انها ستحترم شيبته وتوقر سنه، حملوه الى الخلفيات حيث مكان تجمع الشهداء، هناك ينتظر الله ليربت على اكتافهم، ويبكيهم واحدا تلو الآخر، الجميع شباب ماعدا العم غانم بلحيته البيضاء الكثة، وضعوه في آخر الطابور، انه كبير السن، البكاء والنواح يليق بالشباب، (شباب يردون الهوه والموت ماخلاهم)، نعم لكنني كنت مختلفا هذه المرة، بكيت العجوز بحرقة كبيرة، وكأنني ارى ابي مضمخا بدمائه، كان منظرا يدهش الكثيرين، هذه الشيبة المضمخة بالدماء كانت مدعاة للتساؤل، غالبا ماتكون موقرة، ومحترمة في البيوت، فقد ادت ماعليها من عراك مع الحياة، لكن ان يكون الشهيد تجاوز السبعين، فهذا امر محزن، تركت الشباب وجلست قربه، وعلمت انه لا بواكي له، فبكيت وكأنني مفجوع بعزيز، طالما يرتبط الشباب بعلاقات متينة فيما بينهم، لكن كبار السن صعب ان يندمجوا في مجتمع جله من الشباب، فلكل سن قضاياها واهتماماتها، ولذا كان الرجل بعيدا، لايريد ان يسبب احراجا لاي احد، اغلب الاوقات كان يصلي، وحين يأتي الواجب يخف اليه مسرعا وكأنه ابن اربع عشرة سنة.
يقفز من صخرة الى اخرى ويهرول حاله حال المقاتلين الآخرين، اضف الى ذلك فهو يمتلك خبرة كبيرة، خصوصا في حرب العصابات، كان يعتبر فلسطين قضية العراقيين قبل العرب الآخرين، ولذا تسلل الى التطوع، وعاد ببدلة الصاعقة المزركشة بخطوطها البيضاء والحمراء والخضراء، كان يعرف داعش متى ينشطون، ومتى يهدأون، فكان الواجب مقدسا لدى العم غانم، يخرج سكائره ويروح في عالم آخر مع قدح الشاي، وداعتك عمي ، عمري كلشي ماشفت منه، بس جاي وجكاره، ما ان يستغرق في حكاياه حتى يتذكر وقت الصلاة، فيخف مسرعا، كان يحمل مجموعة من ترب الصلاة، باحجام شتى، انها تربة الشهيد ابن الشهيد، وعلينا ان نتخذها قبلة لنا، الحسين خط احمر لدى العم غانم، يتساهل مع الجميع بما فيهم الله، لكنه حين يصل الى الحسين تنز عيناه دمعتين، ويصرخ بصوت عال: ياحسين، طالما شاهدته وهو يجندل الدواعش، ليعقبها بصرخة تهز الكون: ياحسين، سألته مرة، قلت له: لو ادركت الحسين في كربلاء، ماذا كنت ستفعل، فكان يتحسر ويقول: ماعندي حظ، لو عدي حظ جا متت وياه، بس ياعمي وداعتك، كون هسه تنعاد كربله، وانه موش ابسيف، كون ابهاي البيكي سي، جا حركت لشة ابو يزيد، يضحك بعدها ويغادر دموعه، ومن ثم يستخرج سكائره، ليبدأ باشعالها واحدة تلو الاخرى، وداعتك قررت استشهد، كان ممددا بغترته الخضراء، وآثار الاطلاقات على صدره، كأنه بطل اسطوري او نبي من الانبياء قتل في حضرة الله، فاقسم الرب بالانتقام له، وسينتقم قريبا.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انا وليلى ولتفتحوا جراحكم
- لم يشترك في تحرير الفلوجة
- ماجدوى الدخول الى الخضراء
- من جيبك نوفي الديّانه
- شهادة الاوراق الصفراء في سوق اعريبهْ
- حين دفنت الشمس
- حين تتكلم المقابر وتفضح الاحياء
- لعل البحر محتاج الى البلح
- الديك الذي ملأ الارض صياحا
- لم اكن هنا
- ماذا تكتب عني
- قائمة الشعراء الموتى
- السومرية الجميلة
- حياة بين صفعتين
- عيون
- الوطن... وعوراتنا
- القصيدة
- بطل في الظل
- احلام المطر الاخيرة
- بالاحمر ايضاً


المزيد.....




- حفل توزيع جوائز غرامي.. ما المنتظر منه؟ ولماذا لم يتم إلغاؤه ...
- الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع يصل الرياض في أول زيارة ر ...
- مزاد تاريخي في ألمانيا.. مرسيدس تبيع سيارة سباق نادرة بأكثر ...
- ملك بريطانيا على الشاشة.. وثائقي جديد يكشف دور تشارلز الثالث ...
- إيران والحرب في غزة والتطبيع.. هذه هي الملفات الأكثر سخونة ف ...
- وزير الخارجية المصري: لدينا رؤية واضحة لإعمار غزة دون تهجير ...
- قلق دولي وتحذيرات أوروبية من -ثمن باهض- لرسوم ترامب التجارية ...
- أنقرة: نأمل أن تحل مسألة القوات الكردية في سوريا دون إراقة ل ...
- ناشطون يتداولون وثيقة صادرة عن القضاء السوري بإلقاء الحجز ال ...
- الحوثي يعزي -حماس- والشعب الفلسطيني في محمد الضيف


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الذهبي - تالي العمر محطات