طلال ابو شاويش
الحوار المتمدن-العدد: 5175 - 2016 / 5 / 27 - 14:32
المحور:
الادب والفن
هابي ويك إند !
تحقيقان في أيار :
الأول : في أحد مكاتب المبنى البهي لحقوق الإنسان .. كان فارغا إلا من حارسين ارتضيا ألا يحتفلا برحلتي الإسراء و المعراج للرسول الكريم...رافقوني بضجر باد على المكتب الصغير ...لم يسملا عيني...اكتفيا بالحزن البادي في قلبي و بشئ من غضب يرافق خطواتي الواثقة...
الأغبياء ...لعلهم تعمدوا استدعائي في هذا اليوم لأكون وحيدا فتفترسني رهبة المكان و الزمان !
واجهتني محققة خمسينية تصر على الإحتفاظ بجمالها...وكانت التهمة الكبرى هي عشق أمي مع سبق الأحضان و التهجد...وبأنني أجرمت بارتكاب فعل النزيف الشعري فيها...و بأنني مدحت محبيها و عاشقيها...و بأنني نشرت صورها على الفيس بوك ...و بأنني حرضت بسيف الكلمات على كارهيها...
وبأنني كتبت و نشرت كتبا -دون إذن -عن حياتها و كفاحها و معاركها و هزائمها و حزنها و بكائها... نفيت جميع التهم أمام المحققة الجميلة...و أنكرت بثقة ما نسب إلى من جرائم في العشق...أقنعتها بأنني لا أعشق أمي ولا كل عاشقيها...و بأن الشعر و النثر وكل ذاك النزف لا ينتسب إلى روحي...و بأن الإسم المخطوط على أغلفة الكتب ليس إسمي !
و أغلق المحضر في تاريخه وبصمت بأنامل بللها الدمع ثم هبطت طوابق المبني البهي لحقوق الإنسان برفقة الحارسين لأتابع الإحتفال بمعجزة الرسول الكريم في شوارع المدينة الفارغة !!!
الثاني :
بعد أن طحننا دهر من الإنتظار على معبر الموت...احتجز الأمن العزيز جواز السفر...وعبر ردهة ذات ضوء باهت وصلنا إلى أحد المكاتب الصغيرة...خصصوا لي مقعدا في منتصف الغرفة تعلوه مروحة سقف تترنح كمسافر يئن من الأوجاع...بدا لي المشهد مستلهما من أسقاطات الضحايا التي تسيدت عنوة...ضابطان أصغر من طلابي الذين علمتهم في مدرسة لاجئين ذات زمن...تسمرت لبرهة و ابتسامة وجع تترنح على وجهي المنهك...لم يعجبهما أن أحرك المقعد بجوار المكتب الخشبي...كنت أدرك تماما ما الذي أفعله....امتصا غضبهما و بدأ التحقيق ...
كانت التهمة الكبرى مساهمتي المتواضعة في كسر الحصار عن الضابطين ! و بأنني أجرمت بإدخال بعض الغرباء المتضامنين إلى بيوتهم الجائعة !!! هل وكيف و من هم و لماذا و أين و متى ؟!
أنهى أحدهما كتابة ما أسموه ( تقرير حالة ) و عدنا إلى صالة القهر حيث الموت يتكئ على الحقائب المعذبة...راودتني فكرة تمزيق جواز السفر...ضغطت علي الفكرة بقوة...و قبل أن أتخذ قرارا ...تكفل الأشقاء بوضح نهاية لإحدى حلقات الموت بإعلاق المعبر حتى إعلان موت جديد !!!
#طلال_ابو_شاويش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟