أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - أمطار النور














المزيد.....

أمطار النور


ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 5174 - 2016 / 5 / 26 - 21:47
المحور: الادب والفن
    


أمطار النور
حروفي دخلت في غيبوبة الخريف، أُوقظ حرفًا فيغفو الآخر، أضمها لتشكل عنقود لغة، فتخرج لفائف حارقة تلذَع القلوب. كنتُ أْشْكَلُها على صدرك فتضيء، أرسمها على شفتيك فتنطق، أكتبها على قلبك فتعشقني حتى الرمق الأخير، فمتى تعود حروفي رسول محبة إليك، وتنهض من غيبوبة الشهيق والزفير؟!
حروفي يا رفيق الألم لا تستطيع أن تقف على ساقيها كباقي الزهور! لا تستطيع أن تركض إليك كفراشات الربيع حين كانت تلتحف كفيِّك وتطلب منك الاحتماء فيك، لا تستطيع الطيران كعصفور، والتحليق كطير، واختطافك على بساط الريح لنطوف معًا كنجم ونجمة جميع مجرات الياسمين، نمسح عن أوراقها بطش الجاهلية الأولى، والعصبية الأولى، وظلام السالف من العصور.
تريدني أن آتيك كعاصفة هوجاء تخلخلك من الجذور، تقتلع من ذاكرتك بيادق القلق وخرائط الطريق، تنتشلك من ميادين الدمار، تبدد من حولك أعاصير الشك بكل من غيروا مساراتهم فجأة من اليسار إلى اليمين. فكيف لي أن أتحول إلى عاصفة تغير معالمك إن كانت حروفي لا تقوى على الزحف، والنطق، ورسم الكحل في عينيِّ للقاء الحبيب؟!
أنا متعبة يا رفيق، وأنتَ في أوج المستحيل.
أنتَ نجم يشع بسخاء، ترقص أنوارك على نافذتي طِوال الليل، وأنا أحاول كأميرة الحكايات أن أصعد الشرفة متسلقة جدائلي، وأن أمسك خيطًا واحدًا من هذا الشعاع، لكنني كلما أمسكت حزمة تنفلت الأخرى من قبضة يدي! فكيف تريدني أن أقطف كل شعاعك، كل نورك، وأنا هذه الأرض التي ولدتني لا تحملني، وتنكرني رقعة أقدامي، فكيف ستتعرف عليَّ حزمة من نور شعاعك؟!
من كوكب الأرض إلى درب التبانة جميع أشجار الخوخ والتين واللوز والعناب كسائر البشر من لعوبٍ إلى كذوبٍ إلى مراءٍ ومنافق، يتسابقون على موائدي في كل الفصول، وعند أول هجمة للتتار يقدمونني أضحية، ويشهرون إليهم عنواني. يفور غضبي غيظًا وأسفًا وتغلي في مراجل القهر دمائي، وكبش الفداء لهذه الهجمة البربرية هو هذه الأوراق، أحملها بكل ما أوتيت من عنفٍ وأقذفها إلى صدر الحائط فيتحطم قلبه، ويتهشم قفصه الصدري، وتتبعثر أضلاعه، وأمضي دون أن أقدم إليه إعتذاري، أو أعذاري.
في الليل، بعد أن تهدأ ثورة الشمس، أستقبل الليل برأسي الحاسر، أنتظر منه أن يهبني شعاعك الذي ينبعث من اللامكان واللازمان، يأتيني متوهجًا "يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار" أتمنى ساعتها لو أنني أستطيع أن أحلق بك، أن أغمرك وتغمرني فتذوب بيننا كل المسافات وأعانق شلالات النور وهي تتدفق من عينيك فأقطف بعضًا منها أنير بضيائها أزقة العتمة التي احتلتني واستباحت دياري. لكنَّ حروفي منذ آخر ثورة لي على الحائط لا تستطيع النهوض أو الحراك.
أهطل بشعاعك المطري الآن، أرسله إليَّ ليحيِّ هذه الحروف الميتة، قد تنتعش في حضوره فتسابق الريح، تقف في وجه الزوابع والأعاصير، تصرخ بملء العنفوان: هناك في تلك السماء البعيدة ينتظرني نجم حاتمي النور، أريد أن أقطفه، أن أضمه إلى حضني، أن يهطل عليه وعليَّ مطر العشق، أن يغتسل في حضني ومن وجعي يغسلني.
أريد لكل الأصوات القادمة مع الريح أن تهدأ، بل تخرس! أريد فقط صوت مطرك عاليًا، هادرًا، متفجرًا بالحياة، أريده أن يبعثني من جديد، أن يحيني، ينشيني، يطربني، يدغدغ حروفي في غيبوبتها، يوقظ الشهيق والزفير في رئتيها، ينتشلها من سباتها الطويل، من أقراص التنويم وحقن الموت الرحيم، ويدعوها للنهوض من جديد، أريد لأمطار شعاعك أن تخترقني، فقد جفت شراييني.



#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سَوْرَةُ الأبجدية الضالة
- فارسة من حيفا
- حبات الخير
- عودة في الانتظار
- عازف الناي
- يسألني الياسمين ؟
- وجعي أنتَ
- موعد مع الفراغ
- تكتبني يدك
- بين شفتيِّ الكلام
- زمن العجاف
- لوحة غير مكتملة
- للياسمين زوابع
- موعد الشموع
- اعترافات تاء
- مقدمة كتابي - بين شفتيْ الكلام -
- أساطير المطر بقلم ميساء البشيتي
- امرأة من زمن الأحلام
- مذكرات امرأة
- مطر أسود


المزيد.....




- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...
- إطلالة محمد رمضان في مهرجان -كوتشيلا- الموسيقي تلفت الأنظار ...
- الفنانة البريطانية ستيفنسون: لن أتوقف عن التظاهر لأجل غزة
- رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
- جورجينا صديقة رونالدو تستعرض مجوهراتها مع وشم دعاء باللغة ال ...
- مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بمل ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - أمطار النور