أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدي مهني أمين - وطن يبحث عن قُبلة الحياة














المزيد.....

وطن يبحث عن قُبلة الحياة


مجدي مهني أمين

الحوار المتمدن-العدد: 5174 - 2016 / 5 / 26 - 12:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شدني برنامج تلفزيوني في التغذية تحدثت فيه الضيفة المتخصصة عن الأغذية التي تجعل دمنا وسطا حمضيا، وأوضحت انه عندما يكون الدم حمضيا يكون الجسم عرضة للأمراض، فالوسط الحمضي في الدم يمنح البكتريا والميكروبات فرصا أوسع في النشاط والتعدي على خلايا الجسم وإصابتها بالامراض، تحدثت عن الألبان والمواد السكرية. أخشى أن يأخذني هذا الحديث عن الوسط الحمضي الذي يعيشه جسم الوطن حيث تنشط بسهولة بعض العناصر كي تصيب الوطن في مقتل وتعري سيدة عجوز، الحمدلله أنها كانت عجوزا وألا لكانت الكارثة أشد وأفدح؛ حيت التحرش، بفعل الوسط الحمضي للوطن، يطرق الأبواب بفعل فاعل، أو بفعل شباب ماجن.

وسط حمضى تتهاوي فيه كرامة الانسان، وسط منافي للعمق الروحي لمعنى تكريم الانسان، تتنافي معاني الوطن، وتهدد بتنافي معنى الوطنية، فالوطن والوطنية وجهان لعملة واحدة، فالوطن في الأساس أرض يعيش فيها مجموعة من الناس، قانونهم وعرفهم وميثاقهم ودستورهم الاساسي المكتوب والعرفي هو التراضي بالتعايش معا، تراضي على أساس الاحترام، وهو تراضي يسمح حتى باستقبال الضيوف القادمين من الخارج (سياح مثلا أو مستتمرين) كي يحظوا في ظل هذا التراضي بالأمن والأمان.

- يعني وطن آمن لأبنائه وجاذب لضيوفه.

- نحن بعيدون تماما عن هذه الصورة، فشبابنا يلقون بأنفسهم في البحر كي يلحقوا بالبلاد التي تنعم بهذه الاوطان المتراضية، وتضع كل أسرة يدها على قلبها حتى تعود بناتها للمنزل سالمات دون أن تمتهن كرامتهن.

- نحن بعيدون عن هذه الصورة، فالوسط الحمضي الذي نحياه يحرمنا من الوصول إليها.

يتلخص هذا الوسط الحمضي في إدانة الآخر، في الحكم عليه، في اتهامه مثلا بالكفر، أفهم أن يتهم، هذا الآخر، بالجرم لو كان قد ارتكب جرما - زي المجموعة التي اعتدت على هذه السيدة، فهم مجموعة من المجرمين سمحت لهم سلطات متقاعسة بالتعدي على هذه السيدة، لكن لا يمكن وصف أي شخص على أساس أنه كافر، فهذا وصف فضفاض واسع، يوصم به الإنسان دون جريمة أو فعل إيجابي يكون قد ارتكبه، كما أنه وصف يعطي الحق ان الناس تعمل مع (هذا المدعو كافر) اي شئ في أي وقت بأي طريقة، زي المرض بالضبط اللي ممكن يصيب الإنسان ولكن مرة واحدة تتفاقم الأعراض وتهدد حياته. هذا الوصف يهدد حياة الوطن.

إن أعظم ما قامت الكنيسة الكاثوليكية في ستينات القرن العشرين هو مراجعة ذاتها في المجمع الفاتيكان الثاني بين أعوام 1962و 1965 لتعلن أنها لا تملك وحدها الحقيقة المطلقة، وأنها في حاجة للحوار مع كافة الطوائف والمذاهب والأديان السماوية وغير السماوية، بل في حاجة للحوار مع المحلدين والشيوعيين واليساريين، وأننا جميعا على سطح الكوكب نسعى ونحاول، وأننا جميعا نجاهد، وأننا جميعا أخوة.
لذا فعندما ذهبت للحوار مع الاديان الأخرى، لم تذهب من منطلق السياسة والتكتيك، بل من منطلق الإيمان بقيمة ما يضيفه الاخر للمعني الروحي للأنسانية ، التفكير اللي من النوع ده يقضى على الوسط الحمضي المنشط للتعصب ونفي الآخر واحتقاره وتعريته ان لزم الامر.

- فأي روحانية عمقها انساني؛
- أي روحانية تتبرر بالإنسانية والتجرد والتواضع؛
- أي روحانية هي درجة أو بالحري مسعي إنساني لحياة أفضل لصاحبها ولمن حوله؛
- الروحانية تتخطي المعتقد لأنها متجددة تضيف للمعتقد المعني الجديد الذي توحي به الأيام والخبرة الانسانية .

أمام سيدة قرية الكرم، نحن لا نطالب أحدا بشئ، فكل مطالبة ممجوجة ولا تقل تعرية عن الفعل الآثم اللي ارتكبته القرية ، أي مطالبة ممجوجة وأي تصريح رسمي لمحافظ أو غير محافظ لا تعكس إلا استغراق هذا المسئول في الوسط الحمضي، وسط التهوين وغسل الأيدي والتصدي لموجات الغضب لغاية ما تعدي زي ما غيرها عدى.. الكارثة أننا أمام وطن يموت، لأن ساكنيه بفعل هذه الجرائم الاجتماعية والسياسية يفقدون شعور الأمان، والقادرون منهم يقتربون من أي سفينة تأخذهم لأفق أخر بعيد قد يكون أكثر رحابة.

نحن لا نطالب أحدا بشئ، بل نطالب أنفسنا، نطالب كل واحد منا، ونطالب مؤسساتنا المدنية والدينية بمراجعة حقيقية كالتي قام بها الفاتيكان، كي لا يكفر أحد أحدا، كل ننقذ ما يمكن انقاذه قبل فوات الأوان، فداعش تحت الجلد بدرجات مختلفة، في القري وبين المسئولين.

نحن نطالب بمراجعة الذات ومراجعة الخطاب الديني وتسليمه لأصحابه والحوار معهم بدلا من الزج بهم في غياهب السجون، ومنع التجريف السياسي المتعمد قد يضمن لنا استقرار هذا الوطن المنكود وإعادته للحياة.



#مجدي_مهني_أمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الآباء الكبار
- فتاة المول، ضحية غياب الاحترام وانتهاك الخصوصية
- قوائم الشهداء الانتخابية
- متى نخلع صفر مريم بلونه الباهت عن مريم، وعن عموم الوطن
- صفر مريم، والضوء الأحمر، والثقة التائهة بيننا
- إيلان، الطفل النائم فوق جراحنا وذهولنا
- مريم التي تستردني كي أكتب
- نسخر من حمدين، ونهدد السيسي
- في معركة الدستور، تؤخذ الدنيا بالمشاركة
- ضبط النفس.. تطبيق القانون
- القانون قانون يا أبلة هيلدا..
- حكومات شفافة وشعب مشارك
- طابور الوقود الذي ملأ الميادين بالثورة
- أنا أيضا أؤمن أن الله لن يترك مصر
- لنتفاوض هذه المرة كثوار، ولنترك التفاوض السياسي جانبا
- تكدير الصفو العام
- الشرعية التي تأخرت كثيرا
- 30 يونيو، الثورة تسترد الشرعية
- هذا ما لزم توضيحه
- الثورة تزداد نقاء وإصرار..


المزيد.....




- بايدن يعترف باستخدام كلمة -خاطئة- بشأن ترامب
- الجيش الاسرائيلي: رشقات صاروخية من لبنان اجتازت الحدود نحو ...
- ليبيا.. اكتشاف مقبرة جماعية جديدة في سرت (صور)
- صحيفة هنغارية: التقارير المتداولة حول محاولة اغتيال أوربان م ...
- نتنياهو متحدثا عن محاولة اغتيال ترامب: أخشى أن يحدث مثله في ...
- بايدن وترامب.. من القصف المتبادل للوحدة
- الجيش الروسي يدمر المدفعية البريطانية ذاتية الدفع -إيه أس 90 ...
- -اختراق شارع فيصل-.. بداية حراك شعبي في مصر أم حالة غضب فردي ...
- بعد إطلاق النار على ترامب.. بايدن يوضح ما قصده في -بؤرة الهد ...
- ترامب يختار السيناتور جي دي فانس لمنصب نائب الرئيس


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدي مهني أمين - وطن يبحث عن قُبلة الحياة