أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير ابراهيم تايه - -النفوس الميتة- ثقب في ضمير الانسانية!!؟














المزيد.....

-النفوس الميتة- ثقب في ضمير الانسانية!!؟


منير ابراهيم تايه

الحوار المتمدن-العدد: 5172 - 2016 / 5 / 24 - 16:20
المحور: الادب والفن
    


انها النفوس التي تقيم حياتها على موت الآخرين، وتراكم ثرواتها على حسابهم، انقضى على ظهور هذه الرواية " نفوس ميتة" أكثر من قرن ونصف القرن، ومع ذلك فإننا مازلنا نقرأ الحاضر على ضوئها، ونعي أن النظام الذي يقيم حياته على موت الاخرين و لا يجد ما يعيبه في ذلك هو نظام "النفوس الميتة". وندرك أن كل نظام تتفشى فيه " الأرواح الميتة " مآله السقوط، لأن الحياة تحتفي بالحياة وتقدسها، ولأن العين بالعين، والموت بالموت. هذه سنة الحياة وقانونها..
بطل الرواية محتال، يقطع مسافات طويلة ليشتري" الأرواح الميتة"، وهي أرواح عبيد ماتوا بالفعل لكن يتعين على سادتهم أن يستمروا في دفع الضرائب عنهم حتى تتأكد وفاتهم رسميا لدي الدولة أثناء مراجعة تتم كل عشر سنوات. يعرض المحتال على ملاك العبيد الموتى أن يقوم بدفع تلك الضريبة واستعداده لتقديم قليل من المال مقابل شهادات تثبت ملكيته لأولئك العبيد الموتى. ويوافق الملاك بسرعة على بيع شيء لا وجود له مقابل التخلص من الضريبة. ولكن لماذا يا ترى؟ هذا السؤال هو محور الرواية؟
يتمثل مخطط تشيتشيكوف بعدما اشترى تلك الشهادات واصبح مالكا رسميا لآلاف النفوس في طلب قرض من الحكومة برهن أقنانه وليشتري أرض ويعيش في نعيم بقية حياته، ويحظى نتيجة لتلك الثروة الوهمية بمكانة مرموقة بين الاقطاعيين ومن ثم يصبح مؤهلا للزواج من امرأة ثرية..
اول هذه الشخصيات الإقطاعية التي تناولها غوغول كان "مانيلوف" الذي لم يكن يعلم شيئا عن الاقنان الذي يعملون عنده، مجرد شخص أجوف فارغ لا يعرف شيئا عن فلاحيه، وما الوظيفة التي يشغلها إلا الحصول على أتعاب الفلاحين الذي يكدون في عملهم، وهو مجرد شخص يشغل ـ شكلا ـ لقب الإقطاعي السيد، الذي منحه القانون الحق في ملكية البشر واستعبادهم وكأن الكاتب من خلال هذه الشخصية التافهة الغبية يريد ان يعري للروس حقيقة النظام الذي يعيشون فيه، فهل من حق "مانيلوف" ان يعيش في رفاهية مطلقة ودون أي عمل؟
و الشخصية الثانية تدعى "كوروبوتشكا" أرملة موظف من الدرجة التاسعة، تعيش في حالة من التخلف والقذارة، ومهمتها في الحياة جمع المال فقط، فلا يهمها الترفه ورغد العيش والبحبحة في الحياة، فهي تعيش بخوف وقلق وعدم القناعة وكأن الدنيا ستنقلب فجأة، من هنا نجدها بالصورة التي قدمها لنا غوغول.؟
والشخصية الثالثة التي تمثل الطبقة الإقطاعية هي "نوزدريف" السكير، المقامر، الكاذب، العنيف مع الآخرين، شخصية غير سوية بتاتا، ولا يمكن التعامل معها أبدا، لما فيها من سلبيات، فلا نجد في شخصية "نوزدرويف" صفة حميدة..
اما الشخصية الرابعة فهي " سوباكيفيتش" الرجل الشكاك بكل شيء، الذي يرى في الآخرين مجرد لصوص يريدون نهب ماله، و لا يجد في الناس إلا السوء، والخير عندهم معدوم، بهذه العقلية يتعامل "سوباكيفيتش" مع المجتمع..
و الشخصية الأخيرة التي تناولها غوغول هي "بلوشكين" الأكثر ثروة والاكثر بخلا في نفس الوقت، يمتلك أكثر من ثمانمائة شخص، بخيل جدا، يقوم بالاحتفاظ بكل مخلفات الناس، وكأنه عامل نفايات، لا يفرط بشيء أبدا، مهما كان تافها، يحتفظ بالطعام إلى ان يعفن، شخصية تتماثل مع بخلاء الجاحظ .
كل الشخصيات التي قدمها لنا الكاتب كانت سلبية، الإمعة والتابع المجرور، الذي لا يعرف سوى ان يردد ما يسمع، والخائف من المستقبل، والسكير، فأي طبقة تلك؟ وكيف يمكن القبول بسيادة تلك الطبقة؟
هكذا تحدث غوغول عن الطبقة المالكة في روسيا، طبقة تحمل كل السلبيات، شخصيات مريضة نفسيا، البخيل، والشكاك السوداوي، والتابع الإمعة، و المقامر والسكير والكاذب، ومن يحرم نفسه من متع الحياة ويتخوف من المستقبل، طبقة مريضة وتتحكم بالمجتمع، ولا تنتج وتعيش على خير الآخرين، وكأنه من خلال هذا الطرح يدعو إلى الانقلاب عليها، فهي لا تستحق ان تكون بمستوى القيادة أو السيادة.
نقد للمجتمع بعامته والطبقة الإقطاعية محور الرواية، التفاوت الطبقي وما يمثل من حالة غير سوية للحياة الإنسانية ، ففي كل قرية زارها "تشيتشيكوف" كان يصف لنا البيوت التي يعيش فيها الاقنان، والقصر الذي يعيش فيه السيد الإقطاعي، فيجعلنا نتعاطف مع هؤلاء البؤساء الذي يقطنون الخرائب، التي لا تصلح للسكن البشري، فهو من خلال الوصف يقدم لنا نقدا للمجتمع الذي يعيشون فيه، ويدعو ـ بطريقة غير مباشرة ـ إلى تغيير مثل هذا الخرائب بمساكن يمكن للبشر ان يعيشوا فيها.
اسلوب روائي محبوك بفن قاص متمكن وروائي واقعي يحاور واقعه من خلال فكرة متخيلة ، وهو يروي قصة وجوه جشعة تذهب ضحيتها الانفس التي جاهدت في حياة لا انسانية وهجاء ارستقراطي مبطن برتكز على سخرية احيانا من القوانين، واحيانا اخرى على الفكر والعقل، وعلى استهجان تصرفات شخوصه يمختلف طبائعهم من خير او شر او بساطة او عفوية ساذجة او قوة وادراك، وتملك ومعرفة تقود القارئ الى فهم طبيعة الرواية بكل فصولها التراجيدية كاشفا عن عيوب المجتمعات..



#منير_ابراهيم_تايه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رضوى عاشور في -الطنطورية- تعيد سرد تاريخ النكبة الفلسطينية
- -الخيميائي- رواية فلسفية تأخذك لعالم الروح
- الف شمس مشرقة لخالد حسيني
- -عزازيل- يوسف زيدان.. تشابك المتخيل والتاريخي
- الفكاهة والهزل في الادب
- -الذرة الرفيعة الحمراء- لمو يان.. عوالم روائية مدهشة
- العلم الحديث بين التعريب والعبرنة
- بابيون او الفراشة لهنري شاريير والصراع من اجل الحرية
- -عساكر قوس قزح- لأندريا هيراتا.. قصة المنسيين
- الحلاج.. مأساة عاشق؟!!
- ابن باجة الاندلسي والمدن غير الفاضلة
- ساق البامبو .. والبحث عن الوطن .. في غربة الانسان
- -طوق الحمامة- لابن حزم ... الحب بمبضع الأدب
- الخط العربي .. فن يتحدى الزمن
- الناس كما هم / قصص قصيرة
- قصص قصيرة بجدم راحة اليد 5
- 1984 لجورج اورويل.. مقاومة الديكتاتورية بالادب
- حجي جابر في رواية -سمراويت-.. وازمة البحث عن هوية
- قصص قصيرة بحجم راحة اليد 4
- قصص قصيرة بحجم راحة اليد 3


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير ابراهيم تايه - -النفوس الميتة- ثقب في ضمير الانسانية!!؟