شيرين يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1394 - 2005 / 12 / 9 - 10:59
المحور:
الادب والفن
عندما تأتي النهايات موجعة للغاية ، يرحلوا و يتركوا خلفهم مقاعد دافئة و ذكريات ترتعش في نوفمبر ، منظار طبي هنا و مقعد متحرك في نهاية الغرفة ، أحلام منكسرة لم تتحقق و لن تتحقق ، فراغ في السيرة و حطام بشري تحت الرمال ، دوما ً لا تأتي النهايات كما نبغي ،
أمسية الراحلين إلى هناك تتكرر في كل يوم ، و المكان محدد ،و الزيارات متاحة لبعض الوقت ،لا تذكار يكفي لنعيش معهم من جديد، مسبحة و ترتيل قرآن ، و أشياء بيضاء تنتشر في كل أنحاء القصة ، روح أطهر من طفولة روح حديثة الولادة ، لي عزاء واحد و هو أننا اجتمعنا لبعض العمر ثم افترقنا ، و سنلتقي ربما قريبا ً أو في أي وقت آخر ، لكننا لا محالة سنلتقي ، و حتى يأتي اللقاء ستبقى نوافذ الغرفة مشرعة و العصافير معلقة على الحائط ، و ألبومات الصور و العملات التذكارية في الأدراج ، سيبقي اسمي كما هو كما سميتني ، كما أردتني أن أكون لن أكون سوى سيرتي الأولى ، صغيرة تتعلق بساقيك ، تبتسم لعلب الحلوى و العسل الأبيض .
_يا أبي_ اتصلوا جميعا ، ليتيقنوا من صدق الخبر ، صافحوني وعدوني بالرفقة الحسنة و السؤال الدائم عن الحال ، وعدوني بكل الأشياء، لكن من سيعيد لي دفء الصوت و روح البيت الدافئ، الشتاء قادم يا أبي و من سيذكرني بالمعطف المعلق قبل الخروج إلى النهار ، العام القادم على الأبواب بلا أشجار خضراء ، و بلا زيف الأمنية ، و بلا ضحكتك العفوية ، كلنا بخير الآن ، ربما في الغد أيضا ً ، ربما لأعوام ستأتي .
"أبتاه" لا أنكر أنى حتى الآن أراك و أسمع صوتك واضحا ً يتردد في أعماقي ، "أبتاه" ما زلت أقصص حكاياتي عليك و أتعجل رأيك في كل الأشياء ، مازلت أرى أخر يوم كنت فيه بين يديك بمعطفك الصوفي المزركش و جلبابك الأبيض و شهقتك الأخيرة ،لم أدرك أنها كذلك لم أفهم معني خروج الروح و برودة كفيك ،ما زال الموت جديدا ًعلى قلبي .
" أبتاه" فلتبق قريبا ً أحتاج إليك اليوم و في كل الأيام ....
الاثنين 5/12/2005
العاشرة مساءا ً
#شيرين_يوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟