|
أديب في الجنة (78) * حب عابر للكواكب!!
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 5170 - 2016 / 5 / 22 - 09:51
المحور:
الادب والفن
طال مرض الأميرة ( فتنة النهار ) دون أن تأكل وتشرب إلا القليل من الطعام والشراب ، فنحل جسمها ،وذبلت شفتاها ، وضمرت وجنتاها ، ودمعت عيناها ، وغابت ابتسامتها ، وعمت الكآبة وجهها ، وغاب معظم جمالها ، فبكاها أبوها الملك ، وأمها الملكة ، والخدم والحراس ، والوزراء والأعيان ، والفتيات والفتيان، والرجال والنساء ، ليعم الحزن المملكة كلها لما كانت تحتله من مكانة مرموقة في نفوس الناس، فأقيمت من أجلها الصلوات ، وضجت المعابد بالتضرعات دون أي أمل يرتجى ، فاستشار الملك مستشاريه ،ونوابه وأعيانه ، فأشار معظمهم بشن حرب على الإمبراطورية الشنوتية . وحين أشار الملك إلى مدى قوة الإمبراطورية بوجود الملك لقمان وأسرته وحاشيته فيها ،وأنه لا يمكن لأية قوة أن تهزمها ، أشاروا عليه بإطلاق بضعة صواريخ عابرة للكواكب على سبيل الإختبار لمعرفة مدة قدرة الإمبراطورية على مواجهتها ، فأذعن للأمروأمر بإطلاق عشرة صواريخ غير نووية فأطلقت . دمرها الملك شمنهور حتى قبل أن تدخل فضاء الكوكب بأن واجهها بمذنب واحد راح يتصدى لها وكأنها عصافير محلقة في الفضاء وليست صواريخ ! ذهل القادة العسكريون وغير العسكريين بهذه القوى الخارقة التي يمتلكها هؤلاء القوم . وأحبط الملك ولم يعرف ماذا في مقدوره أن يفعل لإنقاذ حياة الأميرة . وذات يوم وفيما كانت خادمة تقدم له وللملكة شراب الصباح ، رأت الحزن والكآبة يلفان وجهيهما ، فطلبت إلى الملك أن يسمح لها باقتراح ، فوافق . أشارت الخادمة عليه باستشارة حكيم فقير يقبع في كهف في الجبال . أرسل الملك طائرة مروحية تقل وفدا لإحضار الحكيم ، غير أن الحكيم أبى أن يذهب لمقابلة الملك لأنه كان يعترض على حكمه ،وحين حاول أعضاء الوفد إحضاره رغما عنه . فوجئوا بقوى خفية تدفعهم عنه ، فتوقفوا وتوقفت القوى الخفية ، ليهتف الحكيم " حتى لو نجحتم في إرغامي على الذهاب معكم ، فلن تنجحوا لا أنتم ولا الملك في إرغامي على الكلام ، وإن كان الملك يسعى إلى النصح في أمر ما، عليه أن يسعى إلي لأنصحه بما يفعل ، فأنا لست في حاجة لأن أسعى إليه " وهكذا عاد الوفد خائبا ، فاضطر الملك إلى الذهاب بنفسه إلى الحكيم ، ليجده قابعا في كهفه وسط كم هائل من الكتب مرتديا ثيابا مرقعة ويعيش على الكفاف . تعجب الملك أن يكون في مملكته أناس يعيشون بهذا المستوى من الحياة ، ورغم ذلك شعر بضآلته أمامه . سلم فرد الحكيم السلام مرفقا بإشارة من يده دون أن ينهض ، غير أنه رفع جسده قليلا عن الأرض وهو يميل إلى الأمام . جلس الملك في مواجهته وأخبره بقصة الأميرة وما فعله لإيجاد حل لمرضها . تفوه الحكيم بكلمات مقتضبة دون أن يبدو أنه فكر فيها . قال : " من يطلب المحبة أيها الملك ينبغي عليه أن يسعى إليها بالمحبة وليس بالتهديد وإطلاق الصواريخ العابرة للكواكب. لترسل ابنتك إلى المحبوب رسالة تطلب فيها شفاعته ، وإذعانها لشروط حبه . فالمحب لا بد له أن يكتوي بنار المحبوب ولا ما نع من أن تكتب أنت أولا لمن يعنيهم الأمر وللمعني نفسه"! وهكذا عاد الملك إلى قصره خاضعا ذليلا ، لم يجد مفرا من الإذعان لنصيحة الحكيم . أخبر ابنته بحقيقة ما جرى . وافقت الأميرة على رأي الحكيم وطلبت إلى أبيها أن يكتب إلى سحب السماوات طالبا شفاعته بها ، ففعل ، وفعلت هي بدورها طالبة إلى سحب السماوات أن يجعل منها وقودا لنار حبه قبل أن تقضي عليها !! وما أن عرف سحب السموات بما جرى للأميرة فتنة النهار بعد أن تلقى رسالة أبيها ورسالتها ، حتى رقّ قلبه لها وحزن للحال التي آلت إليها ، فقرر أن يذهب إليها في الحال ، فاستعان بقوى أمه وأبيه إضافة إلى قواه، لينتقل خلال طرفة عين إلى مخدعها . وجدها نائمة في سريرها . استفاقت الأميرة على يد ناعمة تملس بحنوعلى وجنتها ففتحت عينيها، وإذا بها أمام وجه أخاذ يرسل جماله نورا مبهجا يغمر وجهها ويتغلغل في مسامات جسدها . ظلت محدقة في الوجه للحظات ظانة أنها في حلم، وما لبثت أن نمت شفتاها عن ابتسامة طفيفة وهي تهتف بصوت خافت " سُحب " ابتسم سحب بدوره وهو يهتف " فتنة " حاولت أن ترفع جسدها عن السرير فاحتواها بيديه وضم جسدها إليه . قبلها على جبينها وألقى رأسها على عنقه . وشرع يملس على شعرها . همست متسائلة عما إذا كانت في حلم أم في واقع . همس لها أنها في واقع . اختلجت عيناها بالدموع وهي ترفع رأسها لتتأمل الواقع السحري في جمال وجه سحب وتشرع في تقبيله ليشرع هو بدوره في تقبيلها . وما قبلته قبلة إلا ودبت الحياة بكل حيويتها في مائة مليون خلية من خلايا جسدها ،وما قبلها قبلة إلا ونشطت الحياة أيضا في مائة مليون خلية في جسدها . لم يعرفا كم قبل أحدهما الآخر وهما يغرقان في بحر من القبل ، ولم يعرفا أن الحياة عادت بكل نشاطها إلى ستين تريليون خلية في جسد الأميرة ، لكنهما عرفا أن العافية عادت إلى جسد الأميرة، وأن جمالها تألق كما لم يتألق من قبل . أمضت الأميرة ليلتها بين أحضان الأمير ولم ينهضا من السرير إلا في ظهيرة اليوم التالي . استحما معا لتحمم الأميرة الأمير ويحممها هو بدوره. وحين دخلا إلى صالة الطعام في القصر عمت الدهشة الملك والملكة والحضور والخدم والخادمات ، إذ بدت الأميرة في أبهى جمالها وصحتها وكأنها لم تكن مريضة على الإطلاق ، إلى جانب هذا الشاب الذي فاق جماله جمالها . هتف الملك الذي سبق له وأن رأى سحب السماوات " إنه الأمير سحب السماوات " فشهقت الملكة من أعماقها وهرعت تعانق الأميرة والأمير، وهرع الملك بدوره ليعانقهما ويرحب بالأمير . وكان الأمير سحب السموات خلال ليلته مع الأميرة قد شعر بحب لم يشعر به من قبل مع الفاتنات اللواتي طارحهن الغرام ، فقرر أن يتخلى عن موقفه من الزواج وأن يتزوج من الأميرة فتنة . فانحنى أمام الملك والملكة ، وهو يهتف " اسمحا لي جلالتكما أن أتقدم بطلب يد الأميرة فتنة النهار لتكون زوجة لي مدى الحياة " لم يصدق الملك ما سمعه من الأمير فضمه إليه وشرع في معانقته كما ضمته الملكة وعانقته . عم الفرح كافة الحضور وشرعوا في التهاني . وأذيعت الأنباء في المملكة بشفاء الأميرة وطلب يدها من قبل الأمير سحب السماوات ابن الملك لقمان . فعمت الأفراح أرجاء المملكة . وأقدم الملك على تكريم الحكيم بعد أن طلب إليه أن يقبل تكريمه ، فاشترط الحكيم أن تلبى طلباته ، فطلب إليه تكريم كافة الحكماء والفلاسفة والأدباء والعلماء والفنانين والكتاب ،وأن يمنحهم بيوتا ويخصص راتبا شهريا لكل منهم يكفيهم لعيش كريم ،وأن يقدم لهم ضمانا صحيا مدى حياتهم ، فوافق الملك على كل طلبات الحكيم . بلغت الأنباء مسامع الملك لقمان والملكة نور السماء فحضرا للإحتفال بخطوبة الأمير وزواجه . ***** يتبع
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
* في الخالق والخلق والغباء الثقافي والدكتاتورية!
-
أديب في الجنة (77) * - حوار الحضارات - وأميرة تقع في حب سحب
...
-
أديب في الجنة 76 * اسطورة الأساطير في جمال سحب السماوات !
-
أديب في الجنة (75) * الملك والظبية واللبؤة وخرق قوانين الطبي
...
-
شاهينيات صادمة تقدس الأنثى ! !
-
كعب الحذاء غير النبيل !! * الأبوة بين الرضا والغضب !
-
شاهينيات صادمة جدا جدا !!
-
أديب في الجنة (74) * لا حضارة دون عقل حر!
-
أديب في الجنة (73) * الخالق بين التنزيه والتشبيه وقوانين الخ
...
-
* في الخلق الخالق . وفي المادة والطاقة ! شاهينيات 1185
-
أديب في الجنة (72) * هول التكهنات وسحر المعجزات في شخصية سحب
...
-
أديب في الجنة (71) * معجزة المعجزات في ولادة ونمو- سحب السما
...
-
أديب في الجنة (70) * الرقص المسحور في تجليات الملك شمنهور !!
-
المشاركة غير ممكنة على الفيس!
-
أديب في الجنة (69) * الملك لقمان يعد الملكة بطفل معجزة !
-
أديب في الجنة (68) * المعراج السماوي والحلول في الذات الإلهي
...
-
أديب في الجنة (67) * رؤيا الملك لقمان بالحلول في الذات الإله
...
-
أديب في الجنة (66) ليلة حلبية مغمسة بدموع الملك لقمان !
-
أديب في الجنة (65) * اختلاط الجن بالإنس !
-
وجود خالق مشروط بوجود خلق ! شاهينيات 1179
المزيد.....
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|