أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - زهر اللّوز -16-














المزيد.....

زهر اللّوز -16-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5169 - 2016 / 5 / 21 - 10:14
المحور: الادب والفن
    


عندما لا نوثّق الّكريات تصبح أجمل
لو كتبنا أسماءنا على حائط سوف تبدو باهتة مع الزّمن
لا ضرورة أن نحمل دفتر في جيبنا ذاكرة
لو فتحنا الدّفتر، وكشفنا عن ذاكرتنا
لو سجّلنا الحقائق
لغرقنا في بحر البكاء
الذّاكرة لاتخون
فقط تجمّل الذّكريات
. . .
بين العام الأوّل ،والعام الأخير فراغ
ننسج فيه ذكريات
نتمنى العودة إلى الوراء
كان الوراء ناراً
والحبّ وهماً
والموت خياراً
كان الأمر صعباً
ولا زال
نصفه بالذّكرى الجميلة
هو فعل الخيال
. . .
في قلبي دمار
في عقولنا حريق
في سمائنا دّخان ونار
نحمل ما تبقّى منّا
في رحلة طويلة
عنوانها جميل
خاتمتها حزينة
وينتهي النّهار
. . .
أجلس قرب ذلك النّهر الذي يفصلنا عن المكان المجاور، في يدي عود صغير أكتب فيه قصائدي على التّراب، ومن بين تلك القصائد الكثيرة قصيدة حبّي.
أرغب أن أضع الملامة على أبي وأمّي في الزّواج. سهّلت أمّي الأمر ، أقنعت أبي أن يشتري لي قطعة أرض ، هي تلك الحديقة التي زرعت فيها شجرة اللوز قرب الباب . لم أشعر بلوعة الحبّ، ولم أذرف الدّموع. لم يكن هذا حبّاً. لم يكلّفني لي أو لمكرود عناء البحث . اختفى مكرود أيضاً.
النّاس يعبرون النّهر سباحة ، يتجمعون على الطّرف المقابل ، أحسدهم.
لو أستطيع المغادرة الآن .
عاد النّداء يسحبني !
أرفع رأسي عن الأرض. أتوقّف عن الكتابة على التّراب، أنظر إلى الفضاء. ما أجمل الحياة هناك بعد النّهر!
-رسمتِ خارطة جميلة ، تبدين كحلم . . .
-من أنتَ؟
-أحد المعجبين بأشجار الزّنزلخت. هل تسمحين لي بمشاركتك الجلسة.
-وهل الأرض لي؟ اجلس لو شئت فأنا لا أملك هنا شيئاً .
- هل سلمى بخير؟
-أين كنت طوال هذا الوقت يا مكرود؟
تبدو سلمى بخير . سألتها البارحة. هل يحبك ثعلبان؟ قالت نعم ثعلبان إنسان نبيل.
تهتمّ به كأنّها أمّه، أتمنى أن تستمرّ علاقتهم الجيدة. يبدو أنّه لا مشكلة عند سلمى، المشكلة عندي.
منذ دخول ثعلبان بيتنا لم يعد لي مكان. أشعر بقوّة ترغمني على عدم التّواجد، ليس لي خصوصيّة . أستيقظ باكراً ، وآتي إلى النّهر ، أغتسل بمائه، ثم أبحث عن طعام، أعود في المساء، وبعد أن تطفئ سلمى الأضواء، أمشي على أطراف أصابع قدميّ كي لا تستيقظ ، أضع ما أحضرته معي من طعام، أعود إلى قرب شجرة اللوز الواقعة قرب الباب من حديقتي الخلفية حيث وضعت وسادة قربها، أضع رأسي على الدّكة وأنام.
هل رأيت جهنم يا مكرود؟
هذه المرحلة من حياتي هي جهنّم .
أتوق إلى غرفتي التي كنت أختلي بها مع نفسي.
هل يمكن لسلمى أن تنسى أنّني أمّها؟
أفكّر بالهرب إلى الطّرف المقابل من النّهر، لا أحتمل أن أعيش مع الغرباء حتى لو كان الدّار داري، لكنّني أخشى على سلمى . لو ابتعدت عنها قد تحزن. ولا أخفيك سرّاً أنّني أشعر أنّها تخبئ أسراراً عنّي حول زوجها، فهو لا يقدّم أيّ جهد في تلك المسؤوليّة العائليّة .
-دعيها تحلّ أمورها بنفسها.
-أين ذهبت يا مكرود؟
كان حبّنا كاذباً. تختفي عندما أحتاجك.
لست بحاجة لك.
اذهب حيث شئت.
. . .
اشتريت هذا الحذاء لسلمى. أرى حذاءها مهترئاً ، سأشتري لها فستاناً أيضاً فهي حامل، وليس لديها ثياب.
أوه يا سلمى كم أنت مسكينة !
منذ زواجها لم أرها تبتسم مع أنّها تحدّثني دائماً عن مستقبل عبد الرّحمن أعني ثعلبان.
كلّما حدّثتني عن عبد الرّحمن، وكيف سوف يطوّر نفسه أتجاهل الحديث، فقط البارحة صرخت بها:
-وهل هو ابني؟
حدثيني يا سلمى عنك . هل أنتِ بلا مستقبل؟
أغلقت باب غرفتي في وجهي وهي تتمتم:
-أنتِ دائماً هكذا يا أمّي أشعر أنّك لا تحبينني. ألا تعرفين أن عبد الرّحمن هو زوجي، وعليّ أن أسنده؟
-بل أشعر أنّه ابنك. انتبهي يا سلمى. إذا نسيت نفسك فالزمن غدّار لن يرحمك.
. . .
لو أنجبت سلمى طفلاً سوف أطلب أن يسموه مسعود
أجلب مسعود الصّغير معي إلى هنا.
نلعب أنا وهو . نختبئ خلف الأشجار، نضحك كثيراً.
يغفو على ركبتيّ، أفرش له ثوبي على الحشيش، أغطّيه بغطاء رأسي.
سوف أخلع الآن غطاء رأسي كي أثير الرّجال بشعري الأشيب
أخلع حذائي. وكلّ ما هو ثقيل على جسدي
أرقص على حافّة النّهر
يجتمع الأطفال يصفقون لي ضاحكين
وصوت عزف خلفي صادر عن شخص مجنون
أنا حرّة. سوف أعمل ما يحلو لي.
سوف أعوّض نقصي
أرى الرّجال يزحفون إليّ، وقد أثرت غريزتهم بنفسي
عودوا إلى المجتمع الذي صنعتم منه بعبعاً. تخلّصت من القيود الآن
أسير عارية في مملكة الرّب.
يضمّني بحبّ
خلقتك هكذا يا ابنتي على صورة نفسي
الزّهور التي تسكن قرب النّهر عارية مثلك
أوجدّتها من أجل الجمال
كوني جميلة يا ابنتي
الجمال هبة
حضور
وحبّ
. . .
لا زال الأطفال يصفّقون لي ، يسألونني إن كنت جنيّة . يضحكون، يهربون، بعض النّاس يشيرون لي : تلك المجنونة. يقترب العازف منّي. يهمس في أذني: يسحرني ذلك الجمال، لكن ما فائدة وجودنا بين هؤلاء المجانين؟
على طرف نهر أقيم
ينطق باسمي
يدعوني للفرح، يحمل أسراري
لن أعود اليوم إلى المنزل. سوف أنام هنا .
سوف أبحث عن وسادة أسند رأسي لها.
يمكنني أن أقيم هنا
لا يربطني شيء بتلك الحديقة الآن إلا شجرة اللّوز التي تقع على الزّاوية قرب الباب
.. .



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زهر اللّوز -15-
- زهر اللّوز -14-
- زهر اللّوز -13-
- زهر اللّوز -12-
- زهر اللّوز -11-
- زهر اللّوز -10-
- زهر اللّوز -9-
- زهر اللّوز -8-
- زهر اللّوز -7-
- زهر اللّوز -6-
- زهر اللّوز -5-
- زهر اللّوز -4-
- زهر اللّوز -3-
- زهر اللّوز -2-
- زهر اللوز -1-
- حكاية الفحل،والقارورة
- نضال الطّبقة العاملة من أجل عالم أفضل
- وقوع الطّبقة العاملة في فخ - الحرب ضدّ الإرهاب -
- من - عمى ألوان-
- تأثير الفكر الدّيني المتشدّد على المرأة


المزيد.....




- فنان يثني الملاعق والشوك لصنع تماثيل مبهرة في قطر.. شاهد كيف ...
- أيقونة الأدب اللاتيني.. وفاة أديب نوبل البيروفي ماريو فارغاس ...
- أفلام رعب طول اليوم .. جهز فشارك واستنى الفيلم الجديد على تر ...
- متاحف الكرملين تقيم معرضا لتقاليد المطبخ الصيني
- بفضل الذكاء الاصطناعي.. ملحن يؤلف الموسيقى حتى بعد وفاته!
- مغن أمريكي شهير يتعرض لموقف محرج خلال أول أداء له في مهرجان ...
- لفتة إنسانية لـ-ملكة الإحساس- تثير تفاعلا كبيرا على مواقع ال ...
- «خالي فؤاد التكرلي» في اتحاد الأدباء والكتاب
- بعد سنوات من الغياب.. عميد الأغنية المغربية يعود للمسرح (صور ...
- لقتة إنسانية لـ-ملكة الإحساس- تثير تفاعلا كبيرا على مواقع ال ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - زهر اللّوز -16-