أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - بسمة مسمومة














المزيد.....

بسمة مسمومة


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5169 - 2016 / 5 / 21 - 02:00
المحور: الادب والفن
    


كان إسمه " عباس "؛ من عائلة بيروتية مهجَّرة أصلاً من جنوب لبنان.
هذا الشاب، المراوح عمره على أعتاب العشرين، تعرّفتُ عليه في بداية حلولي بالسويد حينما حصلتُ على حجرة في مسكن طلابيّ مؤقت يقع بقلب مدينة " أوبسالا ". واسطة التعارف، كان مواطنه اللبناني المقارب لي في العُمر؛ وهوَ طبيب كان قد تخرّجَ حديثاً من بلغاريا. هذا الأخير، وبما أنه كان ينتمي لتنظيم يساريّ فإن علاقة احترام ربطتني به.
غالباً ما كنا نحن الثلاثة نتبادل الأحاديث في مطبخ الكريدور، وخاصة في فترة المساء. وكان ينضمّ إلينا أحياناً شابّ من كرد مدينة " قونية " التركية، كانت صلته مع " عباس " قد بدأت تتوثق. كلاهما، كان لا يخفي تعاطيه للمخدرات؛ وربما لأن ذلك كان أهون موبقاته.
" أجزمُ بأنه يقوم بصيد الفتيات من الديسكو، لكي يبيعهم المخدرات هنا! "، قال لي الطبيبُ ذات صباح بصوتٍ هامس. كان هذا يؤمئ برأسه نحوَ مواطنه، المشغول بالحديث مع إحداهن في المطيخ. بعد قليل، جاءت فتاة إيرانية كي تجهز فطورها. فما كان من " عباس " إلا رفع صوته بضحكة متكلّفة فيما هوَ يربتُ على كتف رفيقته السويدية. تشديدي على ماهيّة مسلكه، عائدٌ إلى ما كنتُ ألاحظه من كيده لتلك الإيرانية في كلّ مرة يلقاها. وكانت هذه لا تعيره أدنى اهتمام، بله تمحضه إحتقارها فوق ذلك. في المقابل، كانت علاقتي بها قد أصبحت حميمة مذ بعض الوقت.
في إحدى الأمسيات، كنتُ متفقاً مع فتاتي الإيرانية على الذهاب إلى البار. غرفتها، كانت الأخيرة في الكوريدور. حينما اتجهت إلى تلك الناحية، كي أستعجل الفتاة، لمحتُ صاحبنا " عباس " جالساً بمفرده في المطبخ. بعد هنيهة من عودتي لغرفتي، سمعتُ جلبة في الخارج. لاحقاً، عرفتُ من الفتاة أن أحدهم قد طرقَ البابَ مباشرةً بعد خروجي من حجرتها. كانت إذاك تتحمم، فظنت أنني عدتُ لحاجة ما، فلما فتحتْ الباب، فوجئتْ بالوجه الكريه يُطالعها بابتسامة جميلة.
المسلك اللئيم لهذا الشاب، ما عتمَ أن أخذ بالتفاقم بعدما رددتُ عليه بقسوة ذات مرة حينما وَصَف الإيرانيات بأنهن " عاهرات يتصنّعن العفة! ". منذئذٍ، انتبهتُ إلى أنّ بعض أشيائي المحفوظة في ثلاجة المطبخ قد بدأت بالإختفاء ليلاً. وكنتُ أعلم، أنه هوَ أيضاً من غافلني في مرة أخرى فرَشَّ حفناتٍ من الملح على عجينة البيتزا. إلا أنّ أعماله الصبيانية، ما لبثَ أن أشتكى منها آخرون. وكان آخر عهدنا به في الكوريدور، على إثر مشادة بينه وبين جارٍ ايرانيّ: " عباس " كان ليلتئذٍ قد عاد من الخارج مع صديقه الكرديّ، فعنّ لهما اللعب بالكرة. في ذلك الصيف، كنا نتابع بحماس بطولة العالم لكرة القدم، التي أقيمت في إيطاليا.
عامٌ على الأثر، ورأيتني ذات مساء في أقدم ديسكو بالمدينة. ولأنني كنتُ وحيداً وقتذاك، فإنني ألتزمتُ صحبة البار. وهيَ ذي بنيّة حسناء تتقدم من سدّة البار، فتطلبُ كأساً. ثم إذا بها تجلسُ على مقعد بقربي، لترتشف شرابها على مهل فيما هيَ تلقي نظرات فضولية عليّ. سألتني على غرّة فيما كانت تلقي رأسها إلى الخلف: " لماذا أنتَ تبدو حزيناً؟ ". هذا، كان فاتحة حديثٍ مطوّل نوعاً مع البنت الحسناء. في الأثناء، كنتُ قد دعوتها أكثر من مرة للرقص وهيَ كانت تعتذر. فجأة، تهلل وجه الفتاة فيما كانت تنظر إلى أحدهم من فوق رأسي. ألتفتُ، لأرى صاحبنا " عباس " وقد أرتسمت البسمة المسمومة على شفتيه الرقيقتين: " ها، كيف الحال! أأنتَ هنا من زمان؟ "، قال لي وهوَ يعانقُ البنت ويقبلها.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغموض والوضوح
- عَرَبة العُمْر
- اتفاقية سايكس بيكو وشعوب المشرق
- أحلى من الشرف مفيش !
- سيرَة أُخرى 31
- سيرَة أُخرى 30
- أقوال غير مأثورة 5
- دعها تحترق !
- الحمار والدب
- الأبله؛ الرواية العظيمة كفيلم تافه
- سيرَة أُخرى 29
- الأُمثولات الثلاث
- سيرَة أُخرى 28
- سيرَة أُخرى 27
- سيرَة أُخرى 26
- نافخ البوق
- أجنحة
- أقوال غير مأثورة 4
- سيرَة أُخرى 25
- سيرَة أُخرى 24


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - بسمة مسمومة