|
يوم على طرقاق مدينة مجنونة .
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 5167 - 2016 / 5 / 19 - 13:45
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
يوم على طرقاق مدينة مجنونة . كم كنت أظن أن اختلاف القاهرة ، -التي كان أجدادنا يسمونها بـ"القِهْراااا" بكسر القاف وتسكين الهاء، ويعنون بذلك" الشاسعة والكبر والعظمة"- عن غيرها من العواصم، يكمن في كونها أقدم المدن العالم ، لعمرها الممتد عبر حوالي 50 قرناً كانت فيه عاصمة مصر، كما تؤكد شواهد التاريخ على أن مكان القاهرة الحالي كان عاصمة لمصر في أغلب فترات تاريخها مند سنة 98 ميلادية ، مند بناء حصن بابليون الذي ما تزال بقاياه موجودة حتى الآن- وأكبر مدينة في أفريقية، وأكثرها سكاناً فيها، وفي الشرق الأوسط، حيث يفوق عدد سكانها الثلاثين مليون نسمة –إذا أضيفت إليها توسيعات الأحياء الجديدة، كمدينة السادس من أكتوبر بأحيائها الإثنى عشر، والشيخ زايد، ومشروع 103 ومشروع الاسكان الحر، ومشروع اسكان المستقبل، ومشروع اسكان الشباب، وغيرها من المدن-. وقد كنت أحسب كغيري كثير، أن تميزها يعود إلى اعتبارها أكثر مدن المعمور استئثارا بالكتابة والتأريخ، وأوفرها حظا لاحتضانها عددا هائلا من المساجد والكنائس العتيقة والمباني الاثرية والمعالم التاريخية القديمة، وأغناها من حيث الألقاب التي حملتها مند غابر العصور، كتلك التي عرفت بها في العصر الفرعوني، كاسم "من نفر" أي الميناء الجميلة و"أون" ضاحيتها مدينة الشمس بالهيروغليفية، وهليوبوليس بالإغريقية ، أو تلك التي لازالت تكنى بها إلى اليوم كـ "القاهرة الكبرى" و "جوهرة الشرق"، و"مدينة الألف مئذنة"، و"المحروسة"، و"قاهرة المعز"، و"مدينة الأهرامات" . كم كنت مخطئا في ظني وتصوري ذاك، قبل أن اكتشف، عند تجوالي خلال زياراتي المتكررة ، بربوع هذه المدينة العملاقة، وأقف على اختلافاتها العديدة، وتفرداتها العجيبة عن غيرها من العواصم الأخرى، الغربية منها والشرقية، ولعل أهمها ، أنها مدينة مجنونة بحق، فالقاهرة لا تنام البتة، وسكانها ، يتحركون بالليل والنهار، وفي كل الاتجاهات، راجلين وبالسيارات، وعلى متن جميع أنواع النقل المعروفة في العالم من حافلات، و"ميكروباسات"، وشاحنات، "وميترو الانفاق"، و"الترام"، والحافلات الكبيرة المكيفة والغير مكيفة، وسيارات الأجرة ، بأنواعها المختلفة، الخاضع منها لإشراف الدولة ، أو التابعة للخواص ، والقطارات ، التي تعد القاهرة أهم محطة لها في مصر، وأكبرها بها، وملتقى طريقها المؤدي لكافه جهات مصر الأخرى، إلى جانب النقل النهري ، الذي هو اقرب إلى الترفيهي منه إلى وسائل النقل العمومي – بعد إلغاء الأوتوبيسات النهرية - والذي تربط أنظمته المائية الشاملة مدينةِ القاهرة بجُزُرَ النيلَ بشطريه شرقا وغربا إلى أمبابة والجيزة، حيث توجد العديد مِنْ البناياتِ الحكوميةِ ومكاتب المسؤولين الحكوميين-قبل نقل بعضها إلى 6اكتوبر وغيرها من المجن الجديدة- دون أن ننسى "الحناطير" العربات المجرورة بالبغال و"التكتوك"، آفة النقل بمصر بإمتياز، -التي تقابلها في المغرب "الدراجات النارية ثلاثية العجلات وغير المرخصة -وغيرها من وسائل النقل المختلفة والمتنوعة، التي تملأ كل مناحي الشوارع والطرقات، والتي تبجو كأنها خلية نمل لا تتوقف الحركة بها أبدا، أو حلبة سباق سيارات "رالي" عملاقة تجوب شبكة طرق كبيرة ومتطورة ، تخترق المدينة كعروق الجسم ، وأخرى دائرية تحيطُ بأطرافَها وتَرْبطُ بينها والمُدنِ والقُرى الجانبية الأخرى، وتَصِلُها بقلب القاهرة، طرق شيدت على أعداد كثيرة جدا من القناطر والجسور الهائلة الضخمة، والتي من أشهرها "كوبري 6 أكتوبر" أطول جسور مصر –حوالي 19 كلمتر- والذي يربط ما بين شرق المدينة وغربها. لقد بدى لي، أنه رغم توفر القاهرة على شبكة طرقية داخلية ودائرية هائلة، وعدد كبير من القناطر والجسور العلوية والأنفاق السفلية المترابطة والمتشابكة ، التي يقل وجود مثيل لها في الكثير من البلدان الغربية، فإن حركة التنقل داخل القاهرة لا زال يعاني من مشكلات الازدحام المزمن الخانق والمهول، والذي يكابد معاناته اليومية كل مستعملي طرق المدينة، القاهريين منهم والزوار ، ليس ذلك بسبب سوء حالة شبكة المواصلات العامة بها، والتي يهتم مسؤولو العاصمة بها بشكل متميز، حيث أنشؤوا لها طرقا خاصة عبر المدينة، لزيادة كفاءة فعالية في نقل المسافرين والبضائع عبر العاصمة، والتي يرمز لها بــ" BRT"أي "خطوط العبور السريع للحافلات" Bus Rapid Transit والتى تعتمد أساسا على فصل حركة النقل الجماعى عن باقى حركة المرور الخاصة، التي تعد الأسوأ في العالم العربي والمغاربي عامة، حيث يَمِيلُ السائقون ، سواء أصحاب السيارات الخاصة أو من يستخدم وسيلة مواصلات عامة ، للتعسف في القيادة، وعدم الالتزام بآداب الطريق، ونادرا ما يحترمون الإشارات المرورية خاصة منها إشارات الاستدارات والخطوط الأرضية، التي تتجاهلها الغالبية العظمى بشكل شبة تام، ويهتمون بشكل جنوني باستخدام المنبهات التي يضاف زعيقها السافر، إلى ضجيج المحركات الرهيب، اللذان يؤديان إلى زيادة الضوضاء ، التي تمنح القاهرة صفة "العاصمة الأشد ازدحاما والأكثر إزعاجا"، ومع ذلك تجد السائق القاهري مبتهجا ، ولا ينزعج من مخالافات الآخرين ، حتى لو " خبط" سيارته ، كما يقولون . حميد طولست[email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تساؤل قلم حائر !!
-
رمضان شهر الإفتاء بإمتياز .
-
التاريخ يعيد نفسه!!
-
رد على منتقدي مقالتي -لماذا نكره الاصطفاف في طوابير الانتظار
...
-
مهرجان الموسيقى الروحية لفاس -شنعتو عليا ما غطى ودنيا- !!
-
ليس القضاء على الفقر غاية مستحيلة !!
-
بلاد الذل تنهجر
-
اليوم العالمي للصحافة ، أية آفاق؟؟
-
الفقر في المغرب !!
-
رجالات ما في ألسنتهم عظم !!
-
أي موقع ل-مي فتيحة- في النضاليات النسوية المغربية ؟؟
-
هل الإنتحار فعل لاأخلاقي ، أم هو موقف يستحق التقدير والاحترا
...
-
من -خربوشة- إلى -من فتيحة-!!
-
لماذا نكره الاصطفاف في طوابيرالانتظار ؟
-
واقع حرية الرأي وقوى الإسلام السياسية!!
-
قضية خولة وبوتازوت ، هي معركة قيم !!
-
حضارية التظاهرات واستفزازيتها !!
-
التأسلم- الموضة الجديدة !! 3 تابع
-
تهنئة بميلاد مرصد دولي للإعلام وحقوق الإنسان..
-
التبسم واجب اجتماعي ودرب من دروب المناعة النفسية!!
المزيد.....
-
سحب الدخان تغطي الضاحية الجنوبية.. والجيش الإسرائيلي يعلن قص
...
-
السفير يوسف العتيبة: مقتل الحاخام كوغان هجوم على الإمارات
-
النعمة صارت نقمة.. أمطار بعد أشهر من الجفاف تتسبب في انهيارا
...
-
لأول مرة منذ صدور مذكرة الاعتقال.. غالانت يتوجه لواشنطن ويلت
...
-
فيتسو: الغرب يريد إضعاف روسيا وهذا لا يمكن تحقيقه
-
-حزب الله- وتدمير الدبابات الإسرائيلية.. هل يتكرر سيناريو -م
...
-
-الروس يستمرون في الانتصار-.. خبير بريطاني يعلق على الوضع في
...
-
-حزب الله- ينفذ أكبر عدد من العمليات ضد إسرائيل في يوم واحد
...
-
اندلاع حريق بمحرك طائرة ركاب روسية أثناء هبوطها في مطار أنطا
...
-
روسيا للغرب.. ضربة صاروخ -أوريشنيك- ستكون بالغة
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|