|
البطالة .. طريق معبد للارهاب
رنا جعفر ياسين
الحوار المتمدن-العدد: 1393 - 2005 / 12 / 8 - 11:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يؤكد مخاض التجربة المريرة التي يمر بها العراق الان ان هناك علاقة وثيقة بين الارهاب و البطالة ... و قد يتساءل البعض كيف يكون ذلك ؟؟ فالارهاب هذا الذي صرنا نسمع عنه كل يوم بل و ربما حتى نعيشه في كل لحظة و نحن نمر في شارع ما او عندما نكون جالسين في منازلنا و نسمع صوت دوي انفجار من قريب او من بعيد كما و قد صار التعايش معه حدثاً انياً من خلال ما تنقله القنوات الفضائية العربية و المحلية ..لا يقتصر فقط على التكفيريين من الشبكات المنظمة الخارجية ذات التمويلات الطائلة و التي وجدت في الساحة العراقية اليوم و في ظل هذا التنافر السياسي بيئة خصبة لممارسة عملياتها المدبرة في اغتيال ابناء هذه الطائفة او تلك .. و التي – مع الاسف الشديد – لم يجد لها التدخل العسكري حلاً جذرياً يشفي غليل العراقيين الراغبين بأيقاف عمليات التصفية اليومية بالانفجارات و السيارات المفخخة و القتل العشوائي للمواطنين الابرياء بذنب او من غير ذنب مقابل مبالغ تدفع و بسخاء كبير و الارهاب يتعدى ذلك الى تنظيمات سرية داخلية تكونت في العراق بعد سقوط النظام البعثي الفاشي من الصدامين و البعثيين المخضرمين الذين مازالوا و الى حد الان يتصورون ان لهم الحق في التحكم بمصائر العراقيين و تدفع لهم الاجور الطائلة من القيادات البعثية الكبيرة مقابل توظيف الكوادر التي تمارس معها العمل التخريبي في الداخل , كما و ان هناك الكثير من التيارات التي صارتعمل بصورة سرية مع هذه الجماعات خوفا ً على مصالحها و في محاولة منها للبقاء في اطار العملية السياسية حيث يتم في مراكز هذه الكيانات الاعداد لكثير من العمليات الانتحارية و تحضير العبوات الناسفة و تجهيز السيارات المفخخة بحجة مقاتلة المحتل تارة و تارة اخرى بعقد اتفاقات سرية مع تلك التنظيمات الخارجية لتصفية اتباع المذهب ( الفلاني ) ... على سيبل المثال . كما و قد ظهر تضارب كبير في وجهات النظر بين القيادات التي تحاول ادارة العملية السياسية حتى صار طاغياً على مجمل الخطاب السياسي الحالي فضاعت الفرص التي من شأنها وضع البنية التحتية لمشروع وطني عراقي يبتعد عن النزعة القومية و المذهبية و العرقية فظهرت عدم امكانية وضع الحلول في هذا الجو المتأزم جلية ولا يمكن اخفاءها مؤكدة فشلاً في معالجة الكثير من المشاكل التي يعاني منها المجتمع العراقي و على رأسها مشكلة البطالة التي صار بموجبها الفرد العاطل فريسة سهلة للسقوط في براثن العنف و الارهاب و الجريمة فمع وجود عدد كبير من الشباب الذي لم يتمكن من ايجاد فرص العمل التي تضمن له تحقيق جزء بسيط من احلامه و طموحاته في تحسين وضعه الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي يصبح وقع المشكلة ذو تأثير اوسع على كيان المجتمع الذي عجز ت الدولة فيه عن توفير فرص العمل و مما زاد الطين بلة اصطفاف عدد اخر من العاطلين بعد حل الاعلام و حل الجيش العراقي فصار هناك طوابير طويلة من البشر التي تنتظر ان تتاح لها الفرصة لنيل قوتها من العمل الشريف و هذا التردي في توظيف هذه الطاقات خطأ اقترفته الحكومة نتيجة سوء ادارتها للدولة و انتشار المحسوبية في العمل في القطاع الحكومي و الفساد الاداري المتفشي في كوادر هذا القطاع يضاف الى ذلك قلة المشاريع التي كان من الممكن ان تنفذ في القطاع الخاص بسبب سوء الوضع الامني مادفع الكثيرين من اصحاب رؤوس الاموال و المستثمرين للهجرة الى الخارج خوفاً على مصالحهم الاقتصادية و خوفا ً على انفسهم من القتل و الاختطاف و مع تراكم الوعود التي اتعبت اذان العراقيين بالحصول على فرص للعمل و تحسين الوضع الامني في المرحلة الحالية صار عامل الاحباط مسيطرا ًعلى الكثيرين و على الاخص شريحة الشباب الذي كان من المفترض ان تراهن عليه الدولة للاستفادة من رغبته الحقيقية في التنمية و التطور السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و توجيه هذه القدرات بالاتجاه الصحيح , اخذين بنظر الاعتبار ان هناك خزيناً هائلاً من الالم و المعاناة و الحرمان صار جزءاً من الهوية العراقية بعد سنوات الظلام الطويلة .. ماجعل من السهولة استقطاب هذه الشريحة مقابل مبالغ من المال تدفع من قبل التيارات الدينية و الحزبية للعمل معها و رفع شعاراتها دون الفهم الحقيقي لحقيقة هذا الشعارات و ما وراءها مرة و مرة اخرى مقابل العمل مع جهات خاصة تدعم الارهاب خصوصا و انها تمارس عمليات غسل الدماغ لهؤلاء الفتية مستخدمة الوازع الديني او بالاحرى ( التكفيري ) أو استغلال حجة المقاومة ضد المحتل و اعلان الجهاد المسلح بالطرق الانتحارية و التفخيخية ما يجعل من الضرورة ايجاد كتلة وطنية ديمقراطية موحدة تعمل على نشر الوعي الوطني الحقيقي و تعمل على توفير السبل الكفيلة لاستيعاب هذه الطاقات و توجيهها بالاتجاه الذي يخدم المصلحة العراقية العامة معتمدة مبدأ الشعور بالمواطنة الصالحة و المسؤولية تجاه الوطن و تجاه المواطنين و التأكيد على ضرورة الايمان التام بأن اخراج المحتل لا يتم الا من خلال عملية سياسية و ديمقراطية موحدة و نظيفة المساعي يتم من خلالها القضاء على كل اسباب بقاء هذه القوات مع ضرورة توفير فرص العمل التي اثبتت الحكومة القائمة الان عجزاً كبيراً في تأمينها و انتشال هذه الطوابير من ان تنساق مخذولة بالوعود الى دهاليز الارهاب المظلمة .
#رنا_جعفر_ياسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشرعية في التمثيل السياسي
-
مُختنقينَ من تبديل ِ الوجوه
-
رسالة الى طارق حربي
-
حوارُ أم
-
كتبتها سراً .. أبعثها علناً
-
همسُ الليلك ِ
-
سيدُ الأساطير
-
خلف الأبواب الموصدة
-
ثلاثية.. في رؤية احادية
-
عريٌ ..مدفوعُ الثمن ِ
-
المتلونون .. في الأرض
-
قلبٌ .. و قدم
-
هل الاناء........؟؟
-
بقايا عالم
-
محاورة رجل شرقي
-
بقايا الزمن الأخضر
-
شطحة .. من جنون إمرأة
-
لابسـوالأجسـاد
-
علامة تعجب..!!
-
نفاق ٌ.. مقنع باللباقة
المزيد.....
-
مصر تحظر الهواتف غير المطابقة للمواصفات.. ومسؤول: -مُقلدة وت
...
-
غارات أمريكية في الصومال.. ترامب يعلن استهداف أحد كبار تنظيم
...
-
كيف تجيب عن أسئلة طفلك -المحرجة- عن الجنس؟
-
الشرع: الرياض ستدعم سوريا لبناء مستقبلها
-
الاتحاد الأوروبي والرد على واشنطن
-
واشنطن تجمد ملياري دولار من أموال روسيا المخصصة لمحطة -أكويو
...
-
- الجدعان الرجالة-.. مشهد بطولي لشباب ينقذون أطفالا بشجاعة م
...
-
مفاجأة غير سارة تنتظر أوكرانيا من أحد حلفائها
-
زيلينسكي لا يعرف أين ذهبت الـ200 مليار دولار التي خصصتها أمر
...
-
إعلان حالة التأهب الجوي في ثماني مقاطعات أوكرانية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|