|
الجنس في المخيال العربي (قراءة في نصوص أدبية وقرآنية)
مهند احمد الشرعة
الحوار المتمدن-العدد: 5165 - 2016 / 5 / 17 - 22:07
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الجنس في المخيال العربي :
في أزمنة غابرة سقط كائن ما في الوعي في البداية وعلى امتداد تاريخه ظن أن هذا السقوط نعمة ولكن مع مر الزمن اكتشف كم هذه النعمة تخفي تحت طياتها الكثير من النقم لننظر بعقولنا الى جنوننا ولنكتشف الحقيقة الأبدية بكون الانسان أكثر هذه الكائنات تناقضا صراع الوعي واللاوعي العقل والجنون الحرب هي الرب الذي نعبده ومن هنا كنا أعنف ما عرفته الأرض بحق الذات وبحق النوع وبحق الأرض ذاتها. في البدء كان الجنس شكل من أشكال ارادة الحياة رغبة في الاستمرارية والبقاء مبدأ حيواني والتقاء عابر من الخلف وفجأة انبثق الوعي معدما الوجود في ذاته الذي كنا عليه ما حدث أن الجنسقد أصبح شهوة وأداة للاستمتاع بقت شكليا ضمن ارادة الحياة و البحث عن الجمال والتذوق الأستطيقي للجسد البشري مقاييس عبر الزمن تجسد ما نحن عليه ولطالما ارتبط الأمر بالبيئة البدو تمنوا البيض السمان الولودات لا لشيء سوى لأن السمرة كانت هي الغالبة و الضعف كانت طبيعتهم ولأنهم بحاجة للبقاء والتكاثر وهذا يضرب بأصوله للقدم وذلك لكون الكثرة تعني زيادة في قوة القبيلة وزيادة أعداد فرسانها ونساءها كما أنهم كانوا مهددين بالمجاعات والحروب كانت قائمة في كل حين وتدريجيا ولهذا كانوا محتاجين للازدياد و لهذا فالولادة مدعاة للتفاخر وبقاء للذكر وشكل من أشكال الخلود. لنأخذ بعض النصوص حول هذا الموضوع ولنغض الطرف عن صحتها أو عدمه ففي هذه النصوص رموز تخفي ورائها أسرار الوعي وما يهوى وعلاقة هذا الوعي مع الآخر وعلاقة وعي الأفراد مع بيئتهم وما تفرضه هذه البيئة على مر الدهور على تركيبهم الجسدي وما يجعل العرق يمتاز به عن غيره حيث يتكيف مع بيئة معينة تضع فيه ما تضع من صفات يمتاز بها هذه الصفات لا تقلل من شأنه بل تميزه كما أن هناك علاقة الأفراد المختلفين في البيئة مع بعضهم البعض ثم طبيعة الفرد بحب المغاير عن المألوف الكثير والبحث عن المتميز. قيل لامرئ القيس: ما السرور؟ قال: بيضاء رعبوبة، بالطيب مشبوبة، باللحم مكروبة.! ويقول الحارث بن كلدة لكسرى عندما سأله الأخير عن أكثر النساء ابساطا للقلب : إن أصبتها مديدة القامة عظيمة الهامة واسعة الجبين عريضة الصدر مليحة النحر ناهدة الثديين لطيفة الخصر والقدمين بيضاء فرعاء جعدة غضة حسنة الثغر ((تخالها في الظلمة بدرا زاهرا)) تبسم عن أقحوان باهر وإن تكشف تكشف عن بيضة مكنونة ولإن تعانق تعانق ما هو ألين من الزبد وأحلى من الشهد وأعذب من القند وأبرد من الفردوس والخلد وأذكى ريحا من الياسمين والورد. وسئل أعرابي عن النساء وكان ذا تجربة وعلم بهن فقال: أفضل النساء أطولهن إذا قامت وأعظمهن إذا قعدت (...) الودود الولود. في هذه النصوص نرى البحث عن الجمال ونرى أن موضوع الجنس أخذ منحى آخر لقد أصبح الجنس متعة وليس غريزة بقاء أو حياة لم يعد بحثا عن نوعية أفضل بقدر ما هو بحث عن المتعة الجنسية و لذات نادرة الوجود في بيئة صحراوية يمتاز معظم سكانها بالسمرة والنحافة والناس فيها مهددون بخطر تراجعت الاستمرارية البشرية ليحتل مكانها لذات إنية تعبر عن السرور أنظر لنص امريء القيس عن السرور ولتصبح الاستمرارية في المرتبة الأخيرة أنظر للنص الأخير لقد كان الأهم هو الجسد المرتبط بالمتعة أما الودود الولود فقد كانت في آخر التراتبية وانظر لنصائح الحارث بن كلدة لم يكن هنالك ذكر لأهمية أن تكون المرأة ولودا وهذا يدلل على بعدين الأول نفسي هو أن الاهتمام الأول كان باللذة والثاني يدلل على مسألة واقعية وهو أن بعد عملية الجنس يهتم بأمر كونها تلد أم لا ولكن لا يبدو ذلك صحيحا وذلك لمسألة كثرة الزيجات إلا أن هذه النصائح موجهة لملك وأكثر ما يشغل الملوك هو استمرار الملك في أبنائهم ولهذا هم بحاجة الى انجاب الكثيرين من الأولاد ومعروف أن العقل القديم يربط الوضع الجسدي للمرأة بصحة الولد وجمالها من جمال الولد. إن هذه القصة لا تدلل على وجود هذه المحاورة إنها على العكس من ذلك تماما إنها صياغة قام بها فرد/ أفراد للتعبير عن وجهة نظرهم بطابع فني أسطوري هو الأقرب للعقل البشري هنا يريد مبتكر القصة أن يتحدث للناس وأن يبرهن لهم عن آراءه ولكن أليست آراءه هي أغلبية آراء مجتمعه ثم ألم يكن العرب يفضلون البيض وان وصفوا قوما وصفوهم بالبيض. *بيض الوجوه كريمة أحسابهم *ملاح البيض ما رادن بعدنا. وفي نصائح الحارث جملة استخدمت في اللغة العربية بشكل كبير وواضح وهي تخالها في الظلمة بدرا زاهرا والى اليوم لا زلنا نستخدم هذا المصطلح للتعبير عن الجمال ولكن هنالك اشارة تكمن تحت هذا المصطلح الذي يبدو لنا أنه تعبير عن ثقافة العصر و معنى رمزي في النص انه موجود في المحايثة وهذا الرمز في حالة كمون ويحتاج فقط النظر لما هو سائد ليصبح ظاهرا ولنعد كلاما قلته سابقا حول قلة النساء البيض إن رمز البدر يدل على البياض و الظلمة تدل على السمرة الشديدة وهذا يدلل على ندرة الوجود ويشير الى أنها تتميز عن غيرها من نساء مجتمعها. لقد كان المخيال العربي في موضوع الجنس متجها الى موضوع نادر الوجود وعندما جاء محمد كان بيده أداتي الترهيب والترغيب إنها أدوات السلطة في الترغيب هنالك النساء الحور العين في الجنة والحور هن النساء البيض واسعات الأعين حسانها و أما الجحيم فكان العذاب فيه هو النار وأكثر الناس علما بالحر وهوله هم العرب ولنأخذ موضوع الحور العين حيث تم استخدامه كترغيب ميتافيزيقي وذلك لتلبية أحلام الذكورية العربية لقد كان مخيالهم أمام موضوع الجنس هو ما ذكرناه آنفا ولهذا لم يكن بزوغ هذا النص بالشيء المستغرب حيث تمحور حول ترابط بالمخيال ببزوغ النص إنها عملية ترغيب يقوم بها محمد في مكة فالايات التي ذكرت فيها كلمة حور جاءت في سور مكية هي :والدخان والطور والرحمن والواقعة كما ذكرت قاصرات الطرف في سور مكية هي: ص و الرحمن والصافات كما ذكرت الكواعب في سورة النبأ وهي مكية. 1- كذلك وزوجناهم بحور عين.(الدخان 54) 2- متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين.(الطور 20) 3- حور مقصورات في الخيام.(الرحمن 72) 4- وحور عين.كأمثال اللؤلؤ المكنون.(الواقعة 22) 5- وعندهم قاصرات الطرف عين.(الصافات 48) 6- وعندهم قاصرات الطرف أتراب.(ص 52) 7- فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن قبلهم انس ولا جان.(الرحمن 56) 8- وكواعب أترابا.(النبأ 33)
وكما أن هذه النصوص هي نصوص ترغيبية تظهر رمزية تشير الى المخيال العربي حول موضوع الجنس إلا أنها تأخذنا الى موضوع تاريخانية النصوص حيث علينا الذهاب الى التاريخ لنرى لماذا ظهرت هذه النصوص في كتاب (مقدس) لنترك الهالة الأسطورية جانبا ولنترك أيديولوجيتنا اللادينية جانبا أيضا لنكن تجريديين وحياديين ولنضع قاعدة بغض النظر عن كل الأمور ففي نظرنا القران هو كلام بشري تمت كتابته بعد أن تم تنقيحه وبالنسبة لأتباع الهالة المقدسة نقول أنه في اللحظة التي تكلم بها محمد بكلام الوحي فقد تغير جوهر الكلام من كلام الهي الى كلام بشري ولنلاحظ أن الايات السابقة ظهرت في مجتمع مكة حيث الحاجة ماسة الى قاعدة جماهيرية ولجذبها يجب استخدام ترغيب وترهيب وبما أن محمدا يفتقد الى القوة والسلطة في هذه المرحلة لتلبية الرغبات وشراء النفوس أو للتهديد واستخدام القوة بالترهيب فقد تم اللجوء الى الميتافيزيق ولننظر الى الجدلية الطبقية في ظهور الاسلام حيث من اتبعوه كانوا من الطبقات المسحوقة هذه الطبقات مكونة من أفراد الفرد يتسائل ما الذي سأكسبه إن مت على هذا الدين لقد أتت الاجابة ملبية لرغبات لا تتمكن الطبقات المحرومة من تلبيتها لقد ظهر الطعام الوفير وانهار اللبن والعسل والخمر وهناك من يخدمهم أيضا كما يخدمون هم على الواقع سادة قريش وهناك ما نتحدث عنه وهو النساء واذا تم النجاح ستتحقق العدالة التي حلم بها هؤلاء المستضعفين والشعارات الطوبائية التي يرفعها الاسلام بأن الناس سواسية ولا فرق بينهم الا في درجة الايمان والتقوى ولقد كانت هذه الأدوات الترغيبية تسيل لعاب هؤلاء وقد استهزأ بها الكثيرون من سادة مكة الذين تتوافر لديهم هذه المتع في تلك اللحظات الآنية الا أنها وللطبيعة العربية البدوية المادية كما يصف أوليري بكتابه العرب قبل محمد فقد جذبت هذه الرغبات بعض السادة ومن يمتلكون المال. وتشير بعض الأحاديث الى ترغيب محمد بنساء بني الأصفر(الروم) وهذا ما يأخذنا الى موضوع علاقة العرب وخاصة اهل مكة أهل التجارة مع الروم وما كانوا يشاهدوه من بياض نسائهم هذا ما يجعل الوعي يتفاعل مع وقائعية جسد الآخر الموجود في بيئة أخرى رغبة في اختراق كينونة أخرى من بيئة أخرى أليس الجنس هو عملية اختراق كينونة لكينونة أخرى! في النهاية نقول ان النصوص والخطابات تعطينا لمحات عن الأوضاع العقلية والنفسية والتاريخية إن الخطاب يتكلم ولكنه يخفي تحته رموزا وتاريخا ولهذا فما علينا الا أن نقوم بالحفر الأركيولوجي لنستق بعض المعرفة من هذا الخطاب ومن ذاك ولكن وقبل كل ذلك لتكن نظريتنا موضوعية ولنفهم في البداية هل هذا النص مثيولوجي أم أنه تاريخي وهذا النص تحت طياته إن استنطقناه فبماذا سيخبرنا؟ هل هو حل أم عقدة أم أنه مجموعة من التفسيرات التي تشير الى مواضيع متعددة وهذا النص هل هو على تناص مع نص آخر؟ لنكن موضوعيين ولنترك القشور لأهلها ولنتجرد لنعالج مشاكلنا بطرق تبتعد عن الطوبائية.
#مهند_احمد_الشرعة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نظرة حول التخلف
-
عبثية العالم بأبعاده وعبثية الواقع الانساني
-
اللادينية في الاسلام
-
تأملات وجودية
-
هروب
-
اعجاز علمي.....!
-
قراءة في سيكولوجيا الجماهير الشرق أوسطية
-
انتحار
-
نقد فكرة العدالة في الإسلام(الجزء الأول):
-
الوجودي التائه
-
هل نحن جاهزون؟
-
نافذة الى الوجود
-
نظرة حول موضوع الاخلاق
-
ما وراء رفض دول الشرق الأوسط للملحدين والمتنورين
-
المعتزلة فرقة عقلانية
-
قراءات حول العقل الشرق أوسطي
-
مغالطات النقاش العربي (الملحدين والمتدينين)
-
((مشكلتنا مع الاسلام 2 )) قراءات وآراء حول كتاب الانسداد الت
...
-
مشكلتنا مع الاسلام
-
هاوية الوجود
المزيد.....
-
الشرطة الألمانية تنفي أن تكون دوافع هجوم ماغديبورغ إسلامية
-
البابا فرانسيس يدين مجددا قسوة الغارات الإسرائيلية على قطاع
...
-
نزل تردد قناة طيور الجنة الان على النايل سات والعرب سات بجود
...
-
آية الله السيستاني يرفض الإفتاء بحل -الحشد الشعبي- في العراق
...
-
بالفيديو.. تظاهرة حاشدة أمام مقر السراي الحكومي في بيروت تطا
...
-
مغردون يعلقون على التوجهات المعادية للإسلام لمنفذ هجوم ماغدب
...
-
سوريا.. إحترام حقوق الأقليات الدينية ما بين الوعود والواقع
-
بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة ليست حربا بل وحش
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل
...
-
وفاة زعيم تنظيم الإخوان الدولي يوسف ندا
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|