أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسعد عبدالله عبدعلي - مات العدل














المزيد.....

مات العدل


اسعد عبدالله عبدعلي

الحوار المتمدن-العدد: 5165 - 2016 / 5 / 17 - 22:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مات العدل

بقلم اسعد عبد الله عبد علي

كعادته نهض الطفل احمد, ذو التسع سنوات, ليحمل أكياس النايلون, كي يبيعها في سوق عريبة, ذلك السوق الشعبي, الواقع في شارع الداخل, كي يوفر احمد المصروف اليومي لعائلته, فهو المعيل الوحيد لأسرته, فأبيه استشهد في تفجير لإرهابي عفن, وأمه مريضة, وعلاجها يحتاج للملايين, مما جعلهم يكتفون بالدعاء, عسى أن تشفى ببركات الدعاء, وإخوته صغار, الذين يحلمون بحياة سعيدة, ينطلق ضيائها فقط من خلال احمد, فهو من حفظ كرامة العائلة.
انه احد صباحات شهر أيار الحارة, على أهالي مدينة معدومة, تعاني من ظلم لا ينتهي, حيث تنقطع الكهرباء صباحا, فأموال الدولة نهبها اللصوص, حيث أن نتائج صولات النهب تقع فقط على الفقراء, فتخرج الناس للشوارع وألا سواق, هربا من الجو الحار, فبيوت مدينة الثورة صغيرة جدا, مختنقة بكثافة سكانية فريدة.
نهض احمد فزعا من النوم, على صوت كلمات مخيفة تتكرر ((مات العدل)), فصباحات قطاع 48 في شارع الداخل متميزة, لأنها تبدأ على صوت جبار المجنون, وهو يصيح إلى أن يتعب (( مات العدل)), يكررها مئات المرات من دون كلل, وهو جالس في باب أهله, لقد جن جبار تحت تعذيب أجهزة القمع البعثية, كان جبار شابا مثقفا, فإذا به يخرج من سجون البعث مجنونا.
الطفل احمد سرح شعره, مثل اللاعب كرستيانو, فهو يحب ريال مدريد, يجد في الكرة, فرحة وسط هموم الحياة, حيث أن القدر حمل احمد هما ثقيل, هم عائلة بأكملها, ثم لبس بنطاله الأزرق وقميصه الأبيض, من بقايا زى المدرسة, التي تركها ليعمل, وعند الباب توقف يكلم أمه, النائمة قرب شباك يطل على الشارع, كي تفوز ببعض النسيم, فالكهرباء قد انقطعت, مع ساعات الصباح الأولى.
- أماه سوف اذهب للسوق, سأحضر اليوم مفاجئة على الغداء, انه يوم البطيخ, فأختي الحبيبة نرجس, توسلت بي أن اشتري بطيخ, لقد شاهدت نهار الأمس, بنات الجيران يأكلون البطيخ, فأسعديها بخبر قرب وصول البطيخ.
- بارك الله بك ابني الغالي, آنت بحق رجل, تهتم لنا.
أسرع احمد باتجاه سوق عربية, فالناس تريد أن تسبق وقت الظهيرة الحار, لذا عليه أن يسرع كي يبيع بضاعته, ويشتري البطيخ والخبز لعائلته.
كان احمد يسرع هنا وهناك بين الدكاكين, ليبيع الأكياس للمتبضعين, نشيطا كعادته, فهو يفكر إن يبيع الأكياس, ويعود سريعا للبيت, مع أكياس الخضار والفواكه, وخصوصا البطيخ, كي يسعد البيت وتفرح أمه وأخته نرجس, كم صغيرة هي أحلام العراقيين, في زمن الديمقراطية البائسة , التي آتت بلصوص نهبوا البلد.
وبعد وقت من الجهد وارتفاع حرارة الشمس, قرر احمد إن يذهب لصديقه حسون بائع الفواكه, ليأخذ تفاحة يسد بها جوع بطنه, أسرع نحو بوابة السوق, فصديقه يجلس هناك مع أمه, شاهده من بعيد ولوح له بيده, و صاح صديقه حسون:
- أسرع يا احمد, لنأكل معا, فأمي سمحت بتفاحتين لي ولك.
- أني قادم .
فرح احمد بكلمات حسون, فركض مسرعا باتجاه صديقه, لكن توقف مرتعبا, حيث شاهد غول مخيف يدخل السوق, رجل غريب بشعر طويل ولحية نتنة, حال بينه وبين الوصول للتفاحة, نظر هذا الشخص الغريب إلى احمد, وابتسم ابتسامة سخرية, فاظهر حزامه الناسف, وضغط على جهاز التفجير الذي كان بيده, ليتفجر جسده القذر في السوق, مع ما يحمل من ديناميت متفجر, فتناثرت أجزاء الناس واختلطت الدماء, حل صمت قصير, ثم تبعه ارتفع الصراخ والعويل والبكاء, الدخان يعلو, واللحم والدم يغطي الأرض.
لقد أنجز الرجل السعودي مهمته بنجاح, فقد قتل الأطفال والنساء والكهول من فقراء العراق, وبهذا سيدخل جهنم من أوسع أبوابها.
سقط احمد على الأرض, والدماء تغطي جسده, فقد قطعت ساقه, جلس لجانب ساقه ينظر لها, ولا يقوى على الحراك من الألم, نظر إلى ساقه وفكر بأخته نرجس وهي تنتظر البطيخ, تأمل ساقه وفكر بكرة القدم التي يعشقها, فمن اليوم لن يلعب الكرة, نظر إلى جدار السوق, وفيه صورة نصف ممزقة لرئيس الحكومة, قد اختلط الدم واللحم بوجه الرئيس, لقد أصبح احمد معاقا, بسبب فتاوى سعودية لتدمير المجتمعات, انه دين الذبح والقتل وليس دين الإسلام, بكاء احمد بصوت عالي, يكاد يهز الكون, وهو يحتضن ساقه, في تلك اللحظات عاد صدى كلمات جبار المجنون يرن في أذن احمد ((مات العدل)), فأين العدل فيما حصل له؟! أم أن العدل مجرد أكذوبة لتخدير المظلومين.
حمله الناس الطفل احمد, مع باقي الجرحى لسيارات الإسعاف, لتنطلق به نحو مستشفى الشهيد الصدر, لتوقف نزيفه وتعطيه بعض الأمل بالعيش, لكن كمعاق.



#اسعد_عبدالله_عبدعلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شارع المتنبي يتكلم سياسة
- دون كيخوته يظهر من جديد
- قناة الشرقية وإثارة الفتنة بين فصائل الحشد الشعبي
- من مزايدات صدام إلى مزايدات 2016
- العمال في العراق, واستمرار ضياع الحقوق
- الدولة العراقية تحارب الفقراء
- النجف تحت تهديد تنظيم داعش
- سعادة المدير العام, الساقط سابقا
- منهج الأمام علي في الإصلاح
- ما بين سياسة الأمام علي, وسياسة الكتل الحالية
- مسرحية البرلمان مع كوب شاي بالحليب
- مبردة مصطفى والبرجوازية السياسية
- العلل الخمسة لعودة القوات الأمريكية للعراق
- سليم واللعب على الحبلين
- العلاقة المحرمة بين داعش والبنوك الأردنية
- الاحتمالات السبعة للانسحاب الروسي
- الطريق إلى الباب المعظم
- فوضى عراقية ستنتج مصيبة
- السعودية, الخطر الحقيقي على المنطقة
- أين الأصلاحيون من قافلة وكلاء الوزارات ؟


المزيد.....




- -حزب الله- يصدر بيانا عن حصيلة لقتلى ومصابي الجيش الإسرائيلي ...
- انفجارات ضخمة في بيروت بعد صدور أمر إخلاء من قبل الجيش الإسر ...
- طائرة عسكرية تعيد 97 شخصًا من لبنان إلى كوريا الجنوبية
- أوكرانيا تُسقط طائرة حربية وروسيا تدعي سيطرتها على قرية في م ...
- مواجهات عنيفة في وسط الهند: مقتل 31 مسلحا ماويا في اشتباكات ...
- فرنسا تنظر في طلب إفراج مشروط عن أقدم سجين عربي في العالم (ص ...
- ترامب يعود إلى بنسلفانيا حيث تعرض لأول محاولة اغتيال
- غارات إسرائيلية على منطقة القصير بريف حمص عند الحدود السورية ...
- عشرات القتلى والجرحى وقصف غير مسبوق.. تحديث الوضع الميداني ف ...
- كاميرا RT ترصد معاناة ذوي الإعاقة داخل خيام النزوح والمستشفي ...


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسعد عبدالله عبدعلي - مات العدل