|
الدستور الجديد وسيف (التعزير) للنساء العراقيات
المعهد العراقي للدراسات الإستراتيجية
الحوار المتمدن-العدد: 1393 - 2005 / 12 / 8 - 11:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الدستور الجديد وسيف (التعزير) للنساء العراقيات (هذا المقال جزء من سلسلة دراسات وافكار من شاركونا في معهد الدراسات الاستراتيجية في الندوات والنقاشات حول مسودة الدستورقبل و بعد اقرار الدستور من اجل استكماله بتشريعات ولوائح تعزز التوازن السياسي وتكفل الحريات، والحقوق المدنية وحقوق المرأة والأسرة، والمجتمع المدني والاقليات .في هذا المقال يناقش الكاتب و عضو مجلس امناء معهدنا السيد عدنان حسين مناقشة بعض ما ورد في لائحة التعديلات التي طرحها نداء "عهد العراق" و لائحة تعديلات معهد الدراسات الاستراتيجية) معهد الدراسات الاستراتيجية حملة تعديل الدستور
عدنان حسين خلال حملة الانتخابات الرئاسية في ايران هذا العام، كان لافتاً على نحو مميز ان بعض المتنافسين وظفوا فتيات جميلات في حملاتهم الدعائية. وقد تابعنا عبر شاشات التلفزيون وعلى صفحات الصحف اليومية والمجلات الاسبوعية مشاهد الطالبات الجامعيات والموظفات الشابات، الساحرات في جمالهن جميعاً، المرتديات بناطيل الجينز والمتحررات تقريباً من الحجاب »الاسلامي»، وهن يوقفن السيارات عند مفارق الطرق والمارة على نواصي الشوارع او في الاسواق ويوزعن عليهم المنشورات الدعائية وشعارات المرشحين وصورهم. وكان الأبرز بين الذين استثمروا هذه الوسيلة الدعائية هو حجة الاسلام والمسلمين الشيخ هاشمي رفسنجاني، أحد أعمدة النظام الاسلامي في ايران وابرز ائمة صلاة الجمعة في طهران. هذه الظاهرة الوليدة التي نشأت في مناخ الحرية والاصلاح الذي اشاعه عهد الرئيس السابق محمد خاتمي تسعدنا نحن العلمانيين الذين ندافع عن حقوق المرأة وسواها من حقوق كل البشر وحرياتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، من دون أي تمييز او تفرقة على اساس الجنس او العرق او الدين او المذهب او لون البشرة.. يسعدنا ان تمارس المرأة بعضاً من حريتها وحقوقها في بلد ظل امداً طويلاً، ولم يزل، أحد النماذج الصارخة للدولة الدينية التي تتعسف في تفسير الشريعة وتأويل احكامها. لكن ما حدث بالتزامن مع حملة الانتخابات الرئاسية الايرانية لا يرضينا بالمطلق، ذلك ان استعانة السياسيين الايرانيين بالنساء الجميلات في حملاتهم الدعائية لم تتحقق في سياق منظومة متكاملة تسمح للمرأة بممارسة كل المهن المتاحة للرجل على نحو متكافيء، بل اننا نعارض ان ينظر الى المرأة باعتبارها شكلاً جميلاً وحسب، فهذا مهين لكرامة المرأة وانسانيتها ولا يختلف في الجوهر عن حمل المرأة على ممارسة الدعارة او ارغامها على الزواج من شخص لا تحبه. ان للمرأة عقلاً جميلاً ايضاً وقدرة فكرية خلاقة يضاهيان، وربما يفوقان، في قيمتهما ما لديها من جمال في الشكل تجسده رشاقة القوام وسحر النظرات واللفتات. من المفهوم ألا يتيح حكم ثيوقراطي، كالحكم الايراني، للمرأة ان تتمتع بحقوقها الكاملة، فهذا من سمات النظام الشمولي الذي يجري فيه التضييق على الحقوق والحريات الى ابعد الحدود، وتصبح فيه «الحقيقة» حكراً على زعامته التي تفوض نفسها «حق» تقرير ما هو صالح وما هو طالح، باعتبارها المجسدة لـ «المثل العليا». ولقد سعى فريق سياسي اصبح نافذاً في السلطة في العراق خلال السنتين الماضيتين الى ان يتمثل التجربة الايرانية. وفي هذا الاطار جاهد هذا الفريق خلال الاعداد للدستور الدائم ـ بل قبل ذلك ايضاً ـ من اجل الحد من الحقوق والحريات التي كان من المنتظر ان يطلقها اول دستور دائم في العراق الجمهوري، وبخاصة في ما يتعلق بحقوق المرأة. وبلغ هذا «الجهاد» ذروته بمحاولة الاجهاز على قانون الاحوال الشخصية النافذ منذ اكثر من 35 عاماً والذي لم يجرؤ حتى نظام صدام حسين على الغائه، فتحايل عليه باصدار قرارات لمجلس قيادة الثورة تتعارض مع بعض الاحكام وتبطل مفعولها، وذلك لاضفاء الشرعية على تصرفات غير قانونية لصدام وبطانته خصوصاً، وهذا امر كثر حدوثه في مجالات اخرى كثيرة طيلة ربع القرن الماضي. لقد تطلعت نساء العراق، ربما بشوق اكبر مما كان لدى الرجال، الى الخلاص من نظام صدام الذي ارسل الابناء والازواج والاخوة والآباء الى محارق الحروب المتتابعة، وأحال الحياة في بلاد الرافدين الى مأتم لا ينفض في ساعة الا لينعقد مجدداً في الساعة التالية. وأمّلت نساء العراق انفسهن بأن النظام الذي سيخلف نظام صدام سينصفهن ويحول احزانهن الى افراح بتمكينهن من استرداد حقوقهن المهضومة. ومن اجل هذا تقدمت النساء بشجاعة فائقة صفوف الزاحفين الى صناديق الاقتراع في 30 كانون الثاني (يناير) الماضي متحديات الاصوليين التكفيريين وفلول النظام البائد، أملاً في انتخاب برلمان يسن لهن دستوراً يفتح ابواب الحرية امامهن ويكافئهن عن صبرهن الطويل وتحملهن مشاق الحياة في احلك حقبة في تاريخ العراق، بيد ان معظم النواب، رجالاً ونساءً، الذين انتخبنهم خذلوهن بتشريع دستور لم ينجز مطالبهن بالكامل. وقد تجسد الشعور بالخذلان في التراجع الكبير في نسبة المقترعين على الدستور في استفتاء 15 تشرين الاول (اكتوبر)، وبخاصة النساء، بالمقارنة مع نسبة المشاركين في انتخابات كانون الثاني (يناير) حتى في اكثر المحافظات أمناً واستقراراً (محافظات الجنوب وبعض محافظات الوسط واقليم كردستان). المرأة العراقية لحق بها ظلم مركب وتعرضت لغبن مضاعف في حقوقها منذ العام 1963 حتى الان، وبخاصة في سنوات عهد صدام الطويل.وينبئنا تقرير البنك الدولي: »Gender and Development in the Middle East and North Africa» (النوع الاجتماعي والتنمية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا)، للعام الماضي(2004) بان مشاركة المرأة في القوة العاملة في العراق لم تتطور الا بنسبة 18% بين العامين 1960 و2000 مقابل 691% بالنسبة للمرأة في قطر و668% في البحرين و604% في السعودية و548% في دولة الامارات العربية المتحدة و486% في الكويت و366% في سلطنة عمان و158% في لبنان و104% في الاردن. وبينما يلبي الدستور العراقي الجديد المزيد من الحقوق والحريات للافراد والجماعات بالمقارنة مع كل الدساتير السابقة، الا انه بالنسبة للمرأة يضع على عنقها الجميل سيفا يهدد ب «تعزيره» في أي وقت، فالمادة 16 الخاصة بتكافؤ الفرص مصوغة بنص عمومي لا يأخذ في الحسبان التمييز التاريخي الذي عانت منه المرأة وجعلها دائما في الموقف الاضعف في المنافسات للتمتع بحق العمل وحق التمثيل في الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية وحق تقرير مصيرها بنفسها باعتبارها كائنا كامل الانسانية وانسانا كامل الاهلية. والمادة 39 الخاصة بالاحوال الشخصية انما تفتح اوسع الابواب لانجاز ما لم يقدر عليه نظام صدام حسين، وهو الاجهاز على قانون الاحوال الشخصية للعام 1959 الذي احتاج هو نفسه منذ زمن طويل للتعديل باتجاه انصاف النساء العراقيات وليس الحاق المزيد من الظلم والحيف بهن. اننا ندعو السياسيين و اصحاب الرأي الى اسناد حملة معهدنل و نداء "عهد العراق" في مطالب الحد الادنى لتوازن الحقوق .
#المعهد_العراقي_للدراسات_الإستراتيجية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدستور وكفالة الحقوق، والحريات
المزيد.....
-
المدافن الجماعية في سوريا ودور -حفار القبور-.. آخر التطورات
...
-
أكبر خطر يهدد سوريا بعد سقوط نظام الأسد ووصول الفصائل للحكم.
...
-
كوريا الجنوبية.. الرئيس يون يرفض حضور التحقيق في قضية -الأحك
...
-
الدفاع المدني بغزة: مقتل شخص وإصابة 5 بقصف إسرائيلي على منطق
...
-
فلسطينيون يقاضون بلينكن والخارجية الأمريكية لدعمهم الجيش الإ
...
-
نصائح طبية لعلاج فطريات الأظافر بطرق منزلية بسيطة
-
عاش قبل عصر الديناصورات.. العثور على حفرية لأقدم كائن ثديي ع
...
-
كيف تميز بين الأسباب المختلفة لالتهاب الحلق؟
-
آبل تطور حواسب وهواتف قابلة للطي
-
العلماء الروس يطورون نظاما لمراقبة النفايات الفضائية الدقيقة
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|