أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - عَرَبة العُمْر














المزيد.....

عَرَبة العُمْر


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5165 - 2016 / 5 / 17 - 02:11
المحور: الادب والفن
    


رأيتني عند جادّة على مفترق طريق العُمر؛ جادة غريبة وأليفة في آنٍ واحد.
قبل وهلةٍ، كنتُ أسير بلا هدف مُستعيداً ذكرياتِ المكان. وإذا بعينين خضراوين، فضوليتين، منبثقتين من سحنةٍ فاتنة، تجبران خطوي على التسمّر. الجبل، برزَ لعينيّ على غرّة من خلف الأبنية الحديثة وكأنما ليضفي مصداقيّة على الرؤيا. عندئذٍ، أضحى المكانُ مختلطاً على ذاكرتي: الجادّة الآخذة في الإتساع، والإرتفاع صعوداً نحوَ الجبل، كانت أبنيتها الحديثة تبدو كما لو أنها منقولة من مدينة أخرى؛ مدينة، تقع في جهةٍ من شمال الأرض، قصيّة.
هيَ ذي نظراتُ البنت الفاتنة، تنقلُ الزمنَ أيضاً. على ذلك، لم يكن غريباً أن ينتابني شعورُ نسرٍ شائخٍ ينفضُ ريشَهُ القديم لكي يستأنف الطيرانَ في فضاء العُمر بأجنحةٍ أكثر جدّة. هكذا شعورٌ، كان لا بدّ أن يجعلني أحلّقُ مُجدداً في سماء الذاكرة، محاولاً إلتقاط صوَرٍ كانت ما تفتأ مخفيّة طيّ سُحُبِها. على حين فجأة، انطلقت ضحكاتٌ أنثويّة من بناءٍ آخر. ثمّة، خلف إحدى نوافذ الطابق الأرضيّ، سَطَعُ نورُ كوكبة من الفتيات. كنّ قد ألصقن جباههنّ بزجاج تلك النافذة الكبيرة، فيما أعينهنّ مضاءة بأشعة معابثة. بدَورها، راحتْ نظراتي تنتقل بين هاته الكوكبة قبلَ أن تحطّ على عينيّ " فاتنتي ". أجل، كانت هيَ تقف على طرف النافذة نفسها.
" ولكن، كيفَ انتقلت الفتاة بلمحةٍ من ذلك المبنى الأول؟ "، قلتُ في سرّي. وقكرتُ أيضاً، أنّ ضحكات البنات إنما كانت تتقصّدني طالما أنهنّ كن يرسلن نظراتهن رأساً إليّ. بل إنّ بعضهن، متضاحكات دائماً، رحنَ يلقين على رفيقتهنّ ما يُشبه إلمحات الأعين العارفة ببواطن القلوب. من ناحيتي، فإنّ شعوراً لا يقلّ عبثاً دفعني لكي أتماهى بكينونتي الجديدة. فلم ألبث أن أندفعتُ باتجاه المبنى نفسه، كي أرتقي حافة مدخله بقفزة رشيقة ـ كما كنتُ أفعل أحياناً في زمانٍ أبعد. عند ذلك، رأيتُ عينيّ تغرقان ثانيةً في مسكبة العينين، الخضراوين. في ذات اللحظة، إذا بالأرض تهتز من تحتي بعنف مترافقةً مع دويّ صوتٍ يُشبه قرقعة محرك العربة. في لجّة الغبار المتصاعد، كانت صورة " فاتنتي " تغربُ رويداً عن ناظري. إذاك، كنتُ متمسكاً بيديّ في فَرَقٍ بالحافة السفلى لنافذة الفتيات. خشبُ النافذة، كان ما يفتأ يتفتتُ في يديّ فيما البناء يمضي بسرعةٍ رهيبة. في الأثناء، رحتُ ألقي نظرات استغاثة نحوَ أولئك الفتيات، اللواتي كففن عن الضحك. حينما كانت أصابع يديّ تقبض على غبار حَسْب، عليّ كان أن أطلق آخر صرخةٍ بلا أيّ رجاء أو أمل.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اتفاقية سايكس بيكو وشعوب المشرق
- أحلى من الشرف مفيش !
- سيرَة أُخرى 31
- سيرَة أُخرى 30
- أقوال غير مأثورة 5
- دعها تحترق !
- الحمار والدب
- الأبله؛ الرواية العظيمة كفيلم تافه
- سيرَة أُخرى 29
- الأُمثولات الثلاث
- سيرَة أُخرى 28
- سيرَة أُخرى 27
- سيرَة أُخرى 26
- نافخ البوق
- أجنحة
- أقوال غير مأثورة 4
- سيرَة أُخرى 25
- سيرَة أُخرى 24
- سيرَة أُخرى 23
- سيرَة أُخرى 22


المزيد.....




- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - عَرَبة العُمْر