قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 5163 - 2016 / 5 / 15 - 18:38
المحور:
كتابات ساخرة
العظّة في عاميتنا على الأقل ، وربما في عاميات عربية أخرى ، هي العَضّ في الفصحى ،إذ كثيراً ما تقوم العامية بإستبدال فونولوجيا الحروف(أي طريقة نُطقها)، وخاصة الحروف التي تتطلب "جهداً" لغويا، كالضاد التي تحولها العامية الى ظاء، أو الثاء الى تاء(تلاتة بدلا من ثلاثة) في بعض اللهجات، والذال الى زين أو زاي (ز: تزكرت بدلا من تذكرت). وهذه الإستبدالات تخلق وخاصة عند الصغار في سنوات دراستهم الأولى، عسراً في الفهم للنص المكتوب بالفصحى .
ليس هذا موضوعنا على كل حال. إذ يُحكى بأن رجلا تخاصم مع زوجته ، فقام بعضّها بشدة ، مسببا لها ألماً شديداً وجرحا غائرا في أُذنها .. ولما فاتحه البعض ، وتحديدا أهل الزوجة عن فعلته ، أجابهم بأنه ينفذ مضمون الأية من سورة النساء والتي جاء فيها " وَعِظوهنّ" ، وكان السيد الفاضل قد قرأها "وعُظُّوهنّ" ، مما يعني وحسب رأيه بأنه لم يَتَعدَّ الشرع الحنيف .
ربما بأن هذه القصة ، يتداولها رواد مواقع التواصل الإجتماعي ،على سبيل المرح ،الفُكاهة والتندر . لكنها تُصور ظاهرة جديرة بالإهتمام ، ألا وهي ، تطويع النصوص لرغبات البعض أو فهمها كما يرغب البعض ويشاء.
فمثلاً ، حينما قرر السادات زيارة دولة اسرائيل ، سارع بعض الشيوخ الى الاستعانة ب" وإن جنحوا للسلم". وعندما يقرر مستقبلا (قولوا ان شاء الله) خادم الحرمين بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، ستجد من يسارع الى القول بأن " النساء شقائق الرجال" ، ولّا كيف .
تطويع النصوص، مهنة أجادها شيوخ السلاطين على مر العصور ، وما كان ممنوعاً في فترة زمنية أو تحت سلطان ما، قد يُصبح مسموحا بل ومستحبا في زمن آخر وعند سلطان آخر . أفلا يحق لهذا الرجل أن يقرر بأن الوعظ هو العظُ (بالعامية ).
لكن ،الا يُمكن إعتبار ما يقوم به مشايخ السلطان من وعظ للفقراء والمستضعفين ، بطاعة ولي الأمر وإن أخذ المال وعلا بالسوط الظهور ، ألا يُمكن إعتبار هذا الوعظ نوعا من العظّ (بالعامية ) المؤلم لهؤلاء المستضعفين...؟؟!!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟