زهر اللّوز -10-

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

الحوار المتمدن-العدد: 5163 - 2016 / 5 / 15 - 09:08
المحور: الادب والفن
    

سوف أكتب قاموساً للكلمات وفق المعنى
أرفق القاموس بوصيّة ، أو خارطة طريق
كل الطرق توصل إلى طاحون عمّي
لن أضع على الوصيّة تاريخ صلاحية
أبدأ بثلاث كلمات: الحبّ، السّعادة ، الفرح
أنهيه بثلاث كلمات . الوطن. النّضال. الحريّة
تلك الكلمات حرّة . ليس لها مرادف
فسّرها كما تشاء
. . .
في الباب الأوّل تقف كلمة عظيم
رائع، خالد، صامد، سابق عصره
كلّ الكلمات التي يتعذر فهم معناها
والتي تتبدّل حسب الحاجة
سوف تقف هنا
لا نفسرها لك
أنت تفسّرها لنا.
. . .
أعود إلى وصيتي الغير مؤرّخة
إلى سلمى:
احفظي الكلمات التي كتبتها عن ظهر قلب
كلّما سمعت بها في جهة غيّري طريقك
لا تقربي العظماء. لن يهتمّوا لشأنك
لا تفرطي بحياتك من أجل أي شيء
عندما يضيق بك المكان غادريه
فالدنيا كلّها تصلح أوطاناً
...
هواجس تمرّ بي كلّ يوم، لكنّها اليوم أقوى، فقد هاتفني أحد الرّاعين لحقوق الإنسان والحيوان قبل قليل. سوف يزورني. لم أسمع بحقوق البشر تلك إلاّ منه.
يقرع جرس الباب.
لو كان مكرود معي الآن لما خفت. أخاف من تلك الأسماء الكبيرة.
سوف أفتح الباب.
كان عليّ أن لا أردّ على الهاتف، أو أن أقول لهم أنّني لست أنا، وأن زنزلخته توفيت في حادث سير .
فتحت الباب.
أهلاً وسهلاً. أعرفكما. قرأت الكثير من القصص عنكما. أنتِ شهرزاد. صحيح؟
وهو شهريار بعد الترّويض.
تفضّلا . على الرّحب والسّعة .
-جلبنا لك هدّية تضعينها على الطّاولة. هو تمثال من الكريستال.
-شكراً لكما.
أنظر إلى التمثال. هذه أوّل مرّة أرى الكريستال !
سوف أبيعه فور مغادرتهما، فمنزلي يحتاج لقلب، وتغيير، ولن يظهر فيه جمال أيّ تمثال.
جلسنا طويلاً إلى طاولة مهترئة على فنجان قهوة ، احتسيت ثلاثة فناجين، ولم ينهي أحدهما نصف فنجانه .
بدأت شهرزاد بالحديث. قد لا يكون اسمها كذلك، لكن يبدو أن تسميتي راقت لها فلم تقدّم نفسها باسم آخر:
لا أعرف اللف والدّوران. الهدف من الحديث كلّه هو تغيير أمّ الرّيم 2 مع مجموعة الياقات البيضاء . هؤلاء دمّروا الوطن ونحن سوف نبنيه. سوف تكون مهمّتك بسيطة. في اجتماع الحكومة السّري المقرّر في يوم السّابع من نيسان سوف تكون أمّ الرّيم 2 هي الرّقم الصّعب ، لأنّ الاجتماع سوف يكون في قصرها، وكما تعلمين فإن صاحب الأرض يربح المباراة في أغلب الأحيان. سوف يتمّ انتخاب نواب الوطن، وستفوز هي بالمنصب.
عملك سوف يكون بسيطاً. تدّسين السّم في الطّعام . نحن أيضاً ضمن المؤتمرين. لن نأكل من الطّعام. عندما يموت الجميع ما عدانا. سوف نعيّنك مديرة منزل لنا.
-أعتقد أنّك تمزحين يا شهرزاد. أنت من روّض هذا الرّجل الظّالم على عدم القتل. هذه المهمّة مرعبّة.
-يمكنك أن تضمي لتنظيمنا، تحضرين الانتخاب، وتصوتي لنا. لنترك ذلك الحديث للزّمن، فعندما يناديك الوطن لن تبخلي بشيء.
رحل شهريار وحبيبته للتوّ.
خائفةُ ممّا يجري حولي.
أين أنت يا مكرود. ساعدني.
أعمل خادمة متطوّعة عند الرّقم الصّعب الذي يريدون قتله. يعتقدون أنّني سوف أقوم بما يطلبون.
في الموعد المحدّد للقتل سوف أختفي عن الأنظار. لن أذهب إلى ذلك المؤتمر.
لست قاتلة، ولن أكون.
إنّني عالقة في فخ أمّ الريم2، وشهرزاد.
أرغب أن أعيش حياة عاديّة دون قتل. أين أنت يا مكرود؟
سوف أسرّ لشجرة اللوز التي تقع قرب الباب في حديقتي الخلفيّة .
تقول لي الشّجرة أنّني في ورطة.
تسرد لي قصّة البطل نضال، وكيف قتل على يد الأعداء.
سيرته مكتوبة في الكتب المدرسية .
نسوا أن يكتبوا سيرة عائلته.
أصبحت العائلة منبوذة في الحيّ. اضطرت الزّوجة إلى مغادرة الحيّ، والعمل كخادمة.
ذكّرتني الشّجرة بالسّجين الذي يدافع عن الحريّة والعدالة أبو كنان.
لا أحد يدخل بيته من أهل الحيّ، زوجته ماتت في غيابه، وأطفاله تشردوا.
-كفّي عن الحديث أيّتها الشّجرة . أعرف ذلك. أليس دخول مكرود السّجن هو الذي جعلنا على هذه الحال؟
نداء الرّحيل يكبر، وأنا أهرب منه.
لو غادرت في يوم من الأيّام .
سوف أحمل معي شجرة لوز أغرسها قرب الباب في حديقة خلفيّة هناك.
أرفع علمي على باب الدّار.
أحبك أزهار اللّوز على شكل علّم.
لو غادرت في يوم من الأيّام .لن ألوّح بالأعلام
سيكون وطني هو حلمي
وتكون الأعلام ألواناً
ويكون لي خبزاً وأماناً
تصلح كل البلدان أن تكون أوطاناً
-كأنّك سوف تغادرين، وتتركيني هنا للرّيح.
-عندما يكبر الإلحاح من النّداء سوف نتحدّث عن الخيار الأفضل.
لكنّني لن أتركك للرّيح. أنت ضمن تاريخي الطّويل ، وستكونين برقتي دائماً.
-الكلام سهل يا زنزلخته.
عن إذنك أيّتها الشّجرة . لن أتأخر عليك. سوف أذهب لبيع الهدية. قالوا أنّها ثمينة. . .

#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات