أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نور العذاري - ذكريات على شجرة صفاف مقطوعة














المزيد.....

ذكريات على شجرة صفاف مقطوعة


نور العذاري

الحوار المتمدن-العدد: 1393 - 2005 / 12 / 8 - 11:16
المحور: الادب والفن
    


إلى اللبنانية التي ملئت حياتي بهجة وسعادة... والتي لا أبوح باسمها لكي يبقى السر لذيذاً شهياً... ذكريات على صفصافة مقطوعة...

في بغداد... ومن شاطئ النهر العظيم الذي تروي مياهه الألوف... أكتب إليك يا صديقتي العزيزة... عند انهمار المطر... والشوارع مبتلة بالدموع والأنين في بلد كالعراق... أبناؤه يدمنون الحزن كما يدمن عجوز أوربي شرب النبيذ الأسباني المعتق... أكتب إليك وأنا أشد ما أكون حاجة إليك من أي وقت مضى... حاجة لارتدائك كنزة من الحنان ومعطفاً يقيني برد الشتاء القارس حيث يصبح جسدانا متلاحمين... أيتها اللبنانية التي تطل برأسها من أعلى الجبل الأبيض بلبنان... هناك... ما بين السحب المحملة بالأشواق التي تدفعها العواطف كتلك العذارى المرسومة صورهن على سقف كنيسة كاثوليكية قديمة موغلة في القدم... تطل علي بين الحين والآخر... ثم تنأى بنفسها عني فتحيل أيامي حزناً وظلاماً... ثم تعود لتطل علي من بعيد فتشعرني بولادة قمر في عينيها البنفسجيتين... أيتها الشفافة التي لم أستطع الوصول إلى مفاتيح قلبها.. أنا اللص المحترف الذي اعتاد فتح قلوب النساء كصياد ماهر... كنت كسيف محارب روماني... كدمع الثريات حين يسيل... كنت كنوافير روما حسناً وكنت أنا.. أجازف بكل العواطف... كربان يشرب نخب ضياعه الأخير... لعلّي أصل إلى عتمة شعرك الغجري المتناثر الأطراف لأطبع قبلة على جبينك العالي كجبين الشمس الطالعة من وراء الأفق بعد أن أضع زهرة غاردينيا بين طيات شعرك الأسود المتدلي على كتفيك... زهرة لم تضع مثلها أجمل اسبانية في مدريد...
صباح كل يوم جمعة.. أهرول مسرعاً قادماً إليك...أحمل أحلامي عن الأطفال والسلام والجياع... وأفكاري مبعثرة كحطام سفينة مزقتها الأمواج... ربانها مخمور ومعتوه... أما نقطة ضعفي التي لا مفر منها.. فهي أشعاري التي تمزقني بين حين... لم يعد لي رغبة فيها...
أيتها الصديقة التي تغضبني وأراضيها... وأغضبها وتراضيني...

" من تزعل توحشني الدنيه.. واتخيل غيرت ظنونك...
ومن ترضه يظل شوك البيه.. يذوبني بنظرات عيونك...
من أزعل ترجع تتعذر... وبعد أيام وهم تتغير...
جم مرة التزعل وأغفرلك... متكلي اليغفر جم مرة...
حبك صايـــــــــر مـــــــــــــــــرة ومـــــــــــــرة "....

ونغفو مع بعضنا البعض... هناك... في بغداد... نجلس مع بعضنا على شاطئ دجلة الخالد... نتبادل أحاديث العشق والهيام وأطراف أقدامنا العارية تلامس سطح الماء فتتشكل ألوف الدوائر على سطح الماء كأنها تتشكل حول محيط خصرك الذي تجتمع حوله العصور... أصابع يديك الشمعية بين أصابع يدي... أخشى عليها من لظى شفتي المحترقتين حين اقبلهما.. كمن يعزف سمفونية الخلود... وعيناي في عينيك.. أقرأ فيهما تراتيل الإنجيل...
أيتها الصديقة التي اخترقتني فتركتني كحطام كنيسة كاثوليكية قديمة لم يبق منها إلا ناقوسها المتدلي... أرجوك... أعطني فرصة إضافية للقاء... فاحتمال الرحيل أصبح مئة بالمئة ولم يعد هنالك متسع للتسلية والإثارة... أنا المقامر الذي اعتاد الغش في اللعب... أقف اليوم على بوابة مدينة العجائب... حيث ينتظر الألوف دورهم لرؤية القمر الطالع من عتمة شعرك المتناثر الأطراف... أيتها الطالعة من المجهول كحقيقة هي وهم بل محض وهم وخيال... وخيال بات يشكل عندي حقيقة مفادها حياتي... تلك اللحظات الجميلة التي ضاعت ما بين أطلال هذا الوطن الذي مزقته العمائم والعمالات... وبين حبيبة ضيعت نفسها وضيعتني... ضيعت أجمل لحظات قضيتها على أرض هذا الوطن ذو الجرح الدامي... وضاع معها كل شيء... شجرة الصفصاف التي كتبنا عليها أجمل ذكرياتنا يوم كنا نجلس هناك على شاطئ دجلة الخالد فيما تفح رائحة ( المسكوف ) من هنا وهناك... كان هذا في شارع أبي نواس... غرفتنا التي كنا نجلس فيها أيام الدراسة الجامعية والتي أحالها النظام المتحضر الجديد في العراق من غرفة تعبق بمختلف روائح العطور والزهور والتحف إلى مصلى بات كمقبرة مقفرة مهجورة ينسج العنكبوت على جدرانها...
أيتها اللبنانية الطالعة من بحر بيروت كحورية نصفها بشر ونصفها إله... كآلهة الإغريق الأسطورية... سامحيني إذا أعلنت فشلي وانسحابي... ونكثت بوعودي... فلقد قررت الالتجاء إلى مغارة الماضي السحيق... علّي أعود بالزمن إلى الوراء قليلاً... علّي أعود طفلاً صغيراً لا أعرف من الحياة إلا صورتها البهية ولا أرى خارج حدود بيتي... انسج بيتاً من خيال ستائره وردية وجدرانه مصنوعة من فرط الحنان... حينها ستجدينني يوماً واقفاً على أبواب مدرستك الثانوية كمراهق صغير... لأخبرك عن أشياء لم أخبرك بها من قبل... هناك على الرصيف المؤدي إلى الوطن الذي تركناه جريحاً هناك... يعالج نفسه وأبناءه... ويصارع شلل الحاقدين والمفسدين بصبر وعزيمة... هناك سأكون بانتظارك والوطن... فإذا خرجت لي.. صديقتي العزيزة.. سأرمي نفسي بين ذراعيك وأبكي.. وأنادي آه ياحبيبتي...



#نور_العذاري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصب الشهيد...مأساة اللاوعي العراقي المزمن
- الديمقراطية الاسلامية ودكتاتورية رجال الدين المسيس
- عندما يبكي الوطن
- في معبد القدر
- الممثلون -1
- عندما يبيع الوطن الوطن- هوامش على مقال ( المحامية بشرى الخلي ...
- بين جسر الأئمة وخطبة يوم الجمعة وصوت امرأة تنتفض نحو الحرية ...


المزيد.....




- هكذا قاد حلم الطفولة فاطمة الرميحي إلى نهضة السينما القطرية ...
- ستوكهولم: مشاركة حاشدة في فعاليات مهرجان الفيلم الفلسطيني لل ...
- بعد منعه من دور العرض في السينما .. ما هي حقيقة نزول فيلم اس ...
- هل تخاف السلطة من المسرح؟ كينيا على وقع احتجاجات طلابية
- تتويج أحمد حلمي بجائزة الإنجاز في مهرجان هوليود للفيلم العرب ...
- فيلم -إسكندر- لم يعوض غياب سلمان خان السينمائي
- خسر ابنه مجد مرتين.. مشهد تمثيلي يكشف -ألم- فنان سوري
- -مقبولين، ضيوف تومليلين- فيلم وثائقي يحتفي بذاكرة التعايش في ...
- السينما العربية تحجز مكانا بارزا في مهرجان كان السينمائي الـ ...
- أسبوع السينما الفلسطينية.. الذاكرة في حرب الإبادة


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نور العذاري - ذكريات على شجرة صفاف مقطوعة