عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 5161 - 2016 / 5 / 13 - 14:11
المحور:
كتابات ساخرة
داعش و أمّي
أمّي ليست من "الدواعش" ، ولا تتبنّى العقيدة الداعشيّة . ولكنّ جميع محاولاتي لأقناعها بأنّ كلّ هذا الذي حدث مؤخّراً في بغداد هو من فِعْل داعش (لأنّها خسرتْ كلّ الأراضي التي استولت عليها في حزيران 2014 ، ولم يعُدْ تحت سيطرتها سوى 14 % منها حاليّاً) ، باءتْ بالفشل.
أمّي تعتقد ، وترى ، بل وتؤمن ، بأنّ هناك اسباب أخرى ، وتفسيرات أخرى لما يحدث الآن.
لذا أجلستني أمامها طيلة أربع ساعات ، وطلبتْ منّي أنْ "أنْجَبّْ"(أي أنْ اخرَسْ) ، وأصغي فقط لما ستقولهُ لي من اسرار خطيرة بهذا الصدد .
وهكذا بدأتْ تحليلاتها المدهشة ، مستخدمةً عبارتها الافتتاحيّة الشهيرة :" شوفْ يَوَلّ" .. وسردَتْ عليّ كلّ الأسباب التي تدفعها للطعن بما يُصرّحْ به الناطقون الرسميّون في جميع المحافل حول هذا الموضوع .
ولنفيّ تهمة "الداعشية" الفكرية عن أمّي ، توجد اسباب أخرى دفينة .
فبسبب داعش نزحتْ اثنان من بناتها ، مع "جعويطهما"( أي مع جميع افراد العائلة) الى بغداد ، وأقامتا في بيت أمّي . ومنذ ذلك الحين وأمّي تولول ، وتشكو ، وتعتقد أنّ هؤلاء "المُهجّرين" لن يعودوا أبداً الى بيوتهم ، و"سينامون" على قلبها ، الى أن تموت .
قلتُ لها (للتخفيف عنها) : ولكنّك يا أمّي كنتِ تشكين دائماً من كونك تعيشين وحيدةً في هذا البيت ، وتناجينَ الحيطان هرباً من مكائد "الجَناينْ- الحَيايَهْ"( أي الكنّاتْ – الأفاعي) ، و "ماعندج والي" ، وبالتالي يا أمّاه ، فإنّ هذه هي فرصتكِ لكسر العُزلة .
هُنا سحبتني أمّي نحوها بقوّة هائلة (كأي سامَرْليّة – كرخية - شرسة) ، وهمستْ في أذني وهي تكزُّ على اسنانها : وِلَكْ يا والي ، يا عُزلة ، يا عَزا . هذوله رجال خواتك آني ما احبهم ، وما "أجْرَعهُم" . ومن الصبح الى الليل بس يسولفون و يدخنون ، و يعَيْطون . هسّة لو بس ادري ليش يعَيْطون ، وفضحونا بين الجيران ، جان ارتاحيتْ .
واستطردتْ أمّي ( وأنا أخافُ جداً منها عندما تستطْرِدْ ، لأنّ الخلاصة ، والأجندة ، والحُزمة كلّها تكمنُ في هذا الاستطراد) : شوف يابه . آني كَلبي خلصان . اذهب لأزواج شقيقاتك ، وأطلب منهم أن يتركوا "البنات" هنا ، ويعودوا الى "الأرباطعش بالميّه" الباقية لدى داعش من "محافظاتهم الست المُنتفِضة " .. بلْكِتْ الله يرحم بحالي .. ويخلّي داعش تخلّصني منهم.
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟