الأخضر سوامي
الحوار المتمدن-العدد: 5160 - 2016 / 5 / 12 - 20:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المستعرب الجزائري الأصل، الأخضر سوامي، بئر من المعرفة والعلم، أستاذ التراث العربي-الإسلامي في جامعات ليون وباريس، ترجم "القاضي والذبابة" للجاحظ، و "الرسالة" للشافعي، ودقق "النقيض" رواية أفنان القاسم، كما وأشرف على العديد من الأطروحات التي تتناول فهم الإسلام المعاصر، والخطاب عند أبي حيان التوحيدي، ومفهوم الإجماع عند ابن حزم، والعقل النقدي في أعمال طه حسين... إلى آخره.
تعرف أنني أقوم مع الجاحظ وأقعد، فهو العملاق الذي أدخلته إلى الجامعات الفرنسية ليرفعها على كتفيه، ويدنو بها من عقل العقل الذي كان للمعتزلة في أيامه مئات السنين قبل العقل الإلكتروني. لكنك فاجأتني عندما أرسلت إليّ روايتك "العجوز" في طبعتها الجزائرية، بمقدمة عن الفساد الفلسطيني، قدمت لها بعبارة للجاحظ عن الفساد العباسي. شكرتك جزيل الشكر، وأنا في خيالي أراك الجاحظ لزمنك، فلزمنه كان الجاحظ الحسام المسلول لمن يدعوهم بلصوص النهار وسراق الليل، المتسلقين على الحكم ورجال الحكم، أولئك يعملون على نهب الدولة في النهار، وهؤلاء على نهبها في الليل، وأمثلة هؤلاء وأولئك كثيرة في كتابه "البخلاء"، فهل استعنت بقلم الجاحظ؟ أنت لم يكن الهزل أسلوبك للتوصيل، كنت جادًا في أسلوبك، فاختلفت عنه جِد الاختلاف، رغم أنك والجاحظ صِنوان، فأقمت بين الجَد والهزل قَنطرةً تجمعهما وتفصل بينهما. كانت فلسفتك سياسية، وفلسفته كانت أخرى، كانت أدبية، وكانت كونية للنافذ البصر الحاد الذهن الثاقب الفكر، فهي لكل مكان وزمان. ليتقدم البشر، للجاحظ، على الصراع أن يكون بين أشرار القصر وأشرار الطريق، وبلغة اليوم بين الحاكمين والانتهازيين، وكأن حياة الإنسان تقوم على موته، وتقدمه على تقهقره، وتعاظمه على تهافته، إنه إنسان عصرنا وكل العصور، من العباسي إلى التركي إلى الفرنسي إلى الإنجليزي إلى الأمريكي... وحتى يوم الدين.
#الأخضر_سوامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟