احمد جميل برهان
الحوار المتمدن-العدد: 5160 - 2016 / 5 / 12 - 14:05
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
خرج في جنح الظلام يتأبط ما يمكنه أن يقتل أو يُحيي به الكثير , عيناه تتلصلصان خوفاً من أن يراه المارة , المارة الذين يترنحون جراء الافراط بشرب ما قد يُنسيهم ما يُريدون نسيانه , الا أنهم يتذكرونه ولكنهم لا يشعرون بذلك الألم الذي يشعرون به حين الصحو , يترنحون وهم يرددون أُغنية من الأغاني التعبوية , لم يكن مُنتبهاً لأغانيهم سوى لأغنية ذلك الرجل ذو الملابس الرثة والشعر الرمادي الكث غير النظيف , الممزوج بالرطوبة والتراب حتى اختلف لونه الرمادي الذي يدل على الوقار , وهو يُردد " سامحيني .... سامحيني يا نبع ريحان حبي الغارج بروج المحبة " , جلس الى جانبه وهو يسأله بلهجته البغدادية القُح " لك ياب منو هاي الي تسامحك " , رد عليه بطريقة لو تجاهله لكان ذلك أفضل لانه سرعان ما رجع ليؤدي أغنيته بذلك الطور الجميل " زوجتي " , قاد الفضول الاول ليطرح سؤال أخر " لك ليش ياب لان تسكر مدخلك للبيت " , توقف الرجل الرث وأجاب بنبرة مملؤة بالحزن " لا بس لان رجعتها من بلاد الغرب الكافر من أجل أكذوبة أسمها وطن , حتى تموت بسيارة مفخخة ورة شهرين من رجوعنا " , فغر فاه ذلك الفضولي الذي يطرح الاسئلة دون أن يُراعي مشاعر الاخرين , ثم أخرج ما كان يتأبطه وقال للمخمور " أنا أمتلك علبة الصبغ هذه وأردت أن أرسم شيئاً ما على الجدران , ولكن قد ترأجعت عن ذلك كونني قد أضعت الفكرة التي أردت أن أترجمها برسمةً ما , قد أخترت جدار فارغ في وسط شارع حيوي , قل ماذا يجب أن أكتب عليه " , اخرج الرجل ذو الشعر الرمادي علبة سجائر من جيب بنطاله الرث الذي تفوح منه رائحة البول , ثم أشعل سيجارة وقال " أكتب على ذلك الجدار , على قدر الوعي تكون النتائج " .
#احمد_جميل_برهان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟