|
زير النساء وزيرة الرجال
صاحب الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 1392 - 2005 / 12 / 7 - 08:01
المحور:
العلاقات الجنسية والاسرية
هناك فرق كبير بين الغريزة والعاطفة فالأولى من خاصة كل البشر والثانية قد تكون معدومة في عدد غير قليل منهم وتتفاوت بدرجاتها. وحين تحتكم العلاقة الإنسانية بين الرجل والمرأة فقط لشريعتها الغريزة تصبح مزاولتها وآليتها حيوانية مهمتها الحفاظ على النوع لاغير وإن كانت مهمتها الأساس تنحصر في هذا الإطار من الطبيعة الفطرية فإن الإنسان أرقى الكائنات وسلوكه الغريزي لابد أن يتسم بالرقِ ليتوافق والطبيعة الإنسانية فالعلاقة الغريزية ما لم ترتبط بالعاطفة (المشاعر والأحاسيس) تصبح علاقة أقرب لعالم الكائنات الحيوانية. إن العلاقة بين الرجل والمرأة في فترة المراهقة غالباً ما تنهل مفرداتها وسلوكها من الحالة الغريزية دون العاطفة. لذا تكون علاقات عابرة ووقتية غير مُلزمة لقطبيها، ويصبح المراهق زيراً للنساء وتصبح المراهقة زيرة للرجال ولكن حين تتقدم بالمرء محطات العمر وتقترب من النضوج، يبتعد غريزياً عن سلوكه وتصرفاته المراهقة بل يصبح منتقداً لها. ويميل أكثر إلى التعبير بالعاطفة (مشاعر وأحاسيس) عن حاجته الغريزية، فلا يقبل الرجل أو المرأة السوية على تلبية المتطلبات الغريزية للآخر إلا تحت إطار وشريعة العاطفة لشعوره في اللاوعي أن تلك الأشكال الغريزية دون العاطفة تحط من كيانه الإنساني وتشعره بأنه ماكنة جنسية لإشباع رغبات الأخر. ولهذه القاعدة الإنسانية من العلاقة العاطفية شواذها، فهناك من تلازمه مرحلة المراهقة طوال حياته، فيصبح زير للنساء أو تصبح زيرة للرجال ويشخص علم النفس تلك الحالة على أنها حالة مرضية يتوجب أن يخضع صاحبها للعلاج النفسي ليتماثل إلى الشفاء....بالرغم من أنه في عالم الشرق تعد مدعاةً للتفاخر والاعتزاز فالرجل يتفاخر بها كونه قادراً على إغواء النساء واستدراجهن نحو العلاقة الجنسية (تحت إطار العاطفة الكاذبة أو الوعود الزائفة) وتتفاخر المرأة بأنها قادرة على إغواء الرجال واستدراجهم تحت إطار الإغراء أو العاطفة، لذلك فإنه أو إنها تستحق وسام (زير النساء أو زيرة الرجال). تتحدث ((غادة السمان)) على لسان رجل من أبطال قصتها قائلةً:"أنا ككل الرجال أحب أن أكون زير نساء، وقد عز عليًّ أن تسليبني دوري وتكوني (زيرة رجال) لذا كان لابد من عقابك". تعد حالة الكبت الجنسي إحدى الدوافع لتأكيد الذات من خلال السعي للحصول على (وسام!) زير النساء أو زيرة الرجال، فهذا الوسام هو مدعاة للتفاخر والاعتزاز بالنفس في الشرق، وفي الغرب يعد مؤشراً لإصابة الفرد بأمراض نفسية لعدم وجود عقدة الكبت الجنسي في المجتمع، فالمرأة ليست عورة ولاتتفاخر بعذريتها. ولاتجد أن إظهار مفاتن جسدها دعوى للإثارة الآخر جنسياً. يعود اختلاف مفاهيم العلاقة بين الرجل والمرأة في الشرق والغرب إلى مورثات تاريخية وأعراف اجتماعية وقيم دينية. لذا لايمكن اعتمادها كقاعدة موحدة لتفسير نتائج أو تداعيات علاقة عاطفية بين رجل وامرأة لاختلاف العوامل التي تستند إليها. وغالباً ما يكون دافع المرأة في الشرق لإقامة علاقة عاطفية مع الرجل بقصد الزواج لأن الزواج بالنسبة لها الاعتراف بأنثوتها اجتماعياً وعدم زواجها يشكل كارثة نفسية لها ولعائلتها، إنها تخشى أن يطلق عليها المجتمع صفة (عانسة) لما تعنيه الكلمة من مدلولات الحط من إنسانيتها وكرامتها!. وهذا الأمر يدفعها للقبول بالزواج التقليدي أو الزواج غير المتكافئ على مستوى العمر أو التعليم أو الاستجابة بسرعة للعلاقات العاطفية المتعددة هروباً من عالم العنوسة وما يكتنفه من مفردات اجتماعية تحط من الذات الإنسانية. تتحدث ((غادة السمان)) على لسان بطلها (زير النساء) لإحدى معشوقاته قائلةً:"فمكِ يقول لا، وجسدك يصرخ نعم. حين تدس امرأة جسدها داخل معطفي لا أعرف كيف أقول لها: معذرة يا سيدتي فأنا لن أتزوج منك فأذهبي ببكارتك إلى مكان آخر...ليس في الحب ضمانات فأنا رجل يقطن في أعماقي صياد، أحب الدروب لا الوصول". العلاقة العاطفية المستندة للغريزة أو مفردات الجمال الأنثوية فقط محكومة عليها بالفشل مع تقدم محطات العمر لأن تلك المفردات لاتبقى على حالها فهي متغيرة وتتأثر بعوامل الزمن. في حين أن العلاقة العاطفية التي تنهل من مفردات الجمال الظاهري والباطني والمستوى الاجتماعي والثقافي والتعليمي دوافعها...غالباً ما يكتب لها النجاح ولكل قاعدة شواذها!. عموماً العلاقات العاطفية حين تستند في بناءها على عامل واحد تخضع لمتغيرات الزمن، فهي تحمل بين طياتها مسببات الجمود أو الفشل لكن حين تتعدد العوامل التي تحقق المصالح المشتركة بين الطرفين تنسج نوع من العلاقات المتشابكة (عاطفية، أسرية، اجتماعية، ثقافية....) يصبح من الصعوبة فك الارتباط المستند لعدد من المصالح المشتركة والمتنامية قياساً بعامل واحد أو عوامل متغيرة زمنياً تعاني من الجمود أو عدم التكافؤ ولاتقوى على الصمود أمام تحديات الحياة. إن تعدد المصالح المشتركة بين طرفي العلاقة وسعي كل طرف لعدم الإخلال بها خشية تعرضه لخسارة مضاعفة في المصالح الأخرى يُعمق مبدأ الإخلاص للآخر ويسعى أكثر لاستمالته للمحافظة على المصالح المشتركة وتطويرها باتجاه يخدم مصالح طرفي العلاقة. وتلك تحتاج لوعي طرفي العلاقة بمصالحهم المشتركة...وينهل هذا الوعي مفرداته من تكافؤ العلاقة الاجتماعية والثقافية والتعليمية لمراعاة الأخر. في هذا الإطار من نجاح العلاقة المتنامية والمتعددة المصالح وفشل العلاقة أحادية المصالح تتحدث ((غادة السمان)) عن لسان بطلها قائلةً:"أنا ضعيف أمام الجمال النسائي، أعشقه وأعجز عن الإخلاص لامرأة زمناً طويلاً والجأ إلى الأكاذيب معهن". العلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة المستندة لعالم الغريزة لايمكن إدراجها في خانة العلاقة الإنسانية القائمة على المشاعر والأحاسيس التي تضفي على الغريزة هالة من القدسية تشذبها من نوازعها الحيوانية التي تهدف للمحافظة على النوع كغاية لا هدف يرتقي بالعلاقة لمصاف العلاقة الإنسانية التي تستمد مفرداتها من الروح المجسدة في القلب (مركز العاطفة والإحساس) باعتبارها منظومة سماوية تتقاطع ومنظومة العقل الأرضية في مكونات الجسد.
#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرأة والكيانات الحزبية
-
المرأة والجمال
-
نصيحة عاشقة
-
الحب والخيبة
-
ثورة امرأة
-
تساؤلات امرأة في الزواج
-
آراء نسوية في الرجال
-
الإسلام والمرأة المعاصرة
-
اعترافات امرأة
-
خلافات وأزمات علاقة الحب
-
صراع منظومة القلب والعقل
-
لغة العقل والعاطفة بين الرجل والمرأة
-
المرأة وعلم النفس
-
مشاعر وأحاسيس الرجل والمرأة في علم النفس
-
مفهوم الحب في الغرب
-
الحب والعشق في الشعر الحديث 3-3
-
(الحب والعشق في الشعر الحديث (2-3
-
الحب والعشق في الشعر الحديث 1-3
-
(الحب والعشق في الشعر القديم (4-4
-
(الحب والعشق في الشعر القديم (3- 4
المزيد.....
-
وزيرة الخارجية الألمانية: روسيا جزء من الأسرة الأوروبية لكنه
...
-
الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن
...
-
ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
-
بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية
...
-
استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا
...
-
الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
-
ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية
...
-
الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي
...
-
تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
المزيد.....
-
الجندر والجنسانية - جوديث بتلر
/ حسين القطان
-
بول ريكور: الجنس والمقدّس
/ فتحي المسكيني
-
المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم
/ رشيد جرموني
-
الحب والزواج..
/ ايما جولدمان
-
جدلية الجنس - (الفصل الأوّل)
/ شولاميث فايرستون
-
حول الاجهاض
/ منصور حكمت
-
حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية
/ صفاء طميش
-
ملوك الدعارة
/ إدريس ولد القابلة
-
الجنس الحضاري
/ المنصور جعفر
المزيد.....
|