|
مقاولون أمنيون
حازم العظمة
الحوار المتمدن-العدد: 1392 - 2005 / 12 / 7 - 07:57
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
.. ، الفيلم الذي تناقلته منذ أيام كل محطات العالم لا بد أن يثير الرعب لدى كل الأمريكيين( باستثناء عصابة بوش– رامسفيلد -رايس بطبيعة الحال) ، و لا بد أن يرعب غير الأمريكيين ، بما في ذلك الـدعاة َ" المحلّيين " للّيبرالية الأمريكية الجديدة ، كما يقال ، أعني الفيلم الذي يظهر فيه "مقاولون أمنيون " و هم يطلقون النار على أية سيارة عراقية عابرة و على أي مدنيين عراقيين عابرين ...
قوات الإحتلال الأمريكي و منذ أن بدء هذا الإحتلال تستعمل المواطنين العراقيين كـ " أحياء رهائن " أو كـ " قتلى إحتياطيين"
، المواطنون العراقيون " رهائن" بالطريقة نفسها التي كان فيها الفيتناميون " رهائن" .. ، في الحالتين كلما سقط جنود أمريكيون قتلى و جرحى كلما تبع ذلك قتل المدنيين في "رد فعل " إنتقامي ثمة دوافع إضافية ، بالإضافة للإنتقام : إغراق أنباء الخسائر الأمريكية أعني القتلى الذين يسقطون يومياً من الجنود الأمريكيين ، إغراق هذه بأنباء تجري صناعتها فعلاً ، و "في الواقع " *، بقتلى عراقيين مدنيين أكثر من الجنود الأمريكيين القتلى .. بحيث يبدو أن من بين"كل القتلى " الأمريكان هم الأقلية ، ليبدو وكأن ما يجري، ليس إلا فوضى عراقية –عراقية و أن الأمريكان ليسو ا هناك إلا لإعادة النظام و الأمن .. ..... ،القتلى العراقيون المدنيون يتساقطون بالعشرات مقابل كل جندي أمريكي يُقتل ، هذه هي المعادلة _ القاعدة التي يجري تطبيقها ،عن سابق عَمد ، أو عن سابق قرار استراتيجي ، و يستطيع أي باحث أن يجد العلاقة الرياضية بين هذين النوعين من الأحداث و منذ أكثر من سنتين ، أي عمليا ً منذ أن بدأت العمليات ضد الإحتلال تأخذ منحى خطيرا ً... ، و لكن ما هي دوافع القتل هذه و ما هو مبررها " السياسي" .. ، ما من إجابة ممكنة سوى الفشل ، الفشل الأمريكي العسكري و السياسي معاً ، هذا الفشل الذي تغدو تغطيته بـ " الزرقاوي" و "منظمة القاعدة في بلاد الرافدين" أقول تغدو أصعب و أصعب كلما مرّ يوم جديد من تاريخ الإحتلال الدموي هذا ، منذ أقل من أسبوع حدث شيء خطير في تطور الأحداث ، فلأول مرة يُسمع صوت واضح و قوي ، صادر عن أوساط المقاومة العراقية يدين الزرقاوي و "التكفيريين" و"قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين " و يدين عمليات قتل المدنيين ، و الرد الأمريكي لم يتأخر أكثر من ساعات قليلة ، رد دعائي و مضلل ، أعني الفيلم الذي ظهر فيه بضعة أفراد مسلحين، من جماعة الزرقاوي كما قيل في شوارع الرمادي ( وتداولته بسرعة كافة الفضائيات ) ، و قيل أنهم احتلوا الرمادي لساعات ، ظهروا و هم يرددون شعارات " القاعدة" و ما إلى ذلك.. هكذا هم يقومون بالدعاية للزرقاوي ...و "القاعدة"، تماماً كما كانوا يفعلون من البداية ، هذا هو العدو الذي صنعوه ، صنعوه دعائياً أيضاً ،و الذي يناسبهم تماماً و هذا هو نوع الحرب الدعائية التي يمارسها الأمريكان في العراق الآن لتغطية فشلهم : من يحاربونه ليس الشعب العراقي ، وليس المقاومة العراقية ( لأن ذلك لا يعجبهم و لا يناسبهم) ، هم يحاربون " الزرقاوي " الذي هم ابتدعوه و " القاعدة " التي هم أسسوها ،أماّ وجودها في العراق ، وحجم هذا الوجود، فهو مشكوك به تماماً ..
و لكن من هم "المقاولون الأمنيون " و ما هو دورهم في كل هذا .. ، مرتزقة ، هكذا كان اسمهم دائما ، قبل هذه الحرب ، مرتزقة mercenaries ،بعد و أثناء هذه الحرب صار إسمهم " مقاولون أمنيون" security contractors سمُعتهم كـ " مرتزقة" في التاريخ كانت أوسخ من أن تكون صالحة للإستخدام في حرب " تحريرية" كهذه ...، غيروا اسمهم ، هؤلاء هم من يقوم بالـ" العمليات الخاصة " ، خاصة جداً ، من مثل :نسف مطعم في وسط بغداد لا يرتاده إلا الشعب ، نسف حسينية هنا ثم مسجد " سني"هناك ، قتل العشرات و المئات بمختلف الأساليب و اتهام " أطراف عراقية" بذلك ..مرة السنة و مرة الشيعة إمعاناً في تفتيت العراق و تدميره هذا هو مبدء "الإغراق " الذي كنت أتحدث عنه : إغراق العراق بالدماء و إغراق الفشل بالقتل على أن يبدو كأنه عراقي- عراقي و "سني "-"شيعي " و "مذهبي " و "طائفي" أو أي لون باستثناء : مقاومة عراقية – إحتلال أمريكي
، المرتزقة ، محترفوا القتل ، ( ثمة دائماً أحاديث فائضة في إمتداح "الإحتراف " و الإنجاز الإحترافي ) يعملون بأسلوب الخلايا الصغيرة ، وهذا يناسب "العمليات الخاصة " أكثر ...، بضعة أفراد و حسب ، العمليات " الخاصة" أو العمليات" الوسخة" بمعنى مطابق، تغدو أحرج من جهةالسريةconfidentiality من أن تقوم بها وحدات "نظامية " ،و لنتذكر أن من كشف فضيحة أبو غريب هم مجندون أمريكيون لم تحتمل ضمائرهم
ثمة سبب آخر لاستخدام " القطاع الخاص " في الحروب : إنحياز " الليبراليين الجدد "في واشنطن للخصخصة ... هي ليست المرة الأولى على أي حال، الحروب القديمة التي لا تقل همجية عن هذه و تحديداً التي خاضها الأنغلو – ساكسون ضد بعضهم و ضد "الكلتيين "كانت منذ ذلك الوقت تصنفهم بالـ" المرتزقة" بمعنى القتل المأجور، إذن ثمة "سوابق" تاريخية ... أيضاً "المرتزقة" لعبوا دوراً كبيراً في تاريخ أفريقيا ، أعني تاريخ الحروب الإستعمارية في أفريقيا ، من أنغولا إلى السودان و من الكونغو إلى جنوب أفريقيا ، وهي وحدات تجمع في أشخاصها إلى النزعات العدوانية و الشغف بالقتل ، العنصرية و الإيمان بتفوق العرق الأبيض ، هؤلاء قتل " المحليين" بالنسبة لهم ليس سوى رياضة مشتهاة و هَوَس مرضي ، ثمة أيضاً طيارون مرتزقة ، استعملهم الإسرائيليون في حروبهم العربية مفهوم " خصخصة " حتى الحروب ربما يكون "بادرة "أولى prototype أو نموذجاً طليعياً ... ، ربما يرسمون مستقبلاً للعالم مليئاً بحروب لا تنتهي...تخوضها الشركات في جيوش " خاصة" . ، ربما أنشأوا "شركات حربية" و خصصوا بها شعوباً بعينها .. ،ثم تباع فيها ، بمليارات و مليارات، أسلحة تنتجها بطبيعة الحال الشركات الأمريكية ... أحد الأحلام الإمبراطورية المريضة
، الجيش الأمريكي النظامي نفسه يقع في منطقة وسط بين جيش " قومي" بمعنى الدولة و بين جيش المرتزقة ، بسبب من الرواتب الكبيرة التي يدفعونها للجنود، و في حالة العراق بصورة خاصة ، وأيضا ً بسبب الطريقة التي تجري بها عملية "تجنيد المتطوعين "و التي لا تتضمن فعلياً سوى بند واحد : الإغراء بالمال و بعض الإمتيازات من مثل : النهب ، (نهب الآثار أو غيرها ) الأسباب هذه تجعل الفارق بين " جيش قومي " و " جيش مرتزقة" فارقا مُلتبَساً إلى حد بعيد ، لهذا ، و لأسباب عديدة غيرها ، ستُهزم الإمبراطورية الأمريكية في العراق ..
*
*) صناعة الأنباء "في الواقع " هذه ألا تذكر بما يسمى : "تلفزيون الواقع"reality TV ... ، النـزعات " الليبرالية" لتشيييىء الإنسان تمر بسهولة ما بين " الفن"- التلفزيوني في هذه الحالة- و "فنون" القتل و العدوان و بالعكس
#حازم_العظمة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في غفلة ٍمن مستبدي العالم
-
من هي الجهات التي تتهمها الحوار المتمدن ...
-
ثيّلٌ أسودُ بخلفية تلالٍ حمراءْ
-
قناة الجزيرة لماذا لا تسمي ، بإسمه ، الإرهاب ..
-
صَنَوبرات
-
من رعاية الديكتاتوريات العسكرية و ممالك القرون الوسطى إلى ال
...
-
بينوشيه ، هل كان ليبرالياً .. جديداً ؟؟ من التشيلي إلى العرا
...
-
كيف يجري تحوير اللغة العربية السياسية ، في العراق أولاً ..
-
جنود
-
وهم الديموقراطية- إحتمالات تبحثها الإدارة الأمريكية بخصوص سو
...
-
نجدف طويلاً ، و نحن نعود من الطُوفان ْ
-
مقطع ٌ بمصاطبَ واطئةٍ ، بجدران ِطينٍ ثخينةٍ ، بحُواةٍ و موسي
...
-
إلى أي حد الثعلب يحتاج إلى الدجاجات- عن علاقة الإمبراطورية ب
...
-
من أين و كيف س-تهبط- علينا الديموقراطية الأمريكية ؟
-
هل يتوحد العراقيون كلهم في مقاومة الإحتلال ...
-
تحت لوحة لفاتح مدرس
-
هل يدبرون11-9جديداً يحتاجونه بإلحاحٍ الآن ...
-
ستُّ مراتٍ السياج قبل الحديقةِ - رسائل حب قصيرة
-
هل يدبرون 9/11 جديداً يحتاجونه بإلحاح ٍالآن ...
-
حكاية كولونيالية من المتحف
المزيد.....
-
بايدن: كامالا هاريس -صارمة وذكية للغاية- وترامب شكرني
-
باغتا المديرة بتصرف غير متوقع.. شاهد ما فعله ملثمان اخترقا س
...
-
هل يُعجل الهجوم السيبراني على أجهزة اتصال حزب الله بالمواجهة
...
-
لماذا ينزلق شباب من أصول مهاجرة بأوروبا نحو التطرف والإرهاب؟
...
-
دعم أوروبي ألماني لتنمية المنطقة -ج- بالضفة الغربية
-
العراق: نتابع تطورات الأحداث في لبنان وأرسلنا طواقم طبية وفر
...
-
دولة عربية تتحرك لدعم لبنان في أزمة تفجيرات بيجر
-
خبراء يكشفون لـ RT هل يدخل حزب الله وإسرائيل مواجهة شاملة بع
...
-
لوكاشينكو: أي هجوم على بيلاروس سيعني بداية الحرب العالمية ال
...
-
ليبيا.. بدء أعمال تنظيف حوض ميناء درنة من مخلفات إعصار دانيا
...
المزيد.....
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
-
عالم داعش خفايا واسرار
/ ياسر جاسم قاسم
المزيد.....
|