|
وصف لشامة على خد شكسبير
نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 1392 - 2005 / 12 / 7 - 10:47
المحور:
الادب والفن
إلى حسن بلاسم .. يمشي هاملت وحيداً على طرقات الإسفلت ..تكاد سيارة كاديلاك أن تدهسه . ينبههُ طفل ويوعز له بالمشي على الرصيف . يقول هاملت : كيف أجد نفسي في كومة من الخيانات ؟ إذا كان النهار من شمس . فالليل من شجون . هذه تعابير محنة أمير ، أو لنقل تعابير أمير المحنة . فبعد 11 سبتمبر الخطوات ترتعب من الظل الغريب ورؤساء الجمهوريات يقضون أغلب أوقاتهم في ممارسة ألعاب الكراش في البلي ستيشن . أستيقظ صباحاً لأجد بيض دجاجتنا الوحيدة ينتظرني . عندما تصيبها الكهولة سنموت من الجوع حتماً , في تصور لشذوذ من طفولتي قبل أن أصبغ وجهي بسواد عطيل . كنت أمارس المحرم مع رزم النقود .أشتري بها قصوراً وكواكب شمسية وأخطف جاكلين من جون كنيدي وأصفع أوناسيس أرسطو وأتبرع بعلبة ماكياج للمطربة اللبنانية صباح . الآن الوقت تغير . أحمرار الخدود تصنعه أظافر الحزن . أرى الموت يموت من دون خيانات . الموت بلا عم ولكن والده موجود في بيت إرهابي في حي الصفيح بمكاديشو أو في كهف بتوروبورو أو غرفة أنيقة بفندق خمس نجوم بروما . لا ضير أن يكون الإرهاب بلا دين . لأن الموت يشمل الأشياء كلها حتى الطابوقة والخنسفاء وبسكويت البوظا المخروطي ، وأيضاً يشمل ريش الوسادة الذي نتفتهُ أمي من جلد علي شيش قبل أن تضعه في قدر الماء المغلي ، نكاية بيومه الوطني في أمريكا . لي طباع مؤنثة . ولي رغبة باقتحام الواجهة الزجاجية لمبنى الإذاعة والتلفزيون كي أحصل على شريط نادر لكوكب الشرق وهي من دون نظارات وتغني أنت عمري . فيما كان عبد الوهاب مرتدياً قبعة ديغول التي زار بها الجزائر وأعلن أن البير كامو لا يمثل ثقافة الأليزيه ، والغريب هي مجرد سادية لرجل مختل روحياً. هاملت مختل روحيا أيضاً . رأيت وليم شكسبير يبحث عن أهله في مقهى مغاربي . تمر عليه عربة بحصانين . يرد التحية على سائسها بإطلاق أحدى وعشرين قذيفة مدفع . ثمة تساؤلات في الأمم المتحدة . من أغلى عرب الإحساء أم قبائل التوتسي . ؟ ولأن الأمم المتحدة لا تجيب بل تصدر القرارات ألبسوا الببغاء لسان الخرس وقرروا غزو يوغسلافيا . أنا فرحت . لأن لي فيها متصوف تائه أريد أن أجده . ولي فيها مقابر جماعية وشيئا من حلبجة ودمعة الجبايش . بيرتيشنا . ورانغون والقرنة وقضاء بلد ،نمط مفتعل لمدن دون أثنيات . فلقد كان تيتو محقاً حين أعلن فيدرالية البسكويت وسيفعلها مثله البرزانيون وسيحصلون على وطن مميز برواقم عالية وتكيات نقشبندية . هنيئا لهم .فقد تعبوا في الاختباء بين أحراش الوديان كثيراً،هنيئاً للبصرة حين تتسلم مفتاح بلدية لندن وهنيئاً لنا فلقد أعلنوا أن الجبن وعصير الطماطم سيكونان موجودان في بطاقة التموين في رمضان وسنبرق بذلك لحامد كرزاي ونشتري كيساً من الفستق السوداني لشكسبير قبل أن يبدأ بكتابة الملك لير. الملوك يحبون الفستق . فيما إليزابيث تايلور تحب الطرشي .. العراقيون يحبون التمر . لأن نواته فيها شقا طوليا . دائماً نحب الشقوق الطويلة . وأمهاتنا يفعلن ذلك بثيابهن حين يأتي إخواننا شهداءً من المعارك الحدودية .. لكل شهيد دمعة هي عدسة الوجود التي نرى من خلالها أحلامنا . هاملت شارك في حرب الأيام الستة لأنه لا يحب شايلوك ، رغم أنهما أخوين بالفطرة لأن من صنعهما واحد.. عين موشي ديان خجل العرب جميعهم . من بغداد مشت الدبابات على السرفات .. نحن جميعاً مخدوعين بجنرالاتنا فحماستهم في آخر الأمر تتحول إلى مشانق!!! تباً لنا . فنحن نقبض رواتبنا بتواقيعهم فيما يصدر اليوم مرسوم رئاسي بتعين هاملت وزيراً للحلم والصحاف وزيراً للفهم وبرواري وزيرة للأرصفة . جدتي لها مقعد في الوزارة : وزارة الأسنان المتكسرة . أبي نهض من قبره وأراد وزارة . ولكي نرضيه أعطيناه وزارة الدود ،وربما أراد هو وزارة الحدود، وحين راجعنا الملاك وجدناها منحت لأبراهام لونكلين ..ما لذي تبقى للملكة الأيزابيث أذن؟! نعطيها وزارة السمك المقلي . ولوليم شكسبير نمنح المديرية العامة لتسمين الرقي . جميلة الحياة فوق تراب الوطن . القيثارات تعلو عواء الكلاب ، وحفيف أوراق شجر السرخس يعلو شهقات المضاجعة . والأحلام تسير بأقدام حافية فقد فجر إرهابي مصانع باتا كلها . فمن أين نأتي بحذاء كي ‘يسكت به خروتشوف فوضى القاعة في مجلس الأمن . جميلة هي لحظة مناشدة القمر بأغنية سومرية . جميل هو طبخ الكبة المسلوقة في الصباح الباكر . أن الكبة وموسيقى الرمبة والبمبر السوداني أعذب من عنبة الفلافل . سلاماً لكم فقراء العراق فأنتم لستم عديمي الفائدة لهذا العالم . فمن سواكم يجعل سوق السلاح رائجة ومن سواكم يكتب الشعر العذب . ومن سواكم يطلق على الباذنجان لقب وحش الطاوة . الطاوة تعني المقلاة .. عزيزي اللورد شكسبير . لقد تقلينا من الحروب والاحتلال ما يكفي .. من روما إلى الجنرال طاوزند : الكوت تحاصر أمانيكم ..من مرقد سعيد بن جبير حتى غليون جيمس جويس ..افتحوا بوابات سدة الكوت . فدجلة تريد أن تطارح حقول الجنوب غرامها وتحضر عرضا مميزا لليلة الثانية عشر ..ففي الثالثة عشر سيأتي الإنكليز وسيبعث تشرشل تهنئة خاصة إلى حكمة يار ، يعلمه بأن تخوم البصرة صارت سالكة لديناميت الأفغان ، وانه أضاف بأمر من مجلس العموم مصروفات جديدة لعمل نعوش وأيقونات وكؤوس عزاء من فضة . أعود إلى هاملت . لا أدري كيف تشتغل ذائقة المسرح إزاء هذا القلق المرتبك في ذاكرة الأمير . هو يفكر كأي وزير يريد أن يتغلب على وزارة الأخرى .يصفي حسابه مع عمه . عم الوزير كان بقالاً في قنبر علي*. عم هاملت كان لورداً في دبلن .عمي كان حمالاً في خان للقمح . وقع من الإعياء ميتاً فسموه شهيد الحنطة . أوفيليا شهيدة الرقة . عمر المختار شهيد برقة . وصوفيا لورين شهيدة الموطا . تتنوع الشهادة بطرائق تمت للبندقية والسيف بصلة القربى وهناك شهادات أخرى .الابتدائية ،المتوسطة ، الإعدادية . دار المعلمين ،البكالوريوس ، ماستر ، البورد . منذ السقوط الأممي لبغداد قتل أكثر من مائة وخمسين أستاذاً جامعياً ، تلك إحصاءات هاملت ، وربما إحصاءات المخاتير تصل بنا إلى أكثر من مائتين . يموت الأستاذ الجامعي وفي فمه كشف ما . في يده حقيبة ما .وفي جيب بنطاله فيزة ما . لم يعد الأمان متوفراً كصحون الشوربة . لهذا الموت يعبر عن ساديته بأن يخلع لباسه الداخلي أمامنا . هاملت تحدث عن غموض ما . المسألة نفسية بحت .ولكي تبحث عن شامة في خد شكسبير . عليك أن تبحث عن راغب علامه، هو لبناني خطف في الطريق بين القائم وبغداد.. بيروت وسطت خليل حاوي لإطلاق سراحه ، ولكن حاوي مات منتحراً .أذن ستنوب عنه فيروز. الرحابنة جاءوا وخزينتهم أغنية من أجل بغداد. بغداد خزينتها دمعة للإمام موسى الكاظم ع ومكر من الرشيد وندم زائف من مأمونه ! نفكر بقتل ولاة العهد ، لأننا ننقاد من خديعة الوزير . هذا تراثنا . ونحن لا نريد هاملت ولياً للعهد . أبحث عن شامة في خد شكسبير . فلا أجدها إلا عندما أرفع الثوب عن ساقي أورنيلا مينوتي .. يبتسم برلسكوني ، فثمة شامة في خده . يتذكرها أهل الناصرية حين يمر الجنود الطليان بشوارع مدينتهم ، يتذكرون فلورنسا وتاجر البندقية، غير أنهم حين يتذكرون الاحتلال . يقطعون من أجسادهم لحوماً يأكلون بها مسافة الأمل بين دخول البابا بردائه الكهنوتي ، وبين خروجه الحزين من جراء تنكر ماء مفخخ داهم مقر القوة الإيطالية في شارع الزيتون . أمام المقر المدمر متحف سومري بناه الثري الأرمني كولبنكيان .كانوا يسمونه مستر 5 % . تلك هي حصته في نفط حقول بابا كركر ، ومن بركاتها بنى المتحف وملعب الشعب ببغداد وكاليري لعروض الرسم ، وقبوراً مرمرية لكل عامل حفر غرق في بئر نفط .. المتحف يبكي . هاملت جالس على بوابته المحترقة . لماذا أحرقوا مكتبة المتحف ؟ ربما لأنهم لا يحبون المسرح ومارشات الفرقة الاسكتلندية ، فالتنانير الحمر لعازفيها لا تشبه التمر . بل تشبه قطة إنكليزية تركها صاحبها وحيدة في الشقة وسافر إلى كشمير .. وصف لشامة على خد شكسبير .. هذه موضوعة طريفة . تشبه حكاية عريف في الجيش فقد ساقيه لأنه يحب الطيران.. مايكوفسكي يقول نطير بأجنحة الشعر ونطوف فوق مسيرة للبلاشفة ونهتف لتسقط المسدسات . أذن بين طيران العريف وشامة شكسبير رابط .. ماهو ؟؟ : القصيدة التي كتبها مايكوفسكي والمسماة ( غيمة في بنطلون ) تعبنا من هكذا سرد مشوش .. أننا كمن يدعوا عمر بن كلثوم للأكل الكافيار في مطعم أيراني بأصفهان لاشئ يفهم من وجودنا المرتهن ببيانات وزارة الداخلية ، رمضان سيأتي والحكومة جالسة تثرم البصل والأحلام ..لا يصوم العصفور إلا لحظة بناء عشه الجديد ،أنه يعبر عن أمتنان الطيور لأعواد القصب .. السومريون كانت بيوتهم من القصب .. فيما سنمار يبني متاهة الملك ويسقط من أعلى البرج .أبحث في تأريخي عن هاملت سومري . فأجده في أحضان كاثرين .. كاثرين من ؟ زوجة من نقب في مقبرة أور .. مقبرة أور من ؟ مدافن الحضارة القديمة ..قربها اليوم فتح اليانكي كراجاً للغسل والتشحيم .وقبلها كانت مطاراً يصل إلى جزيرة خرج ويهدم في الأهوار بيوت القصب والطين .. وفي الحالتين تم تنصيب هاملت أبناً لسرجون ، فيما القيصر بطرس والفرعون آمون يلعبون الكوتشينة في صالة الأمباسي .. على كل حوامة علم لراقصة . وفوق مضائف بلادي أعلاماً لطفولات الآلهة .. الآلهة لاتغار من شامة في خد شكسبير . هي تراقب فقط . وحين يبدأ العرض .سترتدي معاطف الملك لير وتختبر تعلقنا بها .هي عراقية ، لهذا فنحن نحبها .لكن شرطنا الوحيد لهذا العشق أن ترتدي معطف أكاكي بطل قصة غوغول . فمعطف لير لا يليق بها . أنه يذكرنا بهاجس صعب : أن نرى الإنكليز يأكلون التكة والمعلاك في مطاعمنا . ويشربون عصير الزبيب ولبن أربيل .. فيما نحن سكان البلاد الأصليين نشرب دموع أطفالنا . وهي وحدها تعبد الطريق السالك إلى الجنة . هاملت يقول : أخسر وطنك وأربح جنتك هذا أفضل . وحتماً سيكتب إلى بلير رغبته التالية : أن تصبح محافظة الناصرية ، دوقية الناصرية . ما لذي نكسبه نحن ؟ نسافر إلى لندن بدون جواز ، وماذا نفعل في لندن ، سياحة أم دياحة أم صفقات لتصدير الحصران ؟ لهذا ولا ذاك .. نشاهد شامة خد شكسبير عن قرب ونشتري بناطيل كابوي ونأكل الكنتاكي هاملت ردد معي . عاش الكنتاكي ……………………………..!
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هاجس المرأة منذ حواء وحتى كاترين زيتا جونز
-
يوتيبيا افتراض مالم يكن مفترضا
-
قصيدة رثاء إلى أوربا
-
أكزينون* ..والعودة إلى الداخل
-
هاجس ومدينة ..تلك هي حياتنا
-
قصص بمقاس شبر واحد
-
رسائل الى مارلين مورنو
-
ماذا لو أن كافافيس عاش حياته في بيروت؟
-
ملف المدن الأثرية السومرية // مدينة أور
-
مدن فجر التأريخ ..مصاطب للآلهة وحاضنة للوعي الاول
-
مصطفى العقاد ..الموت بسيناريو لم يعد سلفا
-
صوت وردة الجزائرية ..بين الشهوة الحسية ومسمار النجار
-
حصة في الكلام
-
خيوط الفجر
-
غيوم أكتوبر ... إلى صديقي الطيب فهد ناصر
-
طغراء بن بطوطة
-
دهر في بنجوين..دهر في كردمند ..دهر في دمعة أمي
-
أوجلان يؤدي التحية الى عبد الله كوران
-
إلى فوكنر والجنوب ..والهاجس الصعب
-
هواجس قبل بيان الرؤية الشرعية لهلال العيد
المزيد.....
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|