|
سايكس بيكو ! ولعنة المئة عام
مصطفى حمدان
كاتب وشاعر
(Mustafa Hamdan)
الحوار المتمدن-العدد: 5156 - 2016 / 5 / 8 - 09:35
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
بعد الحرب العالمية الأولى وما آلت اليه مِن نتائج ، حيث انتصر مَن انتصر ، وهُزِم مَن خسِر جمعَ آخِر جندي عثماني أشيائه وخرج مِن البلاد لتنتهي الحقبة العثمانية القاسية الطويلة لَمْ يكُن هناك وقتاً للاستراحة والتنفيس او وقتاً ضائع ما بين خروج الحقبة القديمة ومجيئ الحقبة الجديدة لم يكن لهذه الأمة التي خرجت مِن تشرذم الوِصايات والتبعية وقتاً كافي لتجمع قواها الشعبية ومخزونها القومي لتقرر مصيرها الآتي ولترسم خطة لمستقبلها القادم وسط الحروب الكونية والنزاعات الأممية فمع خروج آخر جندي عثماني ، ودخول أول جندي بريطاني - فرنسي ليتسلموا العهدة ومفاتيح أبواب البلاد وتبدأ حقبة التقسيم والتنصيب لهيكل الوطن العربي بتضاريسه ومصير جماهيره ومن مشرقه الى مغربه ، لم تسلَمْ مدينة او قرية ولا حتى قطعة صحراء خالية ، من التقسيم والتجزئة واعطائها أسماء جديدة لتلائم خطط المتنازعين ورغباتهم الاستعمارية جاء سايكس وبيكو بخطة التقسيم بينهم ليرسموا تضاريس وخرائط جديدة لهذا الوطن المشلول المفكك منذ قرون ومِن جديد تم تجزئة المكون العربي الى دويلات ، امارات وممالك ، ونُصِب عليها قادة ، زعماء وامراء تم اختيارهم مِن قبل الحكام العسكر لينفذوا خطتهم وأجندتهم على أرض الواقع وباتت الجماهير العربية تعيش ما بين أنقاض وآثار مآسي الحكم العثماني الذي سلبه هويته القومية واستقلاله السياسي والشعبي ، وبين الوضع الجديد من تقسيم وتبعية وإلحاقه بقوى جديدة جاءت بعد الحرب ليُفرَض عليه سياسات استعمارية توسعية ، وقوانين تحدد استقلاليته وانتمائه الى القومية الموحدة على ارضه ثلاثة أقطاب جغرافية كانت تجمَع التضاريس بأهلها وحضورها القومي الحجاز ، بلاد الشام ، والمغرب العربي تم تقسيم هذه الأقاليم الى اثنان وعشرون دولة ما بين جمهوريات ، امارات وممالك وبغرض التقسيم والتفرقة القومية ، تم ايهام الجماهير وخدعها ، بأنها مستقلة ولها سيادتها على ارضها بعلمها الخاص وزعيمها الوطني وتضاريسها الخاصة بها وكلما خرج بين الحين والآخر مجموعة من وطنيين ومثقفين او قيادات وطنية حرة لتجمَع تضاريس البلاد وامتها ، وتعلن الأنتفاضة على الوصايا والتبعية ، كانت هناك سياسات القمع والترهيب والتصفية لمن يجرؤ على الوقوف امام الحكام العسكر ، واحياناً يتم وأد الأفكار الوحدوية قبل خروجها الى العلن بل كان هناك من بين أبناء هذه الأمة من باع ضميره الوطني وأجر روحه الأنسانية الى المستعمرين ولكي يحافظ على مكتسباته ومصالحه الشخصية ، أصبح أداة تنفيذ للسياسات العنصرية القمعية للمستعمرين الجدد مائة عام من التقسيم والتبعية خلقت وضعاً جديد ، ومزيد من التنازلات القومية ، بل خلقت زعماء جدد تربوا وترعروا في مدارس المستعمرين ، ليصبحو أكثر زعماء الأرض تنكيلاً وإطهاداً لشعوبهم مزيداً من حكاماً ملوك ورؤساء ، محاطين بقوة ومصالح العائلة او العشيرة ، لتحافظ على مصالحها الشخصية الفئوية لتستمر على سدة الحكم وكراسي الزعامة ، غير آبهة بمصير الجماهير وارادتها وتبقى الجماهير مختصرة مهمشة مضطهدة ، تركض خلف رغيف الخبز كحلم ، ورضى الزعماء كغاية تنشد بطولات وعظمة الزعيم ، وتتغنى بكرمه بإطعام البشر جماهير مفرغة من الوعي السياسي ، تبنىت ثقافة سلاطين الحكم ودساتيرها ، تابعة لأجندة الأستعمار وخططه وماذا بعد المئة عام ، وحصاد المئة عام ، ونتائج مخاض المئة عام لسنا اقل شرذمة تمزق وانقسام ، وتباعدنا القومي جعل الطامعين والمستعمرين ان ينوب عنا في تقرير المصير وثبت اقدام زعماء الأضطهاد على كراسي الحكم وعلى اعناق البشر عرب ، امازيغ ، طوارق ، بربر ، اقباط ، صحراويين ، سنة ، شيعة ، مسيحيين ، اكراد ، علويين ، درز ، وكل فئة لها اجزائها يمينها ويسارها وأقطابها ، والأحزاب تنقسم الى عشرة أحزاب متفرعة لم يجمعنا مسجد او لغة ، والتضاريس بيننا تكبر وتبتعد اكثر واكثر دمنا مباح وموزع بين جنرالات الحروب وهلوستها العراق ! كم من عراق هناك ، وأين العراق على الخارطة الجديدة سوريا ! كم من سوريا على خارطة المتنازعين اليمن ! أي يمن نقصده ، وهل بقي يمن ليبيا ! متنازعين بلا القاب خطفوا البلاد الى العدم فلسطين ! لا توجد على الخارطة قتل ، تفجير ، نزاع ، حرب ، جوع ، سجون ، اعتقالات ، لجوء ، نزوح ، تشريد ، قمع ، وأخيراً لم يكن تاريخنا مليئ بالمقابر بالمصائر بالحظائر مثل آخر مئة عام وعظام سايكس تبخرت في مقابر الفاتحين ولم يبقى من بيكو سوى صور في جيوب القادمين المستعمرين وسماء ارضنا بقيت دخاناً ورماداً للتقسيم مزيداً من الفاتحين والغرباء دويلات كنتونات ممالك وجمهوريات دون اسم او عنوان وألف قبيلة مئة نظام تحت وصايا باقي الأمم تقرر مصير من بقي من الحاضرين
مصطفى حمدان
#مصطفى_حمدان (هاشتاغ)
Mustafa_Hamdan#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نشيدُ الأرض للمطر والشهداء
-
خبز الفقراء
-
معاً نُغني رفيقتي
-
إلى امرأة في بلادي
-
إلى صديقي الشهيد
-
موْتُ غريب
-
مدينة الغرباء
-
الفاصِل بين الدقيقتين .. الفاصِل بين السنتين
-
حالة احتضار
-
بعيداً عنكِ .. قريباً منكِ !
-
(عشوائيات)عن الحُب الحرب والوطن
-
مَن يُرثي موْتُنا وسقوط مدننا ؟!!
-
في القلب حزنٌ
-
إلهة المقاومة
-
وطن أمْ دولة ؟!
-
اللاجئ والبحر
-
الحنين الى الذاكرة
-
أُكِلْتُ يوم أُكِلَ الثور الأبيض
-
الى جندي إسرائيلي ؟!
-
قارة أسمها (غزة)
المزيد.....
-
النهج الديمقراطي العمالي يدين الهجوم على النضالات العمالية و
...
-
الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب تدين التصعيد ا
...
-
-الحلم الجورجي-: حوالي 30% من المتظاهرين جنسياتهم أجنبية
-
تايمز: رقم قياسي للمهاجرين إلى بريطانيا منذ تولي حزب العمال
...
-
المغرب يحذر من تكرار حوادث التسمم والوفاة من تعاطي -كحول الف
...
-
أردوغان: سنتخذ خطوات لمنع حزب العمال من استغلال تطورات سوريا
...
-
لم تستثن -سمك الفقراء-.. موجة غلاء غير مسبوقة لأسعار الأسماك
...
-
بيرني ساندرز: إسرائيل -ترتكب جرائم حرب وتطهير عرقي في غزة-
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ... دفاعا عن الجدل --(ملحق) دف
...
-
اليمين المتطرف يثبت وجوده في الانتخابات الرومانية
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|