أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جوان حسين ( جوان كوردي) - هكذا انشق حزبنا















المزيد.....

هكذا انشق حزبنا


جوان حسين ( جوان كوردي)

الحوار المتمدن-العدد: 5155 - 2016 / 5 / 7 - 20:18
المحور: كتابات ساخرة
    


                          هكذا انشقّ حزبنا                

 قصة : (جوان كوردي)

         للمرة الأولى في تاريخ  مدينتنا الجريحة ¸تفوح منها أنباء لها طعم السمن والعسل , سرعان ما انتشرت كالنار في الهشيم , حتى ان الاكثرين ذهلوا واعتبروا الخبر مزحة عاقل , لكن مؤشرات الجو العام , والفرح الغامر على الوجوه والقلوب , طير صواب الكثير من اليائسين ممن انكروا وحدة وطنية , لأن أبناء مدينتنا لم يعتادوا على هكذا شائعات, أن يقرر رؤساء الأحزاب كافة بما فيها الأحزاب اليمينية واليسارية , والديمقراطية والليبرالية , والاشتراكية والتقدمية , وكذا جميع التنظيمات السياسية المنشقة والوليدة في عصر الآمال العريضة , على وقف خلافاتهم ومهاتراتهم , هذا ما لم يكن في الأحلام , فكل شيء قابل التصديق , عدا أن يجتمع أخوتنا في اليمين مع أخوتنا في اليسار على طاولة واحدة تحت سقف واحد وكأن شيئا لم يكن .  

        بهذه الروح الجماعية , والإخوة الصادقة  , وبعد نقاش استمر لأيام وأسابيع  تم الإعلان عن تشكيل لجنة جماعية من ممثلي جميع الاتجاهات السياسية  , تقوم بمهمة الإشراف العام على عملية توحيد الصفوف وتقريب وجهات النظر المختلفة بين القادة , و وضع برنامج عمل سياسي , اقتصادي , ثقافي , تنموي , يلملم طاقات الشعب ويحفظها من الهدر بشكل يخدم غايات الوحدة ويحقق تطلعات الجماهير .  

         منذ البداية , ورغم تحري الدقة والكفاءة في اختيار أعضاء اللجنة , والحرص الشديد على  سرية الأداء والعمل , فإن أنباء عن الخطط المرحلية والمستقبلية لعمل الأحزاب الموحد , ضمن إطار مشروع الوحدة الوطنية , كان يصل الأسماع , فكيف يحدث ذلك , لا أحد يعلم  , سوى الله , العليم بكل الخفايا ما ظهر منها وما بطن ,  هذا ما قاله سعيدي بك , ممثل اليمين الأزرق , وأكده بافي سيامند ممثل اليسار الأحمر , وكذا رشو جزيري ممثل الديمقراطيين الاشتراكيين , ونعمو كسار  الملقب بالرجل الأخطبوط ممثل الجماهير الكادحة الحرة المنشق مؤخرا عن الديمقراطيين الأحرار , شيء يضع العقل في الكف , فمن غير المعقول أن تشي الجدران باسرارهم , ولا أن يخون أحد الأعضاء شرف وطنيته , ظل اللغز مستعصيا على الحل , فأعضاء اللجنة المؤلفين من أحد عشر عضوا , والمنتخبين بنزاهة كان مشهود لهم بالوطنية العالية , والسمعة الممتازة , هذا ما حير عقول من بقي له عقل في رأسه , وأحبط أمال الطامحين إلى الوحدة الوطنية , لذلك اقترح العضو نعمو كسار تفاديا لتنامي مشاعر الخيبة والإخفاق , وحرصا على سرية عمل اللجنة , أن يعقدوا اجتماعاتهم في مكان بمنأى عن أعين الرقباء ريثما يتم انجاز مسودة وبرنامج  العمل .

  
           لاقى اقتراح نعمو استحسان جميع الأعضاء  وعلى الفور بدأوا بتنفيذ المقترح كسبا للوقت , حيث وقع الاختيار على قرية نائية هي " كوندي شيتكا " على أطراف الحدود الشرقية لما تتميز به هذه القرية من أقلية سكانية , وموقع جغرافي بين تلال مبعثرة , يصعب على أي كان تحديد مكانها , فضلا عن مزايا سكانها الشرفاء وما عرف عنهم من طاعة عمياء في سبيل قضاياهم , وعلى هذا الأساس توجهت اللجنة إلى بيت مرادو , ابن عم نعمو , وبدأوا بالتحضير لكتابة مسودة وبرنامج عمل الأحزاب الموحد .  

 
   في اليوم الأول من اجتماعات اللجنة , وبعد أن أكرم مرادو ضيافتهم , تداول الرفاق في جدول أعمالهم , أهمية العمل الجماعي , وأكدوا على ضرورة توحيد النضال في خندق واحد , وأبرزوا أهمية تلاحم الصفوف , أيمانا أن " الله مع الجماعة " وأن قوة الشعب تكمن في وحدتهم , البعيد عن الفردية والانتهازية , كما وأكد الرفاق على أهمية دور الجماهير في نجاح العملية السياسية وضرورة إشراكها في تعزيز الوحدة الوطنية , ثم اختتم الاجتماع بكلمة الرفيق سعيدي بك ممثل التيار الأزرق وتدوين مسودة العمل في نهاية كل اجتماع .  


       في اليوم الثاني لاجتماعات اللجنة تم التركيز على أهمية دور المرأة ومشاركتها في الجانب السياسي , كما وأبرز الأعضاء دور المثقفين و النخبة المثقفة في رفد الحركة السياسية , والتأكيد على دور الإعلام كأداة في إنجاح  مشروع الأحزاب الموحد , لما للإعلام من تأثير على الجماهير , و وسيلة لإيصال أصواتنا إلى الأطراف الأخرى , وفي نهاية الجلسة تم تسطير مسودة العمل واختتم الاجتماع بكلمة للرفيق رشو الجزراوي تحدث خلالها عن الليالي الحالكة التي مر بها المناضلون الأوائل , فهم يستحقون المناصب القيادية عن جدارة .        
           
          في اليوم الثالث ركز الأعضاء نقاشهم على أولوية الجانب الاقتصادي والثقافي , حيث أجمع أعضاء المجلس على ضرورة أعطاء هذين الجانبين اهتماما بالغا لأنهما يشكلان الأرضية الصلبة التي تقوم عليها أي عمل وحدوي ونشاط سياسي وعلى الجماهير الغفيرة أن تعي هذه الحقيقة وتقدم الغالي والرخيص في سبيل إنجاح هذا الحلم المنشود والأمل الواعد .

        في اليوم الرابع بحث الأعضاء وضع آلية عمل تنظيمي  في إطار العمل الجماعي الموحد للأحزاب , ثم توزيع المهام المختلفة على الرفاق المنتخبين بالشكل الديمقراطي الحر , أسوة بالدول الديمقراطية وعلى ضوء الانتخابات الديمقراطية سيتم تشكيل هيئة قيادية ولجان متخصصة تشرف على عمل الهيئة وتدرس القرارات المقترحة للنظر فيها ومناقشتها قبل التصديق للعمل بها , وبناء على ذلك فأن صنع القرار يكون بإجماع الهيئة واللجان المنتخبة من الجماهير , ولا يجوز لأي كان أن ينفرد بقرار دون الجوع إلى الهيئة والمجلس المختص , ثم اختتم بافي سيامند الجلسة بكلمة عن الحريات ونضال الشعوب المضطهدة لنيل حرياتها مذكرا بالبطل الهندي " غاندي " ونضاله السلمي في مقاومة الاستعمار الانكليزي .  

       في اليوم الخامس من الاجتماع كان النقاش ساخنا حول برنامج العمل السياسي والنضالي للأحزاب المتحدة ورسم الخطط والأهداف المرحلية والمستقبلية لعمل الأحزاب وبعد نقاشات مستفيضة , أفرغ خلالها سعيد بك ورشو الجز يري علبتي دواء ليخففا وجع رأسيهما , توصل جميع الرفاق إلى حل يرضي جميع الإطراف وكالعادة اختتم  أحد هم الاجتماع بالشكر وتثمين الجهود على إنجاح عمل اللجنة بوضع مسودة العمل الجماعي للأحزاب الوطنية الموحدة , وتوجيه الشكر الخاص لمرادو الذي استضاف في بيته حلم شعب يكبر ويكاد يزدان بالنجاح لو أن قادة الأحزاب كبروا رؤوسهم من زمان .  

        في صباح اليوم التالي , بعد أن مضى على استضافة الوفد في بيت مرادو أكثر من أسبوع توجه نعمو وأصدقائه بحماس وأمل إلى قامشلو , حاملين معهم كما تصوروا , فاتحة عهد جديد لا شك أن قامشلو ونواحيها وقراها وطيورها وأحجارها وأشجارها سترقص فرحا                                          
من نشوتها , وما أن وصل نعمو ورفاقه في الموعد المقرر لمكان الاجتماع لعرض مسودة  العمل على القادة أمناء الأحزاب , وجدوا المقر خاليا إلا من أخيلة أولئك القادة كما تراى لنعمو وأصدقائه , وراحوا يستفسرون عن سبب غيابهم , لكن الإجابات كانت جاهزة كالوجبة السريعة . . . .  

     سكرتير الحزب اليساري الأحمر قال : أن اليمين يفرط بالقيم الوطنية والديمقراطية , ويعرقل مسيرة النهج المتوارث  .  

في حين برّر سكرتير اليمين الأزرق , أن العمل مع اليسار الأحمر صعب .

وذهب سكرتير الحزب الديمقراطي  , أن الظرف غير مناسب .  

أما سكرتير الحزب الليبرالي أبدى انزعاجه , وأعتبر فشل الأحزاب في التوصل إلى قرار إجماع سياسي كارثة وطنية وردّ ذلك أن في الأمر " إن " .

فيما رئيس الحزب الجماهيري الحر أعتذر عن التصريح لانشغاله بمراسم دفن والده " ألأغا شهباز " .
    
     وكل واحد من هؤلاء تنصل من دم الوحدة الوطنية , وأهرق سطلا من الدموع على حلم قامشلو المهدور على ضفتي نهر جقجق .

    كاد نعمو ومَن تبقى من رفاقه في لجنة كتابة مسودة عمل الأحزاب الموحد أن يصدقوا سياسة القادة في أقناعهم , لكن نعمو كسار صاحب الشعر الأبيض , واليد الطويلة , ترفع عن حضور اجتماعاته الحزبية , وبعث برسالة شفهية إلى سكرتير الحزب الجماهيري  الحر

      كتب فيها : اقطعوا اسمي من دفاتركم , واحرقوا مجلسي بين غبار صمتكم .

        ومنذ ذلك اليوم أنقطع صلة نعمو بحزبه وألغي ذكره في المجالس السياسية , و قرّر بعد فترة دم الوحدة المدفون ، مع بقية رفاقه , أن يشقوا عصا الطاعة على العقلية السياسية التقليدية , وأعلنوا عن ولادة حزب التجمع الجماهيري , الديمقراطي , التقدمي , الحر كما واتخذوا اللون الأبيض شعارا لهم .  

   واعتبارا من الحلم الذي لمع كنجمة وانطفأ بسرعة الشهب , أصبح الإستاد نعمو كسار , سكرتير حزب التجمع الجماهيري , الديمقراطي , التقدمي , الحر , المنشق كما يقول مؤيدو وأنصار الحزب الجماهيري الحر , وبذلك ارتفع رصيد قامشلو من الأحزاب ليصبح الله أعلم , على قول الإستاد نعمو كسار .
                                 
                                             ـــ   النهاية   ـــ

جوان حسين (جوان كوردي)
كاتب ومخرج سينمائي
jiwan.hussin33@gmail


 

 

 

 

                                               



#جوان_حسين_(_جوان_كوردي) (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جوان حسين ( جوان كوردي) - هكذا انشق حزبنا