أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أنطونيوس نبيل - العظة النابلسية لهاملت الغفاري














المزيد.....

العظة النابلسية لهاملت الغفاري


أنطونيوس نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 5155 - 2016 / 5 / 7 - 17:50
المحور: الادب والفن
    




1.

قد نتخيلُ واهمين أننا نتذكرُ شهداءنا الأطهار لنُبقيهم أحياءً بيننا، لكن الحقيقةَ أننا نتذكرهم لأن ذِكراهم هي الشيء الوحيد الذي يُبقينا نحنُ على قيدِ الحياة.. فنحن لا ننفضُ عنهم غُبارَ النسيان حين نتلو أسماءهم: بل ننفضُ عن أرواحنا نحنُ قيودًا من اليأسِ الثقيل صارتْ يومًا بعد يوم أكفانًا لنا.. نحن لا ننفضُ عنهم غبارَ النسيان حين نرفعُ صورَهم: بل ننفضُ عن قلوبنا نحنُ طبقاتٍ من الصدإ الذليل كي نسترجعُ عبر ملامحِهم الطاهرة وجهَ حلمِنا الغائب.. شهداؤنا لا يحتاجون إلينا بل نحنُ في أمسِّ الحاجة إليهم..

2.

تحت وطأةِ المرارةِ والظروفِ الغاشمة، قد تبدو لنا الحياةُ هاويةً لا مهربَ منها، هاويةً تفغرُ فمُها المسعور لتبتلعَ كلَّ الأشياءِ الجميلةِ التي عرفناها وكلَّ الأشياءِ الجليلةِ التي نحلمُ بها، هاويةً لا قرارَ لها تسحقُنا بأنيابِ ظلامِها في التذاذٍ مريض.. نعم، قد تكونُ فعلًا الحياةُ هكذا: محضَ هاويةٍ لا تعرفُ الرحمة.. لكننا هنا لنتذكرَ أن خيوطًا مِن الدمِ الطاهر تمرقُ عبر أحشاءِ الظُلمةِ بقوةِ عشقِها الصادق وتمتدُ فوق الهاويةِ؛ لتصنعَ لنا جسورًا بين غدِنا وعودتِنا.. قد يراها الآخرون خيوطًا هزيلة وواهنة لا حيلةَ لها، ويسخرون قائلين: حين تصيرُ دماءُ شهدائكم جسورًا أخبرونا لنقصفها ونُحيلها أمامكم رمادًا.. لكننا هنا لنتذكرَ أن الفئوسَ مهما كانت عاتية لا تقدر أن تذبحَ عطرَ أزهارِنا، وأن الرصاصات مهما كانت غزيرة لا تقدر أن تقتلَ أغانينا، وأن الأسلحةَ مهما بدتْ مهولةً لا تقدر أن تخدشَ جسورًا من الدمِ الطاهر؛ لأنها جسورٌ تنمو في أرواحنا جيلًا بعد جيل، جسورٌ لن نخطو عليها لنعبر؛ بل ستمنحُنا أجنحةً من نور حين نملكُ قليلًا من الإيمانِ بها..

3.

أخيرًا، شهداؤنا لا يحتاجونَ إلى ضجيجِ مدائحنا التي صارتْ أشبهَ بالقبورِ البالية، بل نحنُ في أمسِّ الحاجةِ إلى الإنصاتِ مليًّا إلى صمتِهم البليغ؛ فهو أقدسُ قصائدنا وأجملُها: مزيجٌ من حَزْمِ النارِ وخجلِ الفراشةِ ينسكبُ مطرًا على شفاهٍ ترتعشُ في منتصفِ المسافةِ بين القُبلةِ والصلاة.. حينَ تبدو ليالي الذُّلِّ لا نهايةَ لها، علينا أن نُنصتَ مليًّا إلى صمتِ شهدائنا؛ ففيهِ تهمسُ لنا عودتُنا قائلةً في ثقةٍ وحنان: أحبائي، إن فَجْرَ عِناقي لقريبٌ.. إن فجرَ عِناقي لقريبٌ.. إن فجرَ عِناقي لقريب..


*هذي السطورُ الخرساء مُهداة إلى السيدة الفاضلة مها النابلسي أخت حبيبتي الشهيدة لينا النابلسي: الفراشةُ النورانية التي مِن رفيفِ أجنحتِها، تستعيرُ قلوبُ الثائرينَ خفقاتِها.. التي لا أستحقُ النُّطقَ بحرفٍ مِن اسمِها المقدس، وإن طهَّرتُ فمي بآلافِ الجَمراتِ المُضطَرِمة.. التي كلُّ ارتعاشةٍ في سويداءِ الرُّوحِ نداءٌ لها، وكلُّ نداءٍ راجفٍ لا يجيءُ إلا ممهورًا بأصداءِ قولةِ عظيمِ المَعَرَّةِ "وأُكْبِرُ أن يُرَثِّيها لسَانِي بلَفظٍ سَالِكٍ طُرُقِ الطَّعَامِ".. والتي في بسمتِها الحانية، مَطَارِقُ مِن صدقٍ ساطعٍ تَمْحَقُ جلاميدَ اليأسِ الكالحة؛ لتُفسِحَ سبيلًا آمنًا لأحلامِ الأنقياء..



#أنطونيوس_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وليم باتلر ييتس: ليس هناك طروادة أخرى
- فريدريش شيلر: القفاز
- زهرة ريفوليبالوس
- جي كيه تشسترتون - كوابيس البهجة
- بوريس باسترناك: الفجر القاتم
- وليم باتلر ييتس: فصح 1916
- ابتهال رومانسي
- هاملت يرثي رهاف الأغا
- وليم باتلر ييتس: الطفل المسروق
- باي جويي: الحلم القاتل
- شاعر مجهول: خمر ومقبرة
- أندرو مارفل: كفاحنا المسلح بالقبلات
- شاعر مجهول: برج الظمأ
- إميلي ديكنسون: خمر وجبل
- لعثمة هذيانية
- فيليب لاركن: وصية لاذعة
- رشحات على نصل الفناء
- حدقات السجائر والسيف المكسور
- داماسو آلونسو: هرطقة الأرق
- ميسولوجوس


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أنطونيوس نبيل - العظة النابلسية لهاملت الغفاري